الدور الإقليمي الإماراتي: حصاد فراغ القوة

12

طباعة

مشاركة

"إن اتساع نطاق الدول الفاشلة والضعيفة في منطقة الشرق الأوسط أفضى إلى إنتاج حزمة من فرص التنافس والتدخل للفاعلين الجدد من دول الصف الثاني بما يتمتعون به من قدرات" هكذا تحدث أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، مارك لينش، في رؤيته التي طرحها عبر صفحات مجلة Foreign Affairs، معتبرا أن انتفاضات الربيع العربي أنتجت نظاما إقليميا جديدا، حتى وإن لم يكن ما توقعه المنتفضون، لكنه نظام جديد بالفعل نتج عن إعادة رسم ملامح المنطقة بعد الربيع العربي.

ويصف "لينش" النظام الجديد باعتباره نتاج غياب الفاعلية عن القوى التقليدية بالشرق الأوسط: مصر والعراق وسوريا؛ التي يراها بالكاد تؤدي وظائف الدولة، ما فتح الباب لإمارات الخليج الثرية: قطر والسعودية وحتى الإمارات للعب أدوار إقليمية، تهدف للسيطرة على مجريات التحولات الإقليمية. غير أن "لينش يستدرك بالإشارة إلى أن جهود الفاعلين الجدد لإحكام سيطرتهم على مصادر التحولات في الإقليم تزيد الطين بلة، أو كما قال "تقود الأوضاع إلى الأسوأ"[1]

من بين الفاعلين الجدد في الإقليم، تركز هذه الورقة على المشروع التدخلي أو "الدور الإقليمي الإماراتي".


أولا: ركائز القوة الإماراتية

استعراض القوة، إثبات الذات، أو القدرة على حفظ الترتيبات الجديدة للإقليم، أو إدارة الحقبة الكولونيالية العربية، كلها مشروعات تحتاج لركائز قوة لكي تقود لأداء فاعل أو على الأقل كاف لإقناع الموضوع السياسي بأنه فاعل. تبدأ هذه الورقة بتناول ركائز القوة المؤدية للنفوذ الإماراتي.

أ. الركائز الذاتية:

هي ببساطة تلك الركائز التي تنبع من الموارد الذاتية التي تملكها دولة الإمارات العربية المتحدة، واستعراضها ضروري لبيان حدود الاستقلالية ونسبيتها في مباشرة السلوك الدولي التدخلي. ويمكن التأكيد على ركيزتين أساسيتين:

1. الثروة: في المقام الأول، تعد الثورة إحدى أهم ركائز القوة التي ساندت الإمارات في مسعاها للعب دور إقليمي نشط. وتحوز الإمارات الرتبة الأولى عربياً والثانية عالمياً بتصنيف أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم، الذي أصدره معهد "SWF"، المختص بدراسة استثمارات الحكومات والصناديق السيادية[2].

وتبلغ قيمة إجمالي صناديق الثروة السيادية الإمارتية نحو 1.173 تريليون دولار، موزعة بين 683 مليار دولار يمتلكها جهاز أبو ظبي للاستثمار الذي تأسس عام 1976، ويحتل بهذه الحيازة المرتبة الثالثة عالميا بعد صندوق التقاعد النرويجي، ومؤسسة الصين للاستثمار.

وتحل مؤسسة دبي للاستثمار التي تأسست عام 2006 في المرتبة الثانية إماراتيا والثالثة عشرة عالميا بحيازة أصول تبلغ نحو 233.8 مليار دولار.

كما تحل شركة مبادلة للاستثمار، التي تأسست عام 2002، ثالثا ضمن صناديق الثروة الإمارتية ورابع عشر على الصعيد العالمي بما تحوزه من أصول تبلغ قيمتها نحو 226 مليار دولار.

وفي المرتبة الرابعة والأخيرة إماراتيا، يأتي جهاز الإمارات للاستثمار بحيازة أصول مقومة بنحو 34 مليار دولار، ما أهله ليحتل المرتبة السابعة والعشرين على مستوى صناديق الثروة السيادية العالمية.

من جهة أخرى، فإن حجم الناتج القومي الإماراتي يعد الثاني عربيا، بعد السعودية، وبلغت قيمته في 2017 وفق بيانات "البنك الدولي" نحو 382.6 مليار دولار، بما يمثل نحو 14.8% من إجمالي الناتج القومي العربي البالغ 2586.3 مليار دولار[3]. وتشكل أرقام هذا العام، عام 2017، نسبة نمو قدرها 3.2% بالأسعار الجارية و2.5% بالأسعار الثابتة مقارنة بعام 2016[4].

ويساهم قطاع النفط والغاز الطبيعي بنسبة 29.5% من إجمالي الناتج المحلي الإماراتي، فيما تنتج القطاعات غير النفطية النسبة المتبقية، وعلى رأسها "قطاع تجارة الجملة والتجزئة وإصلاح المركبات" بنسبة 11.7%.

ويتوقع صندوق النقد الدولي زيادة نمو إجمالي الصناديق الاحتياطية الرسمية لدولة الإمارات من 76.8 مليار دولار في 2015، ليصل إلى 118.4 مليار دولار عام 2020. كما يتوقع نمو فائض الحساب الجاري من 17.6 مليار دولار عام 2015 إلى 33.4 مليار دولار بحلول 2020.

ويبلغ إجمالي أصول مصرف الإمارات المركزي 417.7 مليار درهم إماراتي (113.7 مليار دولار) في ديسمبر 2018، مقارنة بـ 406.4 مليار درهم إماراتي (110.6 مليار دولار أمريكي) في ديسمبر 2017، ما يشير – بحسب بيانات بوابة حكومة الإمارات – إلى اعتماد السياسة المالية التوسعية. كما ارتفعت الأصول الأجنبية لمصرف الإمارات المركزي إلى 362.55 مليار درهم (98.7 مليار دولار) في ديسمبر 2018 مقارنة بـ 347.66 مليار درهم (94.7 مليار دولار) في ديسمبر 2017[5].

تمثل الثروة مدخلا لمراكمة القوة الإماراتية، سواء في ذلك القوة الناعمة (مثل تعميق الحوكمة، وزيادة كفاءة الموارد البشرية، ورسم ملامح صورة ذهنية أكثر إيجابية عن الدولة وأدوارها) أو حتى مراكمة القوة الصلبة، وهو ما سنتحدث عنه تاليا.

2. صناعة الصورة الذهنية للإمارات: كانت القوة الناعمة أحد أهم تجليات حيازة الإمارات للثروة. وتولي الإمارات عناية خاصة لركائز القوة الناعمة، حتى أشرف نائب رئيس دولة الإمارات، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، محمد بن راشد آل مكتوم، على تشكيل "مجلس القوة الناعمة لدولة الإمارات العربية المتحدة" في أبريل 2017[6]، إلى جانب عدد من الأجهزة الضابطة، منها "المجلس الوطني للإعلام[7].

ويدير المشهد الإعلامي في الإمارات 4 شركات أساسية، هي: "شركة أبو ظبي للإعلام"، و"مؤسسة دبي للإعلام"، و"مؤسسة الشارقة للإعلام"، و"مجموعة المراد" في عجمان[8]، و"شركة أفق جديد" التي تتولى إدارة قناة "سكاي نيوز العربية". وبعيدا عن قناة سكاي نيوز، تملك المؤسسات الثلاثة السابقة أكثر من 25 علامة تجارية إعلامية بملكيتها وتشغيلها في قطاعات القنوات الفضائية والراديو[9]؛ بين إخبارية وعائلية وترفيهية.

وإلى جانب القنوات الفضائية المملوكة للدولة، يمتلك الإماراتيون نحو 85 قناة فضائية بنسبة 17% من إجمالي 500 قناة يحملها القمر الصناعي المصري نايل سات[10]. كما تصدر في الإمارات 14 صحيفة يومية تتركز ملكيتها بين المؤسسات الإعلامية الكبرى في البلاد، فضلا عن ملكيتها لحصص في عدد من المواقع الإعلامية العربية والأجنبية.

كما اتجهت الحكومة الإماراتية إلى شراء صحيفة العرب اللندنية، التي كان يمولها الرئيس الليبي الراحل، معمر القذافي، وموقع "ميدل إيست أونلاين"، وغيرها من المواقع والصحف الإلكترونية، بالإضافة لعدد من القنوات أبرزها "قناة الغد العربي" و"قناة الحياة"، كما تشير تقارير دولية إلى سيطرة الإمارات على ما يقرب من 60% من وسائل الإعلام الليبية ولها حصة كبيرة في سوق الإعلام اليمني والأردني أيضًا. ويتولى الشيخ منصور بن زايد، شقيق حاكم الإمارات وولي عهدها الملف الإعلامي بملكياته[11].

غير أن اتجاه دولة الإمارات لتوظيف المال في مراكمة أدوات القوة الناعمة لا يتوقف عند امتلاك وسائل الإعلام في الداخل والخارج، بل يمتد لتوظيف الثروة في توظيف مراكز التفكير وكذلك شركات العلاقات العامة التي تحفل بها البيئة الغربية.

ونشر تقرير لمجلة "نيويورك تايمز" في 2014 عن تطور جهود الإمارات للتبرع لمراكز تفكير وبذل منح وعقود للترويج لرؤيتها وسياساتها[12]. وكتب "رايان جريم" لصحيفة "ذا إنترسبت" تقريرا عن تعاقد سري إماراتي مع معهد دراسات الشرق الأوسط، وهو واحد من أرفع مراكز التفكير في واشنطن لمقاومة توجهات قرار تخص المنطقة وتقديم رؤى داعمة للإمارات لصانع القرار الأمريكي؛ خلال الترتيب لاجتماعات تخص الإقليم[13]. وتفضل الإمارات التعامل مع حزمة من الشركات الأمريكية مثل من بين هذه الشركات شركة "دي إل إيه بايبر"، و"أكين جامب"، و"كامستول جروب"، و"كيمب جولدبرج وشركاه"، و"هيل آند نولتون"، و"كارف للاتصالات"، و"إيدلمان"، و"جلوفر بارك جروب".

ويرى الخبيران ياسين إلياسين، وعلي الدشتي أن هذا التوجه ظهر بالخليج عموما وبالإمارات خصوصا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وانفراد الولايات المتحدة بقيادة العالم اقتصاديا وعسكريا، ما دفع الإمارات للتوجه لمراكز التفكير وشركات العلاقات العامة باعتبارها وسيلة لتحسين الصورة، حيث تعمل بمثابة وسيط أو لوبي يعمل لصالحها في مقابل الحكومة والمواطن الأمريكيين، ما يؤدي لتحسين الصورة وتسهيل تسوية النزاعات[14]. لكن يبدو أن الأمر تجاوز تجميل الصورة، حيث تستشعر صحف أمريكية مرموقة أن الأمر بات يسير في طريق الرشوة وتضليل القيادات السياسية، على نحو ما بينا.

ولا يقل السعي الإماراتي وراء شركات العلاقات العامة ومراكز التفكير البريطانية والأوروبية عن نظيره مع الشركات الأمريكية[15].

