يحشدان ضد السيسي.. ما الذي يجمع بين محمد علي والجوكر المصري؟

القاهرة- الاستقلال | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

في مطلع سبتمبر/أيلول 2019، ظهر الفيديو الأول للفنان ورجل الأعمال المصري محمد علي "الذي اعتبره الملايين في مصر بطلا شعبيا"، بعد أن نجح في إخراج آلاف من المصريين في مظاهرات ضد نظام عبدالفتاح السيسي، وذلك عقب كشف شرائه وضباط من الجيش قصورا من أموال الشعب المصري.

وبالرغم من أن المظاهرات هدأت جراء حملة اعتقالات عشوائية، إلا أنها حركت المياه الراكدة في مصر، وكشفت عن بوادر بركان خامد.

بعدها قال "علي" لصحيفة لوموند الفرنسية: "كنت أفكر وحدي، أما الآن فأنا محاط بأناس من جميع أطياف المعارضة، العلمانية واليسارية والليبرالية والإسلامية، وسنفعل شيئا آخر غير المظاهرات، إنه سر، سترون المفاجأة قريبا". فهل كان هذا السر هو "الجوكر المصري"؟ 

ففي نفس التوقيت، التقط الناشط تامر جمال الشهير بـ"عطوة كنانة" الخيط، واشتبك مع "علي" عبر شخصية البيروقراطي العجوز "عيد سعيد رمضان"، معلقا على ما يثيره في فيديوهاته بأسلوب معاكس ساخر، متقمصا شخصية محامي النظام. 

حتى ظهر تأثيره في كلام "علي" وأفكاره للتظاهر، ليخرج بعدها عطوة كنانة من جعبته شخصية "الجوكر المصري"، كرمز لبطل ميداني من نوع جديد، حقق حضورا سريعا ولافتا وآخذا في التزايد على جميع مواقع التواصل الاجتماعي.

فماذا جمع بين الشخصيتين، وكيف يكمل كل منهما الآخر في تحقيق هدف إسقاط النظام؟

بين الشحن والتنظيم

يرى مراقبون أن "محمد علي" اعتمد فكرة "الشحن" الجماهيري بإذكاء روح الغضب ضد النظام، عبر إفشاء معلومات تدينه بالفساد والخيانة، بالتوازي مع تكثيف التهكم على رأس هرم السلطة والسخرية الجريئة منه، لتحطيم صورته في أعين المصريين والعالم.

تلك الصورة التي أريقت بحور من الدماء لصنع هيبة زائفة لها، ليأتي "علي" ويجعلها هباءا منثورا بإمعانه في الحط من قدرها.

أما الجوكر المصري فاعتبر أن "الثورة هي نظام وتنظيم للحراك، من أجل إسقاط الفسدة والحفاظ على الوطن"، مشددا على أنها "ثورة سلمية مبدعة خشنة"، لذا فقد استثمر الجوكر الحشد الذي حققه "علي" وبنى عليه لينطلق نحو تنظيم الحراك الشعبي ضد السيسي، لتشكيل خلايا عنقودية تسمى "السباع"، تلتزم بمعايير حماية أمنية تجعل معرفة أعدادها من المستحيلات. 

وتصدرت هاشتاجات: #الاولتراس_سباع_الشعب، #الجوكر_أمل_المصريين، الترند الأول في مصر. وكتب الصحفي المستقل عمرو خليفة، على حسابه في موقع تويتر أن "اللاعب الوحيد على الساحة الذي يملك خطة واضحة للتنظيم وتكتيكا مؤكدا هو الجوكر".

الاستقلال التام

الاستقلال عن أي جماعات أو أحزاب كان من أهم العناصر التي جمعت بين علي والجوكر المصري، بحسب المراقبين، نظرا لتحسس المصريين من الجماعات والأحزاب بعد ما عانوا من أخطائهم الفادحة في الفترات الماضية. 

فكما أكد علي مرارا وتكرارا وفي كل مناسبة أنه ليس من الإخوان المسلمين ولا من غيرهم، وأنه لا يتبع أي حزب أو جهة، ولا يعتنق أي أفكار سياسية فليس له ولا لأسرته صلة بالسياسة أصلا، وهذا ما قاله لوكالة أنباء الأناضول بحسم: "علي" يؤكد أنه ليس تابعا لأحد.

