بتسلئيل سموتريتش.. وزير إسرائيلي متطرف منبوذ داخليا وتصفه واشنطن بالغبي

حسن عبود | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

على مدار الأسابيع الأخيرة، جذب وزير المالية الإسرائيلي "بتسلئيل سموتريتش" الأضواء حوله بعد تصريحات وتهديدات عديدة أطلقها ضد الفلسطينيين وصل صداها إلى الدول العربية والغربية.

وكان أبرز ما أثار موجة غضب دولية ضد سموتريتش، قوله مطلع مارس/ آذار 2023، أن "قرية حوارة يجب أن تُمحى، وأعتقد أن على دولة إسرائيل أن تفعل ذلك لا أفراد عاديون (مستوطنون)". 

وجاء تعليقه بعد أن شهدت بلدة حوارة وعدد من القرى في محيط مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية، هجمات غير مسبوقة من قبل مستوطنين إسرائيليين في 26 فبراير/ شباط 2023.

وأسفرت تلك الهجمات عن استشهاد فلسطيني وإصابة العشرات وإحراق وتدمير عشرات المنازل والسيارات الفلسطينية، وذلك بعد مقتل مستوطنين اثنين في إطلاق نار على سيارة كانا يستقلانها قرب البلدة.

ووصل الغضب الدولي ضد سموتريتش إلى حد تردد واشنطن في إعطائه تأشيرة دبلوماسية في 12 مارس 2023، للمشاركة في مؤتمر اقتصادي تنظمه منظمة صهيونية، مع تأكيدها أنه لن يلتقيه أي مسؤول أميركي بسبب تصريحاته عن حوارة.

مستوطن متطرف

ولد سموتريتش في مستوطنة حسفين الدينية في مرتفعات الجولان شمال الأراضي المحتلة لكنه نشأ في مستوطنة بيت إيل بالضفة الغربية.

كان والده حاخاما أرثوذكسيا وتلقى تعليما دينيا، وخلال خدمته القصيرة في الجيش الإسرائيلي، شغل بتسلئيل سموتريتش منصب سكرتير قسم العمليات في هيئة الأركان العامة.

حصل على درجة البكالوريوس في القانون من كلية أونو الأكاديمية الإسرائيلية، وبدأ درجة الماجستير في القانون المدني والدولي من الجامعة العبرية في القدس، ولم يكمل دراسته.

يعيش سموتريتش، وهو يهودي أرثوذكسي، خارج مستوطنة كدوميم بالضفة الغربية مع زوجته ريفيتال وأطفالهما السبعة، وفق موقع "i24 news" العبري في 29 ديسمبر/ كانون الأول 2022.

واعتقل سموتريتش، المدافع المتشدد عن الدولة اليهودية عام 2005 خلال احتجاجات ضد تفكيك المستوطنات الإسرائيلية والانسحاب من قطاع غزة.

وسجن لمدة ثلاثة أسابيع بعد العثور في بيته على 700 لتر من الوقود، بهدف تنفيذ أعمال تخريبية، لكن أفرج عنه دون توجيه اتهام.

ويعد مدير وأحد مؤسسي "جمعية رغافيم" اليمينية المتطرفة العنصرية، التي تلاحق الفلسطينيين في مناطق 48 و67، وخاصة في مجال الأراضي والبناء.

وتحث هذه المنظمة، السلطات الحكومية، على استصدار أوامر هدم بيوت عربية، بحجة البناء غير المرخص، ويبرز نشاطها العنصرية في منطقتي النقب والمثلث.

وفي عام 2006، ساعد في تنظيم ما سمي وقتها "موكب الوحش" كجزء من الاحتجاجات ضد مسيرة "فخر المثليين" في القدس، على الرغم من أنه أعرب لاحقا عن أسفه لذلك.

وفي يونيو/ حزيران 2019، شن حملة للحصول على وزارة القضاء الإسرائيلية، بهدف "استعادة نظام عدالة التوراة".

وهو ما دفع رئيس الوزراء آنذاك بنيامين نتنياهو إلى الابتعاد عنه وتعيين أمير أوحانا، وهو شاذ الجنس في العلن، بدلا عنه في ذلك المنصب.