3. القدرات العسكرية: لعل أحد توظيفات الصورة الذهنية سعي دولة الإمارات لاكتساب سمعة فيما يتعلق بقوتها العسكرية، وهذا يفسر ما سبق وكتبه الصحفي في واشنطن بوست، إيشان زارور، واصفا الإمارات بأنها "إسبرطة الصغيرة"، نقلا عن الجنرال المتقاعد "آنذاك" جيمس ماتيس[16].

وفق مؤشر Global Fire Power، تقع الإمارات في المرتبة الخامسة والستين (65) من ناحية ترتيب القوة العسكرية من بين 136 دولة يرصد التقرير مؤشرات قوتها العسكرية[17]، كما تحتل المرتبة الثامنة بين دول منطقة الشرق الأوسط بحسب نفس المعيار[18]، يسبقها بالترتيب كل من تركيا في المرتبة الأولى إقليميا والتاسعة عالميا، ثم مصر الثانية إقليميا والثانية عشرة عالميا، ثم إيران الثالثة إقليميا والثالثة عشرة عالميا، ثم إسرائيل الرابعة إقليميا والسادسة عشرة عالميا، ثم الجزائر الخامسة إقليميا بينما تبلغ المرتبة 23 عالميا، ثم المملكة العربية السعودية السادسة عربيا وتقبع في المرتبة 26 عالميا، فالعراق القابع في المرتبة السابعة عربيا والمرتبة 47 عالميا، ثم سوريا الثامنة عربيا والتاسعة والأربعين عالميا، فالمغرب التاسعة عربيا والخامسة والخمسين عالميا، لنصل إلى المرتبة العاشرة إقليميا والخامسة والستين عالميا التي تحتلها الإمارات. جدير أن تقدير مؤشر Global Fire Power وضع الإمارات في المرتبة الثامنة وليس العاشرة إقليميا لتبنيه تعريفا لمنطقة الشرق الأوسط يستبعد دول المغرب العربي.

جدير أن نذكر أن المؤشر وضع اليمن في المرتبة التاسعة عربيا والسادسة والستين عالميا، أي أنه يلي الإمارات في الترتيبين العالمي والشرق أوسطي.

ويبلغ قوام الموارد البشرية الموجهة للخدمة العسكرية 64 ألف مواطن إماراتي، يتم اختيارهم تراكميا من بين 52 ألف إماراتي يبلغون سن التجنيد سنويا. هذه القوة البشرية بأسرها في السلك العسكري، حيث لا يوجد احتياطي خدمة[19].

غير أن التقرير الميال للتعاطي مع البيانات الرسمية يتجاهل واقع استخدام الإمارات للمرتزقة من جنسيات مختلفة، بما فيها الولايات المتحدة، لتنفيذ عمليات عسكرية. آخر المتداول معلوماتيا في هذا الصدد ما نشره موقع "باز فيد" من تأجير الإمارات مرتزقة لتصفية خصوم مشروعها في اليمن[20].

وكانت صحيفة نيويورك تايمز، قد نشرت في 2015، تقريرا حول توظيف الإمارات لمرتزقة كولومبيين لتنفيذ عمليات عسكرية في اليمن[21]. هذان التقريران يشيران إلى نوعية من العمليات تخالف موضوع التعاقد المعلن للإمارات مع الشركة التي كانت تحمل من قبل اسم "بلاك ووتر"، لتغير اسمها ضمن جهود مؤسسها الملياردير الأمريكي، إيريك برينس، لغسل صورة شركته التي باتت سيئة السمعة عبر العالم وفي الولايات المتحدة. وكان التعاقد الأساسي بين الإمارات وهذه الشركة يهدف لحماية أنابيب النفط والأبراج الضخمة وقمع التظاهرات الداخلية[22].

وإلى جانب القوة البشرية يصف مؤشر "Global Fire Power" ما تمتلكه الإمارات من عناصر القوة العسكرية، مشيرا لامتلاكها 540 قطعة جوية موزعة بين 97 طائرة مقاتلة، و103 طائرة هجومية، 30 مروحية هجومية، و175 طائرة نقل، و166 طائرة تدريب، وتمتلك إلى جانب المروحيات الهجومية 177 مروحية أخرى مختلفة الاستخدامات.

أما عن القوة البرية، فيشير التقرير لامتلاك الإمارات 464 دبابة، و2204 مدرعة عسكرية، و177 آلية مدفعية ذاتية الدفع، و105 مدفعية مقطورة، و54 منظومة صاروخية.

وتتضاءل القوة البحرية الإماراتية على نحو لافت إذ لا تمتلك سوى كاسحتي ألغام وسفينتي عمليات محدودة Corvettes، و12 زورقا بحريا.

وتنوع الإمارات مصادر سلاحها، فعززت قواتها الجوية بـ63 طائرة حربية من طراز "ميراج 9-2000" و80 طائرة قتالية من طراز "F-16E-F" إلى جانب 30 طائرة من طراز "أباتشي"،  كما اتفقت مؤخرا على شراء 12 طائرة نقل تكتيكية من طراز "C-130J" وست طائرات نقل إستراتيجية من طراز "جلوب ماستر".

ودخلت الإمارات في مشروع عسكري تحصل بمقتضاه على سفن قتالية فرنسية مزودة بصواريخ أمريكية دفاعية، كذلك للروس نصيب من أموال الإماراتيين الذاهبة للتسليح حيث تستورد الإمارات من روسيا أنظمة للدفاع الجوي وأنظمة دفاعية مضادة للصواريخ طويلة المدى وقصيرة المدى[23].

وتشير رويترز إلى تعاون عسكري "إماراتي – صربي" يتضمن مشتريات سلاح، بينها صواريخ أرض - أرض، اعتبرته الوكالة متواضعا لكنه يحمل القابلية للنمو[24]. كما أشارت دراسة إسرائيلية إلى أن الإمارات كانت الدولة الأولى التي تشتري نظام الدفاع الصاروخي المتطور "ثاد"، فيما تسعى الآن للحصول على المقاتلة إف-35، وأنها ربما تسعى للدخول إلى النادي النووي[25].

ويلفت التقرير إلى أن حجم الإنفاق العسكري الإماراتي يبلغ 14 مليار دولار[26]، وهو رقم يتجاوز ضعف الإنفاق العسكري لغريمها الإقليمي إيران والتي يقل حجم موازنتها العسكرية عن 6.5 مليار دولار.

ب. علاقات الإمارات بالقوى العالمية

يمكن القول بأن القوة العسكرية المحدودة لدولة الإمارات، حتى وإن اتسمت بتتبع أحدث إصدارات الأسلحة وأقواها على الصعيد التقني، لا تغني عن وجود مظلة دفاعية تحتاجها الإمارات للوقاية من نوايا الجار الإيراني الذي سبق وأشرنا إلى أنه – وبرغم ما يمر به من حصار، وبرغم محدودية ميزانيته الموجهة للأغراض العسكرية – إلا أنه يمثل القوة العسكرية الثالثة إقليميا والثالثة عشرة على مستوى العالم.

في هذا الإطار، كان لابد من غطاء عالمي حام، ما يفتح الباب أمام انخراط قوة بالوكالة عن تلك القوى العالمية. وبرغم سعة شبكة العلاقات الدولية المساندة للدور الإماراتي، إلا أن الورقة ستتناول أبرز القوى الداعمة للتحرك الإماراتي.

1. العلاقات الإمارتية – البريطانية: لم يتراجع النفوذ البريطاني في الإمارات منذ توقيع اتفاقية مكافحة القرصنة في 1820 حتى اليوم. ولم تكن برقية التاسع من أبريل، والتي أنبأ فيها المقيم السياسي البريطاني شيوخ القبائل الخليجية بنية المملكة المتحدة سحب قواتها من المنطقة إلا بداية مرحلة جديدة من الهيمنة بدون احتلال[27]. وبرغم نمو قوة الولايات المتحدة الذي بدأ يحاصر النفوذ البريطاني المطلق في الخليج منذ أوائل القرن العشرين، إلا أن العلاقات العسكرية البريطانية في المنطقة عموما، ومع دولة الإمارات بصورة خاصة لم تتراجع.

وكان لافتا أن يصرح وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، من العاصمة البريطانية "لندن" أن "الإمارات مستعدة لتحمل المزيد من عبء الأمن في محيطنا، حيث لم يعد بالإمكان الاعتماد على الولايات المتحدة"[28]. هذا التصريح من العاصمة البريطانية، وبعد عامين من انتهاء ولاية الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، راعي الاتفاق النووي 5+1 مع إيران، قد يكون سندا لما سبق أن اعتبره البعض علاقة "تبعية" أو ما يمكن تسميته "علاقة وكالة خاصة" تقوم بها الإمارات لصالح المملكة المتحدة في مقابل علاقة الوكالة التي تباشرها السعودية لصالح الولايات المتحدة[29].

ولا يقدح في مكانة الإمارات لدى بريطانيا أن تقدمت دولة الكويت أولا للمملكة المتحدة بطلب لإقامة قاعدة عسكرية دائمة لها بالمنطقة على أراضيها في فبراير 2018[30]، وهو العرض الذي كانت البحرين قد نفذته من قبل في أبريل 2018[31]، وما يتوقع تنفيذه كذلك في سلطنة عمان بحلول مارس 2019[32].

وبرغم العلاقات الوطيدة بين الإمارات والمملكة المتحدة، إلا أن الأولى تفضل امتلاك قوات خاصة بها، بدلا من أن تستدعي قوة كبرى – ولو في منزلة المملكة المتحدة – لحمايتها، وإن كانت تعتمد على الحماية البريطانية في حالة حدوث تطور كبير من الغريم الإقليمي "إيران"، خاصة وأن موقف المملكة المتحدة من المشروع الإقليمي الإيراني معروف، فضلا عن مؤازرة المملكة المتحدة للإمارات في قضية الجزر الثلاثة، وهي المؤازرة التي لم تتطور بسبب غياب القرار الإماراتي..

ولا ينفي هذا وجود تعاون عسكري تدريبي قوي بين البلدين. ففي يناير 2017، أعلنت الإمارات عن بدء التدريب المشترك لها مع المملكة المتحدة، الذي حمل اسم "خنجر البحر"[33]، وهو نموذج لتدريبات تجريها المملكة المتحدة مع كل الدول الخليجية باستثناء المملكة السعودية، بينها سلطنة عمان التي أجرت تدريبات "الشموخ 2" و"السيف السريع 3" في نوفمبر 2018[34]، وتدريبات "سكاي" الجوية مع قطر في نوفمبر 2017[35].

الوضع على الصعيد الاقتصادي لا يقل قوة، فالمملكة المتحدة تعد أكبر مستثمر خارجي في الإمارات، حيث تعمل نحو 384 شركة و859 وكالة تجارية بريطانية بالإمارات حتى نهاية عام 2015، فضلاً عن أكثر من 14250 علامة تجارية مسجلة. وترتبط الإمارات والمملكة المتحدة بعدد من الاتفاقيات الاستراتيجية؛ أبرزها اتفاقيات تجنب الازدواج الضريبي وحماية وتشجيع الاستثمار والنقل الجوي وغيرها. وفي عام 2017، بلغ حجم التجارة بين الإمارات والمملكة المتحدة 17.5 مليار جنيه استرليني (22.7 مليار دولار) بزيادة 12.3% عن 2016. وقد فاتحت المملكة المتحدة الإمارات برغبتها في توقيع اتفاق تجارة بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي[36].

