Sunday 10 December, 2023

صحيفة الاستقلال

الحرب على غزة تضع السيسي في موقف حرج.. هل تؤثر على علاقته بإسرائيل؟

منذ 2023/10/19 09:10:00 | تقارير
صدرت عدة تصرفات إسرائيلية عدائية تجاه مصر، منذ عملية طوفان الأقصى
حجم الخط

رغم إقامة رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي علاقات إستراتيجية مع إسرائيل وصلت حد التنسيق العسكري والاستخباري، تلوح مخاوف في الأفق من أن تجلب الحرب المستمرة على غزة رياحا خماسينية تعكر صفو هذا التوافق.

وتتوافق مصالح نظام السيسي مع إسرائيل في إضعاف حركة المقاومة الإسلامية حماس، التي تنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، عدوه اللدود، إلا أنه يخشى من تأثير مجازر غزة على المزاج الشعبي الغاضب، وخروج مظاهرات.

وبدأت هذه المجازر بعد إطلاق كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، عملية طوفان الأقصى باستهداف مستوطنات غلاف غزة ردا على انتهاكات الاحتلال في القدس، ما أدى إلى مقتل أكثر من 1400 إسرائيلي.

وفي حال تدهورت الأمور أكثر، حيث يواصل الاحتلال قصف غزة متسببا في استشهاد أكثر من 3 آلاف شخص، يتخوف السيسي أن تتحول الحرب إلى موجة غضب ضده.

وقد يشجع على ذلك غضب آخر من الأحوال المعيشية المنهارة، والأجواء الملبدة بفعل تمثيلية انتخابات الرئاسة الوهمية (مقررة في ديسمبر/كانون الأول 2023)، والتي يتردد احتمال تأجيلها لو طال الصراع أو تمدد.

ويتوقع البعض أن يعجل بهذا الانفجار الشعبي، وارتفاع موجات الغضب الشعبي ضد النظام، خطط السلطة المعدة للتعويم الخامس للجنيه بداية من عام 2024، وما سيواكبها من ارتفاع فاحش للأسعار كما يتوقع محللون اقتصاديون.

سبب آخر لخشية نظام السيسي يتعلق بمخاطر تهجير أهالي غزة باتجاه الحدود إلى سيناء، وهي خطة تدفع بها إسرائيل، أو اقتحام الحشود للحدود، بحثا عن الأمن والطعام والعلاج، كما فعلوا عام 2008 ما سيزيد من تدهور الأوضاع الاقتصادية المنهارة أصلا.

خاصة أن القاهرة لم تستفد حتى الآن ماديا من دورها في الوساطة لأنها لم تبدأ بعد، وقد لا تستفيد من عوائدها، في ظل تواتر الحديث عن خطط إسرائيلية أميركية ترمي لاحتلال قطاع غزة وإنهاء حكم حماس، ودخول أطراف وساطة أخرى مثل قطر وتركيا.

ومن ثم عدم الحاجة لوساطة مصرية، فضلا عن نقل التهديد الأمني الإسرائيلي إلى حدود مصر مباشرة، بعد احتلال غزة أو تفريغها من سكانها، وفق الرؤية الأميركية الإسرائيلية.

مظاهر التدهور

صدرت عدة تصرفات إسرائيلية عدائية تجاه مصر، منذ عملية طوفان الأقصى، ردت عليها القاهرة بطريقة مباشرة وغير مباشرة، ما أثار تساؤلات حول دخول العلاقات طور التدهور.

أولى هذه التصرفات التي أغضبت القاهرة هي قصف إسرائيل معبر رفح أربع مرات متتالية بما في ذلك الجدار الإسمنتي الذي وضعه الجيش المصري لحماية المعبر.

فضلا عن إعلان "القناة 12" الإسرائيلية أن إسرائيل هددت مصر بضرب أي شاحنات تحمل مساعدات تحاول الدخول إلى غزة عبر معبر رفح البري.

وقد ردت مصر على ذلك ضمنا بالتلكؤ في استقبال الأميركيين القادمين من غزة للعبور وربطت دخولهم بإدخال المساعدات إلى القطاع المحاصر.

وجاء ذلك رغم أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اتهم حماس بأنها وراء عرقلة عبور الأجانب، عقب لقائه السيسي 15 أكتوبر 2023.

