زيارة أردوغان المرتقبة إلى الخليج.. هل تنعكس إيجابا على حرب اليمن؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

جاءت زيارة ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد إلى تركيا في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 بعد 10 سنوات من التنافس الإقليمي والصراع غير المباشر بين البلدين، لتتراجع العلاقات إلى أدنى مستوياتها التاريخية.

ورأت "الأنظمة الاستبدادية مثل مصر وإسرائيل وممالك الخليج بمن فيهم الإمارات، في تركيا تهديدا حيويا عليها بما أنها دعمت مطالب الشعوب بإرساء الديمقراطية خلال ثورات الربيع العربي"، وفق ما يقول مركز تركي.

وهو ما دفع الإمارات لاتباع سياسات مضادة لتركيا في المنطقة من خلال إبرام اتفاقيات مع إسرائيل ومصر والمملكة العربية السعودية.

غير أن تولي جو بايدن مقاليد الحكم في الولايات المتحدة غيّر جميع الموازين وبدأت الإمارات تعزز علاقاتها مع قطر وتركيا، وفق ما يقول "مركز الدراسات الإنسانية والاجتماعية" (إنسامر) التركي في مقال للكاتب رياض دومازيتي.

وتشير التقديرات إلى أن العلاقات بين البلدين ستتطور أكثر في الفترة المقبلة، وأن آثار ذلك ستنعكس على حوارات تركيا مع الدول الأخرى في شبه الجزيرة العربية، وفقا للكاتب التركي.

وأضاف: متبنين نهجا واقعيا، يبدو أن الفاعلين مصممون على اتخاذ الخطوات اللازمة لتطبيع العلاقات واضعين التنافس والصراع جانبا، حتى إن الطرفين أبديا رغبة مشتركة في التعاون الاقتصادي والإقليمي. 

وتُظهر كل هذه التطورات أن الدبلوماسية والحوار سيسودان العلاقات الخليجية التركية بعد اليوم.

وتابع قائلا: أعلن الرئيس أردوغان أنه سيزور الإمارات والسعودية في فبراير/شباط 2022، في خطوة ستكون الأولى منذ 12 عاما. 

وعلى الرغم من أنه من المتوقع أن تأخذ موضوعات العلاقات الثنائية والتعاون الاقتصادي النصيب الأكبر من الزيارة، إلا أنها قد تخلق فرصا جديدة أيضا لحل الأزمات في دول مثل ليبيا وسوريا والعراق وشرق الأبيض المتوسط، ​​والأهم من كل ذلك اليمن.

أزمة سياسية وإنسانية

وبحسب دومازيتي، يشهد اليمن أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية عميقة منذ عام 2011، وحربا طاحنة منذ 2014، تسببت في وفاة أكثر من 100 ألف شخص، وإصابة مئات الآلاف وتشويههم. 

ووفقا للأمم المتحدة، يحتاج أكثر من 20 مليون شخص من أصل 30 يعيشون في اليمن، مساعدات إنسانية. 

وبينما يُذكر أن 70 بالمئة من سكان اليمن على خط الجوع، من المعروف أن ملايين الأطفال لا يستطيعون الذهاب إلى المدارس بسبب الحرب.

كذلك فإن المؤشرات الاقتصادية في البلاد تزداد سوءا، ويستمر الريال اليمني في فقدان قيمته مقابل الدولار الأميركي، لينتشر الجوع والفقر والبؤس في جميع أنحاء البلاد، ويزداد الدمار في البلاد يوما بعد يوم، وفق الكاتب.

واستدرك قائلا: رغم هذه الكارثة الإنسانية الكبيرة، يستمر الصراع في اليمن على أشده. 

فعلى سبيل المثال، تحدث اشتباكات عنيفة في شبوة التي تعتبر مهمة من حيث النفط والموقع الإستراتيجي. فعلى شرقها تقع حضرموت، وعلى جنوبها يقع بحر العرب. 

وأضاف: أما من جهة الشمال فتقع مأرب التي تنتج ما مجموعه 8000 برميل من النفط يوميا. 

وعلى الرغم من أن هذه المنطقة كانت مهملة قبل الحرب، فإنها اكتسبت أهميتها مع احتوائها أكبر مصنع لإسالة الغاز الطبيعي في البلاد.

كذلك يقع ميناء بلحاف على ساحل بحر العرب في شبوة. وتشير التقديرات إلى أنه يدر عائدات سنوية تصل إلى 4 مليارات دولار.

وبالنظر إلى الصورة الحالية، يتضح لنا أن هذه الأزمة لا يمكن أن تستمر أكثر من ذلك. 

ولحل الأزمة السياسية والاقتصادية والإنسانية في البلاد، يجب على جميع الأطراف الجلوس إلى طاولة المفاوضات في أسرع وقت ممكن. وهنا تماما حيث يبرز أهمية التطبيع التركي الخليجي، يلفت الكاتب التركي.

بارقة أمل جديدة

ويعتبر دومازيتي أن وقوع البلاد في كارثة إنسانية وتزايد الضغط العام الدولي، وعلامات الإرهاق من الحرب التي لوحظت على أطراف الصراع، يشكل بارقة أمل جديدة لإعادة إحياء عملية السلام اليمنية.

 ولتحققها، يجب أن تتوصل الجماعات في الجنوب إلى اتفاق بينها، ليتم الشروع بعد ذلك في محادثات شاملة مع إيران والحوثيين في إطار عملية تطبيع إقليمي.

