ركود وحروب وانتخابات.. أجندة ثقيلة على كاهل الاتحاد الأوروبي في 2024

منذ ٤ أشهر

12

طباعة

مشاركة

طوال عام 2023، خيمت مشاكل الهجرة غير النظامية والحرب الروسية الأوكرانية والركود الاقتصادي على النقاشات داخل أوساط ومؤسسات الاتحاد الأوروبي.

وفي هذا السياق، نشرت وكالة الأناضول مقالا لرئيس قسم العلاقات الدولية بجامعة قوجايلي "عرفان كايا أولغر" يتحدث فيه عن الطريق المسدود الذي وصل إليه الاتحاد نهاية 2023 والتطورات التي يتوقعها في هيكله في 2024.

عبء قديم

وقال الكاتب إن ثمة أسبابا جعلت الاتحاد الأوروبي يدخل في حالة ركود، لعل أهمها هو العبء الذي فرضته الدول التي انضمت إلى الاتحاد عامي 2004 و2007 على اقتصاده وبنيته التنظيمية.

حيث إن معظم الدول التي انضمت إلى الاتحاد الأوروبي في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين لم تكن تملك شيئا من الديمقراطية وحقوق الإنسان واقتصاد السوق العالمي كونها صارت دولا بفضل معاهدة وارسو، والظروف التي مر بها الاتحاد السوفييتي، ويوغوسلافيا.

وبالتالي، فإن انضمام هذه البلاد إلى الاتحاد الأوروبي قد أحدث انخفاضاً في مؤشرات مجتمع الرفاهية داخل هيكل الاتحاد.

أما السبب الثاني لهذا الركود فهو رفض فرنسا وهولندا للدستور الذي جرى إعداده ليكون بمثابة خريطة الطريق للاتحاد في عام 2005.

والحقيقة أن عدم قبول البلدين المؤسسين للدستور أدى إلى نقض التوقعات المتفائلة بشأن مستقبل الاتحاد الأوروبي وتعزيز الشكوك.

ثالثاً، الآثار السلبية للأزمة الاقتصادية العالمية على الاتحاد الأوروبي قد أثرت تأثيرا عميقا على منطقة اليورو.

وبسبب الأزمة نفسها ابتعدت المؤشرات النقدية لبعض دول الاتحاد عن معايير ماستريخت، التي تضع نسبة عجز أدنى في ميزانية الدولة العضو لا تزيد على 3 بالمئة ونسبة دين عام لا تتعدى الـ60 بالمئة.

ورغم ذلك فقد تم الإبقاء على هذه الدول ضمن منطقة اليورو بقرار سياسي، ليجرى بذلك منع انخفاض قيمة اليورو مقابل الدولار.

كما يرجع الركود الذي يواجهه الاتحاد إلى صعود الأحزاب السياسية الهامشية والشعبوية والعنصرية، لتزيد بذلك العنصرية والكراهية تجاه الأجانب في أوروبا بالتزامن مع التدفق الكبير للاجئين من دول المغرب العربي والشرق الأوسط إبان فترة الربيع العربي.

بالإضافة إلى ذلك، فقد تسببت جائحة كورونا (كوفيد-19)، وانفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد، والحرب الروسية-الأوكرانية بمجموعة من التأثيرات السلبية على الاتحاد الأوروبي أيضاً.

حيث انعكست تكلفة الحرب على الاتحاد الأوروبي مع تدفق الأوكرانيين النازحين من بلدهم. فقد نزح في العامين الماضيين حوالي سبعة ملايين مواطن أوكراني لجأوا إلى البلدان الأوروبية.

وتزايدت الآثار السلبية للحرب الروسية-الأوكرانية على دول الاتحاد الأوروبي بشكل أكبر بسبب العقوبات الاقتصادية التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا وتَرَاجُع القدرة الإنتاجية الصناعية نتيجة انقطاع تدفق الغاز الطبيعي من روسيا،  مما أدى إلى بدء الركود الاقتصادي.

كيف مضى 2023؟

وأوضح الكاتب أن الاتحاد الأوروبي قد أمضى عام 2023 في جهودٍ لإعادة الهيكلة والإصلاح من ناحية، والبحث عن حلول للمشاكل التي خلفتها الحرب الروسية-الأوكرانية من ناحية أخرى.

وتمثلت الآثار السلبية للحرب على الاتحاد الأوروبي في أزمة الطاقة وتدفق اللاجئين وتدهور المؤشرات الاقتصادية.

وبالحديث عن المساهمات الإيجابية التي قدمتها الحرب الأوكرانية، فقد بدأ الاتحاد الأوروبي حركة تكامل تهدف إلى تعزيز التعاون في مجالات الدفاع والأمن، وترك الخلافات بين الدول الأعضاء جانباً وبدء موجة جديدة من التوسع.

وكخطوة أولى، تم ترشيح أوكرانيا ومولدوفا للعضوية من قبل الاتحاد الأوروبي في عام 2023. 

