بالتزامن مع بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، أصبح الشرق الأوسط مسرحا للعديد من القوى الإقليمية والدولية.
ويعيش العالم على وقع مرحلة انتقالية نحو نظام متعدد الأقطاب، في فترة "تتسم بالفوضى وعدم اليقين".
وفجر السابع من أكتوبر 2023، دشنت "كتائب القسام" الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عملية نوعية أطلقت عليها اسم "طوفان الأقصى"، مبعثرة كل الأوراق والترتيبات الجيوسياسية في المنطقة عن القضية الفلسطينية.
وقالت صحيفة "الإندبندينتي" الإسبانية "صحيح أن الولايات المتحدة تنافس الصين على الهيمنة العالمية، ولكن، في كل منطقة، هناك جهات فاعلة مهمة تجرؤ على اتخاذ إجراءات عدوانية، وهو أمر لم يكن معهودا في النظام القديم".
وعلى نحو متزايد، أصبحت الجهات الفاعلة ترى نفسها أقوى في منطقتها مقارنة بالولايات المتحدة.
ومن هذا المنطلق، شنت روسيا حربا على أوكرانيا في فبراير/ شباط 2022، وهو الصراع الأكبر على الأراضي الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية.
ولفتت الصحيفة إلى أن "القضية الفلسطينية كانت في طي النسيان أوائل أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بالنسبة للكثير من الأميركيين والغرب أيضا، لكن، بمجرد نهاية الأسبوع الأول، شنت حماس أسوأ هجوم تتعرض له إسرائيل منذ حرب السادس من أكتوبر 1973".
وتابعت: "منذ ذلك الحين، أصيب الإسرائيليون بصدمة نفسية، وقد وعدت حكومة الكيان، وهي الحكومة الأكثر تطرفا في التاريخ، بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بإبادة حماس وتنفيذ غزو بري يعده ضروريا لتدمير حماس".
ونوهت الصحيفة بأن "المنطقة في حالة تأهب، والعالم أيضا، ومن المرجح أن تؤدي حرب إسرائيل ضد حماس إلى حرب ضد حزب الله، وفي أسوء الأحوال ضد إيران".
وشددت على أن "المدير السابق لمجلس العلاقات الخارجية، ريتشارد هاس، كان على حق عندما قال في يونيو/ حزيران 2023 إن التهديد الأعظم للسلام العالمي يأتي من تقاعس الولايات المتحدة عن التحرك في الشرق الأوسط، ومن الصراع الذي لم يتم حله بين إسرائيل وفلسطين".
وبينت الصحيفة أن "الجهات الفاعلة الإقليمية مثل تركيا ومصر والأردن، كان لها مواقف مؤيدة للفلسطينيين، ومن جهتها، تعمل قطر بمثابة وسيط، وظهرت روسيا المنخرطة بشكل كبير في المنطقة أيضا على الساحة، وكان للاتحاد الأوروبي، والقوى العالمية مثل الصين والولايات المتحدة مواقف أيضا من الصراع".
واستطردت: "في الحقيقة، تملك جميع هذه الجهات مصالح في لعبة الشطرنج هذه التي تدار في المنطقة، حيث تريد إسرائيل أن تضع حدا لحماس، أعظم أعدائها في المنطقة، وبشكل عام، إنها نقطة تحول، ولحظة حاسمة بالنسبة لإسرائيل والشرق الأوسط والعالم".
وأشارت الصحيفة إلى أن "الولايات المتحدة تعد أولى الجهات الداعمة للكيان الإسرائيلي، أولا بالاعتراف ثم بالسلاح، وقد دفعت هذه العلاقة واشنطن إلى محاولة لعب دور الوسيط في الصراع مع الفلسطينيين، مع ميل دائم نحو إسرائيل".
وأضافت "خلال عملية تطبيع البلدان العربية مع الكيان، بقيادة الولايات المتحدة، أصبحت القضية في طي النسيان، لكن، على عكس الحكومات؛ لا تزال هذه القضية حية في قلوب الشعوب العربية مثلما بينتها الأحداث الأخيرة".