التصرف الإسرائيلي الثاني الذي أغضب مصر كان دعوة وزراء وقادة وصحفيين إسرائيليين، الفلسطينيين في غزة للهجرة إلى سيناء، لأنه سيجرى إبادة القطاع، وهو ما أعلن السيسي رفضه علنا على غير العادة في حفل عسكري.

وشدد رئيس النظام المصري 12 أكتوبر على ضرورة أن يبقى أهالي غزة "صامدين وموجودين على أراضيهم"، مؤكدا أن هناك مخاطر تهدد بتصفية القضية الفلسطينية.

وجاء التصرف الثالث في صورة تقليص إسرائيل واردتها من الغاز إلى مصر، منذ 9 أكتوبر 2023، ليزيد التوتر أكثر، حيث كانت القاهرة تستعد لإعلان انتهاء فترات قطع الكهرباء عن المصريين مدة ساعة يوميا لنقص الغاز.

لكنها فوجئت بالموقف الإسرائيلي، الذي بدا نوعا من الضغط عليها، رغم ربط تل أبيب له بتعليق العمل بحقوقها النفطية بسبب الحرب، ليستمر قطع التيار ويتواصل الغضب الشعبي جراء ذلك.

وقد أشارت لهذا التوتر القناة 12 العبرية التي قالت 14 أكتوبر إن "العلاقات بين إسرائيل ومصر وصلت إلى نقطة حرجة، ويمكن أن يتطور التدهور من عدة اتجاهات".

كما تحدثت عنه صحيفة "جيروزاليم بوست" 17 أكتوبر في مقال للكاتب "إيلي بوده" عضو "المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية"، الذي توقع أن ينجم عن حرب غزة، تدهور بالعلاقات المصرية الإسرائيلية، قد يتراوح، لثلاثة تحديات، من الأقل إلى الأكثر خطورة.

أوضح في مقاله أن نظام السيسي وإسرائيل "يتقاسمان هدفا مشتركا هو تفكيك القدرات العسكرية لحماس والجهاد الإسلامي في فلسطين، وإعادة السلطة الفلسطينية إلى غزة".

أشار إلى أن هذا مرتبط بكراهية السيسي للإخوان المسلمين، التي نشأت منها حماس، والتي "سحقها بشكل فعال، وأعلن أنها غير قانونية".

دلل على هذا بامتناع نظام السيسي عن التدخل خلال الحرب على غزة عام 2014، على عكس دول عربية أخرى، "لأنه كان من مصلحة مصر أن تلحق إسرائيل أضرارا كبيرة بحماس"، ولهذا أيضا هدم وفجر الأنفاق الحدودية وأغرقها بالماء.

ثلاثة تحديات

ورصدت صحيفة "جيروزاليم بوست" أربعة أسباب لهذا التدهور في العلاقات، أسماها الكاتب الإسرائيلي "ثلاثة تحديات رئيسة"، وقال إن "بعضها غير مسبوق وذو حجم كبير".

التحدي الأول يتمثل في قلق السيسي من أن يحاول الآلاف من سكان غزة البالغ عددهم حوالي 2.2 مليون نسمة، الهروب من الأزمة الإنسانية باللجوء إلى سيناء عبر معبر رفح.

وبين أنه سيكون من الصعب على مصر أن تمنع الدخول إذا حدث نزوح جماعي كبير، كما حدث عام 2008، بسبب نقص الموارد الأساسية والمياه والوقود. 

وأشار إلى أن تشجيع أوساط سياسية وإعلامية أهالي غزة على اللجوء إلى سيناء، أثار القلق والغضب في مصر، مما دفع تل أبيب إلى نفي ذلك رسميا.

التحدي الثاني: أن مصر التي اعتادت أن تلعب دورا تقليديا، بوصفها الوسيط الأكثر ملاءمة بين إسرائيل وحماس، نظرا لقربها الجغرافي، تواجه احتمال أن تتولى دول أخرى، مثل قطر وتركيا، وحتى بعض دول الخليج، دورها التاريخي كوسيط، مما يزيد من تآكل مكانتها القيادية المتضائلة في العالم العربي.

التحدي الثالث: أن تزداد قوة الأصوات داخل مصر وفي جميع أنحاء العالم العربي التي تطالب بالتدخل ضد إسرائيل، بل وحتى تعليق أو قطع العلاقات الدبلوماسية معها، خاصة أن السيسي أبدى موقفا لصالح الفلسطينيين خشية الرأي العام.

