ما الأسباب؟.. صحيفة إسبانية: فرنسا تفشل في وقف صعود اليمين المتطرف

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلط تقرير إسباني الضوء على نتائج الانتخابات التشريعية في فرنسا، التي سجلت فشلا في وقف صعود اليمين المتطرف.

وحقق حزب مارين لوبان حضورا تاريخيا في الجمعية الوطنية الفرنسية، خاصة بعد ضعف شعارات التشكيلات المتنافسة لوقف صعود اليمين المتطرف. 

وانطلقت في 12 يونيو/حزيران 2022، الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية الحاسمة بالنسبة للرئيس إيمانويل ماكرون بعد شهر ونصف من إعادة انتخابه في الانتخابات الرئاسية التي جرت أبريل/نيسان من ذات العام.

ويختار الفرنسيون كل أعضاء الجمعية الوطنية البالغ عددهم 577 نائبا في هذا الاقتراع الذي يجرى في دورتين. ونظمت الدورة الثانية في 19 يونيو.

الطوق الصحي

وقالت صحيفة إلباييس إن زعيمة اليمين المتطرف الفرنسية، مارين لوبان، استفادت بشكل كبير من ضعف "الطوق الصحي" (التشكيلة الجيدة) في الانتخابات التشريعية.

وبعد هذا الانتصار، بدأت بالفعل في الكشف عن قائمة مطالب تشكيلها، التجمع الوطني، بعد نجاحها غير المتوقع في هذه المناسبة الانتخابية. 

في نفس الوقت، تراشقت الأحزاب الأخرى التهم، وحملت بعضها البعض مسؤولية فشل "الطوق الصحي"، الذي سيسمح لحوالي 89 نائبا متطرفا بالجلوس في الجمعية الوطنية المقبلة، وهي أعلى نسبة في تاريخ البلاد.

وأضافت الصحيفة أن معدل الامتناع عن التصويت- حيث إن أكثر من نصف الفرنسيين الذين لديهم الحق في ذلك لم يذهبوا إلى صناديق الاقتراع- لعب دورا رئيسا في تشكيل التكوين المعقد للمؤسسة الرئيسة في فرنسا، إبان الانتخابات التشريعية.

علاوة على ذلك، دعمت هذه النتائج ثقل اليمين المتطرف في البرلمان. لكن هذا السيناريو الجديد هو أيضا نتيجة للضعف التدريجي للجبهة الجمهورية على الرغم من تداركها خلال الانتخابات الرئاسية.  

عموما، تميزت هذه الانتخابات بفشل ما يُطلق عليه "الطوق الصحي" في فرنسا، الذي تمكن خلال العقدين الماضيين من منع اليمين المتطرف من اكتساب السلطة المؤسسية على الرغم من تعزيز مكانته في الانتخاب على نحو متصاعد.

ونقلت الصحيفة أنه بعيدا عن شعارات "عدم التصويت للجبهة الوطنية"، تميزت الانتخابات، وخاصة التشريعية منها، بمبارزة إعلامية بين الرئيس، إيمانويل ماكرون، وجان لوك ميلينشون، زعيم اليسار الشعبوي ومهندس تحالف "الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد".  

وفيما يتعلق بالشعارات المسيطرة خلال هذه المناسبة الانتخابية، يجدر الإشارة إلى أن شعار "لا للتصويت للجبهة الوطنية، بقيادة لوبان" الذي أطلقته كل الجهات، كان فاترا نوعا ما.

في المقابل، تمثلت الرسالة التي يبدو أنها أثرت أكثر من غيرها في "كل شيء ما عدا ماكرون" بين مؤيدي تحالف ميلينشون.

في الآن ذاته، دعم مؤيدو ماكرون شعار "كل شيء ما عدا ميلينشون"، وفق الصحيفة الإسبانية. 

استفاد حزب لوبان من هذا الوضع؛ حيث ارتفعت حصته من ثمانية إلى 89 نائبا، عندما أعطته الاستطلاعات حدا أقصى قدره 50 في أفضل الحالات. 

ونقلت الصحيفة أن ميلينشون اتهم ماكرون بأنه "مسؤول بشكل رئيس" عن نجاح اليمين المتطرف.

لكن استطلاعات الرأي تظهر أن الطوق الصحي لبقية الأحزاب ضد لوبان قد فشل بطريقة مماثلة بين الناخبين اليساريين كما هو الحال بين مؤيدي ماكرون.  

