العفو عن زعماء المعارضة في إثيوبيا.. هكذا يمهد لمرحلة جديدة بعد حرب دامية

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أشارت صحيفة "لوبوان" الفرنسية إلى إعلان الحكومة الإثيوبية في 7 يناير/ كانون الثاني 2022 العفو عن سجناء سياسيين كبار بينهم ممثلون لجبهة تحرير شعب تيغراي، في محاولة لتعزيز الحوار الوطني، الأمر الذي لقي ترحيبا أمميا ودوليا.

واندلعت حرب أهلية في إثيوبيا في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، عندما أرسل رئيس الوزراء آبي أحمد الجيش الفيدرالي إلى إقليم تيغراي الشمالي للسيطرة على الإدارة المحلية التابعة لـ"الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي".

وبرر رئيس الوزراء آبي أحمد الخطوة آنذاك بأن "قوات تيغراي هاجمت معسكرات للجيش الفيدرالي"، وتعهد بتحقيق نصر سريع وهو ما لم يتحقق.

عفو مفاجئ

ولفتت الصحيفة الفرنسية إلى أن هذا العفو المفاجئ يأتي بعد دعوة لـ"المصالحة الوطنية"، أطلقها آبي أحمد خلال مراسم الاحتفال بعيد الميلاد الأرثوذكسي (7 يناير)، بعدما تمزقت بلاده طوال 14 شهرا بسبب الصراع بين الحكومة الفيدرالية وجبهة تحرير تيغراي.

وأضافت أن الحكومة الإثيوبية تعتبر أن الهدف من العفو "تمهيد الطريق لحل دائم لمشاكل إثيوبيا بطريقة سلمية وغير عنيفة".

فيما لم يتضح على الفور عدد المعتقلين الذين تم الإفراج عنهم بالفعل.

وأوضحت أن من أبرز من شملهم قرار العفو "جوهر محمد" الذي يصفه أنصاره بـ"أيقونة ثورة شباب الأورومو"، والذي اعتقل في يوليو/ تموز 2020.

كما شمل القرار "سبحت نغا" مؤسس جبهة تحرير تيغراي، الذي اعتقل في يناير 2021 إثر عملية تمشيط أجراها الجيش بعد سيطرته على مدينة ميكيلي عاصمة إقليم تيغراي.

وتضم قائمة المشمولين بقرار العفو أيضا "بيكيلي جيربا" أحد كبار قادة حزب مؤتمر أورومو الاتحادي، الذي اتهم هو وجوهر محمد في سبتمبر/أيلول 2020 بـ"جرائم إرهابية" قالت السلطات إنها مرتبطة باحتجاجات دامية وقعت في يونيو/ حزيران من نفس العام بعد اغتيال مطرب شعبي شهير من الأورومو.

وكذلك احتوت القائمة على شخصيات من جبهة تحرير تيغراي، مثل "كيدوسان نيغا"، و"أباي ولدو"، والسفير الإثيوبي السابق لدى السودان "أبادي زيمو"، و"مولو غبريغزابر".

من جانبه، أعلن حزب بالديراس المعارض عن إطلاق سراح مؤسسه إسكندر نيغا، ونشر الحزب عبر فيسبوك صورة لإسكندر وأحد زملائه السجناء يرفعان أياديهما خارج سجن كاليتي شديد الحراسة في أديس أبابا حيث كانا محتجزين.

تاريخ دام

وذكرت "لو بوان" بأن لنخب إقليم تيغراي تاريخا كبيرا في مواجهة السلطة الحاكمة في أديس أبابا.

إذ حاربت جبهة تحرير تيغراي ما لا يقل عن 15 عاما نظام "منغستو هيلا مريام" الذي حكم البلاد في الفترة بين 1977-1991، وعقدت تحالفا مع حركات تمرد أخرى مثل الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا.

وفي عام 1989، تم تشكيل تحالف كبير من عدة حركات معارضة بمبادرة من الجبهة، أطلق عليها اسم "الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي" وتمكنت من الاستيلاء على السلطة في أديس أبابا في مايو/ أيار 1991 ونفت منغستو خارج البلاد.

فيما أصبح مؤسس الجبهة الرئيس ملس زيناوي لاحقا رئيسا للوزراء في الفترة بين (1995-2012).