ويقول الكاتب "إيلي بوده"، وأيضا القناة 12، إن تدهور العلاقات المصرية الإسرائيلية نجم عن عدة عوامل، بعضها خطير وبعضها أكثر خطورة، هي:

أولا، التصريحات غير المسؤولة من جانب إسرائيل، مثل توصية وزير التعليم يوآف كيش وعدة مسؤولين آخرين للفلسطينيين بمغادرة غزة إلى سيناء.

وطالب الجنرال الإسرائيلي، أمير أفيفي، أيضا، الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، بالتحدث مع السيسي من أجل فتح الحدود والسماح للمدنيين الفلسطينيين بدخول سيناء، وذلك في مقابلة على تليفزيون "بي بي سي" البريطاني 13 أكتوبر 2023.

ثانيا، نشر أميركا وإسرائيل معلومات خطيرة، تفيد بأن مصر حذرت إسرائيل من تخطيط حماس لمهاجمة المستوطنات، وهو ما نفاه المسؤولون المصريون، لكنه أغضب القاهرة لأنه أظهر السيسي كعميل تابع للكيان.

ثالثا، تفضيل إسرائيل لوسيط عربي آخر بدلا من مصر في الملف الفلسطيني، وتركيزها على التواصل مع قطر.

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن أبلغ الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال اتصاله به أن "الولايات المتحدة تعمل مع قطر لدفع الإفراج عن المختطفين الإسرائيليين"، بحسب موقع التلفزيون الإسرائيلي "i24news" في 15 أكتوبر 2023.

رابعا، وهو الأهم، تدهور الوضع الإنساني في غزة والذي سيؤدي إلى ضغوط على النظام المصري لاتخاذ خطوات لا تعجب إسرائيل، بحسب القناة الإسرائيلية، في إشارة لاحتمال فتح الحدود لتقديم المساعدات، أو التضييق على المصالح الإسرائيلية.

وضمن مظاهر هذا التوتر والشحن السياسي، أعلنت الرئاسة المصرية 15 أكتوبر أن السيسي ترأس اجتماعا لمجلس الأمن القومي بشأن التصعيد العسكري في غزة، لكن البيان الصادر عنه تضمن تصريحات عامة محايدة.

وشدد "المجلس" على رفض واستهجان سياسة التهجير ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار، ورأى أن أمن مصر القومي خط أحمر ولا تهاون في حمايته، وأنه لا حل للقضية الفلسطينية إلا حل الدولتين.

قضية سيناء

ويعارض السيسي مسألة تهجير سكان غزة إلى سيناء لأن ذلك يشكل مخاطر أمنية على نظامه، كما يشكل عبئا ماليا.

وزعم الجنرال السابق، المقرب من السيسي "سمير فرج"، أيضا أن رئيس النظام المصري أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في مكالمة حدثت بينهما، أن مصر لن تسمح لأحد بعبور الحدود.

ادعى "فرج"، في تصريحات أخرى لقناة «صدى البلد» الموالية للسلطة 10 أكتوبر، أن السيسي قال لنتنياهو: "هذا الحديث يجب أن تنسوه، وإذا استمرت إسرائيل في هذا الطريق، فسيبدأ فصل جديد من العداوة بيننا"!.

مع هذا، قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" 13 أكتوبر: "تتزايد الضغوط الدولية على مصر لفتح معبرها الحدودي مع غزة أمام النزوح الجماعي المحتمل لسكانها البالغ عددهم مليونا نسمة".

وأوضحت أن مصر تقاوم ذلك "خوفا من أن ينضم المسلحون إلى المدنيين ويسببوا مشاكل أمنية لمصر، كما تخشى أن يؤدي النزوح الجماعي لإجهاض القضية الفلسطينية".

وحذرت مصادر مصرية رفيعة المستوى، من «دفع الفلسطينيين العزل تجاه الحدود المصرية وتغذية بعض الأطراف لدعوات بالنزوح الجماعي»، بحسب قناة «القاهرة الإخبارية" 9 أكتوبر 2023.

وأكدت المصادر، أن «السيادة المصرية ليست مستباحة وسلطة الاحتلال مسؤولة عن إيجاد ممرات إنسانية لنجدة شعب غزة"، و «أن هناك مخططا واضحا لخدمة أهداف الاحتلال القائمة على تصفية الأراضي الفلسطينية من سكانها».