امتناع عن التصويت

استطلاع رأي أجراه معهد هاريس انتراكتيف لصالح شبكات أم 6 وأر تي أل، توصّل إلى أنه "في 107 دوائر انتخابية حيث كانت هناك منافسة في الجولة الثانية بين مرشح تشكيل ماكرون -معا- وآخر من حزب الجبهة الوطنية، لوحظ أن 45 بالمائة ممن صوتوا لتحالف ميلينشون في الجولة الأولى امتنعوا عن التصويت في الجولة الثانية".

وبين الاستطلاع أيضا أن "فقط 31 بالمائة قد صوتوا لصالح تحالف "معا" وبالتالي فعّلوا "الطوق الصحي"، بينما فضّل 24 بالمائة اليمين المتطرف".

في غضون ذلك، في الدوائر الـ 66 حيث كانت المبارزة بين تحالف ميلينشون واليمين المتطرف، امتنع 48 بالمائة من الناخبين المؤيدين لماكرون عن التصويت.

وصوت 18 بالمائة منهم لصالح حزب الجبهة الوطنية وطبّق 34 بالمائة منهم الطوق الصحي عند التصويت لصالح مرشح من اليسار.

في الأثناء، انقسم الجناح اليميني للجمهوريين الفرنسيين إلى ثلاث كتل متشابهة: امتنع 37 بالمائة عن التصويت، وصوت 36 بالمائة للمرشح اليساري واختار 27 بالمائة منهم التصويت لصالح اليمين المتطرف.

ونقلت الصحيفة أن الاستنتاجات حول فشل الجبهة الجمهورية متشابهة في مراكز استطلاعات الرأي الأخرى.

في هذا المعنى، اختتم مدير قسم الرأي السياسي في معهد إبسوس، ستيفان زومستيج، مداخلته على راديو فرانس إنفو، بالقول: "لا أعرف ما إذا كانت الجبهة الجمهورية قد ماتت، ولكن على أي حال، لم تنجح يوم الأحد (19 يونيو)". 

وبينت الصحيفة أن الطوق الصحي الفرنسي عانى من الصدمة الأولى عام 2017، عندما رفض ميلينشون، بعد إقصائه في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، طلب التصويت لصالح ماكرون بكل وضوح، واكتفى بالقول إنه لا ينبغي إعطاء "صوت واحد" للجبهة الوطنية. 

وبعد خمس سنوات، جاءت الضربة الأخيرة - ويبقى أن نرى ما إذا كانت نهائية - للتحالف بين الأحزاب ضد اليمين المتطرف بعد الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية وليس فقط من ميلينشون، ولكن أيضا من معسكر ماكرون، الذي أرسل رسائل، يمكن وصفها على أقل تقدير، بأنها متضاربة ومحيرة.

ونقلت الصحيفة أنه بينما تنهمر عبارات اللوم- وقليل من تحمّل المسؤولية- بدأت الجبهة الوطنية بالفعل في المطالبة بحصصها من السلطة بعد أن تضاعفت قوتها البرلمانية بمقدار عشرة.

وصرحت لوبان "نحن أول حزب معارض. سنطالب برئاسة المفوضية المالية، لأنها تشرف على إعداد الميزانية ويقودها تقليديا حزب المعارضة الأول، ومنصب نائب رئيس المجلس. لن نتنازل عن أي شيء!". 

ونقلت صحيفة إلباييس أن ماكرون يبحث عن حلول وصيغ مناسبة لتجنب الشلل بعد الانتكاسة التي عانى منها في الانتخابات التشريعية في فرنسا.

في الحقيقة، هو لم يكن مستعدا للعقوبة ضده خلال هذه المناسبة الانتخابية يوم الأحد.

كما أن وضع الجمعية الوطنية أصبح معقدا، حيث إنه على الرغم من حقيقة أن تحالف ماكرون سيضم أكبر مجموعة برلمانية، إلا أنه بعيدة كل البعد عن الأغلبية المطلقة وسيتعين عليها إيجاد حلفاء لتمرير أي قانون وتجنب الشلل في فرنسا.

على الورق، يمكن للرئيس أن يبني أغلبية مع اليمين، أو البحث عن تحالفات أخرى لتحقيق الأغلبية في الجمعية الوطنية. وإذا لم ينجح أي من هذه الخيارات، فلديه خيار ثالث: حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات جديدة.