روسيا وفرنسا وحفتر.. لهذه الأسباب ليبيا لا تزال برميل بارود جاهزا للانفجار

منذ شهرين

12

طباعة

مشاركة

المصالح الروسية، والنشاط الفرنسي المتجدد، والهجرة غير النظامية  وتداعيات تشكل تحالف بين الجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر والمجلس العسكري في النيجر المجاور.

كلها عوامل يرى موقع إيطالي أنها تجعل ليبيا المنقسمة إلى إدارتين في الغرب والشرق، "برميل بارود جاهزا للانفجار".

انفجار محتمل

وقال موقع "إنسايد أوفر" إن "إيطاليا مهددة بشكل خاص بتداعيات هذا الانفجار لذلك تراقب باهتمام وقلق كبيرين ما يحدث هناك خصوصا فيما يتعلق بمصالح الطاقة وتلك المرتبطة بمكافحة الهجرة غير الشرعية".

وعن الملف ومستجداته وسيناريوهات مستقبلية محتملة، تحدث الموقع مع كل من الأكاديمية والمحللة العسكرية ميكالا ميركوري ومواطنها أليساندرو شيبيوني، الصحفي المتابع للشأن الليبي. 

وبحسب تعبيره، عادت ليبيا مجددا إلى "قلب العديد من المصالح الدولية، السياسية والاقتصادية، ما يخلق سياقا تبدو فيه أي فرضية للمصالحة بين مختلف المكونات داخلها بعيدة جدًا".

على المستوى السياسي، لا تزال ليبيا تعيش انقساما بين حكومة معترف بها دوليا يرأسها رجل الأعمال عبد الحميد الدبيبة ومقرها طرابلس.

ويلاحظ الموقع الإيطالي أنها " غير قادرة على بسط سيطرتها على كامل البلاد وإنما بالكاد قادرة على فرض نفسها في العاصمة الليبية". 

ويشرح أن الغرب الليبي "يخضع لسيطرة سلسلة من المليشيات التي تستجيب أحيانًا لرئيس الوزراء، وفي أحيان أخرى تتصرف بشكل مستقل اعتمادًا على مصالحها."

فيما يخضع شرق ليبيا لسيطرة المليشيات الموالية للجنرال الانقلابي خليفة حفتر. 

تتعقد الصورة أكثر بوجود مجلسين برلمانيين غالبا ما يختلفان، في إشارة إلى المجلس الأعلى للدولة وهو مؤسسة تشريعية تأسست ضمن اتفاق الصخيرات بالمغرب في عام 2015 ويقع مقره في العاصمة وكذلك مجلس النواب في طبرق الذي تم انتخابه في عام 2014. 

في ظل هذا الوضع، ينقل الموقع تحليل الأكاديمية ميركوري بأن" انقسام ليبيا يفتح شهية جميع الجهات الفاعلة الداخلية والخارجية، التي ترغب في وضع أيديها على هذه الأراضي الإستراتيجية في بلد مطل على البحر المتوسط ​​وغني بالموارد الطبيعية مثل النفط والغاز". 

وإلى جانب إيطاليا وفرنسا، المتنافستين قبل أن تكونا حليفتين في ليبيا، يذكر الموقع دعم تركيا لرئيس حكومة الوحدة الوطنية الدبيبة، بينما باتت روسيا على الطرف المقابل مقربة جدًا من حفتر منذ عام 2015.

وعن الأخيرة، ترى ميركوري بأنها تسعى "الآن للاستفادة من حالة الإلهاء بالحرب في أوكرانيا لعقد المزيد من الاتفاقيات مع حفتر و سيكون الهدف الأول لها إنشاء قاعدة بحرية في برقة".

وأكدت بأن"هذا من شأنه أن يعزز موقع روسيا السياسي والعسكري في البحر المتوسط ​​والشرق الأوسط  ومن شأنه أن يؤدي إلى تغيير عدد لا بأس به من التوازنات". 

كما أشارت إلى أن موسكو حاضرة بقوة في القارة الإفريقية وترغب في توسيع نفوذها بشكل أكبر من خلال بناء قاعدة في قلب أفريقيا وهو ما يثير مخاوف الدول الغربية وفي صدارتها إيطاليا.

تحركات مشبوهة

وفي سؤال عما يمكن أن تفعله روما لتقليص نطاق النشاط الروسي، أوصت الأكاديمية الإيطالية بضرورة "تكثيف الاتصالات قدر الإمكان مع شرق ليبيا وبالتالي مع حفتر". 