كذلك حرص الجوكر المصري أيضا ومن أول ظهور له على التشديد على استقلاله، فعبارة "انتمائي هو مصر، ونبض قلبي أرض العرب" تتصدر حسابه على تويتر، وكانت هذه الكلمات من أول ما افتتح به مشروعه: "لا تنتظر أن تحررك جماعة أو حزب.. حريتنا بأيدينا يا شباب"، فضلا عن تأكيده على أهمية "حركة المواطن الفرد الذي يشارك ولو بمفرده".

أيضا رصد مراقبون حرص كل من محمد علي والجوكر المصري وتكرارهما من أول يوم لفكرة أنهم مواطنون مصريون عاديون يمثلون جميع أهل مصر في الداخل والخارج، ويرحبون بالتعاون مع كل من يشاركهم السعي للتخلص من نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، دون أي إقصاء لأحد مهما كان.

وهو أمر أدرك المصريون أهميته بعد سنوات من الخسائر الفادحة بسبب الانقسام والإقصاء، معبرين عن ذلك من خلال هاشتاج #مصريين_ايد_واحده، على موقع تويتر.

السلامة أولا

شدد الجوكر المصري في رسائله على رفض العنف معتبرا أن سلامة الشباب وأمنهم فوق كل اعتبار، ووضع بنودا عملية لتحقيق ذلك وألزم بها من يتابعه.

وهو نفس ما أبدى محمد علي حرصا عليه، بحضه الضباط على عدم التعرض للشباب السلمي من ناحية، ومحاولته تفادي فرص تعرض الشباب للأذى في دعواته للتظاهر.

ولاقى هذا الأمر قبولا لدى قطاع عريض من الشباب الذين رأوا في دعاوي سابقة على مدى السنوات الثمان الماضية استخفافا بسلامتهم واعتبار أن قتلهم أو جرحهم أو اعتقالهم أمرا مقبولا تقتضيه الثورة.

الهجوم والتهديد

يقول عمرو خليفة لموقع رصيف 22: "انهالت الهجمات على محمد علي من القنوات التلفزيونية الخاضعة لسيطرة الدولة، فوصفوه بأنه مدمن المخدرات، والخائن، وزير النساء، وعضو في جماعة الإخوان المسلمين. وواجه الجوكر المسألة نفسها. فهم وفقا للدولة والقنوات التلفزيونية التابعة لها "عصابات منظمة تستهدف زعزعة الاستقرار". 

كما وجّه أحد المذيعين إهانات لتامر جمال، الذي يُعتقد أنه وراء "الجوكر المصري" واصفا إياه بأنه "رقاصة درجة تالتة". وبالتزامن مع هذه المحاولات لتشويهه، اقتحمت قوات الأمن وعناصرها الملثمون بيت أسرته واختطفت عددا من أفرادها".

التدويل

انتقل محمد علي إلى مرحلة جديدة بتدويل مساعيه من أجل إزاحة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وتوعده عبر حسابه على فيسبوك قائلا: "بدأت أكشفك أمام العالم كله، أمريكا وأوروبا وكل شعوب العالم، مثلما كشفتك أمام المصريين، فلا بد للشعوب الأوروبية والأمريكان أن يعرفوك ويعرفوا كيف لحكامهم أن يدعموك"

وهو المنحى نفسه الذي بدأ يسلكه الجوكر المصري، بإعلانه عن "نية التحرك دوليا على مستوى الشعوب لتكوين لوبي عربي أو جماعات ضغط عربية تجمعها وحدة الهدف والمصير، والصبر في التكوين، باعتبار أن قوة الفكرة تكمن في أنها حلم مشترك لكل العرب". وسرعان ما ظهر تأثير ذلك في ظهور الجوكر في احتجاجات العراق ولبنان.

ما بعد السيسي

وفي الوقت الذي يجوب فيه محمد علي العالم للحديث عن مرحلة ما بعد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ويتحدث عن مساعيه لتشكيل حكومة من العقول المصرية المهاجرة، ويذكر أسماء ونخبا من المصريين المقيمين في الخارج، يركز الجوكر المصري على الحديث حول المستقبل، وكأن رحيل الرئيس المصري أصبح أمرا مفروغا منه ومجرد مسألة وقت.

ويعمل الجوكر من خلال حساباته المتعددة على مواقع التواصل الاجتماعي، على توسيع دائرة النقاش بين المصريين حول ما يجب إعداده وتجهيزه من مقومات لإدارة البلاد بعد رحيل السيسي، وما يحلمون به لوطنهم في المستقبل، كهشتاج ‏‎#أحلم_بمصر_بعد_الثورة