كما اعتبر البلدان عام 2017 عاما للثقافة الإماراتية – البريطانية، جرى تدشينه بحضور الولي العهد البريطاني[37]. وهو حضور لا يمنع من وجود حضور أعلى للعائلة المالكة البريطانية التي زارت الإمارات مرتين، آخرهما في مايو 2103[38].

من اللافت كذلك في هذا الإطار أن أبرز الجهات التي تتولى تقديم المشورة لولي عهد الإمارات هي مؤسسة "توني بلير أسوشييتس" التي يديرها رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، وأن أحد كبار مستشاري "محمد بن زايد" هو "ويل تريكس، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات البريطاني (أم آي 6)[39].

لم يكن مستغربا في هذا السياق أن يتجاوز البلدان سريعا أزمة طالب الدراسات العليا "ماثيو هيدجز" بعد صيغة تحفظ للطرف الإماراتي ماء وجهه، حيث صدر الحكم عليه، ثم لم يلبث أن تلقى عفوا رئاسيا بعد صدور الحكم بأيام[40].

2. العلاقات الإمارتية – الأمريكية: من بين العوامل التي تؤمن للإمارات حرية نسبية في استعراض القوة الإقليمية علاقتها بالولايات المتحدة الأمريكية. ويمكن وصف هذه العلاقات بأنها بالغة الأهمية بالنسبة للإمارات، لدرجة أن سفارة أبو ظبي تنفق مئات الملايين من الدولارات على الصيت فقط، ما بلغ درجة وصف قناة "دويتشه فيله" الألمانية سفير الإمارات في واشنطن، يوسف العتيبة، بأنه "سيد واشنطن"[41]، وتصفه شبكة "بي بي سي" البريطانية بأنه أكثر من سفير لدى واشنطن[42]، كما تصفه "هافنجتون بوست" بأنه "الرجل الأكثر سحرًا وتأثيرًا في واشنطن" في مقال يحمل عنوانه دلالة أكبر من دلالة التوصيف، حيث كان عنوان المقال "إنها مدينته – His Town"[43].

لم يكن وصف دويتشه فيله له بأنه "أسرع طريقة للحصول على المال في واشنطن" محض دعاية، فمكالمة هاتفيه منه دفعت الإمارات لتمويل معهد لـ"أمراض قلب الأطفال" في واشنطن بمبلغ 150 مليون دولار.

كما أن الطريق السريع المفتوح أمام "العتيبة" مع كل مراكز التأثير في واشنطن ليس بعيدا عن هذا الإطار، فالرجل لدى وصوله إلى منصب سفير بلاده في واشنطن؛ قام بتعيين "إيمي ليتل توماس"، أهم مسؤولة علاقات عامة في إدارة "جورج بوش الابن" للعمل كمسؤولة البروتوكول في سفارة الامارات، وعي السر في فتح جميع الأبواب التي كان يحتاجها السفير.

هذه المقدمة ليست سوى أحد المؤشرات على ما تعنيه العلاقات الإماراتية – الأمريكية. تلك العلاقات التي بلغت حد حضوره اجتماعات لصناعة القرار في واشنطن لم يكن إلى جانبه فيها من الأجانب سوى السفير البريطاني. التي بلغ نفوذه فيها أن يتحدث رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ أنه لم يقض وقتا مع أحد في واشنطن مثل ذلك الذي أمضاه مع "العتيبة"[44]. ولعل أحد أبرز التسريبات التي ارتبطت به أنه طلب من مقربين من الرئيس دونالد ترامب، قائمة بأسماء المرشحين لمناصب في إدارته[45].

العلاقات الاقتصادية بين البلدين لا تقل تميزا عن صورة سفارة الإمارات في واشنطن، فحجم الاستثمارات الإماراتية في واشنطن يبلغ 100 مليار دولار، منها 27 مليار دولار في صورة استثمارات مباشرة، تسهم في الحفاظ على نحو 12 ألف فرصة عمل. كما سجلت التجارة الخارجية غير النفطية نحو 24 مليار دولار خلال عام 2017، منهم 4 مليار دولار صادرات إماراتية[46].

هذا النفوذ ما يجعل الولايات المتحدة في حالة تغطية مستمرة على العدوان الإماراتي الإقليمي، ومستعدة لتحمل المخاطر التي يتسبب بها هذا النوع من الحلفاء على حد توصيف مسؤولين سابقين في الإدارات الأمريكية، وهي مخاطر ترتبط بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية[47]، بل وتبلغ حد مشاركة مسؤولين أمريكيين سابقين في أنشطة تجسس على رؤساء دول، ومن بينهم أمير دولة قطر تميم بن حمد نفسه[48].

3. القواعد العسكرية الأجنبية في الإمارات: تستضيف دولة الإمارات على أراضيها قواعد عسكرية خاصة بثلاث دول، هي: الولايات المتحدة وفرنسا وأستراليا. ويمكن التفصيل في هذه القواعد على النحو التالي:

* قاعدة الظفرة: تأسست في العام 1992. وتقع هذه القاعدة على بعد نحو 32 كيلومترا جنوب غرب أبو ظبي، وتشكل المركز الرئيسي للقوات الأمريكية المتواجدة على الأراضي الإماراتية. تحتضن قاعدة الظفرة اليوم الفرقة الجوية الأميركية 380، وسرب الاستطلاع 99 المسؤول عن توفير المعلومات الاستخبارية الحرجة لأعلى مستويات القيادة الأميركية، وما يقدر بـ 3500 -3800 جندي أميركي، مع أكثر من 60 طائرة، بينها طائرات استطلاع من طراز "لوكهيد يو-2"، وطائرات "أواكس"، وطائرات إعادة تزود بالوقود مختلفة الطرز، وسرب من مقاتلات الـ"إف-15 إس"، وطائرات من طراز "إف-22"، وهي القاعدة العسكرية الوحيدة خارج حدود الولايات المتحدة الأميركية التي تضم هذا النوع المتطور من الطائرات الحربية، بالإضافة إلى مستودعات متعددة لأغراض الدعم اللوجيستي.

* معسكر السلام (القاعدة الفرنسية) أو Camp de la Paix: ويعد معسكر السلام أول قاعدة عسكرية فرنسية بحرية دائمة في منطقة الخليج، تم تدشينها بميناء "زايد" في العاصمة الإمارتية في 2009. ويضم المعسكر قاعدة بحرية مستقلة ومعسكر تدريبي، ومرافق لجمع المعلومات الاستخبارية، وفيها 500 جندي فرنسي. ويبلغ إجمالي الجنود الفرنسيين بالإمارات نحو 700 عسكري فرنسي في الإمارات موزعين بين معسكر السلام بميناء أبوظبي، والقاعدة الجوية بالظفرة، ، والتي يوجد بها قوات أمريكية أيضا[49].

* قاعدة المنهاد الجوية (القاعدة الأسترالية): وتقع هذه القاعدة على بعد 24 كيلومترا جنوب إمارة دبي، وتضم قاعدة أسترالية تعرف بـاسم "معسكر بايرد" الذي تمركزت فيه القوات الأسترالية بعد انسحابها من العراق عام 2008. وتشهد القاعدة تمركزا لقوات دائمة يبلغ قوامها 500 جندي. وأضيف لهذه القوة وحدة أخرى من قوات الدفاع قوامها 600 مقاتل أعلنت الحكومة الأسترالية في 2014 نشرها أنها جزء من التحالف الدولي للحرب على "تنظيم الدولة"[50]. وتتواجد في "المنهاد" طائرات أسترالية من طراز "سي-130" و"سي-17"، وطائرات "سوبر هورنتيس" وطائرات للتزود بالوقود وطائرات إنذار مبكر وطائراتٌ تستخدم في عمليات الإنقاذ[51].

ج. أنماط العلاقات الإقليمية للإمارات

العلاقة مع إسرائيل: الغطاء الإقليمي للدور الإماراتي بعد الربيع العربي من أهم ركائز السياسة الإماراتية التدخلية. وتتمتع الإمارات بعلاقة وطيدة مع دولة الاحتلال، فاللقاءات العلنية بين سفراء الإمارات وسفراء الكيان الصهيوني تتلاحق في الصحف العربية والعالمية. كما فازت شركة "آسيا غلوبل تكنولوجي" السويسريّة، التي يُديرها رجل الأعمال الإسرائيلي الأمريكي "ماتي كوخافي"، بعقد بملايين الدولارات لبناء مشاريع للحفاظ على الأمن الداخلي في الإمارات. كان موقع "بلومبيرج" الأمريكي، أكد أن تل أبيب باعت للإمارات والسعودية خدماتٍ للحرب، كما أنها تحرس آبار النفط، وتزودهم بحراس شخصيين. وبخاصة في الدول الغربية[52]. ولم تكن عملية اغتيال القيادي بحركة المقاومة الإسلامية "حماس" عماد المبحوح، أولى العلاقات التعاونية الأمنية القذرة[53]، بل تطورت العلاقات لصالح تجسس بعثة الصليب الأحمر الإماراتية على المقاومة الفلسطينية التي استهدفت جمع معلومات استخباراتية عن مواقع كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس" ومنصات إطلاق الصواريخ[54]. وتبع ذلك مشاركة إسرائيل بتقنية تجسس مكنت الإمارات من اختراق هواتف كبار المسؤولين في الدول العربية[55]. وقادت الإمارات كذلك جهود التطبيع الرياضي مع دولة الاحتلال بالسماح بعزف النشيد الوطني لإسرائيل ورفع العلم حال فوز أي مستوطن بميدالية ضمن بطولة للجودو[56].

العلاقات مع السعودية: ومن جهة ثانية، فإن العلاقات المتميزة بين كل من الحكام الفعليين للإمارات والسعودية باتت معلومة للكافة، وإلى جانب التحالف الوثيق بين البلدين فيما عرف باسم "محور الثورة المضادة" الخصم اللدود لتطلعات الشعوب العربية للحرية، فقد أثمرت "خلوة العزم" التي استمرت بين خبراء البلدين في مدينة جدة لمدة عام عن تمزيق مجلس التعاون الخليجي لصالح إستراتيجية "مشروع العزم" التي تنقل مركز الثقل المؤسسي الخليجي من "مجلس التعاون" إلى مجلس مشترك "سعودي – إماراتي" بديل[57]. وأدت الشراكة بين الطرفين – قبل المشروع وخلاله - للانخراط المشترك في تدبير الانقلاب العسكري في مصر، ثم "حرب اليمن" وما يختلجها من أكبر مأساة إنسانية في التاريخ المعاصر بحسب توصيف المستشارة الأمريكية أنجيلا ميركل. إلا أن هذا الوفاق لا يخفي تناقضا في المصالح بين الطرفين، تبدى – بصورة أساسية - في اليمن، لتنكشف معه تخوفات الطرف الإماراتي من الطموح الإقليمي السعودي، وبخاصة في جيبوتي والمنطقة الجنوبية من اليمن التي ترغب الإمارات في الانفراد بها وإدارتها من خلال حكومة علمانية تهمش الإسلاميين وتتجنب إعادة تنظيم القاعدة. كما تبدى من خلال اليمن سطحية العداء الإماراتي لإيران وتوابعها من الحوثيين، وتفضيلها تعقب واستئصال الإخوان. ناهيك في نهاية المطاف عن ازدراء النظرة الدونية التي تنظر بها السعودية للأشقاء الخليجيين "الصغار" في المساحة والقوة[58].

