Sunday 10 December, 2023

صحيفة الاستقلال

أوقاف المسلمين بالمغرب تحت إمرة يهودي موالٍ لإسرائيل.. ما القصة؟

منذ 2023/11/19 09:11:00 | تقارير
"المعني بالأمر أحد أقارب وزير الداخلية الإسرائيلي السابق أرييه درعي"
حجم الخط

وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب أحمد التوفيق رفع "الراية البيضاء" أمام يهودي داعم لإسرائيل يشرف على تدبير أوقاف المسلمين في العاصمة الرباط، وسط انتقادات للوزير وضعفه عن اتخاذ موقف لائق تجاه المعنى، واتهامات له بالتطبيع المستتر.

بداية تجديد الجدل والنقاش بالمغرب حول هذا الموضوع عاد بعد أن انتقدت البرلمانية عن حزب اليسار الاشتراكي الموحد، نبيلة منيب، تكليف مواطن يهودي، بتدبير ممتلكات تابعة للأوقاف بمدينة الرباط.

غير مقبول

ووفق ما نقل موقع "هبة بريس" المحلي في 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، ذكرت البرلمانية منيب في جلسة "مناقشة الميزانية الفرعية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية" في البرلمان، أن "المعني بالأمر الذي يعد أحد أقارب وزير الداخلية الإسرائيلي السابق أرييه درعي، يقوم باستخلاص ممتلكات الحبوس (الوقف) بصفته الشخصية".

من جهته، أكد وزير الأوقاف والشؤون الاسلامية، أحمد التوفيق، أن المعني بالأمر يشرف على تدبير 3 أو 4 عمارات تابعة للأوقاف بالرباط.

وفي جواب له عن أسئلة البرلمانيين خلال الجلسة المذكورة، أضاف التوفيق أن "الشخص المعني هو من الجيل الرابع للأسرة التي أشرفت على تدبير هذه الممتلكات منذ عهد السلطان مولاي يوسف (حكم المغرب من 1912 إلى سنة 1927)".

وقال الوزير إنه لم يفكر يوما بإعفاء المعني بالأمر من مهامه، مضيفا: "يمكن إلغاء التكليف لأسباب إدارية.."، معبرا عن رفضه لـ"أي خطوة تجاه المعنى على أساس الدين، تجنبا لأن يقال إن الإعفاء تم لأنه يهودي".

وفي تعقيبه على الوزير، قال الناشط السياسي، عزيز هناوي، إن المبرر الذي ساقه وزير الأوقاف بخصوص عدم القدرة على عزل اليهودي الداعم لإسرائيل والقائم على الأوقاف "غير مقبول".

ورأى هناوي في حديث لـ"الاستقلال" أن "من الواضح أن مرجع هذا المبرر هو الخوف والخضوع للابتزاز الإسرائيلي بعنوان حماية حقوق اليهودية المغربية".

وأردف "نقول إن قطاع الأوقاف والشؤون الإسلامية قطاع خاص بالمواطنين المغاربة المسلمين، أي أتباع الديانة الإسلامية، أما المغاربة اليهود فلهم مؤسساتهم ونُظمهم التي تضبط ما تعلق بديانتهم دون أن يتدخل فيها غيرهم".

واسترسل هناوي: "لأنه كما هو معلوم، لكل ديانة تدبيرها الخاص لأحوالها الشخصية والمدنية والميراث، والأوقاف هي جزء من التدبير المالي الخاص بالمسلمين".

وشدد هناوي على أن "ما يدعو إلى اتخاذ موقف من المعني ليس بصفته اليهودية فقط، بل لارتباطه أيضا بشخص كان المجرم (رئيس الوزراء الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو قد عينه في حكومته السابقة وزيرا للداخلية".

وتابع: "لذلك طالبنا بوجوب وقف هذا الذل والهوان، وحماية استقلالية الأوقاف عن هذا الشخص اليهودي ومن يقف معه أو من خلفه من الصهاينة وداعمي الاحتلال الإسرائيلي".

وشدد هناوي على أن "هذا الموقف ليس عنصريا، وإن كان وزير الأوقاف يريد وسم المطالبين به بالعنصرية"، موضحا أن "هذه الدعوة جاءت بناء على أسس واضحة ومعروفة، وبغاية أساسية، وهي إيقاف هذا الضعف الذي عليه وزارة الأوقاف وباقي الوزارات والمؤسسات التي انخرطت في التطبيع أو لا تقاومه".

فضيحة مدوية

بدوره، هاجم "المرصد المغربي لمناهضة التطبيع" (غير حكومي)، وزير الأوقاف، بعد اعترافه بإشراف مواطن مغربي يهودي الديانة، على أوقاف العاصمة الرباط، حيث عد المرصد ذلك "فضيحة".

