الإمارات في اليمن.. تحارب تنظيم القاعدة أم تقاتل به؟

آدم يحيى | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

"الحكومة لديها كل الدلائل التي تثبت وجود علاقة تربط الإمارات بتنظيمي القاعدة وداعش (الدولة) في اليمن"، تغريدة كتبها وزير النقل في الحكومة الشرعية صالح الجبواني على تويتر، أثارت استغراب الكثيرين خاصة أن العلاقة بين الإمارات وتنظيمات إرهابية جنوبي البلاد، كانت محل جدل كبير لدى كثير من اليمنيين.

الجبواني أشار في تغريدته أن الدلائل تثبت تورط أسماء من الجانبين، وأن الإمارات تستخدم عناصر تنظيمي "القاعدة" و"الدولة" لاستهداف تعزيزات الجيش الوطني في الطرق الرابطة بين المحافظات الجنوبية، وهي مناطق تتخذ منها عناصر التنظيمين جيوبا لها، وخصوصا منطقة المحفد بمحافظة شبوة معقل تنظيم القاعدة.

صفقة سرية

بعد أن عملت على إحداث فوضى وتفجير الأوضاع في عدن، تحدثت مصادر صحفية عن خطة تقوم بها تشكيلات مسلحة مدعومة من الإمارات لتفجير الأوضاع في مناطق سيطرة الشرعية، وخصوصا في منطقة حضرموت، وهو ما كشفت عنه صحيفة عكاظ السعودية عن وجود مخطط للمجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم إماراتيا، لتفجير الوضع بوادي حضرموت.

وفي 20 سبتمبر/أيلول 2019، تسبب هجومان متفرقان بمقتل قائد التحالف السعودي الإماراتي بندر العتيبي (أبو نواف) و5 جنود سعوديين، بالإضافة إلى جنود يمنيين آخرين بعبوتين ناسفتين في منطقتي شبام والعبر بمحافظة حضرموت شرقي البلاد.

وأعلنت السلطة المحلية والمنطقة العسكرية الأولى ـ التي تقع في مدينة سيؤون في حضرموت أن عناصر إرهابية ومتطرفة قامت بزراعة العبوة الناسفة.

العلاقة بين الإمارات وتنظيم القاعدة ليست حديثة عهد، بل تعود بحسب تقرير أسوشيتد برس إلى العام 2015، وهو العام الذي سيطر فيه تنظيم القاعدة على محافظة شبوة النفطية (شرقي اليمن)، وتزامنت مع سيطرة الإمارات على المحافظات الجنوبية، بعد خروج الحوثيين من عدن، في يوليو/تموز 2017.

ففي الوقت الذي تدّعي الإمارات أنها تقاتل تنظيم القاعدة جنوب اليمن، كشفت تقارير دولية أن عناصر من تنظيم القاعدة كانت تقاتل جنبا إلى جنب مع الميلشيات والتشكيلات المسلحة التي أنشأتها الإمارات في عدن والمحافظات الجنوبية.

وكالة أسوشيتد برس الأمريكية نشرت في وقت سابق، تحقيقا صحفيا مطولا، ذكرت فيه أن صفقة سرية تم إبرامها بين الإمارات وتنظيم القاعدة، نصت على خروج التنظيم من محافظتي شبوة وحضرموت (جنوبي اليمن) مقابل حصول قادة التنظيم على أموال دفعتها لهم الإمارات.

وأضاف التقرير أن الصفقة تضمنت، بالإضافة إلى الأموال المدفوعة للتنظيم، اتفاقا بضم 10 آلاف من رجال القبائل المحليين، بمن في ذلك 250 فردا من عناصر تنظيم القاعدة، إلى الحزام الأمني، التشكيل المسلح المدعوم من الإمارات في عدن والمحافظات الجنوبية.

أتاحت تلك الصفقة الإماراتية لأفراد التنظيم الانتشار في المحافظات اليمنية التي تشهد نزاعا مسلحا، وعلى وجه الخصوص المدن التي تمتلك فيها الإمارات تشكيلات مسلحة تقوم بدعمها، ككتائب أبي العباس السلفية في تعز، وألوية العمالقة السلفية في الساحل الغربي.

زملاء السلاح

إلى ذلك كشفت صحيفة الإندبندت البريطانية أن مسؤولين إماراتيين اعترفوا أنهم عندما ذهبوا سرا إلى عدن للإطاحة بالحوثيين لأول مرة ربيع عام 2015، وجدوا أنفسهم يقاتلون عن طريق الخطأ إلى جانب تنظيم القاعدة، الذي كان يرى في الحوثيين عدوا لهم.

وتضيف: "في بداية الحرب، استخدم التحالف جميع الأشخاص الذين يعارضون الحوثيين، ولا سيما خصومهم الأيديولوجيين الأكثر تشددا وهم السلفيون، لكن المشكلة هي أنه في اليمن لا يمكنك التفريق بين المقاتلين السلفيين وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية".

