صحف فرنسية تحذر من وقوع مذبحة واسعة النطاق في إدلب

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحف فرنسية الضوء على الوضع في مدينة "إدلب" السورية، حيث يقوم جيش نظام بشار الأسد بمساعدة حليفه الروسي مستفيدين من تقاعس المجتمع الدولي بشن هجوم دموي في شمال البلاد، التي تسيطر عليها فصائل المعارضة المدعومة من تركيا.

وقالت صحيفة "ليبراسيون": إن "نحو 600 ألف مدني فروا من إدلب منذ بداية التصعيد العسكري، فلا إدانات المجتمع الدولي أو اجتماعات مجلس الأمن ولا حتى نداءات المنظمات غير الحكومية استطاعت إيقاف العمل العسكري في المنطقة".

وأوضحت أن قوات النظام السوري وحليفتها الروسية يواصلان هجومهما في محافظة إدلب، من خلال القصف ونيران المدفعية بكثافة، دون التفريق بين المدنيين والمقاتلين قبل التقدم واستعادة المدن المهجورة.

وتابعت الصحيفة: عندما كانت هذه القوات بصدد استعادة السيطرة على سراقب والاقتراب من إدلب، قتل 10 مدنيين بغارة جوية روسية يوم الجمعة 7 فبراير/ شباط الجاري، سبقه إدانة غربية في الأمم المتحدة "للمذبحة" التي تشهدها المنطقة.

وفي وقت وصفت فيه السفيرة البريطانية كارين بيرس، الأوضاع بأنها "أسوأ كابوس في إدلب يحدث"، أرسلت تركيا التي طلبت من موسكو التدخل عند النظام السوري لوقف الهجوم تعزيزات جديدة إلى المحافظة.

وذكرت "ليبراسيون" أنه من وجهة نظر للنظام السوري وحليفته روسيا، فإن السكان الفارين من القصف هم ضحايا لحربهم من أجل "تحرير" منطقة إدلب من قبضة من يصفونهم بـ"الإرهابيين".

الأكثر دموية

أما صحيفة "لا كروا" فنوهت إلى أن إدلب هي آخر معقل يسيطر عليه المعارضون المسلحون في البلاد بعد الأحداث التي شهدتها سوريا في 2011، لافتة إلى أن الوضع المعقد هناك يشبه معركة حلب.

وبينت أنه على غرار ما يحدث اليوم بإدلب، كانت القوات المعارضة محاصرة في حلب، ولم يمنع وجود المدنيين في ساحة المعركة النظام وحلفاءه من استخدام القصف والمدفعية.

وذكّرت الصحيفة الفرنسية أن هذه المعركة التي دامت أربع سنوات (2012 إلى 2016) لا تزال هي الأكثر دموية، إذ قتل أكثر من 20 ألف مدني في هذه الاشتباكات.

ووفقا للأمم المتحدة، فإن نزوح المدنيين من إدلب يعد الأهم منذ بدء الحرب في سوريا عام 2011، حيث أصبحوا معلقين بين القصف الروسي والسوري والقوات التركية في المنطقة التي تسعى للحفاظ على النظام وتنظيم عبور الحدود، حيث يوجد في تركيا بالفعل أكثر من 3 ملايين لاجئ سوري على أرضها.

وأكدت أن قوات بشار الأسد تواصل بدعم من روسيا مساعي السيطرة على محافظة إدلب، وتهدد المدنيين والقوات التركية بشكل خطير، إضافة إلى استهداف المدارس والمستشفيات، وفقا للجنة التحقيق المستقلة والدولية التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

ونوهت المنظمة إلى أنه على الرغم من أن القانون الدولي يحمي هذه المؤسسات الأساسية المدنية، تشير اللجنة إلى أن "الاستهداف المتعمد والمنهجي للمستشفيات يتبع نمطا سبق توثيقه من اللجنة ويمكن أن يشكل جرائم حرب".

مخاوف من مذبحة

من جهته، أحصى "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، منذ منتصف شهر ديسمبر/ كانون أول الماضي مقتل 294 مدنيا، من بينهم 83 طفلا، بسبب هجمات نظام الأسد.

ونقلت "لاكروا" عن ديدييه بييون، نائب مدير معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية في باريس، القول: "هناك خطر حدوث مذبحة واسعة النطاق".

ورأت الصحيفة أن الاشتباكات الأخيرة التي وقعت بين القوات السورية والتركية تزيد من عدم استقرار المنطقة، إذ تتهم أنقرة موسكو بعدم ممارسة ضغوط كافية على دمشق لوقف تقدمها.

