"لوريون لوجور": لماذا يمكن للجيش الجزائري تغيير اللعبة؟

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "لوريون لوجور" اللبنانية الناطقة بالفرنسية، تقريرا تحدثت فيه عن الاحتجاجات الجارية في الجزائر ضد ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، وإمكانية أن يلعب الجيش دورا في حسم المصير السياسي في البلد.

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "الاستقلال": إنه "في حين يتآمر النظام الجزائري، يتحرك الجيش نحو الجبهة فرئيس هيئة الأركان العامة، الجنرال أحمد جايد صلاح هو الرجل القوي الوحيد في السلطة الذي يتواجد في الخطوط الأمامية للدفاع عن النظام، مع استمرار الاحتجاجات ضد الولاية الخامسة لمنصب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة".

يوم الثلاثاء، انتقد الجنرال "الأحزاب" التي تريد "إعادة الجزائر إلى سنوات الجحيم المؤلمة، التي تعرض خلالها الشعب الجزائري لجميع أشكال المعاناة ودفع ثمنا باهظا"، في إشارة إلى الحرب الأهلية من 1991 إلى 2002.

وأضافت الصحيفة: "على الأرض، لا يزال الجيش متراجعا منذ بداية المظاهرات، حيث يبدو أن الصمت، الذي يسيطر على جهاز الأمن، بهدف تجنب المواجهة. حتى الآن، تكشفت عن هذا المظاهرات الجماهيرية، دون عنف كبير، بل في أجواء متحمسة ومبهجة. فالجمعة الأول من مارس/آذار تم تسجيل أربعين اعتقالا فقط على سبيل المثال: وهو رقم ضعيف للغاية بالنظر إلى عدد الجزائريين الذين تم حشدهم".

"انتقاد الجيش محرّم"

وأشارت إلى أنه "بالنظر إلى وزن الجيش في النظام السياسي الجزائري؛ يمكن أن تكون ردة فعله حاسمة في الأحداث التالية، إذ لعب العسكر دورا حاسما دائما في مقاليد الدولة الجزائرية، فهم ليسوا كتلة متجانسة وراء الرئيس".

وأوضحت الصحيفة: "في ربيع عام 1999، كان اجتماع الجنرالات الذين عينوا عبد العزيز بوتفليقة في الرئاسة، لكن مع مرور الوقت، يبدو أن السلطة التنفيذية الجزائرية تمكنت من التحرر من هامش المناورة بالنسبة إلى الجهاز الأمني".

ونقلت "لوريون لوجور" عن فلافين بورات، باحث في معهد البحوث الاستراتيجية للأكاديمية العسكرية قوله: "عام 2004، سمحت إعادة انتخاب بوتفليقة لولاية ثانية له بتهميش زمرة الجيش الشعبي الوطني".

ولفت الباحث إلى أنه "في عام 2015، تم حل دائرة الاستخبارات والأمن؛ ما أدى إلى إقالة مسؤولها الأعلى، الجنرال محمد مدين، لكن في الصيف الماضي، عام 2018، تحركت الحكومة الجزائرية إلى أعلى المستويات، وأمرت بتقاعد، أو عزل، أو سجن مسؤولين رفيعي المستوى في شؤون الدفاع والأمن والشرطة "لقد حدثت عمليات استبدال في جميع المناصب الرئيسية لمسؤولي الجيش والشرطة".

من جهته، قال مايكل العياري، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية (آي. سي. جي) للصحيفة: إن المحتجين يستفيدون من "دعم الجنرالات الذين تقاعدوا مبكرا، والجنود السابقين وكوادر ومسؤولين يشعرون بالإحباط منذ حل وزارة الاستخبارات والأمن".

لكن نظرية السلطة التي تمكنت من تحرير نفسها من الجيش، لا تحظى بالإجماع بين الخبراء، فوفقا للباحثة أمل بوبكر في جامعة كارنيجي الجزائر لا تزال العلاقات بين الجيش ورئاسة قوية "انظر فقط إلى التعامل مع الأشخاص الذين يتجرؤون على انتقاد الأمن العسكري. هذا لا يزال من المحرمات في الجزائر، سواء بالنسبة للمتظاهرين أو المعارضة"، فيما يؤكد أحمد رواجعية، المؤرخ الجزائري أن "السلطة لا تزال تحت سيطرة الجيش".

"لا يمكن للجيش الرد"

وقالت أمل بوبكر للصحيفة: إن "هذا الأمر ليس دون دليل فشعارات المتظاهرين منذ بدء الانتفاضة ضد ولاية خامسة، تستهدف بوتفليقة وعشيرته أو النظام، وليس الجيش أو الشرطة، على الرغم من حقيقة أنها هي قلب السلطة. ومع ذلك، من الضروري أن نفرق بين القيادة العسكرية، الفاسدة للغاية، بقيادة الجنرال جايد صلاح في شكل صوري، وكل جيل جديد من الجيش يرغب أيضا في الإصلاح داخل الجيش".

في هذا السياق، تشير أمل بوبكر إلى أنه "يمكن أن يميل الجيش إلى إقالة عشيرة بوتفليقة، ويكون هناك انقلاب انتقالي للواجهة المدنية، وهذا ما حدث في الماضي، من خلال دفع السلطة العسكرية برئيس جديد، من دوائر الجيش وهذا من شأنه أن يسمح لهذه المؤسسة بالحفاظ على امتيازاتها إلى حد كبير من ثروة البلاد".

ونوهت الصحيفة إلى أنه "في عام 1988، تسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية في أعمال شغب عنيفة بشكل خاص؛ ما أسفر عن مقتل أكثر من 500 شخص، ومن أجل تجنب تكرار هذا العنف الشعبي، يقبل الجيش بتسوية، حيث وضع في  نوفمبر/تشرين الثاني 1988، دستورا جديدا يقدم نظام التعددية الحزبية، ويكون للسكان الحق في تقرير المصري، لكن الأمر لم يدم طويلا".

ولفتت إلى أن "الجبهة الإسلامية للإنقاذ، فازت في الانتخابات البرلمانية التي جرت عام 1991، والجيش المصمم على الاحتفاظ بالسلطة، انخرط في قمع عنيف لم يحدث من قبل، وهذه هي بداية ما أطلق عليه (العقد الأسود)، عشر سنوات من الحرب الأهلية أسفرت عن مقتل 200 ألف شخص إلى أن جاء بوتفليقة".

وذكرت الصحيفة أن هذا العنف لا يريد السكان تكراره؛ ولذلك يرددون اليوم "سلمية سلمية"، ونقلت عن فرانسوا جيز، الخبير السياسي والناشط في "الجزائر ووتش" إن "تصميم المتظاهرين ومسالمتهم، وحماستهم تجعل من الصعب على الجيش الرد"، فعلى كلا الجانبين، هناك محاولة واضحة لمنع التاريخ من تكرار نفسه. لكن السؤال الذي يصعب الإجابة عليه هو: كيف سيسقط المتظاهرون سلميا هذه السلطة التي لا يزال الجيش متمركزا داخلها في كل مكان؟