تسعى لتطويق الصين.. مركز تركي: لهذا تعزز الهند تعاونها مع اليابان

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أجرت الهند واليابان محادثات في 8 و9 سبتمبر/ أيلول 2022، تمثلت في اجتماعات وزراء خارجية ودفاع البلدين في طوكيو، سعيا لزيادة تعزيز العلاقات الاقتصادية والعسكرية بينهما وسط تزايد التوتر بالمنطقة.

وأكد مركز أنقرة للأزمات والبحوث السياسية "أنكاسام" أن المصالح والتهديدات المشتركة تدفع كلا من الهند واليابان لتطوير علاقاتهما نحو "الشراكة الإستراتيجية".

وأوضح المركز التركي في مقال للكاتب "جينك تامر"، أنه بينما تتفق الدولتان على ضرورة تطويق الصين للحد من تهديداتها، يختلفان بشأن مقاربتهما تجاه روسيا.

اجتماع جديد

والتقى وزير الدفاع الياباني ياسوكازو هامادا نظيره الهندي راغنات سينغ، قبل أن ينضم إليهما وزيرا الخارجية يوشيماسا هاياشي وسوبرامانيام جايشانكار في المحادثات الأمنية التي عقدت في  8 و9 سبتمبر.

وعقدت اليابان والهند أول محادثات أمنية (2 +2) في عام 2019، وجاء الاجتماع في وقت حساس تجري فيه روسيا مناورات عسكرية ضخمة متعددة الجنسيات في أقصى شرقي البلاد، بمشاركة الصين والهند.

وقدمت طوكيو احتجاجا لموسكو على هذه المناورات، وكذلك الأنشطة التي تشهدها الجزر المتنازع عليها، والتي تسيطر عليها روسيا وتدعي اليابان أحقيتها في السيادة عليها.

وأعلنت الهند واليابان عقب الاجتماع عزمهما تعزيز التعاون الدفاعي وإجراء تدريبات عسكرية بمشاركة مقاتلات جوية من الجانبين.

وأشارت وزارة الدفاع الهندية في بيان إلى أن الوزير سينغ "دعا الصناعات اليابانية للاستثمار في المجالات الدفاعية الهندية".

وقالت إن وزيري الدفاع اتفقا على أن "إجراء أول تدريب للمقاتلات سيمهد الطريق لتعزيز أكبر للتعاون والتبادل العملياتي بين القوات الجوية في البلدين".

وتعمل الهند، شأنها شأن اليابان، على تعزيز جيشها لمواجهة ما تعده تهديدات أمنية متزايدة، بما في ذلك من الجارة الصين.

وتعليقا على الزيارة قال الوزير سينغ: "تسعى الهند واليابان إلى إقامة شراكات إستراتيجية وعالمية خاصة". 

وأشار المركز التركي إلى أنه في نفس هذين اليومين، عقد اجتماع بين الولايات المتحدة والهند 2+2 في نيودلهي.

وحضر هذا الاجتماع نواب الوزيرين، لأن وزير الدفاع ووزير الشؤون الخارجية الهندية كانا في اجتماعات 2+2 في اليابان في هذه التواريخ. 

وعلق المركز أن "هذا قد يدل على أن الهند تهتم أكثر باليابان. أو ربما يمكن تفسير السبب في ذلك على أنه حقيقة أن اجتماعات 2 + 2 مع اليابان قد بدأت للتو". 

وأوضح: "كان البند الرئيس في جدول أعمال هذه الاجتماعات هو التدريبات المشتركة وتطوير التعاون الدفاعي".

أولوية قصوى

ولفت المركز التركي إلى أن اليابان، وخاصة في عهد شينزو آبي، أعطت أولويتها القصوى لتعزيز علاقاتها الإستراتيجية مع الهند. 

ووقع البلدان اتفاقا نوويا مدنيا واتفاقا تجاريا، كما بدأا العمل معا بشأن أمن منطقة المحيطين الهندي والهادئ في إطار الحوار الأمني الرباعي، المعروف باسم "كواد"، ويشمل أميركا واليابان وأستراليا والهند.

والدولة التي أقنعت الهند بالانضمام إلى هذا الرباعي كانت اليابان، بقيادة شينزو آبي. 

وأصبحت الهند، التي اتبعت خط عدم الانحياز المتعدد الأطراف، دولة محور من خلال الانضمام إلى كواد، وهذا الوضع أضر بعلاقات نيودلهي مع موسكو. وهذا أمر قيم لأنه يبين الأهمية التي توليها الهند لليابان.

والواقع أن الهند طورت تعاونها مع اليابان وغيرها من القوى الرباعية على حساب مواجهة روسيا، التي تعتمد عليها بأكثر من 80 بالمئة في صناعة الدفاع.

وفي الآونة الأخيرة لوحظ أن بلدان المجموعة الرباعية كثفت اتصالاتها فيما بينها. وفي هذا السياق يمكن القول إن العلاقات بين الهند واليابان تتقدم في بعد مختلف وتتطور نحو الشراكة الإستراتيجية. 

وبعد روسيا، تبذل الهند جهودا خاصة لرفع علاقاتها مع اليابان إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية. 