العلاقات مع إيران: ومن جهة ثالثة، فإن العلاقات الإماراتية بإيران تشهد حالة من "الفصام". فبينما يثير احتلال إيران جزر الإمارات الثلاثة (طنب الكبرى – طنب الصغرى - أبو موسى)، حنق الاخيرة، ما يدفعها للارتماء في أحضان أية دولة تعاند إيران، بما في ذلك السعودية والمغرب[59]، فضلا عن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، فإن العلاقات الاقتصادية بين البلدين تبدو مزدهرة على نحو يثير العجب. وتشير تقديرات شبه رسمية، إلى أن عدد الإيرانيين الذين يعيشون في الإمارات يقترب من نصف مليون شخص، بينهم نسبة كبيرة من التجار ورجال الأعمال الذين ينشطون بشكل رئيس في قطاعات المواد الغذائية والمواد الخام والحديد والفولاذ والإلكترونيات والإطارات والمعدات المنزلية وغيرها من المواد.

وفيما يخص التبادل التجاري بين البلدين، أعلن وزير الاقتصاد الإماراتي سلطان بن سعيد المنصوري، في تصريحات له في يونيو 2015، أن حجم التجارة الخارجية غير النفطية بين بلاده وإيران بلغ نحو 17 مليار دولار في عام 2014، فيما قُدّر حجم هذا التبادل التجاري بين البلدين بنحو 15.7 مليار دولار في عام 2013 و17.8 مليار دولار في عام 2012، و23 مليار دولار في عام 2011 و20 مليار دولار في عام 2010[60].

وبرغم عدم وجود بيانات اقتصادية تتعلق بفترة ما بعد رفع العقوبات إثر اتفاق 5+1 النووي، الذي يتوقع معه مراقبون أن يرتفع قيمة التبادل التجاري بين البلدين، إلا أن المؤشر بسبيله للتهاوي مجددا بسبب إعلان التزام الإمارات بالعقوبات الأمريكية على إيران دون أن تنضم للدول المستثناة من الحظر التجاري[61].

العلاقات مع مصر: أما النمط الأخير للعلاقات الإقليمية فيتمثل في إنتاج حالة من التبعية المصرية الكاملة للإمارات، وذلك بعد نجاح الأولى في تدبير انقلاب عسكري ضد اول رئيس مدني منتخب في مصر؛ شاءت الأقدار أن يكون من جماعة الإخوان المسلمين، ما ادى لإنتاج نظام يدين في وجوده واستمراريته للدعم الإماراتي المالي والدبلوماسي. ويمكن لمراقب المشهد المصري أن يلحظ جهود الإمارات لجني ثمار علاقة التبعية الجديدة في مصر رغم أنف مصريين يجبرون على الهجرة من بيوتهم لإخلائها لصالح استثمارات إماراتية.


ثانيا: الأدوار الإقليمية للإمارات

السلوك التدخلي الإقليمي لدولة الإمارات يقوم على عدة أسس، منها مواجهة التيار الإسلامي الذي تكن له قيادات دولة الإمارات عداء واضحا، فضلا عن رغبتها في تقديم نفسها كلاعب إقليمي يمكنه المشاركة في ترتيبات أمن الإقليم بالوكالة عن القوى الكبرى، هذا فضلا عن رغبتها الذاتية في بدء خبرة كولونيالية جديدة تستفيد فيها من موارد الدول الإقليمية الضعيفة أو الفاشلة بحد تعبير الخبير الأمريكي مارك لينش. وفيما يلي نتناول ملامح هذه الادوار عبر اشتباكاتها في حالات مختلفة.

أ. ملامح السلوك الإمارتي التدخلي: الدور الإقليمي لدولة الإمارات ينطوي على عدة ملامح، يمكن إضاءة أبرزها في المحور التالي:                 

1. توظيف القوة: من أبرز سمات السلوك التدخلي الإماراتي مباشرته للاستعراض غير الاخلاقي للقوة العسكرية[62]، وهي ممارسة لا يبدو أنها تفيد الإمارات في ذاتها، وإنما تفيد في تصويرها كدولة قادرة على مباشرة المهام بالوكالة لصالح القوى الكبرى التي ربما لا تريد مزيدا من التورط بنفسها في الصراعات الدائرة في المنطقة، وهو توجه لمسته المنطقة مع تراجع اهتمام الولايات المتحدة بها في عهد إدارة الرئيس باراك أوباما، أو الخطاب الابتزازي الذي يباشره الرئيس الحالي دونالد ترامب. أحد أهم الملاحظات على السلوك التدخلي الإماراتي ما يتمثل في اهتمامها بالسيطرة على المضايق على سبيل المثال. وتسيطر الإمارات على مضيق باب المندب من خلال خمس قواعد عسكرية[63]، وهو أمر من شأنه إثارة قلق القوى الكبرى، ما لم تكن هذه القواعد تعمل بالتنسيق مع القوى الكبرى نفسها. ومثال آخر تدخل الإمارات لملء الفراغ الذي قد ينجم عن رغبة الدول الغربية في الانسحاب من سوريا، مع رغبتهم في عدم ترك الساحة لتركيا[64].

2. تصفية نشاط الإسلاميين واحتواء الشارع العربي: من أهم بواعث النشاط التدخلي للإمارات في النطاق الإقليمي العمل على احتواء تمدد الإسلاميين سياسيا، خاصة بعد أن شهدت الإمارات بالتزامن مع الربيع العربي محاولة من إسلاميي الإمارات أنفسهم تقديم طرح إصلاحي في الإمارات[65]. ويحمل ولي عهد الإمارات، محمد بن زايد، مزيجا من الخوف والغضب حيال التيار الإسلامي، أوعزه البعض لتخوفه من قدرتهم على إنتاج حالة تعبئة تهز العروش المحافظة في العالم العربي، وبخاصة في الخليج، وقد تأثر هذا التوجه بالمشورات الامنية المصرية المهاجرة للخليج[66]. كما أن ثمة من يطرح تصورا مفاده أن التوجه الهوياتي لدى التيار الإسلامي يمثل عائقا أمام المشروع الإماراتي الذي يمكن تسميته بـ"الكولونيالية الجديدة"، والتي تنطوي على خلق علاقة تطبيع واضحة مع القوى العالمية والكيان الصهيوني بالمنطقة[67]، ولهذا يربط ديفيد هيرست بين عداء ولي العهد الإماراتي للإسلاميين وبين تخوفات رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ديفيد كاميرون، وتخوفات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المعبر عن اليمين المسيحي في الولايات المتحدة، ويمكن إضافة تخوفات الكيان الصهيوني الذي يمثل الشريك الأمني الأساسي للإمارات.

3. التخطيط لحقبة ما بعد النفط: النزوع الكولونيالي الجديد[68] الذي تباشره دولة الإمارات يمثل في أحد أبعاده رغبة في توسيع بدائلها لما بعد عصر النفط. صحيح أن البيانات الصادرة عن الوزارات الاقتصادية في الإمارات تشي بأن النفط لم يعد يساهم في الناتج القومي بأكثر من 30%، إلا أن الاكتفاء بتحويل الدولة إلى منصة للأعمال الاقتصادية ربما ليس كافيا من وجهة نظر حكام الإمارات الذين يرغبون في تحويل الفائض المالي الضخم لديهم إلى مضخة لتوليد المال، وفي هذا الإطار يعمدون للسيطرة على الدول الضعيفة/ أو الفاشلة للاستفادة من مواقعها ومن طاقتها البشرية ومن مواردها وربما من مشروعاتها، وهو نشاط يمتد من أفغانستان إلى صربيا والجبل الأسود مرورا باليمن وجيبوتي وإريتريا وإثيوبيا والسودان ومصر[69]. ويبدا البيزنس بالعمل المصرفي مقابل النفوذ والفائدة، والحصول على الأرض والموارد البخسة لإنشاء المشروعات، وربما المشاركة في مشروعات قائمة تمهيدا للاستيلاء عليها، فضلا عن إقامة مشروعات الخدمات ذات الوظائف الجيواستراتيجية كإنشاء الموانئ ومحطات تموين السفن وصيانتها.. إلخ، وربما تطور الأمر لتجارة السلاح واحتمال إنتاجه على نحو ما تشهده العلاقات الإماراتية – الصربية.

ب. الدور الإماراتي في مصر: يعد الدور الإماراتي في مصر أحد أبرز الأدوار التي تلخص ملمحين من ملامح توجهها الإقليمي، حيث يشترك في هذه الحالة الهدفين المتعلقين بمواجهة التيار الإسلامي من جهة، والاستفادة من موارد مصر من جهة ثانية.

أحد أهم أهداف الإمارات من الوجود في مصر هي إنهاك التيار الإسلامي، ونعني به هنا التيار الإسلامي غير الثوري، أو التيار الذي لا نية لديه للانسحاب من المجال العام على النحو الذي تريده الملكيات العربية المحافظة، والتي يبدو أنها لا تريد سوى ذلك التيار من التدين الذي لا علاقة له بالسياسة سوى الانصياع والاستسلام للسلطة. وكان التحرك المحموم لدولة الإمارات منذ قرار جماعة الإخوان المسلمين ترشيح أحد أعضائها للمنصب رئيس الجمهورية، ثم فوز الدكتور محمد مرسي بهذا المنصب من أهم الدلائل على تخوفات الإمارات، التي أنفقت بسخاء على المجلس العسكري المصري وعلى رؤيته للإطاحة بالرئيس المنتخب[70]، ثم إنفاقها بسخاء كذلك على المنظومة التي قامت بالانقلاب في محاولة لإصلاح ما قد يعتري أداءها الاقتصادي الاجتماعي من خلل، وهو ما بلغ أكثر من 50% من حجم المعونات التي وجهتها الإمارات للخارج[71] في عامي 2013 و2014 – 2015، التي قدرها البعض بنحو 66 مليار درهم إماراتي[72].

ربما كانت ضغوط الإمارات على كل من تركيا وقطر، التي بلغت حد تدبير انقلاب في تركيا[73]، والتنسيق مع المملكة السعودية لغزو قطر[74]؛ وكلاهما لم يتحقق على الأرض، فضلا عن دعم مساعي بالتيار المسيحي السياسي في الولايات المتحدة وأوروبا للضغط من أجل دفع الحكومات الغربية لتسمية الإخوان المسلمين جماعة إرهابية[75]. هذه المساعي تمثل امتدادا لحالة العداء للتيار الإسلامي، ورغبة في استئصاله تماما من الحياة السياسية العربية؛ وليس المصرية وحدها.