وبحسب ديدييه، فإن الأمر "مشكلة سياسية في المقام الأول، فالأتراك محاصرون لأن الروس يمسكون بكل خيوط اللعبة. وسوف تضطر أنقرة عاجلا أم آجلا إلى الانسحاب من سوريا".

وذكرت الصحيفة أنه في ظل الوضع الذي يزداد سوءا، حذر الرئيس رجب طيب أروغان الثلاثاء 4 فبراير/ شباط الجاري، من أن تركيا سترد "بأقوى طريقة ممكنة" إذا قام النظام السوري بمهاجمة القوات التركية مرة أخرى.

وقصفت القوات التركية مطلع الشهر الجاري 54 هدفا بمنطقة إدلب في شمال غرب سوريا و"قتلت" 76 جنديا من قوات الحكومة السورية"، وذلك بعد قصف أدى إلى مقتل خمسة جنود أتراك.

وخلصت "لاكروا" إلى أنه حتى الآن تصم دمشق أذانها عن الدعوات الدولية وتواصل تقدمها في محافظة إدلب.

وفي السياق ذاته، رصدت "لوريون لوجور" الأوضاع المزرية التي يعاني منها النازحون بإدلب في ظل البرد القارس بالمنطقة، مشيرة إلى أنه وفقا لأحد عمال الإغاثة، بعض العائلات النازحة تحرق الآن ملابسها للتدفئة.

ونقلت عن غصون (38 عاما)، بعد قضاء عدة أيام دون جدوى في البحث عن مأوى شمال غرب سوريا، القول إنها لم تعد تعرف إلى أين تذهب مع عائلتها التي تهرب من تقدم قوات النظام والقصف الروسي في منطقة إدلب. وأضافت: الحمد لله، لدينا هذه السيارة نستخدمها للنوم، لقد أمضينا بالفعل ليلتين هنا، وسنظل هنا أيضا، فلا يوجد مكان نذهب إليه.

"كارثة إنسانية"

وأشارت الصحيفة إلى أنه منذ ديسمبر/ كانون الأول، قصفت قوات النظام المدعومة من الطيران الروسي منطقة إدلب، آخر معقل للمعارضة، وخلال شهرين فقط فرّ نحو 586 ألف شخص من العنف، طبقا للأمم المتحدة، حيث يستحوذ جزء من محافظة إدلب والمناطق المحيطة بها على ثلاثة ملايين شخص يعيشون في ظروف قاسية، نصفهم من النازحين من مناطق أخرى استعادت دمشق السيطرة عليه.

وأوضحت "لوريون لوجور" أنه في المقعد الخلفي للسيارة المطوي مقاعدها، تضع غصون وزوجها وسادات وبطانيات بجانب مواد التنظيف والغذاء.

وبيّنت غصون: كنا أولا في المخيمات، لكننا لم نعثر على مكان. بعد ذلك بحثنا عن سكن، لكن الإيجارات باهظة الثمن. وأين من المفترض أن أحصل عليه المال؟ في ظل هذه الأوضاع، تتسأل هذه الأم المتعبة، التي تخاف الآن من نفاد النقود وعدم استطاعتها تزويد سيارتها بالوقود.

وقالت الصحيفة: إنه في أحد المخيمات المؤقتة حول معرة مصرين بإدلب، أجبرت العديد من العائلات على العيش في الهواء الطلق، فوفقا للوكالة الفرنسية، صُمّم المخيم الآن لاستيعاب 350 عائلة، وهو الآن مأوى لـ 800 شخص، في حين أن عدد النازحين مستمر في الازدياد.

ونقلت عن مصطفى الحاج أحمد، أحد القادمين الجدد للمخيم، والذي وصل قبل بضعة أيام من مدينة صرمين بصحبة 30 فردا من عائلته، بما فيهم أطفاله السبعة، لم يجد الرجل ذو الأربعون عاما خيمة تأويه، قوله: "ننام منذ يومين تحت الأشجار. لم أجلب أي شيء معي ولا حتى السجاد أو البطانيات بالكاد كان لدينا وقت لنرتدي ملابسنا فقط ونلوذ بالفرار".

من جهته، قرر علاء عبود ( 38 عاما)، وعائلته العيش في مبنى غير مكتمل بمدينة إدلب، لأنهم لم يتمكنوا من دفع إيجار مسكن في قرية بالشمال، فمع زوجته وأطفاله الخمسة وأخيه ووالديه، يعيشون الآن في غرف بلا نوافذ أو أبواب. ويقول علاء: "يبقى المكان أفضل من غيره. فعلى الأقل يوجد سقف"، وفقا للصحيفة.