ويقول: غير أن الإمارات التي لعبت دورا سياسيا وعسكريا في اليمن منذ بداية الحرب، تدعم بشكل مباشر المليشيات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي الذي فرض سيطرته جنوبي البلاد. 

وفي حال اتخاذ خطوات فعلية من أجل السلام في المنطقة، لن يكون من الصعب جر المجلس الانتقالي الجنوبي إلى طاولة المفاوضات بالنظر إلى تأثير الإمارات الكبير عليه.

وأعقب: كذلك فإن السعودية التي تدخلت عسكريا في اليمن منذ عام 2015، تمثل أحد أهم الفاعلين في الحرب. 

لكن السعودية فشلت في تحقيق أهدافها من التدخل العسكري. ولم يقتصر الأمر على هذا، بل كان لانهيار الوحدة السياسية والوطنية لليمن تأثير سلبي كبير أيضا على إدارة الرياض، وفق تقديره.

كما أدى انخراطهما في الحرب لمدة طويلة، إلى زيادة المخاطر المالية والعسكرية والأمنية على الإمارات والسعودية.

 لذلك، وجب إنشاء طاولة سلام قبل أن تتحول الحرب في اليمن إلى عقدة يستحيل حلها حتى على الصعيد المحلي، خاصة وتسببت في دوامة لا نهاية لها من المشاكل لكل من الإمارات والسعودية، يشدد الكاتب.

ويضيف: من جانبها، اكتفت تركيا بتقديم الدعم الفني للعملية العسكرية التي نظمها التحالف العربي عام 2015، بما أنها لم ترغب أبدا في المشاركة بشكل مباشر في حرب اليمن. 

وعلى الرغم من ظهور تقارير إخبارية تفيد باستخدام المسيرات المسلحة التركية في المنطقة، فقد قالت أنقرة إن هذه الأخبار غير صحيحة.

وتابع: كذلك أعربت تركيا في كل فرصة أن الهدف الأساسي من سياساتها في اليمن يتمثل في حل الأزمة الإنسانية في البلاد. 

ودعمت أنقرة مبادرات السلام للأمم المتحدة وغيرها من المبادرات. وقد نشطت منظمات المجتمع المدني التركية في تقديم المساعدات الإنسانية في اليمن. وتبرعت تركيا بمجموعتين من المستشفيات الميدانية سعة كل منها 50 سريرا.

وعلى الرغم من أن تركيا تتخذ مكانها إلى جانب الحكومة الشرعية في اليمن سياسيا، مع الحرص على ألا تكون طرفا في الصراع، إلا أن الجماعات المحلية مثل "الإصلاح" تأخذ أنقرة بعين الاعتبار. 

لذلك، قد يكون تطبيع العلاقات التركية الخليجية فرصة مهمة لإنهاء وحل النزاعات المستمرة بين هذه الجماعات والمليشيات، يؤكد الكاتب.

زيارة واعدة

واستدرك دومازيتي: حاليا، يولي الشعب اليمني انتباهه للأخبار القادمة من الخارج والتي قد تكون مؤشرا على إنهاء الحرب في البلاد. 

في هذا، تشير التقديرات إلى أن التطبيع التركي الخليجي يمكن أن ينعكس إيجابيا على اليمن أيضا. 

بالنظر إلى التوازنات السياسية الحالية في اليمن، تبرز تركيا كواحدة من الدول القليلة التي يمكنها أن تتولى دور الوسيط.

وأوضح: لذلك، يتوقع أن تفعل تركيا دورها في الوساطة السياسية بين إيران والسعودية والإمارات، وذلك كطرف ثالث في المفاوضات. 

في هذا السياق، تعد زيارة الرئيس أردوغان إلى الخليج المتوقعة في فبراير، مهمة جدا بالنسبة لليمن كما هي بالفعل بالنسبة لتركيا.

ومن المتوقع أن يطرح أردوغان قضية اليمن على جدول الأعمال خلال زيارته للمنطقة. 

وبعد المباحثات التي ستجرى في نطاق برنامج الزيارة، من المتوقع أيضا أن يوجه دعوة لإنهاء الحرب في اليمن- أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية- وإطلاق مبادرة سلام في هذا الشأن، بحسب ما يراه الكاتب.

ونوه قائلا: ينبغي فتح الباب أمام إيران أيضا لتجلس إلى طاولة المفاوضات عند بدء مفاوضات سلام جديدة في اليمن. 

ويمكن القول إن الاتصالات الدبلوماسية بين الإمارات وإيران يمكن أن تساهم في حل الأزمة، "خاصة وأنه لا يوجد أمامنا حل آخر سوى الحوار والتفاوض لحل الأزمة الإنسانية في اليمن. لذلك، تعد مساعي التطبيع في المنطقة ذات أهمية حيوية". 

وختم دومازيتي مقاله قائلا: في النهاية، ما من شك في أن زيارة الرئيس أردوغان للخليج تعتبر زيارة مهمة للغاية لكل من تركيا والمنطقة.

 وتجدر الإشارة هنا إلا أن هذه الزيارة يمكن أن تكون الخطوة الأولى للتوصل إلى اتفاق يخفف من معاناة الشعب اليمني على الأقل ويلبي توقعاته التنموية، لا سيما في مجال التعليم والصحة.

وباختصار، يمكن للوجود التركي في خليج عدن والبحر الأحمر أن يساهم في تحقيق عملية السلام، كما يمكن أن تكون اتصالات أردوغان في الخليج نقطة تحول بالنسبة لكل من اليمن وتركيا، وفقا للكاتب.