قانون "نوبك" لمعاقبة منتجي النفط.. ماذا يمنع واشنطن من توقيعه على السعودية؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

تحدث موقع "راهبرد معاصر" الإيراني عن قرار "أوبك بلس" بالتقليل اليومي من إنتاج البترول، ومدى تأثير هذه الخطوة على العلاقات بين الولايات المتحدة وبين الدول الأعضاء. 

وقال الخبير في الاقتصاد الدولي توحيد ورستان: "تسبب هذا القرار بغضب أميركا بشدة وأصبحت تسعى جاهدة للرد عليه بحزم".

غضب أميركي

واتفقت دول أوبك بلس في 5 أكتوبر/تشرين الأول 2022 على خفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميا، وهذا ضعف ما توقعه المحللون.

ويضم التحالف المذكور 23 دولة (بينها أعضاء أوبك الـ13)، من بينها السعودية وروسيا، ويجتمع بصورة منتظمة لاتخاذ قرارات بشأن حجم إنتاج النفط الخام عالميا.

ويمثل خفض الإنتاج، الذي سيدخل حيز التنفيذ في نوفمبر/تشرين الثاني، حوالي 2 في المئة من إمدادات النفط عالميا.

يقول التحالف إن تخفيض الإنتاج يهدف إلى تحقيق استقرار في أسعار النفط التي تراجعت مع تباطؤ الاقتصاد العالمي.

ردا على ذلك، ذكرت إدارة الرئيس الأميركي "جو بايدن" أن العلاقات مع الرياض تنتظر "إعادة تقييم" فهي تعد حليف واشنطن الإستراتيجي في المنطقة.

كما شدد رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ "بوب مينينديز" مباشرة بعد بيان الاتفاق، على أن يجب على الدول أن تجمد على الفور جميع أوجه التعاون مع المملكة العربية السعودية وهو أمر ضروري جدا. 

ومن ناحية أخرى، تصر الرياض على أن القرار كان اقتصاديا بحتا ويهدف إلى كبح الركود وليس إيذاء الولايات المتحدة أو الانخراط في ملفات سياسية.

وبين الكاتب أن القرار يعد تحديا كبيرا بالنسبة للأميركان وإنجازا بالنسبة للسعوديين. ومن هذا المنطلق، أثار هذا القرار غضب المشرعين وخاصة الحزب الديمقراطي.

ومن ثم عرضوا مطلبهم في الانسحاب الفوري لقواتهم من السعودية والإمارات، وكذلك تفعيل قانون نوبك وهو مقترح تشريعي يقضي بمعاقبة الدول التي تمارس ما يمكن النظر إليه على أنه ممارسات احتكارية مرتبطة بقطاع النفط.

وبين أن واشنطن تبحث عن بديل للبترول الروسي. وزادت أسعار الطاقة بسبب استمرار الحرب في أوكرانيا منذ فبراير/شباط 2022.

وأدت الزيادة الشديدة في سعر الطاقة إلى تضخم في العالم بأكمله، ومن ثم يواجه بايدن ضغطا من قبل الرأي العام والناخبين من أجل خفض سعر البنزين في البلاد قبل الانتخابات النصفية في نوفمبر/تشرين الثاني.

 لكن ستواجه محاولاته في إقناع الرياض بزيادة الإنتاج منعا من ولي العهد محمد بن سلمان الذي يبدو أنه لن يعطي أي نوع من الامتيازات لإنقاذ بايدن، ومن ثم سنشهد فتورا في العلاقات بين البلدين، وفق تقدير الكاتب.

 وعلى الرغم من ذلك لم يعلن بايدن خلال حوار له مع سي إن إن عن خياراته المتاحة. وكذلك قال البيت الأبيض إن واشنطن ستعيد النظر في سياساتها. 

ما هو نوبك؟

وذكر الكاتب قائلا: صدقت لجنة من مجلس الشيوخ الأمريكي خلال أكتوبر، على مشروع قانون يفتح الطريق لتقديم الشكاوى ضد الدول المنتجة في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وحلفائها بتهمة التآمر من أجل زيادة الأسعار. 