وفي بداية عام 2022 نفذت الهند واليابان اتفاقية المشتريات والخدمات المشتركة، والتي تنص على توفير المواد والخدمات المتبادلة في مجال الدفاع. 

وجرى توقيع اتفاقية الوصول المتبادل بين الدولتين، والتي تسمح للقوات البحرية بالبقاء وإعادة الإمداد في حالة نشوب حرب محتملة. 

وبالإضافة إلى ذلك يبحث الجانب الياباني عن سبل للعمل مع الهند على التطوير المشترك وإنتاج المعدات العسكرية المتقدمة.

وقد تفكر نيودلهي، التي تطمح إلى تطوير قوتها البحرية وقدراتها في بناء السفن، في الاستفادة من تكنولوجيا طوكيو في قطاع صناعة الدفاع.

فيمكن لليابان أن تساعد الهند على تطوير طائرة مقاتلة شبح من الجيل الخامس والجيل التالي من السفن الحربية والغواصات. بحسب المركز التركي.

مصالح مشتركة

وأشار إلى أن اليابان ترغب في تحسين علاقاتها الثنائية مع الهند. ومع ذلك، يمكن القول إن الطرف الأكثر استعدادا هنا هو الهند، لأنها تريد تطويق الصين.

وذلك لأن الصين بدأت تطوق نفسها من الشمال والجنوب. وإذا لم تتلق الهند الدعم من جيرانها المباشرين، روسيا واليابان، فإنها ستصبح أكثر عزلة في المنطقة. 

وللتخلص من هذا قد تسعى إدارة نيودلهي إلى إقامة شراكات وتعاون جديد مع اليابان في المستقبل القريب من أجل تطويق الصين. 

فيما تحاول اليابان تطوير التعاون العسكري مع دول المحيطين الهندي والهادئ في السنوات الأخيرة. 

فوقعت إدارة طوكيو اتفاقية وصول متبادل مع أستراليا والمملكة المتحدة وكذلك الهند. ومن المقرر إبرام اتفاقات مماثلة مع إندونيسيا وتايلاند. 

وتقدم اليابان التعاون الدفاعي لشركتي G7 ألمانيا وإيطاليا للحصول على مشاركة أكبر في المحيط الهادئ.

وليس من المستبعد أن تزيد اليابان، التي أبدت مؤخرا اهتماما شديدا بمضيق تايوان، من وجودها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ في المستقبل. 

وفي هذا السياق تحاول الهند واليابان إيجاد أموال لمساعدة سريلانكا على التعافي من الأزمة الاقتصادية.

وعلاوة على ذلك، تتمتع اليابان بعلاقات تاريخية عميقة مع سريلانكا، حيث تنفذ مشاريع اقتصادية مع جماعات تعدها قريبة منها. 

لذا فإن الهند واليابان قادرتان على العمل معا لمواجهة النفوذ الصيني في سريلانكا. 

وفي هذا السياق قد يكون هناك سبب آخر وراء رغبة الهند في الاقتراب من اليابان في المجال البحري، هو أن الصين بدأت العمل في المحيط الهندي.

استعداد مسبق

وبدأت اليابان تجد نفسها في بيئة غير آمنة بسبب التهديدات المتزايدة باستمرار في جوارها المباشر. لذلك، في وثيقة إستراتيجية الأمن القومي الجديدة التي تخطط لنشرها في خريف عام 2022، من المتوقع أن تبتعد اليابان أكثر عن هيكلها السلمي.

وفي هذا السياق تشير التقديرات إلى أنه سيجري توسيع مناطق الولاية القضائية لوحدات الدفاع الذاتي اليابانية. 

ويظهر هذا الوضع أن اليابان تستعد لأزمات جديدة قد تنشأ في المنطقة في السنوات الـ5 المقبلة. والأمر لا يتعلق فقط بجزر الكوريل أو كوريا الشمالية. ويمكن أن يتعلق أيضا بأزمات محتملة مثل تايوان وسريلانكا. 

ولذلك، فإن سبب تقارب اليابان مع الهند هو الاستعداد مسبقا لهذه الأزمات التي من المتوقع أن تنشأ في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

وسيكون لتطوير الشراكة الإستراتيجية بين البلدين أيضا تأثير على الجغرافيا السياسية العالمية والإقليمية. فهذا التقارب يمكن أن يغير أولا علاقات روسيا مع اليابان. ويمكن لنيودلهي أن تلعب دور الوسيط. 

والجمع بين الهند وروسيا واليابان يعني تطويق الصين في وقت واحد من الغرب والشمال والشرق. 

ففي حين أن الدولتين تتفقان على الحرب ضد الصين. فإنهما تختلفان حول العلاقات مع روسيا، لذلك فإن العقبة الأكثر أهمية أمام اليابان والهند لتطوير شراكة إستراتيجية قد تكون روسيا.

والعامل الرئيس الذي يجمع الدولتين معا هو المصالح المشتركة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، ومع تنامي "التهديد الصيني" سوف تتحرك العلاقات اليابانية الهندية نحو شراكة إستراتيجية.