الغارديان: خلافات داخل النظام الإيراني بسبب الاستفتاء على الدستور

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة "الغارديان" البريطانية الضوء على الخلافات داخل النظام الإيراني بشأن طرح الدستور الحالي للاستفتاء، وسط مطالب شعبية متصاعدة تدفع في هذا الاتجاه.

وبدأت احتجاجات شعبية في إيران، في 16 سبتمبر/أيلول 2022، إثر وفاة مهسا أميني (22 عاما)، بعد 3 أيام من توقيفها من قبل "شرطة الأخلاق" في طهران لانتهاكها قواعد اللباس المحتشم.

ووفق منظمة "حقوق الإنسان في إيران" التي تتخذ من العاصمة النرويجية أوسلو مقرا لها، فقد أدت الاحتجاجات حتى الآن إلى مقتل 122 شخصا على الأقل، بينهم أطفال.

وتقول الصحيفة البريطانية، إن القيادة الإيرانية تقاوم المطالب المتزايدة من رجال الدين وبعض السياسيين الإصلاحيين لإجراء استفتاء جديد على دستور البلاد.

وفي الوقت نفسه، يصر برلمانيون يتسمون بالتشدد على أن الرد الوحيد على الاضطرابات الأخيرة التي تجتاح البلاد هو إعدام المتظاهرين الممارسين للعنف.

وترى الصحيفة أن الصراع داخل أروقة نظام الحكم في إيران هو سبب إصدار الحكومة الإيرانية رسائل متضاربة حول كيفية التعامل مع المظاهرات، التي تعم البلاد منذ أسابيع.

أما على أرض الواقع، فقد مضت قوات الأمن الإيرانية في حملة قمع شديدة واعتقلت ما يقرب من 10 آلاف شخص، بينهم 60 صحفيا، وفق الصحيفة البريطانية.

وتضيف "الغارديان" أن "بعض كبار المسؤولين في النظام الإيراني– صاحب الوجوه المتعددة- ذهبوا في الأيام الأخيرة إلى حرم بعض الجامعات".

ووفق التقرير، فإن هؤلاء المسؤولين حاولوا فتح حوار مع الطلاب المحتجين، ملقين باللوم في مشكلات البلاد على الإدارة السابقة بقيادة الرئيس، حسن روحاني.

كما يواجه الطلاب المسؤولين بمطالبهم، التي تتضمن الإفراج عن مئات الطلاب والمعلمين الذين ما زالوا قيد الاعتقال.

ثورة بلا قيادة

ويضيف التقرير أن موجة غضب اجتاحت الطلاب عندما حث 220 من أعضاء البرلمان الإيراني، السلطة القضائية بالبلاد، على التعامل بحزم مع المسؤولين عن الاحتجاجات، وهي الصياغة التي فُهمت على أنها مطالبة للحكم عليهم بالإعدام.

وللتخفيف من هذا التصريح الحاد، قال البرلمان الإيراني، إن "وسائل الإعلام الغربية أساءت تفسير دعوتنا"، مبينا أنه يجب التمييز بين الاحتجاجات وأعمال الشغب"، وأنه لا يمكن التعامل بهدوء مع مَن تورطوا بالدماء.

وكان المتحدث باسم السلطة القضائية في إيران، مسعود ستایشی، قد صرح في مؤتمر صحفي، أنه جرى تقديم دعاوى قضائية ضد 1024 محتجا في طهران.

وتصف الصحيفة الاحتجاجات الجارية في إيران بأنها "ثورة تفتقر للقيادة إلى حد بعيد"، مشيرة إلى مطالبة رجال الدين وبعض الطلاب للنظام، بمحاولة حل الأزمة من خلال إجراء استفتاء فوري على الدستور، بحضور مراقبين دوليين.

وتورد الصحيفة البريطانية أن الثورة الإيرانية عام 1979، مُررت عبر استفتاء بسيط، سُئل فيه الإيرانيون الذين تزيد أعمارهم عن 16 عاما: "هل يجب أن تكون إيران جمهورية إسلامية؟"

وتضيف أن أول من أطلق الدعوة لإجراء استفتاء جديد كان خطيب وإمام أهل السنة في زاهدان الإيرانية، مولوي عبد الحميد إسماعيل.