كما تم قبول جورجيا مرشحة للعضوية في الاتحاد الأوروبي، على الرغم بأنها لا تقع جغرافيا في القارة الأوروبية.

وفي قمة بروكسل التي عقدت يومي 14 و15 ديسمبر/ كانون الأول 2023، تقرر البدء فورا في المفاوضات مع أوكرانيا وجورجيا، وتجهيز المفاوضات مع البوسنة والهرسك.

ومن الأولويات الأخرى للاتحاد الأوروبي في عام 2023 هي مكافحة الهجرة غير النظامية. 

وعلى الرغم من أن معاهدة الهجرة لم تنفذ بالكامل بسبب معارضة بولندا والمجر لها، فقد تم إحراز تقدم كبير في سياسة الهجرة.

لكن عند اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، واجه الاتحاد الأوروبي صعوبة في اتخاذ موقف واضح.

فقد أدت تصريحات وإجراءات القيادة العليا للاتحاد الأوروبي لصالح إسرائيل بالتوازي مع الولايات المتحدة إلى خلق جدل داخل هيكل الاتحاد.

فقد أدانت دول مثل إسبانيا وأيرلندا وبلجيكا الإدارة العليا للاتحاد الأوروبي، متهمين الإدارة بابتعادها عن المنظور الاستراتيجي للاتحاد.

غير أنّ التصريحات التي صدرت نتيجة لقمة الاتحاد الأوروبي لم تتضمّن أي دعوة لوقف إطلاق النار في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

وانحياز الاتحاد الأوروبي إلى جانب إسرائيل في الصراع كان موضع احتجاج من خلال المظاهرات التي نظمتها المنظمات غير الحكومية في مختلف أنحاء أوروبا في الربع الأخير من العام.

ماذا سيحدث في 2024؟

ومن المقرر إجراء انتخابات البرلمان الأوروبي في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في الفترة من 6 إلى 9 يونيو/ حزيران 2024.

ومن المعروف أن الدعم الشعبي للأحزاب السياسية العنصرية والشعبوية والمعادية للأجانب قد زاد بشكل عام في جميع أنحاء أوروبا.

وتساءل الكاتب هنا عن كيفية انعكاس هذا الاتجاه في انتخابات البرلمان الأوروبي، وتابع قائلا بأنه سيتم تحديد ما إذا كانت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين ستواصل مهامها أم لا بعد نتيجة المفاوضات بين رؤساء الدول الأعضاء التي ستحصل بعد انتهاء انتخابات البرلمان الأوروبي.

وبالمثل، سيتم أيضًا تغيير رئيس مجلس الوزراء والممثل الأعلى للسياسة الخارجية المشتركة ورئيس البرلمان في الاتحاد بعد انتخابات البرلمان الأوروبي.

ويتوقع الكاتب أن الانتخابات الرئاسية الأميركية المقرر إجراؤها في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 ستؤثر أيضًا بشكل مباشر وعميق على الاتحاد.

حيث إن تغيير الإدارة بعد الانتخابات سوف يؤثر على الحرب بين روسيا وأوكرانيا وعلى العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

كما يتوقع الكاتب تغييرا مماثلا لأن بلجيكا ستتولى رئاسة الاتحاد في النصف الأول من عام 2024، في حين تتولى المجر الرئاسة في النصف الثاني.

ومع القرار الصادر عن قمة بروكسل التي عقدت يومي 14 و15 ديسمبر 2023، فإن علاقات الاتحاد الأوروبي مع تركيا اقتصرت على منطقة ضئيلة.

ومن المتوقع أن يكشف الاتحاد الأوروبي عن موقفه بشأن هذه القضية حتى مارس/ آذار 2024.

وتقتصر مواضيع الخلاف بشأن منح تركيا العضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي على تحديث الاتحاد الجمركي والإعفاء من التأشيرة وقضايا اللاجئين والولايات القضائية البحرية.

ويتفاءل الكاتب بأنه من الممكن إحراز تقدم في بعض هذه الأمور في عام 2024.

ومن الأولويات الأخرى للاتحاد الأوروبي في عام 2024 التغلب على الركود الاقتصادي وتسريع العمل المنجز في مجال المناخ والطاقة. كما تضمنت أولويات الاتحاد لهذا العام قضية التوسع.

ففي هذا السياق يتوقع الكاتب أن يتم تسريع انضمام دول غرب البلقان إلى الاتحاد الأوروبي خلال العام، وأن تبدأ مفاوضات العضوية الكاملة مع أوكرانيا ومولدوفا.

وحسب رؤيته لـ2024، فهناك احتمالية لقيام أرمينيا وأذربيجان في منطقة القوقاز بطرق باب الاتحاد الأوروبي أيضاً، وذلك نظراً لإعلان الاتحاد عن ترشيح جورجيا للعضوية.