وقد نشرت وكالة الأنباء المصرية (أ ش أ) 10 أكتوبر تصريحات لمصادر أمنية رفيعة المستوي، تحذر تل أبيب من دفع الفلسطينيين إلى "نزوج جماعي" باتجاه الأراضي المصرية.

ونقلت الوكالة الرسمية عن المصادر أن "الاحتلال الإسرائيلي سعى على مدار الصراع إلى محاولة توطين أهالي غزة في سيناء، ومصر تصدت لهذه المخططات".

وعقب هذا التصريح، ردت سفيرة إسرائيل بمصر أميرة أورون، زاعمة أن بلادها "ليست لديها أي نوايا فيما يتعلق بسيناء ولم تطلب من الفلسطينيين الانتقال إلى هناك".

وأضافت في بيان عبر حسابها على تويتر: "إسرائيل ملتزمة بمعاهدة السلام مع مصر (عام 1979) والتي فيها حُدِدت، جليا، الحدود بين البلدين".

ورغم الموقف المصري الرسمي الرافض لتهجير الفلسطينيين من غزة لسيناء، كشف موقع "مدى مصر" المستقل، عن وجود ميل داخل دوائر صناعة القرار السياسي في مصر للسماح لأعداد من فلسطينيي غزة للانتقال إلى شبه الجزيرة في حال أجبرهم العنف الإسرائيلي غير المسبوق والحصار الشامل الذي فرضته على القطاع على ذلك. 

قال «مدى مصر» إنه تحدث إلى 21 مصدرا مطلعا، شملت مصادر حكومية وأمنية ودبلوماسية مصرية مقربة من دوائر صنع القرار في مصر، وآخرين دبلوماسيين أجانب وباحثين مقربين من أجهزة سيادية، وشهود عيان، لفهم هذه الضغوط على مصر لفتح الحدود لعبور الفلسطينيين.

ونقل الموقع 14 أكتوبر، عن ستة مصادر أن هناك ميلا داخل دوائر صناعة القرار السياسي في مصر لقبول العرض الأميركي بقبول توطين فلسطينيي غزة في مساحة من سيناء مقابل حوافز مالية وغيرها.

وبين أن التقديرات تشير إلى احتمالية أن يصل العدد الإجمالي للفلسطينيين المحتمل نزوحهم خلال الحرب الإسرائيلية من القطاع إلى حوالي 300 ألف شخص، وسماح مصر بـ 100 ألف فقط.

مشروع التهجير 

ونقل عن مصدر دبلوماسي يعمل في عاصمة غربية أنه "في المقابل، يُفترض أن تحصل مصر على مجموعة من المساعدات المادية هي في أشد الحاجة إليها وسط أزمة اقتصادية خانقة ومعدلات تضخم هائلة، وتلك تفاصيل لا تزال قيد النقاش". 

كما نقل عن مصدر حكومي رفيع قوله: «أنت تواجه وضعًا ماليا شديد الصعوبة والتعقيد، الدائنون كثر والأعباء مرتفعة جدا والآن لديك عرض لتقليص حجمها بشكل كبير وشطب نسبة كبيرة من الديون»، فلم لا إذًا؟!

لكن، الموقع اضطر لحذف التقرير الذي نشره بعدما أعلن "المجلس الأعلى للإعلام" (بمثابة وزارة الإعلام) استدعاء مسؤوليه للتحقيق معهم وإبلاغ النيابة المصرية أيضا لمعاقبتهم!.

وقالت مراسلة القناة 12 العبرية للشؤون الفلسطينية إن مصر تحصن معبر رفح لمنع موجة اقتحام من سكان غزة قد يعبرون إلى أراضيها في ظل القصف الصهيوني والتهجير.

وأكدت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان أيضا الجيش المصري يغلق بوابة معبر رفح البري من الجانب المصري بإنشاء حواجز إسمنتية مرتفعة أمام المعبر، وتعزيزات عسكرية على طول الحدود مع قطاع غزة.

ونقلت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، القريبة من حزب الله، عن مصادر متعددة في الأمم المتحدة والقاهرة 13 أكتوبر 2023 أن هناك مشروعا أميركيا إسرائيليا للتهجير من غزة يتزامن مع تحضيرات لجيش الاحتلال لشن عملية عسكرية كبيرة ضد غزة.