وهذا المشروع تابع لقانون "عدم احتكار الدول المنتجة للبترول أو المصدرة له" المعروف بـ"نوبك" الذي حظي بدعم من النائب في الحزب الجمهوري تشوك غراسلي، والنائبة عن الحزب الديمقراطي إيمي كلوبوشار، وكذلك 17 عضوا في اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ.

ولكي يصبح القانون نافذا، لا بد من التصديق عليه بواسطة مجلي الشيوخ والنواب أولا ثم يوقع عليه الرئيس الأميركي.

إذا أصبح نوبك قانونا، سیتمكن المدعي العام الأميركي من تقديم شكوى في المحكمة الفيدرالية ضد أوبك أو أعضائها (كالسعودية وروسيا). 

وتعتقد كلوبوشار أن الأسواق الحرة والمنافسة بالنسبة المستهلكين أفضل من تلك التي يجرى التحكم فيها عن طريق مجموعة من الشركات البترولية الحكومية.

هذه ليست المرة الأولى التي يحاول الكونغرس فيها أن يصدق على قانون نوبك، وقد حاول إنجاز هذا الأمر منذ أكثر من عقدين، وفق الكاتب.

لكن لم تحظ نسخ المشروع المختلفة بالحصول على الأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب. 

ومن الناحية التاريخية جرى التصديق على قانون نوبك في عهد الرئيس الأسبق جورج بوش (الابن) من خلال الكونغرس ومجلس الشيوخ قبل العرض عليه، لكنه تجاهله. 

وتكرر الموضوع نفسه في عهد الرئيس باراك أوباما، واتخذ نفس موقف سابقه تجاه القانون، وتجاهله.

وكان الرئيس السابق دونالد ترامب أحد أكبر المؤيدين لهذا القانون، لدرجة أنه أورد هذا الأمر في كتابه قبل أن يصبح رئيسا للجمهورية. 

عندما صار رئيسا، غير رأيه بشأن القانون بسبب العلاقة الودية بين أميركا والسعودية حينها.

يعود سبب عدم التصديق على هذا القانون خلال الأعوام الماضية إلى المصالح السياسية والاقتصادية الأميركية وعلاقاتها الإستراتيجية مع الدول الكبرى المنتجة للبترول وخاصة السعودية.

وحدثت توترات خلال السنوات الأخيرة بين الرياض وواشنطن، لكن على مستوى العلاقات الثنائية الموجودة إمكانية التصديق على هذا القانون ازدادت هذه المرة، بحسب ما ذكره الكاتب.

وتابع: المشرعون الأميركيون قلقون للغاية من زيادة سعر البنزين في البلاد الناتج عن التضخم. وقالت المتحدثة السابقة باسم البيت الأبيض جين ساكي إن الحكومة الأميركية قلقة بشأن العواقب المحتملة والتبعات غير المرغوبة لهذا القانون، خاصة بأخذ الأزمة الأوكرانية في الحسبان. 

تأثيره على السوق

عام 2019 هددت المملكة العربية السعودية بأنه إذا صدقت واشنطن على النسخة السابقة لـ "نوبك"، فستبيع البترول خاصتها بعملة غير الدولار.

وهذا الأمر يضعف من مكانة الدولار بصفته العملة الرئيسة في العالم، ومن ثم سيقلل تأثير واشنطن على التجارة العالمية، ويضعف قدرتها على فرض العقوبات وتنفيذها على سائر الدول.

بالتزامن مع تجاهل ولي العهد السعودي مكالمات بايدن الأخيرة، فإنه في المقابل يوثق علاقته مع الرئيس الصيني شي جين بينغ ويعتزم إبرام معاهدة قريبة بين الرياض وبكين مبنية على دفع قيمة البترول السعودي باليوان الصيني.

وكشف تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" في مارس/آذار 2022، أن السعودية تتشاور مع الصين لتسعير بعض صادراتها النفطية باليوان، في خطوة يُتوقع أن تؤثر في سيادة الدولار بأسواق النفط العالمية، بتحالف أكبر مستورد في العالم للنفط مع أكبر مصدّر له.