إذ قال إسماعيل إنه "يجب على المسؤولين والحوزات العلمية في قم أن تسمع صوت الشعب الإيراني"، كما أشار إلى الاحتجاجات قائلا إن "هؤلاء الناس، نزفوا الدم وسقط بينهم ضحايا، لا يمكنكم إرغامهم على التراجع".

وأردف: "معظم الناس مستاؤون من الأوضاع. وإذا لم تقبلوا هذه الحقيقة، أجروا استفتاء بحضور مراقبين دوليين، واقبلوا النتيجة"، مؤكدا أن السياسات الحالية للنظام "وصلت إلى طريق مسدود".

وأضاف شيخ السنة بإيران أن "هذا الدستور نفسه جرت الموافقة عليه قبل 43 عاما، وقد توفي جميع من كتبوه، وجاء جيل آخر. يجب أيضا تغيير هذا القانون (قانون التمييز ضد المرأة) وتحديثه، فالعديد من بنوده غير مواكبة للعصر".

كما أكد أن "هذه ليست المرة الأولى التي يُطالَب فيها بطرح هذا القانون للاستفتاء، ولكن لسوء الحظ لم يحدث أي شيء، وحتى إن القانون الموجود منذ 43 عاما لم يُنفذ بشكل صحيح".

ويذكر التقرير أن دعوة "إسماعيل" لاقت صدى إيجابيا لدى حزب "اتحاد شعب إيران" الإسلامي، بزعامة السياسية الإصلاحية، آذر منصوري، التي عدت أن "الافتقار إلى الشرعية السياسية هو أوضح تهديد للأمن القومي للبلاد".

تأييد متزايد للاستفتاء

وخاطبت منصوري دوائر الحكم في إيران قائلة: "هل تريدون إجراء تغييرات تكتسب المشروعية؟ لا تتجاهلوا المشكلة".

وأردفت: "افهموا سبب تظاهر الشعب، واسألوا أنفسكم: هل هناك أي طريقة أخرى غير الانتخابات الحرة ووجود مجتمع مدني مستقل؟"

من جانبه، أوضح العضو الإصلاحي في حزب "المشاركة" الإسلامي حسين نوراني نجاد، أن "تأييد الاستفتاء يتزايد يوما بعد يوم"، مضيفا أنه قد يكون الفرصة الأخيرة لإيجاد حل إصلاحي في البلاد.

لكن مساعد الرئيس الإيراني للشؤون البرلمانية، محمد حسيني، صرح أنه "لا يمكن إجراء استفتاء على مبادئ نظام الحكم في إيران".

وأضاف المسؤول الإيراني، في جلسة نقاشية مع الطلاب، أن "الاحتجاجات مستمرة منذ 50 يوما، ولا بد من وجود خط أحمر".

وفي مواجهة إضراب الطلاب وتجمعاتهم الاحتجاجية، قال "حسيني" إن "بعض الناس يحاولون إشعال حرب بين الإخوة في بلدنا، وتحويلنا إلى سوريا".

كما هاجم مساعد الرئيس الإيراني، السعودية، قائلا: "هل تعتقدون أن المملكة التي تقتل شبابها المعارضين، تريد تلقين إيران درسا أخلاقيا عبر وسائل إعلامها التي تصطف ضدنا؟"

وتذكر صحيفة الغارديان أن "مجموعة كبيرة من الطلاب تظاهرت أخيرا، في جامعة شريف التكنولوجية بطهران، للاحتجاج على التهديدات والاعتقالات والضغط الممارس على زملائهم".

وقال الطلاب في بيان: "هذه جامعة شريف، هذا ليس سجنا، وليست معتقلا تابعا لأجهزة الأمن والمخابرات في البلاد".

كما طالب البيان السلطاتِ بإنهاء حملة القمع، واحترام استقلالية حياتهم الأكاديمية.

وقالوا: "أفرجوا عن زملائنا، وأوقفوا سياستكم السخيفة، فلا تمنعوا الطلاب من دخول الجامعة، ووفروا مساحة مناسبة لنا للتعبير عن آرائنا داخلها".