كفاح مشترك.. لماذا تولي تركيا أهمية قصوى لكركوك وتركمان العراق؟

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

سلط مركز تركي الضوء على تعرّض كركوك العراقية والتي هي واحدة من أكثر المحافظات حساسية سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وأمنيا إلى التوتر المستمر وخاصة مع إصدار المرسوم الجديد المتعلق باستخدام اللغة العربية والكردية فقط في المراسلات الرسمية.

وأردف مركز "أورسام" في مقال للكاتب التركي، بيلجاي دومان، أن "أي تطور في العراق يؤثر بشكل وثيق على كركوك، ويمكن للتطورات التي تحصل في كركوك أن تؤثر على السياسة العراقية".

وقال دومان: "رغم أن التوازن السكاني في كركوك قد تغير مع ممارسات الإدارة والقوى المهيمنة في العراق، إلا أن مصطلح (العراق المصغرة) المستخدم لهذا المكان لا يزال صالحا". 

ويشكل العرب والأكراد والتركمان، الذين يُعَبَّر عنهم كجمعيات مؤسِّسة للعراق، المكون السكاني الرئيس في كركوك، وتحتوي أيضا على أقليات مختلفة، وخاصة المسيحيين.

ضغوط كبيرة

وأشار الكاتب إلى أنه "من الممكن رؤية انعكاسات التمايز الطائفي في العراق بين السكان في كركوك".

وتابع: "لذلك، الاستقرار في السياسة العراقية يتغلب على الانقسامات والصراعات بين الهياكل السياسية التي تمثل المكونات في كركوك، فيما عدم الاستقرار وعدم اليقين يؤثران بشكل مباشر على كركوك أيضا".

وذكر الكاتب أن "الصراع في كركوك لم ينته منذ عام 2003".

واستطرد: "رغم أن المادة 140 من الدستور تنص على عملية سياسية وقانونية وإدارية فيما يتعلق بكركوك وبعض المناطق المرتبطة بالموصل وصلاح الدين وديالى، والتي تقع خارج الحدود الدستورية لحكومة إقليم كردستان العراق ولكنها تخضع لسيطرة الإدارة الكردية، إلا أنه لم يكن من الممكن تطبيق هذه العملية". 

وأشار إلى أن "هناك مهلة زمنية تشير إلى 31 ديسمبر/كانون الأول 2007 لهذه المناطق، والتي يشار إليها باسم المناطق المتنازع عليها في المادة الدستورية المعنية". 

ومع ذلك، ناهيك عن أنه منذ عام 2007 لم يتم العثور على حل للمشاكل في كركوك.

واستدرك دومان: "كركوك التي كانت تحت ضغط وإدارة الأحزاب الكردية من 2003 إلى 2017، وغيرها من المناطق المتنازع عليها أصبحت تحت سيطرة الحكومة المركزية العراقية في أكتوبر/ تشرين الأول 2017 مع العملية العسكرية التي نفذتها الحكومة المركزية". 

واستطرد: "رغم ذلك، يبدو أن الأحزاب السياسية الكردية تبحث عن الفرص والإمكانيات للعودة إلى كركوك، حيث مارست ضغوطا على كركوك باستخدام مواقعها الحاسمة داخل الحكومة". 

وفي هذه المرحلة، وبعد تشكيل الحكومة، لفت اجتماع استضافه زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني، بافل طالباني، والذي حضره رؤساء القوى السياسية التي شكلت الحكومة العراقية، الانتباه إلى التفاوض حول تطبيق المادة 140.

وأشار الكاتب إلى أنه "في مفاوضات ميزانية عام 2023 بين حكومة إقليم كردستان والحكومة المركزية، والتي لم تكتمل بعد، يتم تحويل كركوك إلى صفقة".

وأوضح أن "في العراق، حيث يتكون حوالي 96 بالمئة من ميزانيته من عائدات النفط، تساهم عائدات النفط من كركوك وحدها بأكثر من 20 بالمئة من الميزانية".

ويعترض العرب والتركمان من جهتهم على المادة 140 من الدستور العراقي، وحجتهم أن سقفها الزمني انتهى في ديسمبر 2007، وبالتالي فهي كما يرون بحاجة إلى تعديل دستوري.

