ينظر إلى اقتراب الولايات المتحدة الأميركية من فيتنام على أنه جزء من إستراتيجية العمل ضد الصين على الرغم من إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة معها.
وزار الرئيس الأميركي جو بايدن فيتنام في 10 سبتمبر/أيلول 2023 معلنا أنهم لا يسعون إلى العداء مع الصين ولا يرغبون في تحييدها.
وفي رد فعل على ذلك، وصفت الصين زيارة بايدن إلى فيتنام بأنها استمرار لعقلية الحرب الباردة. لكن تؤكد بكين على أهمية الدبلوماسية والحوار في العلاقات مع واشنطن.
ويقول مركز أنقرة لدراسة الأزمات والسياسات- أنكاسام، إنه "على العكس تعارض بكين التقسيم والتحالفات. لذلك، تولي أهمية للحفاظ على قنوات الحوار مع الولايات المتحدة مفتوحة".
ومع ذلك، يكمن الخطر هنا في أن الولايات المتحدة قد تستغل ذلك كفرصة لاختبار الخطوط الحمراء للصين، وفق ما يرى الكاتب التركي "جينك تامر".
وأضاف: إن عدم مشاركة الرئيس الصيني شي جين بينغ في قمة مجموعة العشرين الأخيرة بالهند فُسّرت على أنها قطع احتمالية اجتماعه مع بايدن، وهو أمر تسبب في قلق العالم الغربي.
وتابع: تسعى الولايات المتحدة إلى الحفاظ على قنوات الحوار مع الصين وقد سرعت الاتصالات الدبلوماسية لترتيب اجتماع محتمل بين شي وبايدن في نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
وفي هذا السياق، يجتمع الدبلوماسيون الأميركيون والصينيون على مستوى عالٍ في مالطا بشكل متكرر لتصحيح العلاقات المتوترة.
ويسعى البلدان، خاصة الجانب الأميركي، إلى إيجاد طرق للتفاوض مع بكين، وهكذا يحاول الطرفان تطوير حوار "صادق وبناء" قبل اجتماع شي وبايدن.
وأضاف الكاتب: إنّ المخاوف الأمنية العالمية والإقليمية مثل الحرب الروسية الأوكرانية والتطورات في مضيق تايوان الذي تعده الصين جزءا من أراضيها، تشغَل جدول أعمال العلاقات الثنائية بشكل كبير.
وقالت وزارة الخارجية الصينية إن الطرفين اتفقا على إجراء مشاورات ثنائية عالية المستوى حول قضايا آسيا والمحيط الهادئ والشؤون الخارجية.
وفي أغسطس/آب 2022 أعلنت الصين قرارا يتضمن ثمانية بنود للرد على زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي السابقة نانسي بيلوسي لتايوان في نفس الشهر، وقررت أيضًا إلغاء آلية الحوار الدفاعي.
وخلال العام 2022، سعى مسؤولو وزارة الدفاع الأميركية لإعادة تشغيل آلية الحوار لتجنب أي تصادم محتمل مع الصين.
وقد لفت الكاتب النظر إلى أن واشنطن تحتفظ بأمل في إمكانية إعادة إقامة الاتصالات العسكرية بين الجانبين.
لكن تعتزم الصين محاسبة واشنطن على زيارة بيلوسي لتايوان. فبالنسبة لبكين هذا خطأ لا يمكن أن يُغفر بسهولة.
وفي أعقاب هذه الفترة، اندلعت أيضًا قضية "البالون التجسسي" في العلاقات الصينية الأميركية.
وكانت الولايات المتحدة قالت في فبراير/شباط 2023، إنها تتعقب بالون تجسس على ارتفاع شاهق جرى رصده وهو يحلق فوق مواقع حساسة في الأيام الأخيرة.
ومن جهته، قرر الرئيس جو بايدن أيضا عدم إسقاط البالون بسبب الخطر الذي يشكله على المدنيين. وفي ذلك الوقت قال إن بلاده تسعى للتنافس وليس للصراع.
وصرّح بايدن وقتها: "لا ترتكبوا أي خطأ فإذا هددت الصين سيادتنا سنتحرك لحماية بلادنا، وقد فعلنا ذلك".
وذكر الكاتب أن "البالون التجسسي" هو رد فعل من الصين على الولايات المتحدة التي كانت في تلك الفترة تتبع سياسة عدوانية واستباقية. وبالمقابل كانت بكين تصدر تصريحات قوية فقط على المستوى الخطابي.