وفي هذا الإطار، لا يمكن القول بأن جهود الإمارات للقضاء على التيار الإسلامي وقفت عند الحدود المصرية. ففي دول الخليج اعتبرت جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا في كل من الإمارات والسعودية[76]. وتدخلت الإمارات في ليبيا داعمة العسكري المتقاعد، خليفة حفتر، على أرضية مواجهة الوجود الإسلامي الوسطي في ليبيا، وإهمال قضية مواجهة "تنظيم الدولة" هناك. وفي دول المغرب العربي، ضغطت الإمارات بصورة خاصة على المشهد التونسي لإخراج حكومة النهضة من السلطة، ودعمت تيار ما قبل "ثورة الياسمين" الذي انتهى بتشكيل حزب نداء تونس من تيارات مختلفة لا هم لها إلا الإطاحة بحزب النهضة، وهو ما أدى لتفكك حزب النداء بعد تعذر تنفيذ هذا الهدف[77]. نفس الأمر تشهده كل من الجزائر ثم المغرب التي استدعت سفيرها في الإمارات، بعد أيام من استدعاء سفيرها من المملكة العربية السعودية، وانسحابها من التحالف العربي المشارك في حرب اليمن، على إثر ضغوط تباشرها الدولتين على الحكومة الإسلامية في المغرب، وهي الضغوط التي بلغت حد تهديد الوحدة الترابية المغربية في تقرير نشرته "قناة العربية" السعودية[78].

ومن جهة أخرى، فإن الوجود الإماراتي في مصر يتجه وجهة أخرى بالترافق مع مواجهة التيار الإسلامي، إذ تتجه الإمارات لجني عوائد دعمها لإدارة 3 يوليو الانقلابية، وذلك عبر آليات نفوذ مختلفة.

ومع غموض البيانات حول الاستثمارات الإماراتية في مصر، فإن أحد أبرز مظاهر التوجه الإماراتي لاستغلال نفوذها في مصر ما يتمثل في اتفاقات بين الحكومتين الإمارتية والمصرية على تهجير اهالي منطقتين، هما "الوراق"[79] و"نزلة السمان"[80] لتسليمهما لشركات إماراتية بغرض الاستثمار العقاري. وتنظر الإمارات للمنطقتين باعتبارهما واعدتين سياحيان حيث تقع إحداهما في قلب "النيل"، بينما الثانية تواجه "الأهرامات".

وتخضع البيانات المتعلقة بالنفوذ الإماراتي في مصر لحجب وتدقيق شديدين، بالإضافة إلى حجب مئات المواقع الإلكترونية، من بينها مواقع تهتم بمتابعة النفوذ الإماراتي في مصر.

ج. الإمارات في اليمن: شاركت الإمارات في عملية "عاصفة الحزم" على اليمن مع المملكة العربية السعودية منذ تدشين العملية في مارس 2015، مع توفر غطاء من أكثر من خمس دول هي الأردن والسودان والمغرب ومصر وباكستان، إلى جانب جميع الدول الخليجية باستثناء سلطنة عُمان، مع تهد من الإدارة الأمريكية بتقديم الدعم الاستخباراتي للتحالف[81].

وبرغم الشراكة الإماراتية السعودية، يرى خبراء أن ثمة فارق بين رؤية الطرفين لعملية "عاصفة الحزم"، حيث كانت السعودية ترى إدارة العملية من خلال القصف الجوي والضغط على ميليشيا الحوثي لدفعها للتفاوض والانخراط في ترتيبات سياسية تؤمن الباحة الخلفية للسعودية في اليمن، بينما دخلت الإمارات الحرب ولم تكن تعادي ميليشيا الحوثي، بل كانت في جعبتها أجندة أخرى[82] تعلقت باستئصال الإسلاميين في اليمن، ورفضت سحق حزب المؤتمر، الذي مثل التهديد الأكبر للسعودية بتحالفه مع ميليشيا الحوثي، بل وسربت أنباء عمليات قصف عدة لتأمين "علي عبد الله صالح" ونجله، الذي انتقل للإقامة في الإمارات. كما ترفض أبو ظبي استلام الرئيس الشرعي عبد ربه هادي منصور السلطة؛ لما ترى من خطورة في طرحه لاستيعاب حزب "التجمع اليمني للإصلاح" المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين. تبنت الإمارات خطا مغايرا لأغلب دول الخليج، وهو دعم تقسيم اليمن إلى شمالي يسيطر عليه الحوثيون، وجنوبي علماني بعيد عن الإخوان المسلمين في حزب الإصلاح، فاختارت الإمارات اليمن الجنوبي كمركز لعملياتها وأهدافها، وجندت ميليشيات يمنية وأشرفت على تدريبها وتسليحها ودعمتها في مواجهة الحوثيين والجيش اليمني على حد سواء، كما استأجرت فرق اغتيالات أجنبية، بينها أمريكية لاغتيال خصومها من قيادات ميليشيا الحوثي و"تجمع الإصلاح" في المناطق التي ترغب في الاحتفاظ بها[83].

وبعيدا عن السياسة الصغرى، فإن الإمارات تنظر لليمن نظرة ذات بعد جيوإستراتيجي. فرغبتها في تقسيم اليمن، والاستئثار بالجزء الجنوبي يعكس رغبة في السيطرة على الموانئ الجنوبية ومضيق باب المندب، وتعزيز حلقة السيطرة على مدخل البحر الأحمر، وعرقلة مشروع "مدينة النور" السعودي الذي تخطط في إطار السعودية لربط اليمن بأفريقيا عبر جسر معلق. هذا المدخل الجيواستراتيجي هو ما دفع الإمارات للمخاطرة بالتواجد البري في الخطوط الأمامية للمواجهة[84]، وتحويل المواجهات حول الموانئ اليمنية الإستراتيجية لمواجهات استثنائية، دعما لخطة التقسيم التي ترومها في اليمن، ومحاصرة لنفوذ التجمع اليمني في الجنوب. وأعدت الإمارات خطة لإعادة تأهيل المناطق التي تسيطر عليها[85]، لتعزيز اعتماديتها عليها، مع الحفاظ على قواعدها العسكرية في المنطقة ودعمها.

أدت الخلافات الإماراتية السعودية إلى إطالة أمد الصراع في اليمن، وقادت إلى ما هو أكثر من ذلك، إذ قادت اليمن لأكبر كارثة إنسانية بتقدير كل من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي[86]، ويعاني الشعب اليمني مخاطر مجاعة، إلى جانب مروره بموجات ثلاثة لوباء الكوليرا.

د. الدور الإماراتي في مواجهة تركيا: دخلت الإمارات في مواجهة شرسة مع تركيا خلال السنوات القليلة الماضية، ما يمكن إيعازه لعوامل عدة، بينها حماية تركيا أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الذين فروا إليها في أعقاب فض اعتصام ميداني رابعة العدوية والنهضة عام 2013، أكبر مذبحة شهدتها مصر في تاريخيها الحديث والمعاصر، ما اعتبره محور الثورة المضادة الثلاثي (الإمارات – السعودية – مصر) تحديا في مواجهة مشروع استئصال الوجود السياسي والثقافي للتيار الإسلامي في العالم العربي.

هذا بالإضافة إلى تدخل تركيا لمساندة قطر، بإرسال أول فرقة عسكرية إلى قاعدة بالقرب من الدوحة، بعد تسرب أنباء عن نوايا "محور الثورة المضادة" لغزو قطر، الأمر الذي تبعه لاحقا توقيع اتفاقيات تعاون عسكري بين تركيا والكويت، فيما بدا أنه إجراء احترازي كويتي من جاراتها الخليجيات التي بحسب تعبير قيادات سياسية ألمانية تعمل على "إشاعة روح المغامرة في الإقليم".

ومن جهة ثالثة، فقد أثارت تركيا حفيظة الإمارات ومحور الثورة المضادة بأسره مع تبني أنقرة موقفا مبنياً منذ عام 2011 على دعم جماعة الإخوان المسلمين وأطراف من التركمان السوريين. ومن جهة رابعة، يبدو أن الإمارات كانت تتوقع انسحابا تركيا – قطريا أمام جهودها لدعم العسكري المتقاعد خليفة حفتر في مواجهة إسلاميي ليبيا، فلما استمر الدعم التركي – القطري لفصائل مصراتة[87]، أدى ذلك لتعقد الموقف الإماراتي الذي انقلب عدائيا تدخليا ضد تركيا، وهو ما تطور مع دخول تركيا ميناء سواكن بمباركة سودانية[88]. هذا فضلا عن اشتعال الصراع بين البلدين في منطقة القرن الأفريقي المطلة على طرق التجارة الدولية البرية والبحرية[89].

تطور الموقف العدائي الإماراتي لتركيا من تحرش دبلوماسي على خلفية قضايا مثل إدانة تفجير الطائرة الروسية فوق الخط الحدودي التركي؛ واتهامه بأنه عمل إرهابي[90]، في مسعى لتوريط تركيا في مواجهة عسكرية مباشرة مع روسيا، إلى سلوك أكثر عدائية، حيث دعمت الإمارات ومولت انقلابا عسكريا في تركيا في يونيو 2016[91]، وهو الانقلاب الذي أحبطته جهود شعبية ومؤسسية تركية، وانتهى لتعزيز موقف الرئيس رجب طيب إردوغان الداخلي، في مواجهة المؤسسة العسكرية وجماعة "الخدمة" السرية، التي يتزعمها المفكر التربوي فتح الله جولن. ولم يلبث الأمر أن تطور أكثر باتجاه تبني منهج "الحرب الاقتصادية" ضد تركيا[92]، وهو ما بدأ في الثلث الثاني من عام 2018، وأدى إلى فقدان العملة التركية ثلث قيمتها أمام الدولار.

وفي مطلع 2019، زار وفد عسكري إماراتي – مصري مشترك مدينة منبج السورية للإعداد لترتيبات عسكرية مشتركة يقوم بها البلدان بدعوة من واشنطن[93]، وهو ما تداعى في أعقاب إعلان الرئيس الأمريكي نواياه بسحب قواته من سوريا، وهي الخطوة التي أثارت استياء داخليا أمريكيا وأوروبيا وكرديا سوريا كذلك، بالنظر لتوقع أكراد سوريا المنضوين تحت لواء "قوات حماية الشعب الكردي" إجراءات انتقامية تركية، وهو ما عملت الولايات المتحدة على تفاديه من خلال إنتاج وجود عربي معاد لتركيا في شمال سوريا يضمن عرقلة مساعي تركيا إحكام سيطرتها على الشمال السوري تمهيد لإقامة المنطقة الآمنة فيها، بما يضمن حماية عمقها من هجمات إرهابية محتملة تدعمها سوابق نفذتها ميليشيات كردية. التصعيد الإماراتي الأخير يشي بأن عام 2019 سيشهد تطورات صراعية في العلاقات بين محور الثورة المضادة وبين المحور التركي – القطري.