وانتخابات نهاية 2022، حصد تحالف "الصهيونية الدينية" الذي يقوده كل من إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش 14 مقعدا.

وحصل سموتريتش على حقيبة المالية لمدة عامين ثم يتركها لفترة مماثلة زعيم حزب "شاس" اليميني الديني أرييه درعي.

وسموتريتش أيضا وزير بوزارة الجيش مسؤول عن الإدارة المدنية وهي الذراع التنفيذية للحكومة الإسرائيلية بالضفة الغربية، 

و​​وصل إلى الكنيست (البرلمان) للمرة الأولى في انتخابات 2015، وبعد نحو سبع سنوات أصبح أحد الوزراء البارزين في أكثر حكومة يمينية شهدتها إسرائيل على الإطلاق.

أدواره ومهامه 

وبحسب موقع i24news، لعب سموتريتش دورا رئيسيا في التشريع الإسرائيلي لإضفاء الشرعية على "ضم الضفة الغربية".

كما ترك بصماته على قانون يمنع دعاة حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات العالمية (BDS) من زيارة الأراضي المحتلة.

ويعمل اليوم بكل قوته لجعل القوانين الدينية اليهودية المعروفة باسم "هالاخا" مصدرا للقانون في إسرائيل.

ومع اتساع نطاق المواجهات في الضفة الغربية، ينتهج الوزير اليميني المتطرف سياسةً تؤدي إلى ضم الأراضي بحكم الأمر الواقع، ومن غير الواضح ما إذا كان نتنياهو سيوقف هذه الطموحات.

وفي ديسمبر/ كانون الأول 2022، منح نتنياهو صلاحيات دراماتيكية واسعة لزعيم حزب لسموتريتش في الضفة الغربية المحتلة استنادا إلى الاتفاق الائتلافي قبل تشكيل الحكومة.

ووفق ما قال موقع "تايمز أوف إسرائيل" والقناة 12 العبرية في 23 ديسمبر، تشمل الإجراءات تعزيز سيطرة إسرائيل على الضفة الغربية المحتلة.

كذلك ينصّ الاتفاق على منح المستوطنين في الضفة المحتلة تسهيلات ضريبية بحجة أنهم يعيشون في مناطق "ذات مستوى عالٍ من المخاطر الأمنية".

وهنا أصبح "يحقّ لهم الحصول على مزايا ضريبية، على غرار سكان المستوطنات الأخرى المهددين"، في إشارة إلى المستعمرات المحاذية لقطاع غزة المحاصر.

وبموجب اتفاق الائتلاف اليميني، جرى منح سموتريتش "المسؤولية المدنية" على منسق الأنشطة الحكومية في المناطق (COGAT)، وهي وحدة مدنية عسكرية مختلطة، ما يعني أنه مسؤول عن إصدار تصاريح البناء في الضفة الغربية.

وبحسب ما نشرت صحيفة تايمز أوف إسرائيل في 23 يناير/كانون الثاني 2023، يسمح اتفاق الائتلاف أيضاً لسموتريتش بتعيين الجنرالات الذين يترأسون مكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق والإدارة المدنية، ومكتب COGAT الذي يشرف على العديد من قضايا المستوطنات، رهناً بموافقة نتنياهو.

لكن من غير الواضح ما إذا كان الجيش سيوافق على مثل هذا التغيير وسط خلافات مستمرة بين المؤسسة العسكرية والأمنية وبين سموترتش وإلى جانبه رفيقه وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير.

وقالت الصحيفة إن الصلاحيات تشمل إجراءات التخطيط والبناء الخاصة بالفلسطينيين والمستوطنين في الضفة.

هذا بالإضافة لإجراءات خاصة بهدم المباني الفلسطينية في المناطق المصنفة C، وصلاحيات تعيين واختيار المنسق ومسؤول الإدارة المدنية، التي كانت بمثابة صلاحيات حصرية لوزير الجيش منذ الاحتلال عام 1967. 

بدورها، قالت صحيفة "هآرتس" العبرية إن سموتريتش ينوي إحداث انقلاب في الضفة الغربية، خاصة في مجالات مضاعفة البناء الاستيطاني.