وقال: يتبادر إلى الذهن أيضاً عبارة "من يلعب بالنار يحترق بها" والتي استخدمها الرئيس الصيني شي ضد بايدن.
فعلى الرغم من هذه التحذيرات، زارت بيلوسي تايوان وحاولت إهانة الكرامة الوطنية الصينية.
وعلى هذا الأساس قررت الصين اتخاذ سياسة استباقية تجاه الولايات المتحدة، ويمثّل إطلاق البالون في المجال الجوي الأميركي بداية لذلك.
وأضاف الكاتب: عندما أرادت الولايات المتحدة مناقشة هذه المسألة، رفضت الصين ذلك وادعت أن واشنطن لم تخلق جوا مناسبا للحوار، لأنها كانت تتصرف بشكل مستمر بطريقة عدوانية.
وأردف الكاتب: بعد هذا التوتر في العلاقات الثنائية، شهدت المنطقة تصاعدا في الخلاف على المستوى الإقليمي.
فكانت التدريبات العسكرية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ والاتصالات وزيارات المسؤولين التايوانيين المتزايدة إلى الغرب تجذب انتباه الصين.
وعلق الكاتب: "على الرغم من كل هذا التوتر، تبقى الصين منفتحة على الحوار مع الولايات المتحدة. ومع ذلك هناك جدل حول هوية المستفيد الأكبر من هذا الحوار".
ولكن يبدو لي أن الصين هي التي ستستفيد بشكل أكبر، حيث ستسعى للتعافي اقتصاديًا وتعزيز قوتها العسكرية، بحسب قوله.
ورأى أنّ الوقت يجرى ضد الولايات المتحدة، حيث ستشهد الصين تحولات مهمة في عامي 2027 و2036 بناء على معدل نموها الحالي وتحديث قواتها المسلحة.
ففي العام المحدد الأول، ستكون القوات المسلحة الصينية قد جرى تحديثها بالكامل وفي عام 2036 ستتجاوز الصين الولايات المتحدة اقتصاديا لتمتلكَ أكبر اقتصاد في العالم.
من جهة أخرى، تعتقد الولايات المتحدة أن لديها فترة تمتد لـ 10 سنوات لوقف الصين. لذلك من المتوقع أن تطور واشنطن سياسات جديدة لتقييد بكين وخلق الأزمات.
وأضاف الكاتب: في الواقع، ستستفيد الولايات المتحدة أيضا من هذه العلاقات المعتدلة، حيث تبني تحالفاتها بحجة عدم الاستقرار والثغرات الأمنية في المنطقة.
وإذا استمرت الصين في السكوت حيال ذلك، فسيتم تمهيد الطريق لتعزيز مصالح الولايات المتحدة، وفق تقدير الكاتب.
وأردف: "في حين أن الولايات المتحدة تستمر في تحركاتها الاستفزازية، فإنها لن تذهب إلى ما يمكن أن يؤدي إلى تحرّك الصين. بمعنى آخر، تحاول عدم تجاوز الخط الأحمر لبكين".
وقد أظهر بايدن ذلك بوضوح خلال زيارته إلى فيتنام، حيث يصر على أنهم لا يستهدفون الصين. ومع ذلك تكمن المشكلة في أن الولايات المتحدة لا تعرف الخطوط الحمراء لبكين.
وبالتالي، فإن إقامة حوار مع الصين يساعد الولايات المتحدة على معرفة هذه الخطوط. وبهذه الطريقة يمكن لواشنطن أن تتقدم أكثر.
في النهاية، تسعى الولايات المتحدة إلى بذل جهود أكثر لإعادة توجيه العلاقات الثنائية من أجل السيطرة على الصين بشكل أكبر.
ويهدف بايدن من خلال زيارته لفيتنام إلى تحقيق الاستقرار في العلاقات والحفاظ على التوازن، كما يقول الكاتب.
وأوضح أنه "إذا تم تحقيق التوازن في العلاقات مثلما كانت قبل زيارة بيلوسي لتايوان، فسيكون لدى واشنطن فرصة للتقدم أكثر".
ومع ذلك فإن ضعف الحوار بين الولايات المتحدة والصين يزيد من خطر حدوث حرب في المنطقة، وهذه مخاطرة لا يمكن للولايات المتحدة تحملها.
1 |
ABD-Çin İlişkilerinde “Rekabet” ve “İşbirliği” Dönemi |
---|