هـ. الدور الإماراتي في سوريا: برغم إصرار التحرك الإماراتي على تجاهل الحقوق الأساسية للشعوب الشقيقة، فإن الخطاب الإماراتي في سوريا سار على النقيض من ذلك في "مؤتمر أصدقاء سوريا" الذي عقد في باريس يوليو 2012، حيث صرح وزير خارجية الامارات منتقداً وحشية نظام الأسد خلال إبادته شعبه الأعزل، قائلا: "إلى متى سنعطي هذا النظام الحجة حتى يستطيع أن يضحك علينا وعلى المجتمع الدولي؟ الشعب السوري يموت، فهل هناك لحظة سنصل إليها لنقول له كفى قتلاً، كفى تعذيباً، كفى مجازر"[94]. وفي تحرك مفاجئ، أعلنت الإمارات، في أواخر ديسمبر 2018، تحركها لفتح سفارتها في دمشق[95]. وعلق الخبراء الإماراتيون بأن الخطوة تأتي لتدارك الفرغ الذي أدى لدخول الروس والأميركيون بأجندات عسكرية لا تهتم بحماية سوريا من توغل "الإيرانيين" و"الأتراك"[96].

الخطوة الإماراتية أعقبت إعلان الولايات المتحدة الأميركية الانسحاب من سوريا، وهي الخطوة التي أدت لاستقالة وزير الدفاع الأمريكي، وأثارت قلقا أوروبيا كبيرا حول مصير القوات السورية التي ساهمت في مواجهة "تنظيم الدولة". وبدا خلال ردود الأفعال أن ثمة قلق أوروبي من انفراد تركيا بالمشهد الأمني في شمال تركيا، وهو ما دفع دولا أوروبية للتأكيد مرارا على استمرار وجودها في شمال سوريا[97]، ما أعقبه تأكيد الرئيس الأمريكي على أن الانسحاب الهادئ لن يضر "حلفاء الولايات المتحدة" (المقصود بهم وحدات حماية الشعب الكردية). ولم تلبث تقارير إعلامية صادرة في الكيان الصهيوني أن أفادت بظهور ضباط إماراتيين ومصريين في مدينة منبج السورية في خواتيم عام 2018[98]، وأجروا جولة في المدينة وضواحيها، وتفحَّصوا مواقع تمركز ميليشيا وحدات حماية الشعب، التي تضم عناصر أميركية وكردية، ودوَّنوا ملاحظات حول كيفية نشر قواتٍ مصرية وإماراتية بدلاً من القوات الأميركية التي ستنسحب.

لم تجد الولايات المتحدة بالطبع قوة إقليمية يمكنها أن تتواجد في منطقة منبج في مواجهة التطلع التركي سوى تلك الدولة التي تورطت مع تركيا من قبل في محاولة انقلاب فاشلة، ثم خاضت معها حربا اقتصادية حرة استهدفت أمن "العملة التركية".

وبرغم أن ذريعة وجود عربي في سوريا يوازي الوجود الإيراني والتركي تبدو حجة مقبولة على الصعيد الإستراتيجي، إلا أن شبهتين حلتا حول قضية الانتشار الإماراتي وفي إثره الانتشار المصري، أولاهما ان الانتشار المزمع لا يتعلق بمواجهة مع إيران، بل يتعلق بمواجهة مع تركيا. فالوجود العربي لم يتجه جنوبا، ولو تحت حماية الغطاء الجوي الإسرائيلي الذي استباح السماوات السورية، بقدر ما استباح المخازن الإيرانية. كما أن هذا الانتشار رافقته كذلك دعاية حاولت استغلال "حالة الشيطنة" التي كابدتها جماعة الإخوان، حيث اعتبر مراقبون أن الخطوة المتعلقة بإعادة البعثة الدبلوماسية الإماراتية لدمشق ضمن جهود "منع المحور التركي – القطري من تحويل الفوضى في سوريا إلى رافعة سياسية لبناء دولة للتنظيم الإخواني"، وهو طرح يبدو أقرب للتبرير منه لتوصيف حقائق جيوسياسية.

وبينما كانت الإمارات في 2015 تطلب محو رئيس النظام السوري، بشار الأسد، من الخريطة السياسية في سوريا، كشف موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، في الأسبوع الأول من يناير 2019، عن خطة دبرتها الرياض وأبوظبي والقاهرة مع تل أبيب لإعادة بشار الأسد إلى الجامعة العربية، وذلك بهدف تهميش النفوذ الإقليمي لتركيا وإيران في المنطقة[99].

و. في سمات التحرك الإماراتي الإقليمي: الدور الإقليمي للإمارات يتمحور حول رؤية القيادة الإماراتية، سواء أكانت تلك الرؤية تتعلق بالمصالح أو تتعلق بالميول والأفكار، ومع هذا التمحور تغيب عدة اعتبارات كانت حاكمة للرؤية الإماراتية حيال محيطها العربي. وفي هذا الإطار يتسم الدور الإماراتي بعد سمات يمكن إيجازها فيما يلي:

1. لا ثوابت مع الحلفاء العرب: فبرغم وجود علاقات تحالف جمعت الإمارات بدول الخليج جميعها، إلا أن السلوك الإماراتي خلال الخمسية الماضية يتسم بالتنكر لكل هذه العلاقات. فمن جهة، لم يمثل مجلس التعاون الخليجي أية قيمة للإمارات عندما بدا أنه يمثل قيدا على تصورات قياداتها السياسية، فجرى العصف به لصالح علاقات ثنائية مع المملكة السعودية. ومن جهة ثانية، فإن العلاقات مع السعودية لم تمثل ثابتا يمكن الاستناد إليه في فهم السلوك الخارجي الإماراتي، وهو ما تبدى جليا في الحرب الدائرة في اليمن، حيث بدا للقيادة الإماراتية مواجهة حلفاء السعودية في اليمن بالأسلحة الثقيلة متى بدا أن تلك المواجهة تخدم رؤيتها الخاصة في اليمن، حتى لو كانت على حساب السعودية نفسها، وهو ما تبدى في تحذير رئيس اليمن الراحل، علي عبد الله صالح، وميليشياته قبيل هجمات التحالف على صنعاء. كما تتحرك الإمارات كذلك ضد الأمن الإقليمي لسلطنة عمان برغم ما بينه الدولتين من تفاهمات حول إدارة الصراع في شبه الجزيرة، حيث تتحرك الإمارات لشراء ولاءات قبلية وأراض عمانية متاخمة للخط الحدودي بين البلدين، وفي أراض عمانية تقع داخل الخط الحدودي الإماراتي[100]، وهو ما يشير لنوايا باحتمال إعلان ضم هذه الأراضي.

2. تجاهل البعد الهوياتي: ومن جهة ثانية، فإن التحرك الإماراتي إقليميا لا يتم في إطار من احترام أي سياق هوياتي سبق أن التزمت به الإمارات، حيث تباشر الإمارات أدوارها التدخلية في دول عربية في تحد واضح للهوية العربية، كما أن تحركاتها في سوريا ومصر تتضمن نمط عداء واضح ضد تركيان بلغ حد "حرب العملة" الذي واجهته تركيا خلال عام 2018، وهو ما يمثل تحديا لكل صيغ الجامعة الإسلامية التي طرحت خلال القرن الماضي. وتمثل العلاقات الإماراتية بالكيان الصهيوني ضد دول عربية وإسلامية، من بينها قطر وفلسطين وتركيا تحديا لمنظومتي الهوية التين سلفت الإشارة إليهما، وهو ما يدخل بالسلوك التدخلي الإماراتي في حالة من السيولة التي لا يمكن معها التنبؤ بوجود معيار لتطور سياستها الخارجية، باستثناء معيار وحيد، هو معيار الاصطدام بقوة أكبر من قدرة الإمارات على مواجهتها.

3. غياب منظومة الحقوق: من أبرز سمات السلوك الإقليمي الإماراتي أنه سلوك لا يلتزم بقواعد الحقوق المقررة في الأعراف والمواثيق الدولية، فضلا عن أن تكون منظومة حقوق أقرتها أطر الهوية العربية والإسلامية. فالقوات الإماراتية لم تتردد في استعداء اليمنيين على بعضهم، ولم تتردد في التسبب بجائحة الكوليرا جراء قصف المستشفيات وأماكن التطبب في اليمن، ولم تبال خلال حصارها للموانئ اليمنية بحاجات السكان للقوت والغذاء والأدوية التي توقف تزويد اليمن بها بسبب الحروب والقصف الذي تتعرض له السفن الحاملة للمؤن الغذائية والأدوية، كما لم تتردد في التسبب في معاناة المواطن التركي جراء التضخم الذي أصاب الاقتصاد التركي جراء "حرب العملة".


الخاتمة

أدت مسيرة الربيع العربي لإحداث تحول جذري في المنطقة، حيث أفضت إلى كشف الضعف الذي أصاب القوى الإقليمية العربية التقليدية، وكشفت الأزمات التي تمر بها الدولة المصرية، سواء أزمة الهوية أو التغلغل أو المشاركة أو أزمة التوزيع، فضلا عن انهيار الدولة في سوريا، وتلاشي الدور الإقليمي لليبيا بعد مقتل العقيد معمر القذافي، وانهيار العراق بعد التدخل الأمريكي في 2003.

كانت الثروة الإماراتية مفتاح النخبة الإماراتية الحاكمة لتسويق نفسها أمام القوى الكبرى باعتبارها لاعب قادر على المشاركة في الترتيبات الأمنية للإقليم، وليس فقط طرفا خاضعا للترتيبات التي تفرضها القوى الإقليمية والعالمية. وفي هذا السياق، راكمت الإمارات ركائز القوة بين وسائل ناعمة وخشنة، سواء عبر امتلاك وسائط إعلامية إقليمية وعالمية أو شراء ولاء مراكز بحوث وشركات علاقات عامة في الدول الغربي، فضلا عن ملاحقة أحدث المنتجات العسكرية. وكانت الثروة أحد مداخل صناعة علاقات تحالف مع القوى العالمية والإقليمية، واستضافة قواعد عسكرية أجنبية، وبخاصة: أمريكية وفرنسية وأسترالية، ما يؤدي لتوفير غطاء حماية في مواجهة المقدرات العسكرية للقوى الإقليمية المناوئة لتمدد الدور الخليجي تحت رغاية غربية، وبخاصة إيران. هذا بالإضافة إلى علاقة مركبة وإيجابية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، بما يتضمن تعاون عسكري واستخباراتي، وبذلت في سبيل هذا أثمانا كبيرة، أهمها التجسس على دول وقوى عربية لصالح دولة الاحتلال. وإلى جانب هذا أقامت الإمارات علاقة تحالف مع السعودية، وربطت مصر بها في علاقة تبعية إقليمية.

بدأت الإمارات دورا إقليميا تدخليا في إطار من رفض ثوابت مع الحلفاء العرب، سواء في ذلك شركاء مجلس التعاون الخليجي، وحتى القوى الخليجية التي رفضت الانحياز لقطر، وإن رفضت في الوقت نفسه مسارات تفكيك الترابط الخليجي. وفي هذا الإطار تحرص على معاقبة الكويت على دور الوساطة، وتعمل لتقويض السلامة الإقليمية لسلطنة عمان عبر شراء أراض وولاءات لقبائل عربية في المناطق الحدودية بين الدولتين، هذا بالإضافة إلى تبني أجندة مخالفة لأجندة السعودية في حرب اليمن.

