فشل كبير.. لينكياستا: أوروبا تهتم بوقف تدفق الهجرة وتتجاهل أنين الأفارقة

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

تشهد مجموعة دول الساحل الإفريقية، تصاعدا لتهديد المجموعات المسلحة على غرار تنظيم الدولة والقاعدة وبوكو حرام، ما يرسخ الفقر والاضطرابات ويزيد معاناة الشعوب، ويشكل بيئة مناسبة للانقلابات العسكرية، وتفاقم ظاهرة الهجرة غير النظامية.

واتهمت صحيفة لينكياستا الإيطالية، دول أوروبا بإهمال أنين الشعوب الإفريقية واهتمامها فقط بإيقاف موجات الهجرة، وهو أمر استغلته روسيا كبيدق في حربها ضد الغرب، عبر نشر آلاف من مرتزقة "فاغنر" التابعة لها بالمنطقة.

أزمة متفاقمة

وحذرت الصحيفة الإيطالية من تداعيات تواصل أزمات عديدة تعصف بمنطقة الساحل الإفريقي من مجاعات وجفاف وتطرف على استقرار وأمن أوروبا خاصة مع انتشار مرتزقة فاغنر ما يؤدي إلى تنامي الهجرة غير النظامية.

وقالت إن "الدعاية الروسية الخطيرة من خلال مرتزقة فاغنر تضاف إلى مسرح لجميع أنواع الأزمات التي تفاقمت بنقص المياه و الاشتباكات العرقية و انتشار الفساد والهشاشة".

ونتيجة لذلك، دقت الصحيفة ناقوس الخطر من عواقب في شكل اضطرابات كبيرة في المنطقة واستقرارها مع وقوع أزمات غذائية وصراعات عرقية وزيادة حتمية في عدد اللاجئين الداخليين والخارجيين.

وأشارت إلى أن إيطاليا ستكون الدولة الأوروبية الأكثر تعرضا  لهذه العواقب لأسباب جغرافية.

ورأت أن روسيا لديها خطة دقيقة من خلال فاغنر لزعزعة استقرار المنطقة والتأثير على الحملات الانتخابية الإيطالية من خلال التسبب في ارتفاع غير منضبط في تدفقات المهاجرين غير النظاميين القادمين من الساحل عبر ليبيا.

وذكرت أن روما سعت على مدى سنوات إلى تحقيق أهداف تتجه نحو تحقيق الاستقرار في المنطقة بهدف السيطرة على تدفقات الهجرة نحو سواحلها في المقام الأول.

لكن أزمة الطاقة والاستقلال التدريجي عن الغاز الروسي، دفعا في الأشهر الأخيرة إيطاليا للعودة إلى التعامل مع ما يحدث في البحر المتوسط ​​والدخول في شراكات واتفاقيات لتنويع إمدادات الطاقة، خاصة مع الجزائر وأنغولا والكونغو.

كما عادت مسألة استقرار ليبيا إلى صدارة الأجندة الإيطالية  وخاصة السياسة الخارجية.

وتشرح بأن هذه المخاوف لا تتعلق بالساحل فحسب، بل تشمل البحر المتوسط ​​الموسع بأكمله، وهو ما دفع حلف شمال الأطلسي "ناتو" بعد قمة مدريد في يونيو/حزيران 2022، لإيلاء اهتمام متجدد للجناح الجنوبي للحلف، من ليبيا إلى تونس وصولا إلى الجزائر والمغرب.

ووصفت الصحيفة آثار الجفاف وأزمة المياه التي تضرب كذلك إيطاليا ودول البحر المتوسط ​​الأخرى، لتضاف إلى أزمتي الغذاء والطاقة في أوروبا، بالكارثية في إفريقيا. 

قنبلة موقوتة 

في هذا الصدد، أشارت الصحيفة الإيطالية إلى تعرض القرن الإفريقي بداية العام لأسوأ موجة جفاف خلال الأربعين عاما الماضية، واجه بسببها قرابة 13 مليون شخص خطر الجوع في إثيوبيا وكينيا والصومال. 

كما أدى نقص المياه وأزمة المحاصيل إلى تفاقم التوازنات الداخلية الهشة، ما أسفر عن صراعات بين القبائل المحلية والجماعات العرقية المختلفة.

نتيجة لذلك، قالت الصحيفة إن "هشاشة وعدم استقرار منطقة الساحل، بصفتها الحدود الجنوبية لأوروبا والتحالف الأطلسي، تسبب المزيد من القلق". 

وشرحت أن منطقة الساحل غنية بالموارد الطبيعية، وهي شاسعة للغاية لذلك من المستحيل تقريبا السيطرة عليها، كما أنها باتت ملجأ للجماعات المتطرفة.

