سلسلة انتهاكات.. لوبوان: ناميبيا في معضلة مع شركات التنقيب عن النفط

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة "لوبوان" الفرنسية إن ناميبيا تعتزم الانتقال بسرعة من استكشاف المخزونات النفطية المتتالية والكبيرة إلى الاستغلال بحلول عام 2026.

وأوضحت الصحيفة أنه "بينما تثار مسألة إمدادات النفط عالميا، تعلق ناميبيا بين استغلال رواسبها والحفاظ على بيئتها، مع تضاعف الاكتشافات الهيدروكربونية البرية والبحرية فيها".  

اكتشافات متتالية

وبعد إعلان شركة "شل" (مقرها هيوستن الأميركية) عن اكتشاف بحري كبير في 25 يناير/كانون الثاني 2022، قال المسؤول عن الطاقة البترولية في وزارة المناجم والطاقة الناميبية، ماجي شينو: "إذا حققنا ذلك (الاستغلال) في السنوات الأربع المقبلة، فسيكون ذلك رائعا بالنسبة لنا".

وجرى الحصول على هذه "النتائج المشجعة" وفقا لشركة شل، في بئر "غراف-1"، الذي حفر في عرض البحر في حوض أورنج، قبالة سواحل ناميبيا.

وتمتلك شل حصة 45 بالمئة من مخزون الاكتشاف الذي تشترك فيه مع شركة قطر للطاقة (45 بالمئة) وشركة نامكور "المؤسسة الوطنية للبترول في ناميبيا" (10 بالمئة).

وفي حقل النفط نفسه، ولكن في المنطقة المجاورة، أعلنت شركة "توتال إنرجي" للطاقة، في 24 فبراير/شباط 2022، "اكتشافا مهما للنفط الخفيف والغاز الأحفوري".

وقال مدير التنقيب في شركة توتال للطاقة، كيفين ماكلاكلان: "هذا الاكتشاف قبالة ناميبيا والنتائج الأولى الواعدة للغاية يثبتان إمكانات حوض أورانج، حيث تحتل توتال للطاقة موقعا مهما في كل من ناميبيا وجنوب إفريقيا".

والاستكشافات التي أجريت قبالة سواحل ناميبيا وجنوب إفريقيا على بعد حوالي 300 كيلومتر من الساحل، تتعلق بالودائع البحرية العميقة أو حتى العميقة للغاية.  

ويأتي اكتشاف شركة "توتال إنرجي" في أعقاب حفر بئر الاستكشاف "فينيس 1"، على عمق 3 آلاف متر تقريبا تحت الماء.  

وجرى حفر بئر الاستكشاف التابع لشركة شل، "غراف-1"، على بعد حوالي 2000 متر تحت الماء، ويجري حاليا حفر بئر آخر أقل عمقا منه هو "غراف-2".  

ويجب أن يتيح تحليل البيانات في غضون بضعة أشهر لإعطاء تقدير أكثر دقة للكميات القابلة للاستغلال، وفق "لوبوان".

من جانبها، قالت شركة "شل" وهي المتخصص الأول في التنقيب تحت السطحي (التنقيب عن النفط والغاز في المياه العميقة)، والمتخصصة في التنقيب عن الهيدروكربونات، أن "هذا الاكتشاف هو أكبر اكتشاف نفطي في إفريقيا جنوب الصحراء".

مخاطر بيئية

وقالت صحيفة لوبوان: "إذا كانت ناميبيا تريد تسريع تطوير استغلال الهيدروكربونات، فبعض المحللين يشيرون إلى السياق غير المواتي لشركات كبرى مثل شل، التي تسعى بدلا من ذلك إلى التحول إلى الطاقات المتجددة والطاقات منخفضة الكربون".

وأشارت إلى أن "الدولة تفتقر أيضا إلى البنية التحتية اللازمة حول إنتاج الهيدروكربونات، مما قد يزيد من تكلفة تطوير المشاريع".

من ناحية أخرى، ومع ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية، "يمكن أن يصبح التنقيب، حتى في المياه العميقة جدا، مربحا".

وذكرت لوبوان أن "على اليابسة، يبدو الحفر الأول في شمال شرق ناميبيا، في حوض كافانغو، على الحدود مع أنغولا وبوتسوانا، واعدا". 

وبدأت شركة "ريكون أفريكا" الكندية في الربع الأول من عام 2021 حفر بئرين من أصل ستة مخطط لها، وهي تحمل تراخيص استكشاف تغطي 6.3 ملايين فدان في ناميبيا و2.2 مليون فدان في بوتسوانا.

وتمتلك في بوتسوانا، حتى 100 بالمئة من رخصة الاستكشاف و90 بالمئة في ناميبيا.