كما أن السلوك الإماراتي التدخلي حرص على تجاهل البعد الهوياتي الذي يفترض به ربط الإمارات بدوائرها الإقليمية، حيث تتنكر للهوية العربية والإسلامية، ما يسهل لها الاصطدام بالقوى العربية الإسلامية، ومحاربتها، أو التجسس عليها. هذا بالإضافة للتنكر للمنظومة الحقوقية الإسلامية والعالمية، ما وصل بهم لحد دفع أهل اليمن باتجاه أكبر كارثة إنسانية في الآونة المعاصرة, حيث تعاني من خطر المجاعة وفتك وباء الكوليرا.

في هذا الإطار، اتجهت الإمارات للتحرك في اليمن على نحو يكفل لها فصل الجنوب عن الشمال، حيث تنتوي ترك الشمال للسعودية، بينما تحافظ على وجود جنوب علماني يسيطر على الموانئ اليمنية الإستراتيجية، وتصفية الوجود الإسلامي المقاوم في اليمن.

أما فيما يتعلق بتركيا، فإن الإمارات تسعى إلى احتواء نظام حزب العدالة والتنمية، وإنهاء سيطرة الإسلاميين على الحكم في تركيا، ما أدى بها للمشاركة في تدبير انقلاب يوليو 2016، وتمويله بنحو 3 مليارات دولار، ومع فشله انخرطت الإمارات وحليفتها السعودية في حرب اقتصادية ضد تركيا، أدت لتأثير واضح على العملة التركية، وخفض قيمتها بنحو الثلث.

وحرصت الإمارات على جر مصر إلى علاقة تبعية معها، والتحكم في قرارها، واستغلال سوقها الواسع لتعويض إنفاقها على سلطة الانقلاب العسكري قبل وبعد 3 يوليو 2013. وبتحويل مصر إلى تابع إماراتي، تسعى الإمارات بالتعاون مع مصر نحو محاصرة التحرك الأمني التركي في شمال سوريا برعاية أمريكية أوروبية.

هذا بالإضافة للحرص على استغلال القضية الفلسطينية لصالح تمتين العلاقة الإقليمية للإمارات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.


[1] Marc Lynch, The New Arab Order in Today's Middle East, Foreign Affairs, Aug 13, 2018. https://fam.ag/2Dxw08D

[2] SWFR, Largest Sovereign Wealth Funds by Assets Under Management, Last Update. https://bit.ly/2h9SfKm

[3] The World Bank, The GDP of UAE, World Bank national accounts data. http://bit.ly/2SMGQRT

[4] الاقتصاد ورؤية الإمارات 2021، البوابة الرسمية لحكومة الإمارات العربية المتحدة. http://bit.ly/2RTvwPh

[5] المرجع السابق.

[6] المحرر، مجلس القوة الناعمة لدولة الإمارات .. مهامه وإختصاصاته، صحيفة "البيان" الإمارتية، 29 أبريل 2017. http://bit.ly/2SsqmyD

[7] تابع موقع الجهاز الوطني للإعلام. http://bit.ly/2SH0MFz

[8] المحرر، نظرة عامة على المشهد الإعلامي في الإمارات العربية المتحدة، مركز الإمارات لحقوق الإنسان، د.ت. http://bit.ly/2N1t08T

[9] أحمد الدباغ، الحرب السرية في الخليج: معركة الاستحواذ على الصحافة الأجنبية، موقع "ساسة بوست"، 31 يوليو 2017. http://bit.ly/2DtWBmL

[10] وكالات، الإمارات تستقطب 17% من القنوات الفضائية العربية، صحيفة "الاتحاد" الإماراتية، 1 يوليو 2011. http://bit.ly/2GlYI04

[11] أحمد الدباغ، الحرب السرية في الخليج: معركة الاستحواذ على الصحافة الأجنبية، موقع "ساسة بوست"، 31 يوليو 2017. http://bit.ly/2DtWBmL

[12] Eric Lipton - Brooke Williams - Nicholas Confessore, Foreign Powers Buy Influence at Think Tanks, The New ork Times, Sept. 6, 2014. https://nyti.ms/2WXrB7K

[13] Ryan GrimGULF GOVERNMENT GAVE SECRET $20 MILLION GIFT TO D.C. THINK TANK The Intercept, Aug; 10 2017. http://bit.ly/2tjPFnL

[14] Ali Al Dashti - Yasin Al Yasin, Gulf Countries and U.S. Public Relations Firms: The Case of Three Persian Gulf States, Journal of Promotion Management, January 2008.

[15] أنس السنجري، تفاصيل مثيرة عن دور "اللوبي الإماراتي" في بريطانيا، موقع "عربي21"، 19 يوليو 2018. http://bit.ly/2SvoJAr

[16] Ishaan Tharoor, 3 ways the U.A.E. is the Sparta of the modern-day Middle East, The Washington Post, November 15, 2014. https://wapo.st/2SuIWpS

[17] 2018 Military Strength Ranking, Global Fire Power Index. http://bit.ly/2SG6veB

[18] Middle Eastern Powers Ranked by Military Strength, Global Fire Power Index. http://bit.ly/2RRFBft

[19] United Arab Emirates Military Strength, Global Fire Power, 2018. http://bit.ly/2DsYVul

[20] Aram Roston, A Middle East Monarchy Hired American Ex-Soldiers To Kill Its Political Enemies. This Could Be the Future of War, BuzzFeed, October 16, 2018. http://bit.ly/2GBeweA

[21] Emily B. Hager - Mark Mazzetti, Emirates Secretly Sends Colombian Mercenaries to Yemen Fight, The New York Times, Nov. 25, 2015. https://nyti.ms/2RVZrGh

[22] MARK MAZZETTI - EMILY B. HAGERMAY, Secret Desert Force Set Up by Blackwater’s Founder, The New York Times, May 14, 2011. https://nyti.ms/2I8Cosq

[23] المحرر، تعرف على مصادر تسليح الجيوش العربية وأقواها، وكالة "سبوتنيك" الإخبارية الروسية، 29 مارس 2017. http://bit.ly/2GlXqlD

[24] Aleksandar Vasovic - Regan Doherty, EU hopeful Serbia builds unexpected alliance with Emirates, Reuters, OCTOBER 31, 2013. https://reut.rs/2SvEdnO

[25] معتز بالله محمد، أسبرطة في الخليج: الإمارات قوّة إقليميّة تتبلور، رصيف 22، 6 يناير 2017. http://bit.ly/2BzgyIR

[26] United Arab Emirates Military Strength, Global Fire Power, 2018. http://bit.ly/2DsYVul

[27] المحرر، وثيقة: بريطانيا تبلغ حكام الخليج عزمها الانسحاب من المنطقة، صحيفة "الاتحاد" الإماراتية، 11 نوفمبر 2011. http://bit.ly/2GOSWDE

[28] ترجمة خاصة، الإمارات تُعلن عن إمبراطوريتها، موقع "عربي بوست"، 27 يوليو 2018. http://bit.ly/2TNieFy

[29] المحرر، تبعية الإمارات ومواقفها من بعض القضايا الإقليمية الساخنة، موقع حزب التحرير، 9 أبريل 2017. http://bit.ly/2TNilks

[30] المحرر، الكويت تنفي التفاوض على استضافة قاعدة عسكرية بحرية بريطانية، موقع "روسيا اليوم" العربي، 15 ديسمبر 2018. http://bit.ly/2SLrSv3

[31] وكالات، المملكة المتحدة تفتتح قاعدة عسكرية دائمة فى البحرين، صحيفة "اليوم السابع" المصرية، 6 أبريل 2018. http://bit.ly/2Bx6jF1

[32] المحرر، بريطانيا تفتتح قاعدة عسكرية في عمان، موقع "قناة الحرة" الأمريكية بالعربية، 5 نوفمبر 2018. https://arbne.ws/2GDd5w9

[33] المحرر،  الإمارات تعلن انطلاق التمرين العسكري المشترك مع بريطانيا ”خنجر البحر 2017″، موقع "إرم نيوز"، 15 يناير 2017. http://bit.ly/2ByudQa

[34] المحرر، قوات بريطانية تختتم تدريبات عسكرية واسعة على أرض سلطنة عمان، وكالة "سبوتنيك" الإخبارية الروسية، 3 نوفمبر 2018. http://bit.ly/2SN1rVX

[35] المحرر، اختتام تدريبات "سكاي" العسكرية في قطر موقع "روسيا اليوم" العربي، 30 نومفبر 2017. http://bit.ly/2RYtYTZ

[36] هالة قنديل، وزير إماراتي: بريطانيا فاتحت دول الخليج بشأن اتفاق تجارة بعد الانفصال، موقع وكالة "رويترز" البريطانية، 11 فبراير 2019. http://bit.ly/2SA66eQ

[37] المحرر، إطلاق عام الثقافة الإماراتية - البريطانية 2017.. محمد بن راشد ومحمد بن زايد يستقبلان الأمير تشارلز والدوقة كاميلان مجلبة "الفارس" الإماراتية، أغسطس 2017. http://bit.ly/2UVTo6F

[38] المحرر، خليفة وإليزابيث الثانية يؤكدان تاريخية علاقات الإمارات وبريطانيان صحيفة "الخليج" الإماراتية، 1 مايو 2013. http://bit.ly/2GHlIFZ

[39] وكالات، في التايمز: جواسيس أمريكيون سابقون "ساعدوا الإمارات في عمليات تنصت"، "بي بي سي" العربية، 31 يناير 2019. https://bbc.in/2UULmej

[40] المحرر، الإمارات تصدر عفوا رئاسيا عن البريطاني هيدجز، موقع "سي إن إن" العربي، 26 نوفمبر 2018. https://cnn.it/2tjey2N

[41] قناة "دويتشه فيله" بموقع "يوتيوب"، يوسف العتيبة: سفير الإمارات "سيد واشنطن"، موقع "يوتيوب"، 19‏ ديسمبر 2018. https://youtu.be/8dOdTqG6cXo

[42] المحرر، يوسف العتيبة : أكبر من سفير لدى واشنطن، شبكة "بي بي سي" العربية، 14 يونيو 2017. https://bbc.in/2UVC4i3

[43] ريان غريم وأكبر شهيد أحمد، إنها مدينته، هافجتون بوست، د.ت. http://bit.ly/2BAl3D7

[44] المحرر، يوسف العتيبة : أكبر من سفير لدى واشنطن، شبكة "بي بي سي" العربية، 14 يونيو 2017. https://bbc.in/2UVC4i3

[45] المحرر، تسريبات جديدة: العتيبة طلب أسماء المرشحين لمناصب بإدارة ترامب، موقع "الجزيرة" نت، 28 يونيو 2018. http://bit.ly/2Sw6xXj

[46] المحرر، 24 مليار دولار التجارة البينية بين الإمارات والولايات المتحدة، موقع "مباشر" السعودية،  24 يونيو 2018. http://bit.ly/2N3LjtU

[47] المحرر، «واشنطن بوست»: هل تهدّد الطموحات الإقليمية للإمارات علاقتها بواشنطن؟، مجلة "العربي"، 6 أغسطس 2017. http://bit.ly/2RYPyrG