ومن الجدير بالذكر أن إيطاليا تقيم علاقات رسمية مع حكومة الدبيبة وفتحت قنوات اتصال منذ فترة مع الجنرال الانقلابي حفتر لكنها  ظلت غير رسمية.

وبحسب ميركوري، إقامة علاقات أوثق مع حفتر ومليشياته التي تسيطر على إقليم برقة من شأنه أن يضمن أيضًا لروما إمكانية تفادي "الضربات المحتملة التي يوجهها الحليف".

 والإشارة إلى فرنسا خصوصا وأنها "عادت للنشاط مجددا في ليبيا في الأيام الأخيرة" من خلال مباحثات جمعت مبعوث الرئيس ماكرون، بول سولير بحوالي ثلاثين من القادة السياسيين والمحليين الليبيين. 

رسميا، تعلن الحكومة الفرنسية أنها تسعى إلى تحقيق الاستقرار في ليبيا إلا أن الباحثة الإيطالية تتهم فرنسا بأن نشاطها المتجدد يرمي بدلاً من ذلك إلى "إزعاج إيطاليا" وربما للإبقاء على اتصالات في إفريقيا نظرا للصعوبات التي واجهتها أخيرا في مناطق أخرى من القارة.

وأضافت ميركوري "في رأيي هذه تحركات مشكوك فيها خاصة في الوقت الذي طرحت فيه إيطاليا المشروع السياسي المتعلق بخطة ماتي للتنمية".

 واتهمت باريس بتغليب مصالحها الوطنية "بدلاً من التعاون من أجل رؤية أوروبية مشتركة ". 

وعلق الموقع الإيطالي بأنه من الصعب الجزم ما إذا كانت جولة المشاورات السياسية ستفضي إلى نتائج ملموسة مبينا بأنه لا يمكن "وضع خطة للعودة إلى التأثير في مثل هذا الملف الحساس في غضون أيام قليلة". 

وتابع بأن "سلسلة من الاجتماعات الثنائية غير كافية لتنفيذ هذه الخطة" لذلك الشيء الوحيد المؤكد الذي يمكن ملاحظته في هذه المرحلة بحسب قوله يتمثل في "عودة النشاط الفرنسي بعد اختفائه أو تقلصه في السنوات الأخيرة".

محور حفتر ونيامي

وأردف الصحفي الإيطالي شيبيوني أن هناك أيضًا مخاوف مرتبطة بالعواقب التي يمكن أن تترتب على الفوضى في ليبيا على البلدان المجاورة، وخاصة على دول منطقة الساحل.

وأشار بشكل خاص إلى الاهتمام "الذي بات يجذبه المحور الذي تم إنشاؤه بين الجنرال حفتر والمجلس العسكري الحاكم في النيجر". 

وقال إن "الراعي له موسكو التي تدعم كلا الطرفين" مشيرا إلى اتصالات مهمة تجري بين حفتر والقادة النيجريين منذ أسابيع وهو ما دفع رئيس حكومة الوحدة الدبيبة إلى إرسال وفد إلى نيامي بهدف "عرقلة هذا المحور الموالي لروسيا".

وأوضح أن "اشتراك النيجر وليبيا في حدود تمتد لمسافة 324 كيلومترا في الصحراء الكبرى يمثل نقطة إستراتيجية على طرق الساحل". 

ويضيف "فيما تتورط القبائل والمجموعات العرقية الموجودة في كلا البلدين، مثل التبو والطوارق، منذ سنوات في نزاعات للسيطرة على طرق التهريب والاتجار بالبشر، كما أن الوجود الروسي يثير بشدة قلق الولايات المتحدة وأوروبا". 

ومن هنا تتضح الأهمية، بحسب الصحفي الإيطالي، التي تحظى بها النيجر في نظر الفاعلين الرئيسين المشاركين في المشهد الليبي وهو ما قد يدفع الدبيبة وحفتر للتنافس على النيجر. 

وذكر أن "الانقلاب الذي وقع في نيامي في يوليو/تموز الماضي كان له بالفعل تداعيات كبيرة على تدفقات الهجرة غير الشرعية في المنطقة". 

في الختام، أكد الموقع أن انتشار عدم الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة يعد سببا آخر للخشية من انتشار التوترات من ليبيا إلى دول جنوب الصحراء.

الكلمات المفتاحية