"صباح": تركيا أمام تحديات جديدة.. هل تنتهي بانتخابات مبكرة؟

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "صباح" التركية، مقالا للكاتب محمود أوفور، سلط فيه الضوء على مدة 4 سنوات مقبلة تشهدها تركيا بدون انتخابات،  قد تكون مهمة في حل المشكلات الداخلة والخارجية التي تواجه البلد، وعلى رأسها الحديث عن نظام سياسي جديد وظهور أحزاب جديدة.

وقال الكاتب: إن "تركيا، في الأساس، ستكون بلا انتخابات لمدة 4 سنوات مقبلة، لكن مع التغيرات المتسارعة في البلاد، تبدو هذه المدة مستحيلة، ولاسيما مع المشاكل التي تحيط بتركيا بكل جانب، سواء المشاكل الداخلية ومسألة خروج أحزاب جديدة، أو أزمة الصواريخ الروسية واعتراض واشنطن عليها وكذلك قضية التنقيب عن الغاز واعتراض نحو 7 دول عليها من بينها الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وغيرها، وهذا يتطلب موقفا قويا من الرئيس أردوغان تجاه هذه كله".

ورأى أنه "من الواضح أنه لا توجد فجوة في السياسة من حيث ناحية اجتماعية أو إيديولوجية؛ هناك أيضا العديد من الأحزاب القديمة والجديدة التي لا يمكنها الدخول إلى البرلمان ولكنها تُسمع أصواتها في كل انتخابات، ومن ذلك حزب السعادة، والذي تسمع صوته في كل ركن وزاوية".

المشكلة الحقيقية

وأشار الكاتب إلى أن "المدة المقبلة، لتركيا، 4 سنوات، ستكون بدون انتخابات، سيتاح للبلاد التقاط الأنفاس، وستكون الفترة المقبلة، متاحة من أجل التفكير بالوضع الداخلي لتركيا والعمل على حل هذه المشاكل".

لكن، يبدو أن ذلك لن يحدث، يقول الكاتب، لأن هناك مقاومة قوية ضد إضفاء الطابع المؤسسي على النظام الجديد، مع اتخاذ خطوات مهمة في العديد من المجالات من الاقتصاد والقانون والتعليم، والمعارضة لا تدعم ذلك.

وأكد أن "الشيء نفسه ينطبق على المشاكل الخارجية؛ بدءا من أزمة الصواريخ الروسية (أس- 400)، وكذلك مسألة التنقيب عن الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط، إضافة إلى قضية المسألة السورية سواء داخل تركيا أو خارجها، وأيضا العلاقة مع الاتحاد الأوروبي".

ولفت الكاتب إلى أن "مشاكل من كل جانب ومن كل طرف لن تنتهي حتى مع المفاوضات العميقة التي ستبدأ الشهر المقبل والمتعلقة بشرق الفرات وإدلب على الحدود مع سورية؛ ولاسيما أن القوات المسلحة التركية على أهبة الاستعداد والتعزيزات تأتي من شانلي أورفة بشكل مستمر ومتواصل تشمل دبابات وقوات خاصة وغيرها من الإمدادات".

وشدّد الكاتب على أن "ما سبق ليست مشاكل حقيقية، إن المشكلة الحقيقة هي الحديث عن نظام سياسي جديد وخروج أحزاب من رحم أحزاب أخرى والنقاش حول ذلك كله؛ وإلا، ما معنى استياء حزب العدالة والتنمية من علي باباجان، الذي يقف وراءه الرئيس السابق عبد الله غل، في ظل أنه كما ذكر هناك أربع سنوات بدون انتخابات في تركيا".

وجوابا على التساؤل، قال الكاتب: "الجواب واضح، فإن حشر تركيا في الزاوية، جعل الدولة تلهث، دون أن تمنحهم فرصة التقاط الأنفاس، ومنعهم من حل أي مشكلة".

وطرح الكاتب تساؤلات أخرى بالقول: هل سيدعم الحزب الجديد الذي سيؤسسه باباجان مكافحة تنظيم الكيان الموازي الإرهابي الذي قام بمحاولة الانقلاب الفاشلة في 15 تموز (يوليو) 2016؟ وماذا سيكون موقفه من الأزمات التي تشهدها العلاقات التركية ـ الأمريكية؟ وهل سيؤيد الخطوات التي تتخذها تركيا في البحر الأبيض المتوسط من أجل الحفاظ على مصالحها ومصالح القبارصة الأتراك؟ وهل سيتحالف مع حزب الشعب الجمهوري وغيره في الانتخابات ضد حزب العدالة والتنمية؟

طموحات المعارضة

وزاد قائلا: "مع ذلك، على الرغم من جميع المشاكل هذه والأزمات المتلاحقة وحزب العدالة والتنمية في بعض المدن الرئيسية في انتخابات البلديات في 31 مارس/آذار الماضي إلا أنه ومع 52 بالمائة من الأصوات، كان التحالف بين حزب العدالة والتنمية والحركة القومية قادرا على الحفاظ على سلطته؛ وللمرة الأولى، اكتشف إطارا زمنيا ينتج عنه حلول دون تدخل خارجي".