وكانت المنطقة دائما في مركز السياسة الخارجية الفرنسية التي لا تزال تملك هناك العديد من الحسابات غير المكتملة، ما أجبرها على "التعامل والقلق" حول ما يحدث في مستعمراتها السابقة.

وقادت باريس في منطقة الساحل عدة مهام عسكرية منذ عام 2013، من سرفال إلى بركان وتاكوبا، التي انتهت قبل بضعة أسابيع وشملت أيضا مشاركة إيطاليا ودول أوروبية أخرى وأعضاء مجموعة دول الساحل الخمس موريتانيا، مالي، النيجر، بوركينا فاسو وتشاد.

وهدفت العملية إلى محاربة الجماعات المتطرفة والسيطرة على أنشطة التهريب، ليس فقط في مالي وإنما في كامل منطقة الساحل، حيث يبدو أيضا أن مرتزقة فاغنر قد استقروا بشكل دائم هناك. 

وذكرت بأن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كان قد أعلن في فبراير/شباط 2022 الانسحاب من مالي "ولكن لا يعني ذلك تخلي فرنسا عن  مستعمرتها السابقة".

وبينت لينكياستا أن الوضع في البلد الإفريقي تدهور بعد تغلغل موسكو باستخدام المرتزقة التابعين لها وبعد انقلاب عام 2021.

وتبع ذلك انسحاب باماكو من مجموعة الساحل الخماسية وتعليق الاتحاد الأوروبي لمهام "بعثة التدريب العسكرية متعددة الجنسيات" وكذلك "بعثة بناء القدرات".

وفي تشاد، أردفت بأنه لا يوجد هناك هدوء واستقرار أيضا منذ مقتل الرئيس إدريس ديبي، الحليف الأقوى للفرنسيين في منطقة الساحل عام 2021.

وتقود البلاد حكومة انتقالية بقيادة نجله محمد ديبي، الذي وعد بالديمقراطية والانتخابات عام 2023، في بلد يعاني فيه مليونا شخص من الجوع ويستضيف آلاف اللاجئين من الكاميرون.

وضع خطير

وأكدت الصحيفة الإيطالية، أن الوضع في منطقة الساحل خطير لا من النواحي الأمنية والسياسية والعسكرية فحسب، بل على الصعيد الاجتماعي أيضا.

وحذرت من أن النقص في المياه والغذاء وحالة الجفاف يتسبب في حالات طوارئ غذائية خطيرة للغاية في منطقة منهكة بالصراعات العرقية والتطرف وبدأت فيها كذلك آثار أزمة المناخ بالظهور بوضوح.

كما أدت المجاعات وأزمة الغذاء، بسبب ارتفاع الأسعار والجفاف، إلى زيادة الصراعات بين الجماعات العرقية وهجمات الجماعات المسلحة التي تستعر في القرى بحثا عن الغذاء ما أسهم قي تزايد أعداد النازحين واللاجئين داخليا.

يذكر أن المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، تحدث بعد زيارته لمنطقة الساحل، عن 4.8 ملايين لاجئ في بوركينا فاسو وتشاد ومالي وموريتانيا والنيجر. 

ورأت الصحيفة أن" وضع منطقة أغاديس، بوابة الصحراء ونقطة هبوط المهاجرين من القرن الإفريقي المتجهين إلى ليبيا، حساس بشكل خاص في هذه المسألة". 

وشرحت أن المدينة الواقعة في شمال النيجر، تتحمل عواقب ما يحدث في البلدان المجاورة لا سيما وأن الحروب الأهلية دفعت الآلاف إلى اللجوء فرارا من الجماعات المسلحة وبحثا عن الغذاء والسلام في بلد انهار بالفعل بسبب سنوات من الجفاف وشح الأمطار.

ووصفت موجة الجفاف بالمدمرة أيضا لبوركينا فاسو، المنهكة من نشاط الجماعات المسلحة والتي تشكو الآن آثار تغير المناخ بشكل مباشر منذ عقد من الزمان.

واستنكرت بالقول إن "صدى الشعوب، وخاصة النساء والأطفال الذين يعيشون في الساحل، لا يزال ضعيفا للغاية في أوروبا، على الرغم من أن منطقة أغاديس التي يصل منها المهاجرون المتجهون إلى ليبيا تعد الحدود الجنوبية للقارة القديمة".

وختمت أن مجاعات إفريقيا المستمرة منذ سنوات تراجعت في أجندات القوى العالمية وأوروبا، الملتزمة باحتواء تدفقات الهجرة وضمان الاستقرار والأمن في القارة، والتي قد تصبح الآن بيدقا أخر في أيدي موسكو لمواصلة حربها المختلطة ضد الغرب.