وكانت نخب تيغراي حاضرة جدا في قطاعات الاقتصاد والأمن من عام 1991 إلى عام 2018، حيث كانت رئاسة أركان الجيش تذهب دائما إلى شخصية من تيغراي، مثل عديد من المناصب السيادية الأخرى.

غير أن لجوء النظام لقمع ممنهج وتزوير الانتخابات للبقاء في السلطة، إضافة إلى وفاة زيناوي، أدى، وفق الصحيفة، إلى غضب شعبي واسع ومظاهرات أطاحت بالنظام.

وفي نوفمبر 2019، أنشأ آبي أحمد تحالفا سياسيا جديدا، منفتحا على جميع ولايات البلاد وأكثر ديمقراطية.

لكن جبهة تحرير تيغراي رفضت الانضمام إلى هذا التحالف، الأمر الذي أدى إلى تهميش أقلية تيغراي في المشهد السياسي.

 ولاحقا اعتقل عدد من كبار المسؤولين من أصول تيغرانية، بتهم الفساد.

وأودى الصراع في إقليم تيغراي، الذي يسكنه ستة ملايين نسمة، بحياة الآلاف، وتفتقر المنطقة، التي تخضع لما تسميه الأمم المتحدة "حصارا فعليا"، إلى الغذاء والدواء.

كما يتزامن العفو، وفق "لو بوان" مع زيارة إلى إثيوبيا أجراها المبعوث الأميركي الخاص للقرن الإفريقي، جيفري فيلتمان، لتشجيع محادثات السلام بين الحكومة وجبهة تحرير تيغراي.

استعادة الاستقرار

وأكدت الصحيفة الفرنسية أن هذا الصراع في ثاني أكبر دولة بالقارة من حيث عدد السكان يهدد بزعزعة استقرار منطقة القرن الإفريقي بأكملها.

وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس للصحفيين في 6 يناير 2022، أن فيلتمان أجرى "مناقشات ثرية وبناءة" مع آبي أحمد في أديس أبابا.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة ستعمل من أجل "أن يتحقق زخم إيجابي مستمد من هذه المناقشات".

وفور إعلان العفو، رحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عبر تويتر بالخطوة، مؤكدا أنه "ما زال ملتزما بنشاط لمساعدة إثيوبيا على إنهاء القتال واستعادة السلام والاستقرار.

وكان آبي أحمد أعلن النصر في تيغراي في نهاية عام 2020، لكن هجوما مضادا لجبهة تحرير تيغراي نجح في استعادة معظم المنطقة في نهاية يونيو 2021 والتقدم نحو مقاطعتي أمهرة وعفر المجاورتين.

وزعمت جبهة تيغراي في نوفمبر 2021 أن عناصرها صاروا على بعد 200 كيلومتر من أديس أبابا، ما دفع دولا عديدة إلى دعوة مواطنيها لمغادرة البلاد.

غير أنه في 22 ديسمبر 2021، أكدت الحكومة الإثيوبية أن قواتها تقدمت إلى جنوب تيغراي من أيدي المسلحين، وأعلنت جبهة تحرير تيغراي انسحابها من مقاطعتي أمهرة وعفر ودعت إلى وقف القتال.

وتوالت ردود الفعل الدولية الداعية للحوار في الفترة الماضية، إذ دعا بابا الفاتيكان فرنسيس الأطراف المتصارعة إلى الحوار، وقال إنه يتابع الأخبار الواردة من القرن الإفريقي "بقلق" في صراع أودى بحياة العديد من الضحايا وتسبب في أزمة إنسانية خطيرة.

من جهتها أكدت واشنطن على لسان مندوبتها بمجلس الأمن أن الحل الوحيد للنزاع في إثيوبيا سياسي لا عسكري.

وطالبت قوات متمردي تيغراي بوقف التقدم نحو أديس أبابا، ودعت في الوقت ذاته الحكومة الإثيوبية إلى احترام القانون الدولي وبدء مفاوضات لوقف إطلاق النار من دون شروط.

أما الصين التي استثمرت المليارات في إثيوبيا، فاعتبرت في مجلس الأمن أن الضغط على أديس أبابا سيزيد الأزمة عمقا ويصعب من إيجاد حل في القريب العاجل.