"ميلييت": تركيا تستعد لمشاريع عملاقة في العراق

12

طباعة

مشاركة

فرص هائلة تنتظر الشركات التركية في العراق، بعد استقرار البلد أمنيا وانتهاء سيطرة تنظيم الدولة على بعض مناطقه، إذ صرح رئيس جمعية المقاولين الأتراك، مدحت يانيجون، بعد زيارة طويلة للعراق أنه سيشارك ملاحظاته حول عمليات إعادة الإعمار، والمشاريع المنتظرة التي ستنطلق خلال 2019، كما أنه سيعمل على التشاور مع وزارتي التجارة والخارجية التركيتين حول هذه المسائل.

ولفت يانيجون، في حوار له مع الصحفية ديديم أوزال تومار على صحيفة "ميلييت" التركية، إلى أن عمليات إعداد المشاريع الجديدة في العراق تجري على قدم وساق، مشيرا إلى أن تركيا يجب أن تكون أكثر حساسية تجاه هذا الموضوع، إذ ينتظر العراق من تركيا وديعة بقيمة 5 مليار دولار تعهدت بها أنقرة لبغداد للمساهمة في عملية الإعمار.

وقال وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، إن بلاده ستضطلع بدور هام في إعادة إعمار العراق، وأعرب عن استعداد تركيا لمشاركة تجاربها معه. ولفت في تصريحات له، إلى أن العراق يملك من المقومات ما يجعله مرشحا لرفع التبادل التجاري مع تركيا، ليصل إلى 100 مليار دولار، مرتفعا من القيمة الحالية التي لا تتجاوز 10 مليار دولار.

ديون تركيا

وفي هذا السياق، ذكّر الوزير التركي بعزم بلاده فتح معبر حدودي جديد مع العراق قرب قرية "أوفاكُوي" بولاية شرناق جنوب شرقي بلاده، على بعد نحو 7 كيلومترات عن المثلث الحدودي التركي العراقي السوري. وأعرب تشاووس أوغلو، عن استعداد بلاده لمشاركة تجاربه مع العراق، إضافة إلى تعهدها بتقديم 5 مليارات دولار في "مؤتمر الكويت" لإعادة إعمار البلد العربي.

وفي إطار الالتزام الذي تبلغ قيمته 5 مليارات دولار، سيتم بناء معبر أوفاكوي الحدودي، والعمل على بناء الطرق السريعة والسكك الحديدية بين أوفاكوي وبغداد، وبناء مشاريع الموصل ومطار البصرة من قبل المقاولين الأتراك.

وأشارت الكاتبة إلى أن يانيجون عاد بانطباع إيجابي عن العراق بعد زيارته ومكوثه فيه لفترة طويلة. موضحة أن العراق بحاجة إلى نحو 90 مليار دولار من أجل إعادة إعمار أكثر من نصف الأراضي المدمرة جراء معارك عسكرية طاحنة دارت رحاها بين كل من القوات العراقية النظامية وفصائل الحشد الشعبي، مدعومين بالتحالف الدولي تحت قيادة الولايات المتحدة من جهة، وتنظيم الدولة حين سيطر على ثلثي الأراضي العراقية منذ العام 2014. إذ انتهت المعارك أواخر عام 2017، وبقيت معظم المدن عقب انتهاء المعارك مدمرة سيما محافظتي نينوى والأنبار.

ونقلت الكاتبة عن يانيجون، أن رجال الأعمال في العراق قالو إنهم ينتظرون الاستثمار التركي منذ ثلاث سنوات، حيث كانت المحادثات بالفعل بدأت في تلك الفترة، لكن لم تسنح فرصة لتنفيذ مشاريع تركية في العراق للظروف التي تم شرحها في السطور السابقة. 

وعلى أي حال، قال المحاوَر، إن العراق بلد غني، قد لا تكون له ثروة وأموال سائلة، حاليًا،  لكن تركيا ستسترتجع قيمة ديونها، مع أن الانتخابات الأخيرة أخرت تطوير العلاقات الاقتصادية، وزيارة رجال الأعمال الأتراك مؤخرا كان له تداعيات كبيرة وصدى بين البلدين.

استيراد النفط

وتابعت الكاتبة، يمتلك العراق 26 مليار دولار من إيرادات تركيا البالغة 380 مليار دولار، ومن حيث قيمة التداول عالميًا حل العراق في المركز الرابع، لكنه كان الأول في منطقة الشرق الأوسط بعد الكويت وقطر والسعودية.

وهذا لأن الثقافة والجغرافية وغيرها من الظروف كانت أسبابًا لذلك، وهناك احتمالا بتوقيع اتفاقية بقيمة 4 مليار دولار، بصورة أولوية. وقالت الكاتبة إنه إذا كانت روسية والدول الإفريقية وغيرها من الدول تعمل مع عشرة مصانع تركية فإن العراق وحده يمكن أن يتعامل مع 30 مصنعًا تركيا.

وبحسب الحوار، قال يانيجون، "العراق من أكثر الدول التي تشد من عضد الاقتصاد التركي، فإذا كانت هناك تجارة بمليار دولار، 900 مليون دولار تكون من العراق، الرمل والحصى والأسفلت كل شيء، ما عدا العمال، يمر من تركيا لذلك نحن نهتم كثيرا".