ويتهمون في المقابل الأحزاب الكردية بجلب مئات الآلاف من الأكراد للسكن في تلك المناطق لتغيير هويتها الديمغرافية، ويتخوفون من احتمال ضم محافظة كركوك الغنية بالنفط إلى إقليم كردستان العراق.

توترات مستمرة

ولفت دومان النظر إلى الأحداث التي حصلت في كركوك خلال الأسابيع القليلة الماضية.

وتسببت الأنباء التي تفيد بأن الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود بارزاني، الذي أغلق مكاتبه في كركوك منذ عام 2017، يستعد للعودة إلى كركوك، وأن مرسوما أصدرته حكومة بغداد في 20 فبراير/شباط 2023 وتمَّ إرساله إلى مكتب محافظ كركوك في 1 مارس/آذار 2023 تسبّب في زيادة التوترات هناك.

وجاء في المرسوم أن اللغتين العربية والكردية فقط ستستخدمان في المراسلات مع المكاتب الحكومية في كركوك، وأدى هذا الوضع إلى رد فعل شديد من التركمان. 

كما أصدرت وزارة الخارجية التركية بيانا كشفت فيه عن "حساسية" أنقرة تجاه التركمان وكركوك، لأنها تعد كركوك عاصمة "تركمن إيلى"، والذي يشير إلى الجغرافيا التي يعيش فيها التركمان في العراق.

لذلك، فإن محاولة منع استخدام اللغة التركمانية بين اللغات الرسمية في كركوك يؤثر على التركمان، لأنها تعد العنصر الحيوي للتركمان من حيث الحفاظ على الهوية الوطنية. 

وأضاف دومان أن "كركوك لها أيضا أهمية وطنية وتاريخية وسياسية بالنسبة لتركيا، فإن الحفاظ على التوازن في كركوك هو إحدى أهم ركائز وحدة أراضي العراق".

ولهذا السبب، فإن حماية كركوك والوجود التركماني في العراق، من بين الأولويات القصوى لسياسات تركيا في العراق، لأن هناك رابطة عضوية وطبيعية بين تركيا والتركمان.

وكما في الماضي، فإن أولئك الذين يجعلون تركيا هدفا يستهدفون أيضا التركمان في العراق، بحسب الكاتب.

فترة حرجة

وأشار دومان إلى أن "ما حدث  (في 3 مارس/آذار 2023) بكركوك ليس مصادفة، فاغتيال أحمد طاهر، ضابط الأمن السابق في الجبهة التركمانية العراقية، المعروفة كأكبر منظمة سياسية تركمانية في البلاد، من قبل منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية (رغم أنه لم يعترف بذلك)، أظهر ذلك بالضبط". 

ولفت إلى أن "هذا الاغتيال، الذي وقع في كركوك في مثل هذه الفترة الحرجة، هو رسالة إلى كل من التركمان وتركيا". 

ويُشار إلى أن عملية الاغتيال وقعت بعد العملية التركية في سنجار ضد ثلاثة مسؤولين كبار مزعومين في حزب العمال الكردستاني "بي كا كا". 

وذكر الكاتب أن "اغتيال طاهر مرة أخرى أثبت شرعية عمليات أنقرة ضد حزب العمال الكردستاني في العراق، فهذه العمليات مهمة ليس فقط لحماية الحدود الوطنية لتركيا وأمنها، ولكن أيضا لاستقرار العراق وسيادته".

وأضاف "من المعروف منذ بعض الوقت أن حزب العمال الكردستاني كان في هيكل المراكز في مدن العراق، وأصدر المسؤولون التركمان في كركوك بيانات حذروا فيها إدارة بغداد من وجود حزب العمال الكردستاني في المدن". 

وعلق الكاتب: "من أجل استقرار العراق، يتحتم عليها أن تطرح مفهوم الكفاح المشترك والشامل ضد الإرهاب، والدولة التي يمكن أن تتعاون معها بشكل وثيق هنا هي تركيا". 

وشدد على أن "العراق يجب ألا يضحي بكركوك أو التركمان لصالح حزب العمال الكردستاني، الذي أصبح (أداة في يد فصائل مختلفة) وينفذ أجندة الآخرين". 

وتابع دومان: "وإلا فإن حزب العمال الكردستاني يمكن أن يكون آفة أكبر بكثير للعراق مما يعرفه ويتوقعه".