وتعليقا على ذلك، قال الباحث الرئيس في معهد "إلكانو" الملكي، هيثم أميرة فرنانديز، إن "السماح لصراع مثل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بالبقاء في طي النسيان مدعومين بالاعتقاد بأنه سيجرى دفنه والتغاضي عنه باتفاقات إبراهيم؛ قد تسبب في انفجار العديد من التناقضات الهائلة على العديد من الجبهات".
وأضافت الصحيفة أن "الولايات المتحدة تشهد نقطة تحوّل بصفتها لاعبا رئيسا في الشرق الأوسط".
وبحسب الباحثة الرئيسة في معهد "إلكانو"، كارلوتا غارسيا إنسينا، فإن "هدف الولايات المتحدة الآن هو ضمان عدم توسّع نطاق الحرب، وتسليم الرهائن وتنسيق المساعدات الإنسانية".
فيما كشفت الصحيفة أن "الصين أظهرت منذ عهد مؤسسها ماو تسي تونغ تقاربها مع القضية الفلسطينية، ولكن، يمكن افتراض أن مواقفها تنساق وراء الحياد المناهض للغرب الذي يلقي بظلاله على موقفها من الصراعات التي شهدها العالم أخيرا".
وبحسب الباحث المشارك في برنامج الشرق الأوسط والمغرب العربي في معهد تشاتام هاوس، أحمد أبو دوح، فإن "الصين لا تطمح إلى أن تحل محل الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، لكنها ترحب بتورط واشنطن في صراع في المنطقة".
وتابع: "كلما زاد الاهتمام الذي توليه واشنطن للسيناريوهات غير الآسيوية، كلما كسبت الصين المزيد من الوقت لتعزيز هيمنتها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ".
وبينت الصحيفة أن "الحرب التي تشنها روسيا ضد أوكرانيا اختفت عمليا من الأخبار ومن الصفحات الأولى لوسائل الإعلام الدولية منذ ثلاثة أسابيع، وينصب التركيز على الحرب التي تشنها إسرائيل ضد حماس، والتي تعود بالنفع بالفعل على موسكو، الحليف التجاري والعسكري لإيران".
وبعد السابع من أكتوبر 2023، أدان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إسرائيل جراء قصفها لغزة وتسببها في سقوط آلاف الضحايا المدنيين.
وقالت الصحيفة: "في جميع الأحوال، استفادت موسكو من هذا الصراع وعلى عديد الجبهات".
وذكرت أن "الحرب التي اندلعت أخيرا أدت إلى تدهور صورة الاتحاد الأوروبي بشكل خطير بسبب ردود الفعل المتباينة للعديد من قادته".
ولفتت إلى أنه "من وراء الكواليس، يبدو أن النظام الإيراني قد حرّك بيادقه في المنطقة بعد أن أضعفه الوضع الاقتصادي الكارثي، وزعيمه المريض والمسن، والمجتمع الذي سئم القمع".
وبالإضافة إلى هذا الوضع الداخلي، "شعرت إيران بالخطر بعد التقارب الإسرائيلي السعودي، مما دفعها إلى التوصل إلى اتفاق تاريخي مع خصمها في الرياض"، وفق الصحيفة.
واستطردت: "في جميع الأحوال، ليس من مصلحة طهران أن يؤدي الصراع إلى مواجهة مباشرة مع إسرائيل أو الولايات المتحدة، لكن إضعاف عدوها في المنطقة يفيدها".
وعلقت الصحيفة: "عموما، تكمن المشكلة في أننا نعرف كيف تبدأ الحروب، ولكن ليس متى أو كيف تنتهي".
ورأت أن "قطر، الدولة التي انخرطت في مهام الوساطة لأكثر من عقد من الزمان، والجهة المانحة الرئيسة للمساعدات لغزة، ظهرت في صورة الجهة الفاعلة التي تحل المشاكل على المستوى الدولي".
وتابعت: "في الحقيقة، شارك القطريون بالفعل في المفاوضات الأميركية مع حركة طالبان، وهذه المرة، وجدت الدوحة نفسها في قلب الوساطة خلال الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".
وختمت الصحيفة مقالها بالقول: "بغض النظر عن تنوع الجهات الفاعلة وأدوارها، كل شيء يشير إلى أننا مقبلون على مرحلة أخرى من الحرب التي سيكون لها صدى يتجاوز الشرق الأوسط".
1 |
El papel de las potencias en la guerra de Israel contra Hamás |
---|