تزامنا مع "قمة بغداد".. لماذا قصفت مليشيات عراقية حدود الكويت؟

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

بالتزامن مع انعقاد "قمة بغداد للتعاون والشراكة" التي حضرتها 6 دول عربية إضافة لفرنسا وإيران وتركيا، سقطت عدد من صواريخ الكاتيوشا على الحدود العراقية الكويتية، منطلقة من مدينة البصرة جنوب العراق.

في 27 أغسطس/آب 2021، أفادت وسائل إعلام محلية عراقية، نقلا عن مصدر أمني، بأن "صاروخين استهدفا محيط القاعدة العسكرية الأميركية في منفذ جريشان الحدودي (مع دولة الكويت)". وأضاف: أن "صاروخا ثالثا تجاوز القاعدة تجاه الأراضي الكويتية".

وأكد مدير ناحية سفوان الحدودية مع الكويت، طالب الحصونة، في ذات اليوم أن "أربعة صواريخ انطلقت، وسمع الأهالي صوتها، ثم عثر على منصات إطلاق هذه الصواريخ قرب جسر سفوان"، مرجحا أن "يكون الهدف هو قاعدة أميركية في الجانب الآخر من الحدود".

توضيح كويتي

لكن السلطات الأمنية الكويتية، أعلنت عبر بيان للجيش الكويتي، في 28 أغسطس/آب 2021، سقوط صاروخ كاتيوشا قرب الحدود الدولية المشتركة مع العراق، من دون تسجيل أية أضرار.

وقال الجيش الكويتي في تغريدة على "تويتر": إنه "بعد المسح الميداني الذي نفذته الجهات المختصة في الجيش الكويتي ووزارة الداخلية لكامل الحدود الدولية المشتركة مع جمهورية العراق تبين سقوط صاروخ واحد من نوع كاتيوشا بالقرب من تلك المنطقة".

وأضاف الجيش "لم ينتج عنه (القصف) أي أضرار بشرية أو مادية"، مشيرا إلى أن "رئاسة الأركان العامة للجيش تؤكد على ما جاء في بيانها بأن المنطقة الحدودية الشمالية آمنة ومستقرة".

وقبل ذلك، نفى بيان لرئاسة أركان الجيش الكويتي في 27 أغسطس/آب 2021، عبور ثلاثة صواريخ أجواء البلاد باتجاه محيط قاعدة أميركية قريبة.

ونفى البيان الذي نقلته وكالة "كونا" الرسمية، صحة ما "يتم تداوله عبر وسائل إعلام مختلفة" بخصوص الصواريخ، مؤكدا أن الحدود الكويتية مستقرة وآمنة ولم تشهد أي حوادث.

ودعت رئاسة الأركان العامة للجيش، في بيانها، إلى تحري الدقة في التعامل مع مثل هذه المعلومات والأخبار والتي تسبب زعزعة أمن واستقرار البلد"، بحسب تعبير البيان.

وكانت وكالة "الأناضول" التركية قد نقلت عن مصدر (لم تكشف هويته) في 27 أغسطس/آب 2021 أن "صاروخين اثنين سقطا في محيط القاعدة العسكرية، أما الثالث فقد عبر القاعدة باتجاه الأراضي الكويتية دون معرفة مكان سقوطه".

وأشارت إلى أن "المعلومات المتوفرة لدى السلطات العراقية تفيد بعدم رصد سقوط أية خسائر بشرية".

ونشرت حسابات إخبارية على مواقع التواصل الاجتماعي صورا ومقاطع مصورة للحظة سقوط صواريخ الكاتيوشا، التي سمع أهالي منطقة العبدلي الكويتية صوتها.