ووفقا للصحيفة، اعترف أحد كبار القادة الإماراتيين بأنهم استوعبوا هروب مقاتلي القاعدة الذين تم إغراؤهم بالانضمام للقاعدة مقابل الحصول على المال بعد تنفيذ برنامج دقيق من التحقيقات والمراقبة وإعادة التأهيل.

يقول الباحث في العلاقات الدولية مراد محمد لـ"الاستقلال": "تبرر الإمارات تدخلها في اليمن في محاربة تنظيم القاعدة، مع أن الواقع هو أنها تقوم بدعم التنظيمات المتطرفة والعناصر الإرهابية، من أجل تحقيق أهدافها في ضرب المشروع الوطني في اليمن، كما هو حاصل في شبوة مع أنصار الشرعية فرع تنظيم القاعدة في اليمن، وتعز مع كتائب أبي العباس".

يضيف مراد محمد: "لم يثبت أن الإمارات قامت بضرب أي أجنحة لعناصر التنظيم، بل قامت بضرب الجيش الوطني فقط، ففي حضرموت برغم الوجود لتنظيم القاعدة، تم انسحاب التنظيم بكل هدوء، لتسيطر القوات الإماراتية على حضرموت دون أي عراقيل ودون أن تطلق حتى رصاصة واحدة، وأعتقد أننا من خلال ما يحصل نستطيع فهم طبيعة التناغم بين أبوظبي وفرع تنظيم القاعدة في اليمن".

كتائب أبي العباس 

على غرار الميلشيا المسلحة التي أنشأتها الإمارات في عدن بقيادة رجل الدين السلفي هاني بن بريك، قامت بإنشاء ميلشيات مسلحة في تعز، بقيادة رجل الدين السلفي عبده فارع المكنى بأبي العباس، ويمتلك أبو العباس كتائب مسلحة تتلقى دعمها من الإمارات.

كانت وزارة الخزانة الأمريكية قد أدرجت "أبي العباس" في قوائم الإرهاب بتاريخ 25 أكتوبر/تشرين الأول 2017، لانخراطه في العمل مع تنظيمات إرهابية، وارتباطه بأنشطة تمويلية لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وتنظيم الدولة في العراق والشام، حسب بيان الخزانة الأمريكية.

تدعم الإمارات هذه الكتائب السلفية وتمولها بالسلاح والأموال وتسعى من خلالها، لتنفيذ مشاريعها في المدينة التي تقع على مقربة من مضيق باب المندب، بالإضافة إلى دورها في الحد من نفوذ حزب الإصلاح بالمحافظة، كما تقوم بمحاولاتها لإنشاء حزام أمني على المدينة، على غرار الحزام الذي تم تشكيله في عدن والمحافظات الجنوبية المجاورة .

وحسب الإندبندنت فإن "أحد اليمنيين من عائلة بارزة مؤيدة لدولة الإمارات في الجنوب، اختُطف ابن عمه من قبل القاعدة في المكلا عام 2015، قال إن قريبه نُقل إلى معسكر تدريبي لدى القاعدة في جزيرة العرب، وشاهد هناك مقاتلين ينتمون إلى لواء يسيطر عليه القائد السلفي القوي أبو العباس، والذي كان يذهب بعد ذلك لمحاربة الحوثيين مع التحالف في تعز. 

محاربة "الإصلاح"

مؤخرا، شهدت العلاقة بين الحوثيين وأبوظبي تقاربا، يقف خلفه وحدة الهدف في محاربة حزب الإصلاح، والحكومة الشرعية، التي تتهم بأنها حاضنة لحزب الإصلاح، وانعكس ذلك التقارب على علاقة الحوثيين بتنظيم القاعدة، حيث قام الحوثيون بالإفراج عن عشرات الأسرى من عناصر القاعدة، ضمن صفقة تبادل للأسرى بين الحوثيين والتنظيم.

وقال وكيل وزارة حقوق الإنسان اليمنية وعضو لجنة الأسرى الحكومية، ماجد فضائل، إن جماعة الحوثي أتمت تبادل 115 أسيرا من الجانبين مع "أنصار الشريعة" في محافظة البيضاء وسط اليمن.

وأوضح فضائل أن جماعة الحوثي أطلقت 50 أسيرا من تنظيم القاعدة، مقابل 65 أسيرا أطلقهم "أنصار الشريعة"، وأكد المسؤول اليمني أن هذه الصفقة هي الخامسة بين القاعدة والحوثيين، و"شملت إطلاق عناصر إرهابية نفذت عددا من العمليات الإرهابية في اليمن، وتقبع بالسجن المركزي في العاصمة صنعاء منذ 2013".

تأتي تلك العملية لتبادل الأسرى وإطلاق سراح عناصر من تنظيم القاعدة، في وقت ترفض جماعة الحوثي إطلاق معتقلين مدنيين، ضمن عمليات تبادل مع الحكومة الشرعية، رغم التوقيع على الاتفاق في معاهدة ستوكهولوم، وإنجاز عملية التبادل ضمن عدة مراحل تمت في لقاءات عمان بين اللجان المختصة بتنفيذ تبادل الأسرى من الجانبين.