وتابع: "نعم، اقتربت المعارضة من الأغلبية البسيطة (50 بالمائة +1) أكثر مما اقترب في أي وقت مضى؛ في حين أن المعارضة يجب أن يكون دوافعها الأولى هي انتاج سياسات جديدة وشاملة وبديلة، لكن وللأسف، المعارضة في تركيا على هندسة سياسة، تعمل فقط على خسارة حزب العدالة والتنمية لأصواته وللأغلبية التي يتمتع بها.

وبرأي الكاتب، فإن هذا يعني أن المعارضة مستعدة لإعطاء كل طاقاتها تقريبا للحزب الجديد، الذي سيحصل على نقاط قليلة من حزب العدالة والتنمية، فمن ناحية هناك عبد الله غل ومن ناحية أخرى هناك زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو. ليس هذا فحسب، بل هناك خطط تجري، في الخفاء وتحت الطاولة، وفق ما وصفه الكاتب، قائلا: "هناك هندسة سياسية تتراوح بين الاجتماعات المنزلية واليخوت الخاصة".

واستدرك قائلا: "لكن هناك بعض الحقائق التي لا يأخذونها في الاعتبار؛ الأول هو حقيقة أنهم يواجهون الزعيم القوي، الرئيس أردوغان، الذي يعرّفهم بموقعهم الحالي؛ وفي المقام الثاني وجود أكرم إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول، والذي له طموح سياسي لا يخفى على أحد، والذي ينظر إليه كرمز وأمل وصاحب كاريزما، وعندما ننظر إلى هذه الصورة، من المفهوم أن هدفهم في بداية العملية ليس أن يكون في السلطة، ولكن لمنعه منها".

واستطرد الكاتب: "على الرغم من هذا حله، فهي حسابات معقدة، فما الذي سيتغير في تركيا خلال 4 سنوات ستكون بدون انتخابات، وكذلك، ما الذي سيطرأ على حزب الشعوب الديموقراطي سواء من ناحية الصراع على المنظمة أو على إستراتيجية الحزب، وأيضا الأحزاب المنضوية تحت تحالف الأمة وهو تحالف المعارضة".

انتخابات مبكرة

في كواليس السياسة، يقول الكاتب، سيختار علي باباجان ورفاقه التوجه لانتخابات مبكرة، أي لن تمضي الأربع سنوات بدون انتخابات، سيتم مناقشة كل هذه القضايا المرتبطة ببعضها البعض، سواء الصواريخ الروسية وكذلك التنقيب عن الغاز في المتوسط في البحر الأبيض المتوسط؛ إضافة للقضايا الداخلية التركية.

وتابع الكاتب: "سنرى في أي خطوة سيرد أردوغان على هذا التوقع. ولكن ما قاله بالفعل عن الخارجين عن الطريق يروي الكثير لأولئك الذين يريدون أن يفهموا: من يؤسس حسابته وفق اتجاه الربح يخسر".

وكان علي باباجان، خرج الاثنين الماضي ببيان أعلن فيه استقالته من حزب العدالة والتنمية، ليغادر الحزب الذي شارك في تأسيسه وتولى تحت حكمه مناصب عديدة، مثل وزير الخارجية، ووزير الدولة المسؤول عن الاقتصاد، ونائب رئيس الوزراء، إضافة إلى كبير المفاوضين في محادثات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. وكانت هذه الاستقالة متوقعة في ظل أنباء تشير إلى استعداد رئيس الجمهورية السابق، عبد الله غل، لتأسيس حزب سياسي جديد بمشاركة باباجان.

ووفق مراقبين، فعلى الرغم من أنه ليس متوقعا لأي حزب جديد أن يكون بنفس قوة "العدالة والتنمية" في بداياته فإن ذلك ليس مطمئنا للحزب في ظل حالة الاستقطاب وتقارب الحظوظ في المحطات الانتخابية الأخيرة، وفي ظل توحّد بعض قوى المعارضة مؤخرا.