رسالة تحذيرية

وبخصوص الجهات التي استهدفت المنطقة الحدودية، وتوقيت ذلك، قال الباحث في مركز "راسام" للدراسات السياسية والإستراتيجية الخبير العسكري حاتم الفلاحي: إن "هذه الجبهات مفتوحة من مدة طويلة بدءا من الثورة السورية، فهناك آلاف المقاتلين العراقيين الذين ينتمون إلى الحشد الولائي التابع لإيران يقاتلون في سوريا".

وأضاف الفلاحي في حديث لـ"الاستقلال": إن "هناك معلومات مسربة تقول بأن الهجوم الذي طال شركة أرامكو السعودية انطلق من الأراضي العراقية، إضافة إلى جبهة اليمن ووجود بعض المقاتلين هناك وإن كان المال العراقي حاضرا في دعم هذه الجبهة، وكذلك جبهة لبنان، واليوم تضاف إليها جبهة أخرى وهي الكويت".

في سبتمبر/ أيلول 2019، تعرضت منشأتان تابعتان لشركة "أرامكو" النفطية في منطقتي هجرة خريص وبقيق السعودية، أدت إلى توقف 50 بالمئة من إنتاج الشركة، حسبما أعلن وزير الطاقة السعودي عبدالعزيز بن سلمان.

ورأى العميد العراقي المتقاعد حاتم الفلاحي أن "استهداف الكويت هو بمثابة رسالة تحذيرية إلى قادة المنطقة المجتمعين في بغداد بأن الذي يقرر سياسية العراق الخارجية هي مليشيات الحشد التابعة لإيران وليس حكومة الكاظمي، وأنها لن تسمح بجر العراق إلى محيطه العربي والإقليمي كونها تمتلك قدرات عسكرية تضاهي القدرات العسكرية الحكومية".

وتابع: "هذه الهجمات تأتي أيضا لتوسيع دائرة العمليات بحجة استهداف القوات الأميركية، ولكنها في حقيقتها استهداف لدول الجوار العراقي ضمنا، مما يعني أن هناك تحديا كبيرا أمام التزامات حكومة مصطفى الكاظمي محليا وإقليميا ودوليا وهذا يجري بتوجيه إيراني".

وعقدت قمة بغداد للتعاون والشراكة في 28 أغسطس/آب 2021 بمشاركة 9 دول، وهي السعودية، إيران، تركيا، الأردن، الكويت، قطر، الإمارات، مصر، فرنسا، وبحضور منظمتي الجامعة العربية، والتعاون الإسلامي.

وجددت الدول المشاركة في "مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة" في ختام اجتماعها، دعمها "لجهود الحكومة العراقية في تعزيز مؤسسات الدولة وفقا للآليات الدستورية"، وإجراء الانتخابات النيابية تحت الرقابة الدولية لضمان نزاهة وشفافية عملية الاقتراع المرتقبة.

وأعرب زعماء وقادة وممثلو الدول المشاركة عن الوقوف إلى جانب العراق وضرورة توحيد الجهود الإقليمية والدولية وبالشكل الذي ينعكس إيجابا على استقرار المنطقة وأمنها.

كما أكد البيان الختامي أن احتضان بغداد للمؤتمر "دليل واضح على اعتماد العراق سياسة التوازن والتعاون الإيجابي في علاقاته الخارجية".

جبهات متعددة

الهجمات العابرة للحدود العراقية ليست الوحيدة التي تنسب إلى مليشيات موالية لإيران، فقد أعلنت جماعة تطلق على نفسها "ألوية الوعد الحق" عن مهاجمة أهداف في العاصمة السعودية الرياض يناير/ كانون الثاني 2021.

ونشرت قناة "صابرين نيوز" على تلغرام، التي يعتقد أنها تابعة لفصائل عراقية تابعة لإيران، في 24 يناير/ كانون الثاني 2021 أن "الهجوم نفذه فريق فني عراقي ثأرا لشهداء ساحة الطيران".

وفي السياق ذاته، أشاد المسؤول العسكري لكتائب حزب الله العراقي، أبو علي العسكري، بالقصف الصاروخي الذي كان موجها تجاه الرياض، وتبنته جماعة تطلق على نفسها ألوية الوعد الحق "أبناء الجزيرة العربية".