وتقع آبار الاستكشاف هذه أيضا على بعد حوالي 250 كيلومترا من دلتا أوكافنجو (جنة الحيوانات) وهو ما يقلق المدافعين عن البيئة والجهات الفاعلة في سياحة الطبيعة في ناميبيا وبوتسوانا.

وقالت شركة "ريكون أفريكا" إن أماكن التنقيب التي تعمل فيها بعيدة عن المحميات التي تؤوي الحيوانات وأنها محمية بمناطق عازلة، بعرض 10 أو 20 كيلومترا.

وتعد منطقة محمية كابانغو-زامبيزي العابرة للحدود موطنا لعدد كبير من الأفيال، وآخر أنواع الكلاب البرية.

والمناطق التي يسمح فيها لشركة "ريكون أفريكا" بإجراء عمليات الاستكشاف تقع أيضا إلى حد كبير داخل حوض نهر "أوكافانغو" الذي يفرغ في "دلتا أوكافانغو"، وهو أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو والمعترف به لتنوعه البيولوجي الغني، بحسب الصحيفة الفرنسية.

وشرحت عالمة الجيولوجيا المائية في جامعة فريستايت بجنوب إفريقيا، سورينا أوستريز، هذا الوضع على موقع "مونجاباي" المتخصص في المعلومات البيئية، قائلة إن "أكثر ما يشغلنا هو استهلاك المياه في مناطق مثل شمال ناميبيا، حيث تعد موردا نادرا، والتلوث المحتمل لمصادر المياه أثناء استخراج الغاز والنفط".

سلسلة انتهاكات

وفي أوائل عام 2022، أعلنت شركة "ريكون أفريكا" أنها ستدخل مرحلة ثانية من التنقيب عن النفط. 

وقال نشطاء إن "الشركة فشلت في إجراء تقييمات الأثر البيئي اللازمة لتوسيع عملياتها"، متهمين الشركة بـ"خرق العديد من القوانين بالفعل والتعدي على الأراضي وتدمير الغابات".

وتندد المجتمعات المعنية بـ"التوغل في أراضيها دون إذن أو تشاور".

وقال المزارع، بولوس تشيويردا (74 عاما)، إنه "لم يكن يعرف شيئا عن عمليات المسح الجيولوجي الذي تقوم به شركة ريكون أفريكا، حتى ظهرت الجرارات الضخمة قرب منزله ذات يوم في سبتمبر/أيلول 2021، وهي الآن تسير في حقله".

ووفقا للسكان المحليين، دخلت الشركة الغابات والمحميات، ووسعت الطرق الحالية وفتحت طرقا جديدة.

وندد مقال نشرته صحيفة "ناشيونال جيوغرافيك" في نهاية فبراير/شباط 2022 بتصرفات "ريكون أفريكا" تحت عنوان "شركة النفط الكندية تهدم الأراضي المحمية بشكل غير قانوني في ناميبيا".

وقالت إن "هذه ليست سوى أحدث حلقة في سلسلة الانتهاكات التي ارتكبتها ريكون أفريكا خلال 14 شهرا من الاستكشاف".  

وفي 26 يناير/كانون الثاني 2022، قدم مركز "المساعدة القانونية" (LAC)، وهو منظمة حقوقية ناميبية، شكوى إلى وزارة البيئة في البلاد، للمطالبة بإجراء تحقيق. 

ودفعت المخاوف المتزايدة بشأن عمليات التنقيب التي تقوم بها شركة "ريكون أفريكا" البرلمان الناميبي إلى عقد عدة جلسات استماع منذ يونيو/حزيران 2021.

وتوجت جلسات الاستماع تلك بجملة من الشكاوي وقع تقديمها ضد "ريكون أفريكا" مع منظمي السوق المالية في الولايات المتحدة وألمانيا وكندا، الدول الثلاث المدرجة فيها. 

وحسب "ناشيونال جيوغرافيك" فإن الشركة متهمة بـ"تضليل المستثمرين ببيانات مضللة".

وفي رسالة المدير العام لمؤسسة "فانون غلوبال ايدفايزور"، فرانك فانون، إلى السلطات الناميبية، قال إن "لعنة الذهب الأسود لا تستثني أي دولة منتجة، إذ إنه رغم الثروة التي ستجنيها هذه الدولة، إلا أنها لا تخرج من التخلف، الذي سيفسد البلاد".

وأضاف أنه "مع الاكتشافات النفطية بهذا الحجم، غالبا ما يكون هناك سياسيون يرغبون في البدء في إنفاق الأموال وتسريع الجداول الزمنية أو قطع الزوايا للاستجابة للدورات السياسية بدلا من الدورات التجارية".

وأكد فانون أن "إنفاذ القوانين وحماية المجتمعات القروية، من أهم الشروط الأساسية التي يجب أن تفرض على أي مشغل اقتصادي، وحتى أكثر من ذلك في القطاعات الحساسة مثل عمليات التنقيب واستكشاف الهيدروكربونات".