وانتقلت الكاتبة إلى نقطة أخرى في حوارها مع يانيجون، إذ أكد أن العراق يتمتع بنفط وفير وذو نوعية جيدة، ويجب أن تبدأ تركيا بالفعل الاستيراد منه، وإن لم يكن هذا ممكنًا الآن سيكون ممكنًا خلال خمس سنوات.

وشدد رئيس جمعية المقاولين الأتراك على أن الظروف مواتية تمامًا لذلك، لقد أنهت القوات العراقية مشكلة تنظيم الدولة، والأمور تسير بشكل أفضل نحو صفقة مع شمال العراق حيث (إقليم كردستان)، البيئة السياسية التركية الداخلية جيدة وكذلك العراقية، والآن الدور على الأتراك لطرق الباب العراقي وبقوة، بحسب الحوار.

إن العراق يسير بالفعل نحو بيئة سلام يتم التأسيس لها، وعلى سبيل المثال، في الماضي كان الدخول إلى المنطقة الخضراء في بغداد يستوجب المرور بثلاث نقاط تفتيش أمنية، أما حاليًا فهي نقطة واحدة فقط. ليس هذا فحسب تتابع الكاتبة، بل إن وفدًا من رجال الاعمال العراقيين سيزور تركيا قريبًا.

حصة الأسد

يانيجون بيّن أن الـ5 ملايير دولار التي أعلنت أنقرة أنها ستودعها في الخزينة العراقية ستكون لصالح مشاريع عراقية، سيعمل المستثمرون الأتراك على تنفيذها، وهذا العام ستبدأ المشاريع بقيمة مليار دولار، لكنها ستكون من الأموال التي تم التبرع بها من كل من قطر والكويت لصالح إعادة إعمار الكويت، غير أن العراقيين يريدون بشكل واضح معرفة الخطط التركية بشأن إعادة الإعمار في العراق وهو ما سيتكلم بشأنه مع وزيري الخارجية والتجارة التركيين.

الطريق، إذن مفتوح أمام الشركات الاستثمارية في العراق، وستعمل بغداد خلال 2019 على إعداد خطط إعادة الإعمار، وهذه الأوقات ستكون ساخنة، ويجب الحفاظ على هدوء منطقي للاستمرار في علاقات قوية مع العراق، حتى بدون النظر إلى قيمة هذه الاستثمارات.

المهم هو وضع الشركات التركية على أول الخط، وإن فعلنا ذلك، البقية تأتي بلا محالة، وبالتالي يكون الطريق ممهدا لكل من الشركات والمصانع وغيرها من المؤسسات الاستثمارية التركية، بل إن السلطات العراقية بالفعل سمحت لبدء المشاورات التركية العراقية عن قرب ومن داخل العراق. وعندما تذهب شركاتنا الاستشارية، فإنها تعد المواصفات، وتعد المشاريع وتصف المواد التركية ونوعيتها، بحسب الكاتبة.

وقال المحاوَر، "خلال الأشهر الثمانية المتبقية من هذا العام، يجب أن يكون الخطاب أكثر حساسية ودقة، العلاقات مع العراق يجب أن تكون أكثر دفئًا وقربًا، وكلما كان الأمر كذلك، كانت فرصة تركيا في الحصول حصة كبيرة من المشاريع العراقية المقبلة".

وإن انطلقنا لهذه النقطة، بحسب الحوار، فإن التعامل مع العراق يجب أن يكون على مبدأ الثقة، لأنه ولسنوات مقبلة لن يكون العراق بحاجة إلى قروض، على العكس تمامًا، ستكون زيادة في عائدات النفط نظرًا لارتفاع أسعاره، عقب العقوبات الامريكية على إيران ومنعها من تصدير نفطها لمعظم دول العالم.

الثقة ليست من مبدأ الاستثمار والتجارة، يوضح ضيف الكاتبة، لكنه يعمل على فتح المزيد من المشاريع المستقبلية.

الصين.. المنافس الشرس

يانيجون اعتبر أن المنافس الحقيقي لتركيا في العراق هو الصين، كما هو الحال دائمًا، لأن المشاريع الصينية دائمًا رخيصة، لكن جودتها منخفضة كذلك، ولا يمكن الحفاظ على موعد دقيق ولا حتى التواصل معهم بشكل سلس، ولا تعمل المشاريع الصينية على تشغيل أيدٍ عاملة من ذات البلد، ويقوم بتنفيذ المشروع من ألفه ليائه بنفسه.

وإذا تم الوفاء بالالتزامات، يعتقد يانيجون أن العراق لن يحتاج إلى الصين وسيلعب الحظ أيضًا لعبته هذه المرة خاصة وأنه ليست هناك فرصة للأوروبيين في السوق العراقي.

وفي سياق التزام تركي بقيمة 5 مليارات دولار، سيتم بيع المشاريع بالمزاد العلني وفقط الشركات التركية ستدخل المناقصة، وسوف تستفيد الشركات التركية التي قدمت العطاءات.

وذكر يانيجون أن المشاريع المقترحة التي قدمتها تركيا للعراق، تتمثل في تطوير وتوسعة مطار البصرة، ومشاريع خاصة في البنى التحتية، وإنشاء مطار الموصل وبناء منطقة صناعية في المدينة، وبناء المعبر الحدودي الثاني في أوفاكوي وبناء الطرق السريعة والسكك الحديدية بين المعبر والعاصمة بغداد.