وأشارت في 5 ديسمبر 2022، إلى أن الاتفاق يمنح سموتريتش الصلاحية الحصرية في الإشراف والمصادقة على البناء في الضفة.

قالوا عنه

يقول عن سموتريتش موقع i24 news العبري إنه "صاحب شخصية مثيرة للجدل لكنه أصبح لاعبا رئيسا في المشهد السياسي الإسرائيلي".

وأردف: "لا يفتقر لا إلى الطموح ولا الجرأة، وهو لا ينوي البقاء في ظل نتنياهو، كما أثبتت المفاوضات الساخنة في الأسابيع الأخيرة (قبل تشكيل الحكومة) حول حقائب وزرائه المستقبلية". 

واستدرك بالقول: "لكن اليوم، أفكاره الراديكالية حول القضايا الأمنية والاجتماعية تبعث الكثير من القلق وسط العديد من أبناء المجتمع الإسرائيلي".

وبعد حديثه عن حوارة، اعتبر المتحدث السابق باسم الخارجية الأميركية نيد برايس تصريحات سموتريتش، "بغيضة وغير مسؤولة ولا لائقة ومثيرة للاشمئزاز".

وحث برايس في بيان رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو وكبار المسؤولين تحت قيادته على التنصل من تصريحات سموتريتش "علنا وبوضوح" كونها "تصل إلى حد التحريض على العنف".

بدوره، وصف السفير الأميركي في إسرائيل "توم نايدس" سموتريتش بـ "الشخصية الغبية"، مضيفا "سيسافر إلى واشنطن ولو صادفته لألقيته من الطائرة"، وفق تعبيره.

كما هاجم الوزير الأسبق لجيش الاحتلال موشيه يعالون، سموترتش وزميله المتطرف إيتمار بن غفير وفق ما نقلت صحيفة معاريف.

واستنكر يعالون خلال لقاء له وقتها في مدينة بئر السبع: "جلوس كل من سموتريتش وبن غفير في مجلس الوزراء".

واتهمهما بأنهما “لا يفكران في الأمن، ليس لديهما خبرة فيه، لقد حصلا على المقاعد من خلال خطاب مليء بالكراهية، والرقص على الدم”. 

وعلى المنوال نفسه، حذر قائد أركان جيش الاحتلال الأسبق "غادي أيزنكوت" مبكرا من مغبة تعيين سموتريتش في الحكومة وبمنصب في الجيش.

وقال أيزنكوت في مقابلة تلفزيونية الليلة على القناة "12" العبرية في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، إن تعيين شخصية مثل "سموتريتش" بوزارة الجيش تنطوي عليها مقامرة كبيرة على مستقبل أمن إسرائيل.

وعلل ذلك بانعدام خبرة سموتريتش العسكرية وأنه خدم في الجيش لفترة قصيرة جداً ولا يمكنه إدارة التحديات الكبيرة التي تواجهها إسرائيل.

وأضاف قائلا، "هذه مقامرة ليس فقط بسبب حقيقة قيامه بخدمة جزئية في الجيش ولكن لانعدام خبرته المهنية بهذا المجال".

وأردف: "اطلعت خلال العشرين عاما الأخيرة على أسلوب اتخاذ القرار في إسرائيل على المستوى الإستراتيجي، حسب رأيي فهو لا يملك المعرفة الأساسية للتأقلم مع التحديات الهائلة التي تواجهها المنظومة الأمنية".

غير مرحب به

ووصل سموتريتش إلى واشنطن، في 12 مارس 2023، للمشاركة في مؤتمر اقتصادي تنظمه منظمة "إسرائيل بوندز" الاقتصادية الإسرائيلية.

ووافقت الولايات المتحدة بعد تردد على منحه تأشيرة دبلوماسية لدخول أراضيها ولكن وسائل إعلام عبرية وأميركية أشارت في الأيام الأخيرة إلى أنه لن يلتقيه أي مسؤول أميركي بسبب تصريحاته عن حوارة.

