هل تنتهي الحرب "الروسية الأميركية" في أوكرانيا؟.. صحيفة تركية تجيب

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة "ستار" التركية، أن الحرب الدائرة في أوكرانيا، ما هي في الحقيقة سوى ستار يخفي وراءه صراعا بين روسيا وأميركا، محذرة من توسع المعارك إلى خارج أوكرانيا.

وأوضحت الصحيفة في مقال للكاتب الصحفي "هاكان تشبوز"، أنه بينما تتبادل روسيا وأميركا الاتهامات حول من رمى الحجر أولا، تتغير الخريطة الأمنية في أوروبا وتأخذ صورة لم تشهدها القارة منذ تفكك الاتحاد السوفييتي عام 1991،  ما يزيد من فرص الصراع المحتملة.

صراع تاريخي

وذكرت الصحيفة أن الخطوات التي اتخذتها الولايات المتحدة إزاء الحرب الدائرة منذ 24 فبراير/ شباط 2022، ركزت على كيفية معاقبة روسيا بدلا من إيجاد طرق لإنهاء الأزمة.

وأضافت أنه من الواضح أن العملية العسكرية لم تسر حتى الآن بالطريقة التي يريدها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وأشارت إلى أنه حتى إن غزت روسيا أوكرانيا جزئيا أو كليا ونجحت في جعله شخصية قريبة سياسيا إلى السلطة، فإن ذلك يعني انقطاعا شديدا في خط واشنطن وبروكسل وموسكو.

فظاهرة الصراع التاريخي بين الولايات المتحدة وروسيا تأتي بوجوه مختلفة من فترة إلى أخرى.

ومع انتهاء الحرب الباردة الناجمة عن النظام الدولي الذي أنشئ بعد الحرب العالمية الثانية بتفكك الاتحاد السوفييتي، فإن روسيا، التي رفعت رأسها تدريجيا مع صعود بوتين للسلطة، بدأت تواجه الغرب على خطوط أمامية جديدة.

ولفتت الصحيفة إلى أنه من أهم أسباب ما نشهده اليوم، التوتر الذي تصاعد تدريجيا مع التوسع المستمر لحلف شمال الأطلسي "ناتو" في أوروبا الشرقية.

وحقيقة أن بوتين قد أعطى رسالة واضحة لأميركا والغرب والناتو، لا سيما عبر غزو شبه جزيرة القرم في عام 2014، فضلا عن وصول جو بايدن إلى السلطة بأميركا.

وأكدت: بالطبع، لا يوجد شيء يمكن تبريره بالضربات العسكرية الروسية في أوكرانيا، لكن الطريقة التي تتعامل بها أميركا مع مثل هذه العملية وسياستها اليوم تثير تساؤلات، من قبيل "هل كانت واشنطن تتوقع هذه الحرب والآن تريد أن تنتهي؟".

وأشارت إلى أنه من المهم تسمية الحرب التي وقعت بشكل صحيح من أجل فهم واقعي لظاهرة اليوم. 

ومن الضروري تحديد أن التوتر بين روسيا وأوكرانيا ليس جديدا، وأن السياسيين الغربيين، وأحيانا الموالين لروسيا وصلوا إلى السلطة في أوكرانيا، وأن غزو شبه جزيرة القرم كان تمزقا كبيرا، وأن المتمردين الروس الانفصاليين في منطقة دونباس هم حقيقة من حقائق أوكرانيا.

خطوة منتظرة

وفي هذا الصدد، أوضحت الصحيفة التركية أنه لم يكن مستغربا بالنسبة للمنطقة أن بوتين قام بتدخل عسكري أو سياسي في أوكرانيا.

ومع ذلك، فإن أوكرانيا في موقع جيوسياسي حرج على وجه التحديد بسبب موقعها كـ"دولة عازلة" بين روسيا وأوروبا، وموقفها السياسي له أهمية كبيرة لكل من موسكو والعواصم الغربية.

وكان بوتين يعتقد أنه من خلال خطوة عسكرية سريعة وفعالة، يمكنه إحداث التغيير السياسي الذي يريده في أوكرانيا.

وبالنظر إلى الفترة التي سبقت 24 فبراير، يمكن حتى التعليق أن الولايات المتحدة كانت تتوقع "أن تتخذ روسيا خطوة عسكرية نحو أوكرانيا".

وحاليا يمكننا القول إن الولايات المتحدة تبقي أبوابها مفتوحة أمام السيناريوهات الأوكرانية التي ستعاني فيها روسيا، والتي تم تصنيفها على أنها "تهديد عسكري وشيك" في وثيقة الإستراتيجية الوطنية.

