مسار أمني جديد للصين بعد نجاحها في الوساطة بين السعودية وإيران.. ما القصة؟

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

بعد  سنين طويلة من كونهما الخصمين الأكبرين في منطقة الشرق الأوسط، وقعت السعودية وإيران اتفاقا في العاصمة الصينية بكين، أعلنتا من خلاله استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

ورأت صحيفة "تشاينا ديلي" أن هذا الاتفاق أسهم في تعزيز صورة الصين، باعتبار جهودها معززة للأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، ما يدعم بشكل واضح "مسارها الأمني الجديد"، الذي يعود بالربح على جميع الأطراف.

وساطة بكين

وبدعم من الصين، أجرت السعودية وإيران حوارا في الصين، في الفترة من 6 إلى 10 مارس/ آذار 2023. 

وفي اليوم العاشر من الشهر، أصدرت الأطراف الثلاثة بيانا مشتركا، أُعلن فيه عن الاتفاق الذي توصلت إليه السعودية وإيران، ويفيد باستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والتعاون في مختلف المجالات.

ويرى العديد من الخبراء في شؤون الشرق الأوسط، أن "جهود الصين في التوصل إلى اتفاقية بكين يظهرها كمعزز للأمن والاستقرار في الشرق الأوسط". 

إضافة إلى كونها شريكة في التنمية والازدهار، وداعمة للوحدة وتحسين الذات، كما يظهرها كدولة كبرى مسؤولة عن الأمن في العالم، حسب "تشاينا ديلي" .

وتنقل الصحيفة  عن خبراء سياسيين أن الإنجازات الرئيسة للحوار السعودي الإيراني لا تخدم فقط الاحتياجات المشتركة لمصالح الجانبين، بل إنها تسهم كذلك في الترويج النشط للصين.

وتؤكد أن تلك المحادثات أثبتت أن "الصين تتمتع بعلاقات ودية واسعة مع دول الشرق الأوسط، وتمتلك ميزة فريدة في التعامل مع النقاط الساخنة والقضايا الحساسة في الشرق الأوسط".

وأشار نيو شين تشون، مدير قسم الشرق الأوسط التابع لمعهد الصين للعلاقات الدولية المعاصرة، إلى أن "تعزيز السلام هو موقف الصين الثابت بشأن القضايا الدولية الساخنة". 

ويعتقد أنه "على عكس بعض الدول الغربية، فقد نجحت الصين في إقامة علاقات ودية مع دول في الشرق الأوسط".

وأكد أنها "لا تنحاز إلى أي جانب أو طرف، مما يجعلها صادقة في دورها كوسيط".

وتابع: "الوساطة الصينية الناجحة بين المملكة العربية السعودية وإيران هذه المرة ليست مصادفة، فقد تمسكت الصين منذ فترة طويلة بموقف عادل وصادق، مما جعلها وسيطا تثق به جميع الأطراف". 

وفي السياق ذاته، تؤكد الصحيفة على صدق نوايا الصين تجاه السلام العالمي.

وأضافت: "تقترح الصين وتعزز المبادرات الأمنية العالمية لتكون فعالة، وتلتزم بمفهوم أمني مشترك وشامل وتعاوني ومستدام".

وأكملت: "تدعو الصين إلى مسار أمني جديد يتميز بالحوار بدلا من المواجهة، والشراكة بدلا من التحالف، والفوز للجميع بدلا من الخسارة". 

تعزز سيادة المنطقة

وفيما يتعلق بقضية الشرق الأوسط على وجه الخصوص، أوضحت الصحيفة أن "الصين ترحب وتدعم دول المنطقة وسيادتها، ولا سيما المملكة العربية السعودية وإيران".

وتهدف بذلك إلى "إجراء محادثات أمنية، تساعد في بناء هيكل أمني للشرق الأوسط بشكل مستقل، يتوافق مع الواقع الإقليمي ويأخذ مصالح جميع الأطراف في الاعتبار".

ويشير دينغ لونغ، المتخصص في دراسات الشرق الأوسط، إلى أن الرئيس شي جين بينغ زار المملكة العربية السعودية في ديسمبر/ كانون الأول عام 2022.

كما دعا الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لزيارة الصين في فبراير/ شباط 2023 من العام ذاته.

ويوضح الخبير السياسي أنه منذ عام 2019، عقدت الصين منتديين لأمن الشرق الأوسط.

وفي هذا السياق، كتب دينغ لونغ: "لقد مهدت هذه الإجراءات الدبلوماسية الطريق أمام الصين لتعزيز المصالحة بين طهران والرياض بنجاح".

وأضاف: "يمكن القول إن هذا الحوار هو ممارسة ناجحة للتنفيذ الفعال للمبادرات الأمنية العالمية".

وتؤكد الصحيفة أن "بكين تحترم مكانة الدول في الشرق الأوسط، وتعارض المنافسة الجيوسياسية في المنطقة".

وتابعت: "تؤمن الصين دائما بأن مستقبل الشرق الأوسط يجب أن يكون في أيدي دول المنطقة، كما أنها تدعم الشعوب في استكشاف مسارات التنمية بشكل مستقل".

وشددت الصحيفة على دعم الصين لدول الشرق الأوسط في حل الخلافات من خلال الحوار والتشاور، وتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة.

كما ذكر وو سيكي، المبعوث الصيني الخاص السابق للشرق الأوسط والسفير السابق لدى السعودية ومصر، أن هناك تاريخا طويلا من العلاقات بين الصين ودول الشرق الأوسط، مؤكدا على تزايد نفوذ الصين الدولي.

شرق أوسط أكثر سلاما

وأشار وو سيكي إلى أن إيران والسعودية اتخذا خطوة تاريخية، حيث أوضحا خارطة الطريق والجدول الزمني لتحسين العلاقات.

وأضاف: "لقد أصبح وضع إيران والسعودية نموذجا لدول المنطقة في حل النزاعات والخلافات من خلال الحوار والتشاور، وتحقيق حسن الجوار والصداقة".

وأكد وو سيكي أن هذا الأمر "سيساعد دول المنطقة على التخلص من التدخلات الخارجية".

وتابع: "أعتقد أن الشرق الأوسط من أكثر المناطق تعقيدا في العالم، وتثبت المصافحة بين السعودية وإيران أنه مهما كانت المشاكل معقدة، فطالما أننا نجري حوارات تسودها روح التفاهم المتبادل والاحترام، سنكون قادرين على إيجاد حل مقبول للطرفين".

وفي الختام، تنقل الصحيفة رأي المتخصص في قضايا الشرق الأوسط دينغ لونغ حول البداية الجديدة التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط الآن.

ففي رأيه، ستستمر دول الشرق الأوسط في تعزيز روح الاستقلال، وتقوية التضامن والتعاون، والعمل معا لبناء شرق أوسط أكثر سلاما واستقرارا وازدهارا.

كما أضاف أن "الصين ستستمر في لعب دور بناء في التعامل بشكل صحيح مع القضايا الساخنة في العالم وفقا لرغبات مختلف الدول"، مؤكدا أنها قوة عظمى يمكنها تولي زمام الأمور.