وقالت صحيفة "هآرتس" في ذات اليوم: "بينما توقفت إدارة (الرئيس الأميركي جو) بايدن في النهاية عن اتخاذ الخطوة غير المسبوقة المتمثلة في رفض منح سموتريتش تأشيرة دخول، فإنه لن يلتقي أي مسؤول أميركي معه أو يخاطب المؤتمر بسبب حضوره".

وأضافت: "تصريحاته المدانة على نطاق واسع، إلى جانب سجله الراسخ بالفعل في العنصرية المعادية للعرب وكراهية المثليين (الشواذ) والنساء وكراهية الطوائف اليهودية غير الأرثوذكسية، دفعت العشرات من القادة والمنظمات اليهودية الأميركية إلى التنصل منه والتعهد بحرمانه من منصة في الولايات المتحدة".

ولفتت إلى أن إحدى المظاهرات نظمتها شبكة إسرائيل التقدمية، التي تتألف من 12 منظمة أميركية يهودية مكرسة لمتابعة "الديمقراطية" في تل أبيب، والتي هتفت "لا لسموتريتش، لا للكراهية".

وتابعت: "بينما ركز المحتجون الإسرائيليون إلى حد كبير هتافاتهم المعادية لسموتريتش على خطابه العنصري والانقلاب القضائي المستمر، أثار العديد من المتحدثين التقدميين بشكل واضح قضية الفلسطينيين ومعاملتهم في ظل الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية".

وبدورها، انتقدت "رابطة حقوق الإنسان" في فرنسا، في 14 مارس، زيارة خاصة يجريها سموتريتش إلى باريس في التاسع عشر من ذات الشهر، وأكدت أنه "غير مرحب به"، منددة بشخصيته "الاستعمارية، والمعادية للعرب".

ودعي وزير المالية المثير للجدل إلى باريس للمشاركة بأمسية تكريماً لجاك كوبفر الناشط الصهيوني الراديكالي والرئيس السابق لحزب الليكود (يرأسه نتنياهو) في فرنسا. وتقيم الحدث مجموعات صغيرة متطرفة مثل "رابطة الدفاع عن اليهود".

وأشارت "رابطة حقوق الإنسان"، في بيان، إلى أن سموتريتش المسؤول أيضا عن الشؤون المدنية في الضفة الغربية المحتلة، مدافع شرس عن "إسرائيل الكبرى" وهو نفسه مستوطن، ولفتت إلى مواقف الوزير "العنصرية".

وأكد البيان أنّ "سموتريتش يعارض بشكل أساسي إقامة دولة فلسطينية ويريد إخضاع النظام القانوني الإسرائيلي للتوراة".

وفي مواجهة هذه الموجة من العنصرية المتعصبة وإنكار الحقوق الأساسية تعرب رابطة حقوق الإنسان عن استيائها وإدانتها لكل ما تمثله هذه الشخصية، بحسب البيان.

وندّد يوناثان أرفي رئيس المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا "سي ار اي اف"، في 13 مارس، "بخطابات كراهية وشعبوية في النقاش العام الإسرائيلي، حتى على لسان بعض الوزراء الحاليين".

وقالت وزارة الخارجية في باريس لدى سؤالها عن هذه الزيارة الخاصة إنها لن تتواصل مع الوزير، بحسب ما نشرت وكالة الأنباء الفرنسية.

وفي 10 فبراير 2023، طالبت لجنة الجالية اليهودية في بريطانيا، بطرد عضو الكنيست سموتريتش من البلاد وعدم استقباله، كما رفضت مقابلته وأبلغته بأنه "غير مرحب به".

وأوضحت في بيان لها أن "أيديولوجية عضو الكنيست تثير الكراهية ونرفض مواقفه المتطرفة والحقيرة، وندعو أعضاء الجالية اليهودية كافة إلى مقاطعته وإعادته إلى الطائرة، لأنه شخصية غير مرغوب بها".

وبحسب صحيفة "هآرتس" العبرية، فإن سموتريتش أقلع قبلها بيوم، من "تل أبيب" إلى لندن لحضور اجتماع كبار أعضاء الجالية اليهودية، إلا أنه فوجئ برد فعل اللجنة المسؤولة بعدم الترحيب به.