[48] وكالات، في التايمز: جواسيس أمريكيون سابقون "ساعدوا الإمارات في عمليات تنصت"، "بي بي سي" العربية، 31 يناير 2019. https://bbc.in/2UULmej

[49] فريق التحرير، "جنة القواعد".. تعرف على حجم القوات الأجنبية بالإمارات، موقع ميدان؛ شبكة الجزيرة، د.ت. http://bit.ly/2TKSZnu

[50] وكالات، تعرف على توزيع وجنسيات القواعد العسكرية الأجنبية في دول الخليج، موقع صحيفة "ديلي صباح" التركية، 15 أبريل 2018. http://bit.ly/2DJt4G7

[51] فريق التحرير، "جنة القواعد".. تعرف على حجم القوات الأجنبية بالإمارات، موقع ميدان؛ شبكة الجزيرة، د.ت. http://bit.ly/2TKSZnu

[52]  Jonathan Ferziger, DAs the Gulf Warms Up to Israel, a Synagogue Grows in Dubai, Bloomberg, December 5, 2018. https://bloom.bg/2SzgCTg

[53] Barak Ravid and Avi Scharf, Haaretz Investigation: Secret Flight Operating Between Israel and Gulf State, Haaretz, Dec 02, 2014. http://bit.ly/2tj3xPb

[54] المحرر، تفاصيل عملية التجسس الإماراتي لصالح إسرائيل في غزة، صحيفة الشرق القطرية، 4 أغسطس 2017. http://bit.ly/2tjxTAX

[55] المحرر، مفاجأة... اعتراف يكشف حكاية الاجتماع المغلق والتجسس على أمير قطر، وكالة "سبوتنيك" الإخبارية الروسية، 14 يناير 2019. http://bit.ly/2N6oYfs

[56] Alisa Odenheimer, U.A.E. to Let Israelis Play Under National Flag at Judo Competition, Bloomberg, September 3, 2018. https://bloom.bg/2E8Lgdz

[57] المحرر، تفاصيل استراتيجية العزم بين الإمارات والسعودية، موقع "سكاي نيوز" العربية، l7 يونيو 2018. http://bit.ly/2GHggTu

[58] عصام حاكم، الدور الإماراتي الجديد في الشرق الاوسط في ملتقى النبأ الاسبوعي، شبكة "النبأ" المعلوماتية، 14 اكتوبر 2016. http://bit.ly/2IaSem8

[59] المحرر، الإمارات تعلن رسميا موقفها من قطع العلاقات المغربية الإيرانية، موقع "روسيا اليوم" العربي، 2 مايو 2018. http://bit.ly/2DCiznW

[60] عبد الأمير رويح، العلاقات الإماراتية الإيرانية: بين التجاذبات السياسية والمحفزات الاقتصادية، 31 اغسطس 2017. http://bit.ly/2E7GPQ0

[61] وكالات، الإمارات تؤكد التزامها بالعقوبات الأمريكية على إيران، صحيفة "اليوم السابع" المصرية، 19 نوفمبر 2018. http://bit.ly/2SvqQUS

[62] ترجمة: معتز بالله محمد، أسبرطة في الخليج: الإمارات قوّة إقليميّة تتبلور، موقع "رصيف 22"، 6 يناير 2017. http://bit.ly/2BzgyIR

[63] المحرر، القواعد العسكرية الإماراتية حول العالم، موقع "الأمن والدفاع العربي"، 3 أغسطس 2017. http://bit.ly/2SzuVaG

[64] سالم حميد، الإمارات وملء الفراغ في سوريا، صحيفة "العرب" اللندنية، 31 ديسمبر 2018. http://bit.ly/2GqKB9s

[65] ANGELA SHAH, Emirates Keeps Tight Rein on Islamist Activists, The New York Times, MARCH 21, 2012. https://nyti.ms/2GprNaK

[66] Editor, UAE and the Muslim Brotherhood: A Story of Rivalry and Hatred, Fanak, July 16th, 2017. http://bit.ly/2GDZvsi

[67] المحرر، كاتب بريطاني: حرب ابن زايد «المقدسة» لتدمير الإخوان إلى أين؟، يمن برس، 15 فبراير 2017. http://bit.ly/2SOQ5k9

[68] المحرر، صحيفة: الإمارات تنشئ إمبراطورية استعمارية، موقع وكالة "سبوتنيك" الإخبارية الروسية، 15 مايو 2018. http://bit.ly/2E7rsHi

[69] شريف أحمد شفيق، المشروعات الإماراتية تواصل دعم الاقتصاد المصري: حوار مع وزيرة التجارة الإماراتية، موقع "الأهرام" المصري، 8 نوفمبر 2014. http://bit.ly/2X0hjUl

[70] المحرر، 70 دقيقة تسريبات: الإمارات موّلت "تمرّد"، موقع صحيفة "العربي الجديد اللندنية، 1 مارس 2015. http://bit.ly/2DCl5KF

[71] المحرر، 52% من إجمالي مساعدات الإمارات الخارجية لعام 2014 تم توجيهها لمصر، موقع "مباشر السعودية"، 22 ديسمبر 2015. http://bit.ly/2SuEdol

[72] المحرر، 66 مليار درهم مساعدات إمارتية لمصر، موقع "البوابة"، 16 مارس 2015. http://bit.ly/2S1cK8q

[73] المحرر، كاتب تركي يكشف دور الإمارات في انقلاب تركيا، وكالة "سبوتنيك" الإخبارية الروسية، 13 يونيو 2017. http://bit.ly/2SKwMbW

[74] المحرر، تفاصيل "مخطط السعودية لغزو قطر"، موقع وكالة "سبوتنيك" الإخبارية الروسية، 16 ديسمبر 2018. http://bit.ly/2E9RolW

[75] المحرر، متى تصنف أمريكا جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا؟، بوابة العين الإخبارية الإماراتية، 16 سبتمبر 2018. http://bit.ly/2N3CvnO

[76] المحرر، 7 دول صنفت «الإخوان» تنظيماً إرهابياً، صحيفة "الخليج" الإماراتية، 19 ديسمبر 2015. http://bit.ly/2TOMiRa

[77] وسام فؤاد، تونس: أداء حركة النهضة في 2017، المعهد المصري للدراسات، 9 فبراير 2018. http://bit.ly/2Sy9SW1

[78] المحرر، تصاعد حدة التوتر.. المغرب تستدعي سفيرها من الإمارات، بوابة "الشرق" الإلكترونية، 9 فبراير 2019. http://bit.ly/2SuScKN

[79] المحرر، مصرس : تعذيب بالوكالة عن الإمارات.. أهالي الوراق تحت حصار السيسي، موقع "مصرس"، 18 نوفمبر 2018. http://bit.ly/2GqcQp1

[80] المحرر، ازالة منازل بمنطقة نزلة السمان من أجل استثمارات إماراتية في المنطقة السياحية، موقع آرابيك بوست، 23 يناير 2019. http://bit.ly/2S0njJd

[81] المحرر، ما هي الدول المشاركة بعملية "عاصفة الحزم" ضد الحوثيين وما حقيقة الموقف الأمريكي؟، موقع "سي إن إن" العربي، 26 مارس 2015. https://cnn.it/2SwVtZX

[82] عماد حسن، اليمن..ساحة خلاف "خفية" بين السعودية والإمارات؟، موقع دويتشه فيله، 31 يناير 2018. http://bit.ly/2tmZAZI

[83] المحرر، هكذا وظّفت الإمارات مرتزقة أميركيين بإدارة إسرائيلي لتنفيذ اغتيال، موقع صحيفة "العربي الجديد" اللندنية، 16 اكتوبر 2018. http://bit.ly/2Su0ZMW

[84] المحرر، الخفي والمعلن في صراع السعودية والإمارات على اليمن، موقع "الوقت" الإخباري اليمني، 19 أغسطس 2015. http://bit.ly/2GF7UMg

[85] المحرر، رؤية إماراتية استراتيجية للتنمية في اليمن بتأهيل المطارات والموانئ، موقع "البيان" الإماراتي، 19 مارس 2017. http://bit.ly/2SVqera

[86] وكالات، الاتحاد الأوروبي: اليمن يعيش أسوأ كارثة إنسانية بالعالم، شبكة "الجزيرة"، 4 أغسطس 2018. http://bit.ly/2X3xMay

[87] يوسف شيخو، الإمارات خصم جديد لتركيا، معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، 16 فبراير 2018. http://bit.ly/2GqZeJU

[88] عباس محمد صالح، هل تحوّل تركيا جزيرة "سواكن" السودانية لقاعدة عسكرية؟، موقع "الخليج أونلاين"، 15 نوفمبر 2018. http://khaleej.online/LoDn9M

[89] حنين ياسين، تركيا والإمارات.. حرب باردة على النفوذ تتجاوز حدود السياسة، موقع "الخليج أونلاين"، 25 مارس 2018. http://bit.ly/2S1iUFU

[90] المحرر، الإمارات: إسقاط تركيا للطائرة الروسية "عمل إرهابي"، موقع "تورس"، 1 ديسمبر 2015. http://bit.ly/2E946B4

[91] المحررن كاتب تركي يكشف دور الإمارات في انقلاب تركيا، وكالة "سبوتنيك" الإخبارية الروسية، 13 يونيو 2017. http://bit.ly/2SKwMbW

[92] المحرر، تركيا تتهم دولتين عربيتين بالوقوف وراء "مؤامرة" اقتصادية ضدها، وكالة "سبوتنيك" الإخبارية الروسية، 2 يونيو 2018. http://bit.ly/2SyTmVq

[93] المترجم، هل يُورط ترامب مصر والإمارات في «مستنقع» منبج؟ موقع "عربي بوست"، 1 يناير 2019. http://bit.ly/2WXVsNv

[94] المحرر، الإمارات تنقلب على نفسها في سوريا وتتحالف مع الأسد حليف ايران، بوابة الشرق الإلكترونية، 28 ديسمبر 2018. http://bit.ly/2X0t39n

[95] سلمى نجم، الإمارات تعيد فتح سفارتها في سوريا في دعم دبلوماسي كبير للأسد، وكالة رويترز، 27 ديسمبر 2018. http://bit.ly/2TNZ3M5

[96] سالم حميد، الإمارات وملء الفراغ في سوريا، صحيفة "العرب" اللندنية، 31 ديسمبر 2018. http://bit.ly/2GqKB9s

[97] المحرر، ماكرون: باقون في سوريا والعراق خلال 2019، موقع "روسيا اليوم" العربي، . http://bit.ly/2GppTH4

[98] المترجم، هل يُورط ترامب مصر والإمارات في «مستنقع» منبج؟ موقع "عربي بوست"، 1 يناير 2019. http://bit.ly/2WXVsNv

[99] المحرر، موقع بريطاني يكشف عن تفاصيل خطة سعودية إماراتية إسرائيلية لإعادة تأهيل الأسد، صحيفة "القدس العربي" اللندنية، 8 يناير 2019. http://bit.ly/2Ea478c

[100] المحرر، قلق عماني من شراء الإمارات أراضي شمالي السلطنة، موقع "عربي21"، 14 فبراير 2015. http://bit.ly/2BAZXV3