 وفي هذا الصدد، فإن حرب أوكرانيا ليست حربا بين روسيا وأوكرانيا فحسب، بل هي أيضا حرب روسية أميركية، وربما أكثر من ذلك.

فإدارة بايدن، وضعت كل خططها في مواجهة هجوم روسي محتمل على أوكرانيا، ومن ضمنها دمج أميركا والاتحاد الأوروبي ضد روسيا قدر الإمكان وعزل موسكو عن النظام الدولي من خلال العقوبات الاقتصادية، ويبدو أن هذا النهج نجح حتى الآن.

واختارت الدول الأوروبية، وخاصة ألمانيا، التي لديها علاقة اعتماد على روسيا بشأن الغاز الطبيعي، العمل ككل ضد روسيا في هذه العملية وفرض عقوبات شديدة، من شأنها أن تضع الاقتصاد الروسي في مأزق.

ولم يتخل بايدن، الذي عقد مباحثات عديدة مع قادة الناتو مرات عديدة منذ انطلاق العملية، عن التركيز على "وحدة الولايات المتحدة وأوروبا ضد روسيا" و "جعل الكرملين يدفع ثمنا اقتصاديا".

وقد يكون تجنب حرب محتملة بين روسيا والناتو أكثر صعوبة في هذا الموقف. لهذا السبب، تحاول الولايات المتحدة ضمان عدم سقوط كييف من خلال زيادة دعمها الدفاعي لأوكرانيا.

بينما من ناحية أخرى، تريد أميركا استخدام دول مثل بولندا وسلوفاكيا كـ"وسطاء" للأسلحة الرئيسة مثل أنظمة الدفاع الجوي من أجل عدم مواجهة روسيا مباشرة.

وتتعامل الولايات المتحدة مع هذا المأزق المبرر بطريقتها الخاصة ولكنه يطيل أمد الحرب فقط.

تغيرات دولية

وذكرت الصحيفة التركية أنه يبدو أن الصين، التي لم تواجه روسيا مباشرة حتى الآن، اختارت "مراقبة القتال من بعيد لفترة من الوقت" دون منح موسكو دعما مباشرا.

وسافر بوتين إلى بكين في أوائل فبراير حيث اتخذ مع نظيره الصيني شي جين بينغ خطوات لتعميق العلاقات الاقتصادية والسياسية والعسكرية الثنائية. 

فالصين على علم أن الصراع في أوكرانيا هو أيضا صراع بين الولايات المتحدة وروسيا، لهذا لا تدعم روسيا بشكل مباشر، ولكنها تتجنب الخطوات التي من شأنها إضعاف موسكو.

وتحذر إدارة بايدن الصين يوميا تقريبا من "تقديم المساعدة العسكرية والاقتصادية لروسيا"، لكن بكين تأخذ هذه العملية بحساسية بالغة.

ويبدو أن بكين، تحاول صقل شراكتها الإستراتيجية مع روسيا ضد الغرب، واعتمادها الاقتصادي المتبادل مع الولايات المتحدة والغرب من جهة أخرى، لذا تواصل انتظار انتهاء الأزمة دون اتخاذ خطوات جذرية.

وفي خضم كل هذه الاضطرابات، عززت ألمانيا "معاييرها الأمنية" بسرعة كبيرة. فزادت ميزانية الدفاع لتبلغ 100 مليار يورو، ثم أعلنت عن استلام 35 من مقاتلات إف 35 من الولايات المتحدة، وهناك تأكيدات من المستشار أولاف شولتس بشأن تعزيز الجيش.

كما أرسلت أميركا قواتها ودعما عسكريا إلى دول الناتو، وبالخصوص على الجناح الشرقي للحلف، لا سيما بولندا، وكل هذا يشير إلى أن البنية الأمنية في أوروبا تتغير بسرعة، بغض النظر عن عواقب الحرب الأوكرانية، وأن مناطق الصراع المحتملة تتزايد في المستقبل القريب. 

وبطبيعة الحال، لا تزال هناك أسئلة حول كيفية رد فعل روسيا على هذه العملية، وما إذا كانت أميركا ستنشر المزيد من القوات والأسلحة في أوروبا الشرقية، وكيف سيؤثر الجرح النازف في أوكرانيا على الدول المجاورة.

 وختمت الصحيفة بالقول: "في هذا المناخ من انعدام الثقة الدولية، حيث يلوم الطرفان بعضهما البعض دائما في النقاش حول من ألقى الحجر الأول، فالوقت وحده من سيحدد ما إذا كانت هذه المعركة ستنتهي في أوكرانيا".