وقال المرصد في بيان نشره في 9 نوفمبر 2023، إن "الأوقاف الإسلامية بالعاصمة الرباط تحت إدارة ابن عائلة وزير داخلية نتنياهو"، عادا ذلك "فضيحة مدوية تنضاف إلى سلسلة فضائح توريط اسم وزارة الأوقاف في عدد من المطبات المرتبطة بالتطبيع".

وأوضح المرصد أن وزير الأوقاف "اعترف من داخل قبة البرلمان، بإشراف شخص يهودي الديانة على نظارة الأوقاف الإسلامية بالعاصمة، وهو ما انفك المرصد يشير إليه منذ سنوات، خاصة وأن هذا الشخص هو قريب لوزير الداخلية في حكومة نتنياهو السابقة، والذي تم ترشيحه مجددا لنفس الحقيبة قبيل أشهر فقط".

وقال إن ما أسماه الوزير بـ"الوكيل العقاري" ليس سوى "كي درعي" قريب "أرييه درعي" وزير الداخلية في حكومة نتنياهو، متسائلا: "هل ضاقت الأرض بوزارة الأوقاف ولم تجد سوى هذا الوكيل ليشرف على تدبير أوقاف المغاربة المسلمين؟".

كما سجل المرصد ما عدها "فضيحة أخرى تورط فيها اسم وزارة الأوقاف، تكتسي صبغة جد خطيرة، وذلك عندما ورد الرمز الإداري للوزارة في ملصق إعلاني لما سمي (منتدى ريادة الأعمال في مراكش) الذي استضاف (إسرائيل) بصفته ضيف شرف في شخص الناطق باسم الخارجية للإعلام العربي المدعو (حسن) كعيبة".

وأشار إلى أن كعيبة "شتم الشعب المغربي قبل أسابيع عندما وصفهم بالحيوانات" لأنهم خرجوا في مسيرة الرباط في 15 أكتوبر 2023 تضامنا مع أهل غزة ضد العدوان الهمجي النازي الصهيوني".

واسترسل: "بل إن مديرة العلاقات العامة لهذا المنتدى صرحت بأنها تطلب من نتنياهو الإسراع بهدم الأقصى المبارك وبناء هيكل سليمان مكانه، في مشهد سريالي مقيت يمتزج فيه اسم وزارة الأوقاف بالصهيونية وعملائها بالمغرب علانية".

وأبرز أيضا واقعة "مهرجان السلام" في مدينة سيدي قاسم، خلال نوفمبر 2022، والذي حضره رئيس المجلس العلمي المحلي لمدينة تمارة، إلى جانب مدير مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط، ديفيد غوفرين، بتنظيم من جمعية عدها المرصد "جد مشبوهة في الترويج للشذوذ الجنسي".

وفي السياق نفسه، قال المرصد إنه "لا يزال على وزارة الأوقاف أن تقوم بالعمل قانونيا وسياسيا عبر الوسائل الدولية، باسترجاع ممتلكات وأوقاف المغاربة بالقدس التي اغتصبها وسرقها الكيان الصهيوني، وعلى رأسها حارة المغاربة، والوثائق التاريخية والمخطوطات التي سرقتها ما تسمى المكتبة الوطنية الإسرائيلية".

ومن تلك المخطوطات، يضيف المصدر ذاته، "وثيقة المصحف الكريم المريني الذي كتبه السلطان أبو الحسن المريني، قبل قرابة 800 عام، بخط يده وأهداه للمسجد الأقصى المبارك، وبقي هناك حتى سرقه الصهاينة في نكسة 1967 وما يزال عندهم".

نقاش مسيس

ورأى الباحث المتخصص في الشأن الديني والحركات الإسلامية، إدريس الكنبوري، أنه "من الناحية المبدئية ومن الناحية الشرعية، لا يطرح تدبير يهودي لهذه الأوقاف أي إشكال".

وأضاف الكنبوري لموقع "هسبريس" المحلي في 12 نوفمبر، أنه "على اعتبار أن المعني مغربي ابتداء، وأيضا نظرا لكون قطاع الأوقاف نطاقا اقتصاديا وتجاريا ومعاملاتيا بامتياز، بمعنى أنه لن يتدخل في الشؤون الشرعية للوزارة القيمة على الشأن الديني الإسلامي للبلاد".

وذكر أنه "لا يجب الخلط بين مجال الأوقاف ومجال الشؤون الإسلامية، على اعتبار أنه من الناحية الشرعية لن يكون بالطبع مقبولا أن يكون هناك موظف، ولو حتى مستشارا، بديانة يهودية، ضمن قطاع الشؤون الإسلامية".

