يتواصل الحديث إقليميا ودوليا عن تداعيات عملية "طوفان الأقصى" على الشرق الأوسط و"حزب الله" اللبناني وإيران والعراق، وخاصة في سوريا.
وهناك العديد من الأسئلة لدى متابعي أخبار المنطقة، حيث تُعد سوريا واحدة "من أكثر البلدان المعرضة لخطر امتداد الصراع".
وفي 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، أعلنت "كتائب القسام" الجناح المسلح لحركة "حماس"، بدء عملية عسكرية باسم "طوفان الأقصى" ضد الكيان الإسرائيلي.
ونشر مركز "فيكير تورو" التركي مقالا للكاتب، سرحات أركمان، قال فيه "7 أكتوبر 2023، وهو اليوم الذي شنت فيه حماس هجومها طوفان الأقصى، كان لسوريا أجندة مختلفة تماما".
وأضاف أركمان "فبينما كانت عيون وآذان العالم على غزة وإسرائيل، كانت سوريا تتصارع مع مشاكلها الداخلية".
وتابع: "مع ذلك، في حين أن مثل هذا الصراع يحدث بجوار حدودها، لا يمكن لأي دولة أن تنأى بنفسها وأراضيها تماما عن ديناميكية هذا الصراع، وعلاوة على ذلك، فإن إضفاء الطابع الإقليمي على الصراع في غزة يجعل سوريا حتما جزءا من الأحداث".
واستطرد أركمان: "لكن من المدهش أن هجوم حماس على إسرائيل والمذبحة الإسرائيلية في غزة لم يعوقا بعد الديناميكيات الداخلية لسوريا".
وشدد على أنه "لا ينبغي للمرء أن يقلل من شأن ديناميكيات الصراع السوري ومخاوف ومصالح الجهات الفاعلة في هذا الصراع".
وقال أركمان: "لفهم الديناميكيات الداخلية الرئيسة في سوريا إليكم ما حدث فيها".
في 4 أكتوبر 2023، قُتل أكثر من 100 من أفراد جيش النظام السوري والمدنيين وجرح أكثر من 300 في هجوم على الكلية العسكرية في مدينة حمص.
ومنذ 5 أكتوبر، بدأت الغارات الجوية الروسية على محافظة إدلب، وبين 5 و6 أكتوبر وحدها، قتل 32 مدنيا وأصيب 167.
وفي 6 أكتوبر، شنت تركيا غارات جوية ضد منظمة "وحدات حماية الشعب" (YPG) في شمال شرق سوريا.
وفي 10 أكتوبر، استؤنفت الاشتباكات بين "هيئة تحرير الشام" و"الجيش الوطني السوري" شمال سوريا.
وخلال الفترة من 10 إلى 14 أكتوبر، وقعت اشتباكات في منطقة "درع الفرات".
وخلال أكتوبر 2023، قصفت الطائرات الروسية إدلب 149 مرة.
وباختصار، برز الصراع وقتل المدنيين والهجرة القسرية على أحوال وأوضاع سوريا، ويمكن أن نقول إن الأخيرة تعيش في الأصل مشاكل كبيرة ولا تستطيع الانخراط في أخرى جديدة، ولهذا فإن "مشكلة سوريا تكفي لسوريا".
وذكر الكاتب أن "الهجمات الإسرائيلية على غزة تسببت أخيرا بقلقٍ كبير بأن يتوسع الصراع في سوريا، حيث كانت الهجمات الصاروخية على إسرائيل والهجوم الإسرائيلي على مطار دمشق الدولي أولى العلامات الدالّة على أن الصراع يمكن أن ينتقل إلى سوريا".
وبدأت بعض المليشيات الشيعية المقربة من إيران بالانتقال إلى مناطق قريبة من الحدود مع إسرائيل.
وأظهر "حزب الله" أنه يريد جر سوريا إلى الصراع من خلال إطلاق الصواريخ من سوريا على إسرائيل.
بالإضافة إلى ذلك، فقد تحركت القبائل العربية التي تمردت ضد "حزب الاتحاد الديمقراطي" (PYD) في دير الزور إلى مناطق قريبة من إسرائيل.
ومع ذلك، يمكن القول إنه "من السابق لأوانه حاليا أن ينتقل الصراع بالكامل إلى سوريا، ولا تزال توقعاتنا بشأن ما سيحدث في المستقبل القريب غير مؤكدة"، وفق الكاتب التركي.
وأشار إلى أنه" يجب التأكيد على نقطة مهمة وهي أنه ليس لدى حكومة النظام السوري نية أو قوة للانخراط في صراع في فلسطين، بل إنها على علم تام بأنه إذا شاركت في مثل هذا الصراع، فإن الأضواء ستتحول فجأة إليها، ولهذا، فإن آخر ما ترغب فيه هو أن تجد نفسها فجأة في خطر".
واستدرك أركمان: "من أجل نقل الصراع في غزة إلى سوريا، يجب أن تتحقّق بعض العوامل".
أولا، يجب أن يكون لدى إيران الرغبة في ذلك وأن تقرر المشاركة في الصراع مباشرة، غير أن هناك شكوكا حول مشاركة طهران المباشرة في الصراع في غزة وحول رغبتها في إشراك المليشيات التابعة لها في هذا الصراع.
ثانيا، إذا كانت سوريا ستتأثر بشكل كبير بالصراع في غزة، فإن ذلك يتطلب مشاركة حزب الله، ويجب عليه أن يفتح جبهة كبيرة ضد إسرائيل في الشمال لكي تتأثر سوريا بالصراع بشكل كبير.
أما في حال لم يقم حزب الله بفتح جبهة ثانية ضد إسرائيل وبدء الاستيلاء على البلدات والقرى، فإن سوريا لن تتأثر بشكل كبير بالصراع، ومن المرجح أن تحاول إسرائيل تقليل قدرة "حزب الله" على الهجوم من خلال دعم حلفائها لها، بمن فيهم الولايات المتحدة.
أخيرا، إذا قامت المجموعات المليشية الموالية لإيران بشن هجمات قوية ومباشرة ضد الولايات المتحدة، فقد ينتقل الصراع إلى سوريا، وفي هذه الحالة، سيتأثر العراق أيضا ولن يقتصر الصراع على سوريا فقط.
وقال أركمان: "باختصار، من أجل نقل الصراع في غزة إلى سوريا يجب أن تكون لدى إيران الرغبة في ذلك، ويجب على حزب الله أن يفتح جبهة ضد إسرائيل، ويجب أن تقوم المجموعات المليشية الموالية لإيران بشن هجمات قوية ضد الولايات المتحدة".
وتابع: "مع ذلك حاليا من المبكر جدا أن نقول إن الصراع قد انتقل إلى سوريا".
ورأى الكاتب التركي أن "كل صراع كان قد وقَع في الشرق الأوسط خلال السنوات الـ20 الماضية كان يميل إلى الانتشار، وبالتالي فإن هذا الوضع يخلق خطرا من ناحية تغيير حدود الدول".
وشدد على أنه "في الوقت الحالي، الأولوية هي التوصل إلى حل في فلسطين، وإضفاء الطابع الإقليمي على الصراع سيجلب مشاكل جديدة بدلا من الحلول".
وأوضح أركمان أنه "بمجرد التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، سيتعين على جميع الجهات الفاعلة التي تريد تحويل المذابح الإسرائيلية إلى ميزة لتوسيع مصالحها في الشرق الأوسط، إعادة تقييم الوضع".
1 |
Gazze’deki savaş Suriye’yi nasıl etkileyecek? |
---|