قالت: تقود الولايات المتحدة بالتعاون مع دول أوروبية معركة كبيرة تستهدف أكبر عملية تهجير جديدة للفلسطينيين من قطاع غزة، تحت غطاء نقل المدنيين من القطاع إلى أماكن آمنة لا سيما القاهرة، عقب القصف الإسرائيلي المتواصل.

أشارت إلى أن الضغوط بلغت مستوى جديداً من الذروة، بمطالبة مصر الاستعداد لإقامة منطقة لجوء في العريش، على الحدود مع قطاع غزة، والموافقة على فتح ممر إنساني آمن، ليس بهدف نقل المساعدات إلى القطاع، بل لانتقال نحو ربع مليون فلسطيني يواجهون مشكلة الإيواء نتيجة تدمير منازلهم إلى تلك المنطقة.

وتحدثت المصادر عن إبداء الولايات المتحدة الاستعداد لتوفير تمويل كبير لمصر "يتجاوز عشرين مليار دولار" في حال وافقت على العملية.

ووفقاً لمصادر الصحيفة اللبنانية فإن ما يجري البحث فيه الآن يشتمل على توفير "وضع ميداني أفضل لقوات الاحتلال"، بالتزامن مع "توفير الغطاء السياسي والإعلامي للجرائم المفتوحة".

قالت إن الأميركيين، بالتعاون مع بريطانيا ودول أخرى، يريدون منح إسرائيل "الإذن بالقيام بكل ما يلزم لمنع تكرار ما حصل، ولو تطلّب ذلك تعديل الصورة في قطاع غزة ومناطق أخرى من فلسطين".

ونقلت الصحيفة عن دبلوماسيين مصريين أن القاهرة تلمس خطورة ما يحصل، وأن الحكومة تلقت معلومات مفصلة حول الخطة الأميركية الإسرائيلية، وأن المغريات التي تُقدم لمصر تستغل حاجة الأخيرة إلى تمويل ضخم جراء العجز الكبير الذي تواجهه اقتصادياً ومالياً.

وهو ما أكدته لاحقا صحيفة "وول ستريت جورنال" التي أكدت 16 أكتوبر أن المسؤولين المصريين ناقشوا مقترح توطين 100 ألف فلسطيني من سكان غزة في سيناء.

وبينت أنه "تجري الاستعدادات حاليا لنصب الخيام لهم في رفح ومدينة الشيخ زويد، وستمول دول خليجية العملية وتقدم دعما ماليا لمصر".

مخاوف السيسي 

وفي تقدير موقف لمركز "ستراتفور" 11 أكتوبر 2023 حول تأثير الحرب بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية في غزة، على مصر، أكد أن نظام السيسي متردد في الظهور بمظهر مؤيد للكيان أكثر من اللازم خوفًا من فقدان شرعيته أمام الشعب المصري والعالم العربي، بعدما تطورت علاقته مع تل أبيب بصورة كبيرة.

ذكر أنه "وسط تصاعد العنف بالقرب من الحدود بين مصر وغزة، من المرجح أن تواجه القاهرة ردة فعل داخلية عنيفة بسبب علاقاتها مع تل أبيب، وتواجه احتمال حدوث ردة فعل أعنف إضافية في حالة تدفق اللاجئين الفلسطينيين إليها".

أكد المركز أن جهود مصر لمعالجة هذه القضية ستصبح أكثر صعوبة بسبب الانتخابات الرئاسية في ديسمبر 2023، والتي يسعى فيها عبد الفتاح السيسي، إلى فترة ولاية ثالثة.

ولهذا السبب أصدرت القاهرة بيانا محايدا، في أعقاب هجمات حماس التي بدأت في 7 أكتوبر، يدعو لوقف التصعيد بالمنطقة بين الطرفين.

لكن مع ظهور نوايا التوغل البري الإسرائيلي في قطاع غزة بشكل متزايد، ما يهدد بإطلاق العنان لـ "أزمة لاجئين كبيرة" أصبحت مهمة نظام السيسي أصعب لأن معبر رفح إذا فتح، فإنه سيكون المهرب الرسمي والعملي الوحيد من القتال.

 وبينما تريد القاهرة أن تبدو متعاطفة مع الفلسطينيين، فهي أيضًا غير مستعدة للتعامل مع عدد كبير من اللاجئين، الذين قد يصبح الكثير منهم مقيمين دائمين سواء باختيارهم أو في حال رفض إسرائيل السماح لهم بالعودة إلى الأراضي الفلسطينية.