وأوضح أن "الأمر لا يحتمل أي تأويل كبير في هذا الجانب، لكونه ليس مقبولا من طرف اليهود أيضا أن يتم تدبير الشأن العبري فيما يخص الأحوال الشخصية والقضاء من قبل أشخاص بعقيدة إسلامية".

وحذر الكنبوري مما وصفه بـ"تسييس هذا النقاش، لكونه سيظهر المغرب بلدا معاديا لليهود، في حين أن المملكة تقر دستوريا بوجود المكون العبري، الذي علينا أن نتذكر دائما أنه مكون إلى جانب الدين الإسلامي بوصفه الأصل داخل بنيات المجتمع المغربي".

ورأى أن "الشخص المعني بهذا النقاش، بما أنه مغربي يهودي وليس صهيونيا، فلا إشكال حتى من الناحية المبدئية على اعتبار أن مشكلة المغاربة هي مع الصهيونية حصرا".

وسجل الباحث في الفكر الديني أن "تدبير مجموعة من الأوقاف يظل تدبيرا إجرائيا لا يصل إلى حد المساس بالجانب الفقهي التدبيري، الذي يضطلع به قطاع الشؤون الإسلامية، لذلك فالأمر جائز ومقبول، خصوصا أنه يعود إلى فترة تاريخية قديمة".

وأكد أن هذا يدل أن "رفض المغاربة تاريخيا ليس لليهود تبعا لعقيدتهم، بل للصهيونية وما تقترفه حاليا في قطاع غزة من جرائم ضد الإنسانية".

في مقابل هذا الرأي، قالت "مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين"، إنها "تتابع وككل المغاربة، بكثير من الغضب والاستنكار تطورات ومعطيات الحالة التي بلغها قطاع الأوقاف والشؤون الإسلامية بالبلاد".

وأضافت مجموعة العمل في بيان صادر عنها في 15 نوفمبر 2023، أنه "بعدما وقف المغاربة على حالة البؤس في خطب الجمعة المنبرية التي تجاهلت بشكل جد بئيس الوضع في فلسطين".

وذكرت أن "هذه الخطب المنبرية إلا من استثناءات نادرة تجاهلت الحرب على غزة الشهيدة والضفة الصامدة، وارتقاء الآلاف من الأطفال والنساء وارتكاب الإبادة الجماعية للبشر والحجر والشجر في فلسطين.. (منذ 7 أكتوبر/ تشرين الاول 2023)".

وقالت المجموعة إنها "تتابع مسألة تدبير بعض الأوقاف بالعاصمة الرباط، والتي تفجر بشأنها نقاش جد مثير حول إشراف شخص مقرب من وزير داخلية نتنياهو".

وأضافت "كما نتابع في المجموعة سلسلة المعطيات الخطيرة حول الزج باسم وزارة الأوقاف في عدد من الفعاليات التطبيعية، بل والمتصهينة، في مدن مراكش وسيدي قاسم والرباط وغيرها".

وسبق لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، والذي يوجد على رأس الوزارة منذ 2002، أن وضع نفسه في موضع الجدل بخصوص إسرائيل، حين صرح في لقاء بالمكتبة الوطنية بالرباط في مايو/أيار 2016 بأنه زار الأراضي المحتلة في وقت مبكر.

واتهم رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع، ويحمان، الوزير التوفيق بـ"العمالة للكيان الصهيوني"، وقال في تصريحات صحفية حينها، إنه كان "خليقا بالسيد التوفيق أن يواري سوءته ويستر نفسه عن عمالته للكيان الصهيوني".

وزير الأوقاف ذكر في تصريحه أنه زار الأراضي المحتلة لما كان "مصابا بعدوى الاشتراكية"، كما دعا "اليهود المغاربة في إسرائيل وخارجها إلى مزيد من التواصل وتدبير الأمل".

وشدد ويحمان أنه "غير خليق بالوزير أن يقول ما قاله بالمكتبة الوطنية حول زيارته المبكرة جدا لحيفا وعلاقاته الممتدة في الزمن بالكيان الصهيوني".


تحميل

المصادر:

1

مناهضو التطبيع: اعتراف التوفيق بإشراف يهودي على أوقاف الرباط “فضيحة”

2

منيب تنتقد تكليف قريب وزير اسرائيلي بتدبير ممتلكات وقفية.. والتوفيق يرد

3

تدبير يهودي لقطاع الأوقاف يثير جدلا بشأن التدخل في الشأن الديني للمغاربة

كلمات مفتاحية :

أحمد التوفيق إسرائيل التطبيع المغرب وزارة الأوقاف