وهو ما تسبب في زيادة هذا القلق إذ إن الرياض هذه المرة تريد أن تجعل الهيمنة الأميركية عبرة لمن يعتبر، بحسب الكاتب.

واستكمل قائلا: هدف نوبك دعم المستهلكين والتعاملات الأميركية تجاه زيادة سعر البنزين، لكن يحذر بعض المحللين من أن تنفيذه سينتج عنه عواقب جادة غير مرغوبة. 

هذا المشروع كذلك يواجه معارضة مؤسسة البترول الأميركية أكبر مؤسسة نفط وغاز في البلاد. 

وأعلنت هذه المؤسسة من خلال رسالة إلى قادة اللجنة أن نوبك سيُحدث مخاطر محتملة للمصالح الدبلوماسية والعسكرية والتجارية الأميركية.

وحذر بعض المحللين من أن نوبك في النهاية يمكن أن يصيب شركات الطاقة المحلية بالضرب؛ لأن الدول المعاقبة تنتج بتكلفة ضئيلة للغاية مقارنة بشركات البترول الأميركية.

وفقا لاعتقاد أغلب المحللين، هدف لجنة مجلس الشيوخ الأميركي من التصديق على لائحة قانون نوبك استغلاله بصفته كرت ضغط على الدول المنتجة للبترول وخاصة السعودية؛ بهدف زيادة الإنتاج والتحكم في الأسعار.

خاصة أن حكومة بايدن ستواجه مأزقا اقتصاديا جادا قبل انتخابات الكونغرس النصفية، إذ من الممكن أن يفقد الحزب الديمقراطي أغلبيته الهشة أمام نظيره الجمهوري.

ويذهب أغلب المحللين إلى أن توقيت خطوة أوبك بلس الجديدة لتقليل إنتاج النفط، وضعت الحكومة الأميركية في موقف حرج؛ لأن أي خطوة سيتخذها بايدن ضد السعودية، من المحتمل أن ينتج عنها تداعيات سياسية جادة.

أسباب الخشية

وقال المحلل الأميركي جورجيو كافايرو لموقع إنجليزي أنه لو جرى التصديق على نوبك، سيكون هناك مؤثرات سلبية على الأميركان.

 كما أضاف قائلا: "الشركات المستهدفة من هذا القانون، من المحتمل أن ترد عن طريق استهداف المصالح التجارية الأميركية".

ويعتقد الكثير من المحللين أن نوبك لن يؤثر على السوق العالمي للبترول بشكل كبير خاصة أن السعودية، والإمارات، وروسيا من أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم. 

وباءت كل مساعي بايدن مع حلفائه (الرياض وأبو ظبي) بالفشل؛ لأن اقتصاد المنتجين الرئيسيين للبترول مرتبط بشكل مباشر بالدخل الناتج عن الصادرات.

وفي حال التصديق على قانون نوبك، سيصبح بإمكان جو بايدن أن يستغل التساوم مع دول الخليج العربي من هذا الباب.

وعلى الرغم من أنه يمكن التصديق على هذا القانون بدون توقيع الرئيس الأميركي، لكن لو لم يعط بايدن أمر العمل به إلى وزارة العدل، فلن يُنفذ.

وحدث هذا الأمر من قبل فيما يتعلق بقانون جاستا عندما طُرحت محاكمة السعودية بتهمة التورط في أحداث تفجيرات 11 سبتمبر/أيلول 2001.

وقال الكاتب: "كان بإمكان قانون جاستا أن يؤثر على استثمارات السعودية والعلاقات بينها وبين أميركا".

لكن كانت النسخة النهائية منه بلا تأثير، وعندما جرى التصديق عليه امتنعت حكومة أوباما عن تنفيذه.

اختتم الكاتب مقالته قائلا: كذلك سيستغرق العمل بقانون نوبك وقتا؛ لأن طلب الرئيس من وزارة العدل إجراء التحقيقات، من المحتمل أن يستغرق عدة شهور، وربما سنين.

ومن ثم تبدأ هذه الوزارة بجمع التحقيقات والأدلة المتعلقة بتدخل أوبك ودول الخليج العربي في تدابير حصرية أو متلاعبة، وكذلك التحكم في الأسعار، كما قال.