وقال العسكري في تغريدة على "تويتر": "نجدد تأكيدنا أن قرار القتل وآلة الإبادة الصهيو- أميركية- سعودية، وأن الرد يجب أن يكون على مصدر النيران لا أطرافها"، وفق وصفه.

وأضاف: "بهذه المناسبة نشد على يد أبناء الجزيرة (ألوية الوعد الحق) ونبارك استهداف وكر ابن سلمان، كما نوصي الأخوة المجاهدين في العراق والمنطقة أن يسيروا على هذا النهج، وأن لا تأخذهم في الله لومة لائم".

ونشرت قناة التلغرام ذاتها بيانا لجماعة ألوية الوعد الحق "أبناء الجزيرة العربية" التي تبنت القصف، ذكرت فيه أنه "بعد تمادي أعراق الخليج في جرائمهم بحق شعوب المنطقة ومواصلتهم دعم عصابات الإجرام الداعشي والجماعات التكفيرية التي أوغلت بدماء الأبرياء، ها هم أبناء الجزيرة العربية يوفون بوعدهم".

وتابع: "ها هم يرسلون طائرات الرعب المسيرة إلى مملكة آل سعود ويدكون حصونهم في قصر اليمامة وأهداف أخرى في الرياض ويعلنون بداية نقل معادلة الردع إلى داخل مشيختهم ثأرا لدماء الشهداء"، وفق تعبيره.

وأضاف البيان: "ستكون الضربة القادمة على أوكار الشر في دبي إذا ما تكررت جرائم (وليي عهد السعودية) محمد بن سلمان و(أبو ظبي) محمد بن زايد".

وعلق عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي النائب ظافر العاني خلال تصريحات صحفية في 27 يناير/ كانون الثاني 2021، قائلا: إنه "لا يمكن لمتابع أن يعتقد بأن استهداف السعودية من المليشيات يجري خارج الأوامر الإيرانية".

وأضاف العاني: "المليشيات الولائية ليست أكثر من أداة إيرانية لتسوية علاقاتها الخارجية، واستهداف المملكة ينطوي على أسباب عديدة ومعقدة، من بينها البعد العقائدي الديني، وثانيها كسب أوراق ضاغطة في حوارها مع أميركا، وثالثها تصعيد المنسوب الطائفي كبديل عن الهوية الوطنية".

في 27 يناير/ كانون الثاني 2021، قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية نقلا عن مصادر وصفتها بـ"المطلعة": إن الهجوم الذي استهدف العاصمة السعودية، "أسفر عن وقوع أضرار في مجمع ملكي مهم في الرياض".

وأضافت الصحيفة أن الهجوم، الذي نفذ بواسطة طائرات مسيرة أو صواريخ، "هو الأول الذي يستهدف الرياض منذ نحو 7 أشهر"، فيما نقلت الصحيفة عن مصدرين على دراية بالأمر أن "مجمعا ملكيا مهما تعرض لأضرار طفيفة من جراء الهجوم".

وفي الأشهر الأخيرة شنت مجاميع مسلحة موالية لإيران هجمات متكررة بالصواريخ وطائرات مسيرة مفخخة وعبوات ناسفة تستهدف السفارة الأميركية وقوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في أرجاء العراق، ولا سيما مطار مدينة أربيل في إقليم كردستان.

وتتهم واشنطن فصائل عراقية مسلحة مرتبطة بإيران بالوقوف وراء الهجمات، إذ هددت مرارا باستهداف القوات الأميركية إذا لم تغادر البلاد.

وتأتي الهجمات الجديدة رغم توصل بغداد وواشنطن في 26 يوليو/تموز 2021 إلى اتفاق يقضي بانسحاب القوات الأميركية المقاتلة من العراق بحلول نهاية العام ذاته.