"قوة مهيمنة".. مركز عبري: هؤلاء وراء الاغتيالات السياسية في العراق

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

قال مركز عبري إن "آلاف العراقيين خلال العقدين الماضيين لقوا حتفهم جراء قرار سياسي خاطئ، أو التورط في قضية غير مريحة للسلطات، أو تعبير عن الرأي مثير للجدل، أو حتى اختيار لبس أزياء غير تقليدي".

وذكر "منتدى الفكر الإقليمي"، أن "عارضة الأزياء، تارا فارس، وضابط المخابرات، عباس كاظم عبدالواحد، وأحد أعيان قبيلة الطائي الشيخ عبدالناصر الطرفي، والفنان التشكيلي والممثل المعروف بأسلوبه الغريب في اللباس، كرار نوشي، وبغض النظر عن أصولهم، فإن هؤلاء الأربعة العراقيين يتشاركون نفس المصير".

وتابع: "تم العثور عليهم جميعا مقتولين خلال السنوات الأخيرة في شوارع العراق، بعد إطلاق النار عليهم أو طعنهم في وضح النهار من قبل قتلة مجهولين".

انتشار هائل

وأوضح موقع المركز، أن "هؤلاء الأربعة، مثل آلاف العراقيين الآخرين الذين قتلوا في العقدين الماضيين، وقد تختلف فقط الأسماء والوجوه وراء الانتشار الهائل لظاهرة الاغتيالات السياسية التي اندلعت في البلاد".

وفي 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، نجا رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، من محاولة اغتيال، بعد تفجير طائرتين شراعيتين فوق مقر إقامته الرسمي ببغداد، مما أدى إلى إصابة سبعة من حراسه الشخصيين.

ويرى الموقع العبري أن "العراق دولة ذات قرار سياسي (خاطئ)، والتورط في قضية معينة غير ملائمة للسلطات، سواء تعبير عن الرأي غير ملائم أو حتى اختيار زي غير تقليدي، قد يجمع أي مواطن مع خالقهم".

واستطرد قائلا: "رغم أن العراق كان منذ فترة طويلة في حالة عدم استقرار داخلي حاد، إلا أنه يعاني من مشاكل قانونية وأزمة عميقة في شرعية الحكومة، وقد يتم تفسير الاغتيالات  على أنها مجرد تعبير عن حالة عدم الاستقرار نفسها، وهي إحدى النتائج الثانوية للوضع الذي ساد في العراق منذ الغزو الأميركي عام 2003 وسقوط الرئيس السابق صدام حسين".

وتابع الموقع: "ومع ذلك، هناك من يعتقد أن انتشار الاغتيالات السياسية والأيديولوجية ظاهرة هيكلية ذات أهمية أساسية لمعرفة العراق الحديث".

من جانبه، قال المحلل السياسي، إيتي ملاخ، إنه "باعتراف الجميع، كانت هناك اغتيالات في العراق حتى قبل عام 2003، وكان هذا مسار عمل روتيني في ترسانة (صدام حسين)، الذي لم يلجأ إلى الاغتيالات في وضح النهار لخنق معارضة حكمه".

وأضاف أن "من بين ضحاياه المشهورين، محمد بكر الصدر، ومحمد صادق الصدر وكلاهما من كبار رجال الدين من سلالة الصدر في العالم الشيعي، اللذان اغتيلا عامي 1980 و1999 على التوالي". 

ولفت ملاخ إلى أن "الاغتيالات التي تعرض لها نظام صدام كانت مجرد مقدمة إلى ثقافة الاغتيالات التي تطورت في العراق بعد الغزو الأميركي والإطاحة بصدام عام 2003".

قوة مهيمنة

وأشار إلى أنهم يقولون إن "طعنات السكين التي تعرض لها حتى الموت، رجل الدين الشيعي عبد المجيد الخوئي، في مرقد بمدينة النجف في 10 أبريل/نيسان 2003 بمثابة الرصاصة الأخيرة، بالنسبة للشيعة".

وبين ملاخ أن "الخوئي كان زعيما شيعيا ليبراليا وشخصية محترمة داخل العراق وخارجه، فقد عاد قبل أيام قليلة فقط من لندن إلى العراق، حيث تعرض لاضطهاد نظام صدام عام 1991، ويعتقد أنه لعب دورا رئيسا في النظام السياسي المستقبلي على أنقاض نظام صدام، مما أثار الكثير من الأمل بين الجمهور العراقي".

ولفت المحلل السياسي إلى أنه "إلى جانب الأمل، أثار الخوئي الغيرة بين منافسيه، ولم يمض أسبوع على وصوله إلى وطنه حتى تم طرده في وضح النهار".

وأفاد ملاخ بأنه "حسب كل التقديرات، تم ذلك من قبل رجل الدين مقتدى الصدر، وهو يعتبر خليفته من سلالة الصدر الذي أراد تقوية موقعه في العراق الجديد، لكن الصدر ورجاله لم يقدموا للعدالة قط، وكان الاغتيال على جدول الأعمال العراقي، ومن هنا بدأ عصر الاغتيالات".  

علاوة على ذلك، أصبح اغتيال الخوئي "حدثا رائدا في الثقافة السياسية للعراق الجديد، وكان أحد السمات المميزة للاغتيالات التي وقعت في العقدين الماضيين، فقتلة الخوئي، ومنفذو الاغتيالات في السنوات المقبلة لم تتم ملاحقتهم، وغالبا ما ظلت مجهولة المصدر"، بحسب ملاخ.

وتابع: "مع ذلك، كما في حالة الخوئي، من السهل جدا تحديد من يقف وراء معظم الاغتيالات، والمصالح السياسية التي تخدمها، لأنهم هم شخصيات القوة المهيمنة في السياسة العراقية الذين ينتمون إلى أيديولوجية شيعية متشددة، وعلى رأسهم الصدر"، وفق قوله.

وأخيرا، مثل اغتيال الخوئي، استهدفت العديد من الاغتيالات ضحايا "مدنيين" وغير خطرين وغير عنيفين، من رجال دين معتدلين وأطباء وتجار ومقدمين إعلاميين وغيرهم.

وخلص ملاخ إلى القول إن "هذه الخصائص تجعل الاغتيالات في العراق ظاهرة فريدة مرتبطة ارتباطا وثيقا بهيكل السلطة في الدولة الجديدة، حيث من الواضح تماما أن من يقفون وراءها هم أعضاء أساسيون في القيادة، من خلال تأثيرهم الكبير في آليات الدولة، وبإمكانهم الوصول إلى القتلة المهرة ومرافق التدريب المتقدمة والأسلحة عالية الجودة".

وختم مقاله بالقول "بإمكان هؤلاء أن يجعلوا من الصعب على وكالات إنفاذ القانون وفك رموز الجرائم الوصول إلى الجناة".