صحيفة تركية: هكذا يمكن القضاء على "الإرهاب" دون المساس بالديمقراطية

12

طباعة

مشاركة

"لا يمكن التخلي عن الديمقراطية في تركيا، ولكن في الوقت ذاته لا يمكن التخلي عن مكافحة الإرهاب" هذه المعادلة الصعبة، يدعو لها الكاتب إبراهيم باغجي في مقال نشره بصحيفة "ديرليش بوستاسي" التركية، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه ليس من الخطأ التذكير بها.

وأكد الكاتب، أنه بغض النظر عن جذور الديموقراطية من أي طرف جاءت، فإن الثقة في هذه "المؤسسات الديموقراطية" جاء متأخرا، وأنه على مدار التاريخ كانت الثقة بالمؤسسات العسكرية والدستورية أكثر بكثير من المؤسسات التي تتشكل ديموقراطيا، وكان ذلك في أعرق الديموقراطيات بالعالم ومنها الولايات المتحدة.

ضرورة الديمقراطية

وشدد على أنه بقدر ما هو من غير الممكن التخلي عن الديمقراطية، ينطبق الأمر على مكافحة الإرهاب وعدم التراجع عنه، دون تنفيذ السياسات الأمنية واتخاذ التدابير اللازمة في منطقتنا.

وبحسب الكاتب، فإن هناك اختلاف في مصدر الديمقراطية، موضحا: "ثمة من يرى إن الديمقراطية هي هدية من دول المدن اليونانية للعالم، وهناك أيضا علماء اجتماع يقولون إن الديمقراطية تنتشر بالفعل من أوروبا الشمالية إلى العالم".

وسرد باغجي مجموعة من الآراء التي تقول: إن الديمقراطية لا تعني الفوضى، ولا انتشار الإرهاب، ولن يكون تطبيقها حائلا دون فرض الأمن وإشاعة الأمان لدي المواطنين.  وأضاف: "يمكننا القول إن جميع علماء الاجتماع لا يجمعون بين الإرهاب والفوضوية كمفاهيم لا يذكرونها إلى جانب الديمقراطية".

وتابع: بعد سولون في أثينا، سيطرت الفوضى على البلاد لبعض الوقت؛ ولذلك نتعلم من كتب التاريخ التي تتخذ في بعض الأحيان خطوات تبتعد بدورها عن الممارسات الشبيهة بالديمقراطية. في أوقات الفوضى والإرهاب المماثلة، من الممكن أن نرى أن الدول الغربية قد نفذت الممارسات التي علقت فيها الديمقراطية.

وسولون أو صولون (solon) حوالي 640 - 560 ق.م. هو مشرّع يوناني، شاعر ورجل قانون أثيني، سنَّ مجموعة من القوانين الإصلاحية والتي تعارضت مع نظام الدولة المتبع آنذاك، ورغم أن إصلاحاته فشلت فيما بعد، إلا أنه يعتبر الممهد لقيام ما تم تسميته لاحقا بالنظام الأثيني الديمقراطي.

من ناحية أخرى، ذكر الكاتب رأيا لـ"صامويل هنتنغتون" ينص على أن الديمقراطية تتحقق من خلال الاتفاقات والانتخابات والمظاهرات والوسائل غير العنيفة.

وصامويل فيليبس هنتنغتون، مفكر سياسي أمريكي، وأستاذ بجامعة هارفارد لأكثر من خمسين عاما، اشتهر بتنظيره لفكرة "صراع الحضارات" التي أثارت جدلا فكريا وسياسيا على مستوى العالم. واعتبرت عدة انتقادات له أن نظرية "صراع الحضارات" أنها "أساس نظري لشرعنة عدوان الغرب بقيادة الولايات المتحدة على الصين والعالم الإسلامي".

وأورد الكاتب أيضا، رأيا مختلفا لـ"روبرت دال" ومما قاله، إنه "وعلى الرغم من أن طريق تطوير الديمقراطية يمر بخطوات أكثر ديمقراطية، إلا أن احتياجات الناس الأمنية ذات قيمة مثل الديمقراطية".

الثقة بالديمقراطية 

ثم انتقل باغجي في مقاله إلى نقطة أخرى وهي: مستوى ثقة الشعوب بالديموقراطية وكفكرة يراد مأسستها، مضيفا "وكما قال الفيلسوف الهندي فريد زكريا، إن الشعب الأمريكي يثق في المؤسسات غير الديمقراطية أكثر من المسؤولين المنتخبين".

وتابع، يتمتع الأمريكيون بثقة أكبر في مؤسسات مثل المحكمة العليا والقوات المسلحة ونظام الاحتياط الفيدرالي الذي يشبه بلدنا بطريقة ما؛ حيث استمرت الثقة في القوات المسلحة والمحكمة الدستورية لسنوات عديدة، قبل أن تحوز المؤسسات الديمقراطية على ثقة الشعب التركي.

لكن الكاتب يستدرك بعد ذلك كله، ليقول: إنه من غير الممكن ولم يحدث تاريخيا أن قضت منظمة إرهابية على دولة، وعلى العكس إما أن تنقرض هذه المنظمة وتتلاشى وإما أن تنضوي تحت الدولة وتصبح على وئام معها منخرطة بها، وبالتالي الخوف من أن تبيد منظمة إرهابية ما، دولة هي أمر غير ممكن.

وقال الكاتب في هذه النقطة: "إن النتيجة المشتركة للعديد من العلماء الذين قاموا بدراسات حول منظمات إرهابية مثل: (نمور التاميل، حزب العمال الكردستاني، وفتح الله غولن) تؤكد حقيقة أنه لا توجد أي منظمة من المنظمات التي تقوم بأعمال إرهابية في جميع أنحاء العالم لديها القدرة على تدمير أي دولة اليوم".

وتابع: على الرغم من أن وجود المنظمات الإرهابية وحياتها يعتمدان على محاربة الدول، فمن المهم أن تقرر البلاد "تركيا" التي تحارب الإرهاب حاليا؛ أن تجد أفضل طريقة لتنفيذ السياسات الأمنية دون المساس بالديمقراطية؛ وشدد أنه ليس من الخطأ القول بذلك والتصريح به.

واختتم الكاتب مقاله بقوله: كما هو الحال، وكما هو مهم جدا عدم التخلي عن الديموقراطية وممارساتها، فمن الضروري عدم التخلي عن مكافحة الإرهاب، بدون تنفيذ السياسات الأمنية واتخاذ التدابير اللازمة في منطقتنا.

الكلمات المفتاحية