ويعاني الاقتصاد المصري بالفعل في ظل انخفاض التصنيف الائتماني، وارتفاع التضخم، وانخفاض قيمة العملة، وارتفاع معدلات البطالة، ونقص العملات الأجنبية.

وليس هناك ما يضمن أن الجهات المانحة الدولية ستوفر التمويل الكافي لتغطية تكاليف استضافة عدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين، بحسب "ستراتفور".

ويشير إلى ضرورة حرص مصر على تجنب إثارة غضب إسرائيل أكثر من اللازم نظرا لأنها تتلقى إمدادات مهمة من الغاز الطبيعي من الدولة العبرية.

وقد زادت أحجام هذه الإمدادات في أغسطس/آب 2023 قبل أن تغلق إسرائيل حقل غاز تمار الذي يزود مصر بالغاز، بعد بدء الصراع في غزة. 

أوضح أن هناك فوائد أخرى للعلاقات الطيبة مع إسرائيل معرضة للخطر أيضا، مثل تعاون القاهرة وتل أبيب بشكل وثيق في مجال الأمن.

وكذلك التوسع الأخير في التجارة الثنائية بين القاهرة وتل أبيب، والتي تهدف وزارة الاقتصاد والصناعة الإسرائيلية إلى وصولها إلى 700 مليون دولار بحلول عام 2025.

أكد أن غضب القاهرة على إسرائيل بسبب الآثار غير المباشرة للصراع في غزة، قد يدفعها للسماح ببعض مظاهر المعارضة ضد تل أبيب قبل الانتخابات الرئاسية المصرية في ديسمبر 2023 (مثل مظاهرات المساجد الجمعة 13 أكتوبر والتي شارك فيها وزير مصري سابق هو اليساري كمال أبو عيطة).

ويرجح "ستراتفور" أن يسمح النظام ببعض "الاستعراضات العامة للمشاعر المعادية لإسرائيل"، ومستوى معين من الاحتجاجات، لكنه سيعمل على الحد من نطاق هذه الأنشطة لمنعها من النمو إلى حركة أكبر مناهضة للحكومة قبل الانتخابات الرئاسية.

لكن تقدير "ستراتفور" يرى أن دعم المصريين بطبعهم للقضية الفلسطينية واحتجاجهم على العلاقات مع إسرائيل، قد يدفعهم إلى مواجهة عنيفة مع السلطة لو شعروا بتواطؤها مع خطط تهجير الفلسطينيين.

ونقلت عن مسؤول مصري معني بالشأن الفلسطيني أن مصر "تخشى أيضا حدوث كارثة إنسانية لا نعرف كيفية التعامل معها".

وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" 13 أكتوبر 2023 إنه مع استعار الحرب في غزة بين إسرائيل وحماس والمواقف المتخاذلة للأنظمة العربية، باتت المعركة تهدد ليس فقط باضطرابات أوسع نطاقا وتبدد الآمال "في شرق أوسط أكثر هدوءا"، بل إنها تهدد بعودة الربيع العربي.

ويأتي ذلك في ظل تصاعد الغضب من جانب الشباب العربي بسبب الإبادة والظلم ضد أهالي غزة وتواطؤ الغرب مع أنظمة عربية من أجل تغيير التركيبة السكانية في غزة وتهجير السكان لصالح شرق أوسط إسرائيلي جديد بلا مقاومة.

ونقلت عن محمد اليحيى، وهو محلل وباحث سعودي في مبادرة الشرق الأوسط في مركز بيلفر بجامعة هارفارد: "هناك الكثير من دول المنطقة، في الوقت الحالي، لديها شباب ساخطون واقتصادات سيئة وأشخاص معارضون بشكل عام وينظرون إلى هجوم حماس كمصدر للكرامة، وهذا أمر خطير".


تحميل

المصادر:

1

How the Gaza War Will Impact Egyptian Politics

2

Israel-Hamas War Threatens Wider Unrest and Crushes Hopes for Calmer Mideast

3

Fear of Gaza exodus looms over Egypt

4

For Palestinians Trapped in Gaza, There Is No Way Out

5

وضع حساس ومعقد.. خيارات صعبة أمام القاهرة تجاه العدوان على غزة

6

مفاوضات مصرية شاقة حول سيناريوهات نزوح فلسطيني محتمل تفرضه إسرائيل

كلمات مفتاحية :

إسرائيل حماس سيناء طوفان الأقصى عبد الفتاح السيسي غزة مصر