بعد تورطها.. ما خيارات واشنطن لمواجهة الوضع الحالي في الشرق الأوسط؟

منذ ٣ أشهر

12

طباعة

مشاركة

منطقة الشرق الأوسط أضحت ساحة لحرب إقليمية بالوكالة، وبرزت الولايات المتحدة وإيران في مقدمة هذا الصراع، وسط انتقادات لواشنطن "دركي العالم" لتورطها في ما وصلت له المنطقة.

وشنت قوات القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم)، غارات جوية ضد أهداف ومواقع لفيلق "القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني والجماعات التابعة له في العراق وسوريا.

وذكرت القيادة في بيان صادر عنها في 2 فبراير/ شباط 2024 أن القوات العسكرية الأميركية ضربت أكثر من 85 هدفا بمشاركة العديد من الطائرات التي تضم قاذفات بعيدة المدى انطلقت من الولايات المتحدة.

من جانبه، قال الرئيس الأميركي جو بايدن: "بتوجيه مني ضربت القوات الأميركية أهدافا داخل منشآت في العراق وسوريا يستخدمها الحرس الثوري الإيراني ومليشيات تابعة له لمهاجمة قواتنا".

خيارات واشنطن

وأكدت واشنطن في 31 يناير 2024، نيتها القيام بعملية عسكرية في الشرق الأوسط، وأصدرت في اليوم التالي المزيد من التفاصيل، وذلك ردا على الهجوم الذي وقع في 28 يناير ضد قاعدة عسكرية في الأردن، وأسفر عن مقتل ثلاثة جنود أميركيين وإصابة العشرات.

وتضاف هذه الهجمات إلى التوترات التي هزت الوضع في جميع أنحاء الشرق الأوسط في الأسابيع الأخيرة نتيجة العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، وباتت تشمل الولايات المتحدة وإيران والمليشيات التابعة لها.

وترى صحيفة "إيل بوست" الإيطالية أن الوضع الذي وصلت إليه واشنطن في منطقة الشرق الأوسط "ليس بالسهل".

وشرحت بأن إدارة بايدن مطالبة من ناحية "بأن ترد بطريقة ما على الهجمات المستمرة ضد قواعدها العسكرية في الشرق الأوسط".

 وعليها من ناحية أخرى أن "تكون حريصة على موازنة ردود الفعل بحيث تكون قوية بما يكفي وبمثابة رادع ضد هجمات عسكرية مستقبلية محتملة، وفي نفس الوقت غير عدوانية لدرجة إجبار إيران على الرد والمخاطرة بإشعال حرب أخرى في المنطقة".

وحدث الهجوم بالطائرات المسيرة على قاعدة "برج 22" في أقصى شمال شرق الأردن، عقب سلسلة من الهجمات تجاوز عددها 150 هجوما على القوات الأميركية في المنطقة منذ عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. 

وحمّلت على إثره واشنطن المسؤولية للمليشيات الموالية لإيران، أي الجماعات شبه العسكرية المسلحة التي تمولها وتدعمها طهران، وتشكل تحالف ما يعرف باسم "محور المقاومة".

وأبرز هذه الجماعات، "حزب الله، الذي يسيطر على جنوب لبنان وهو في الوقت نفسه حزب سياسي شيعي ومنظمة شبه عسكرية قوية للغاية"، وفق الصحيفة الإيطالية. 

وكذلك مليشيا "الحوثي" اليمنية التي نفذت في الأسابيع الأخيرة هجمات ضد العديد من السفن العابرة للبحر الأحمر، ما تسبب في مشاكل للتجارة العالمية وأثار ردا عسكريا من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. 

وتضم "كذلك المقاومة الإسلامية في العراق" وهي مظلة تضم عددا من المليشيات المدعومة من إيران في البلاد، التي تبنت مسؤولية الهجوم على القاعدة الأميركية.

وأكدت في بيان أنها "ستواصل شن هجماتها ضد القواعد الأميركية دعما لقطاع غزة وردا على المجازر الإسرائيلية بحق القطاع".

توقيت مدروس

ونقلت الصحيفة الإيطالية قول العديد من المحللين إن "قرار الولايات المتحدة الانتظار لما يقرب من أسبوع للرد على هجوم الأردن كان بمثابة خيار مدروس تم اتخاذه للسماح لإيران بسحب أفرادها من القواعد والمواقع التي سيجري استهدافها". 

وبحسب العديد من الصحف العالمية نقلا عن مصادر عسكرية مجهولة الهوية، "قامت الولايات المتحدة بتحذير إيران من نواياها". 

وبرر بعض مسؤولي وزارة الدفاع الانتظار "بتحسن الأحوال الجوية يوم الهجوم مما سمح بتحديد الأهداف العسكرية بدقة وتجنب سقوط ضحايا من المدنيين".

علاوة على ذلك، أضافت الصحيفة أن "الضربات الأميركية شملت العديد من الأهداف في العراق وسوريا دون أن تمتد إلى الأراضي الإيرانية لتجنب رد فعل من جانب طهران".

من جانبهم، انتقد بعض السياسيين الجمهوريين رد فعل إدارة بايدن معتبرين أنه "بطيء للغاية وغير مقنع".

في هذا الصدد، صرح رئيس مجلس النواب والجمهوري المحافظ للغاية، مايك جونسون، بأن "على إدارة بايدن أن تعترف بأن إستراتيجيتها في استرضاء إيران مدمرة للعالم أجمع".

بدوره، وصف السيناتور المحافظ من ولاية أركنساس، توم كوتون، رد إدارة بايدن بأنه "ضعيف".

فيما أبرز تحليل لمجلة "فورين بوليسي" أن "إيران تدرك أن قدراتها العسكرية أضعف من مثيلتها لدى الولايات المتحدة وهو ما قد يدفعها إلى تجنب سيناريو الحرب المباشرة". 

خيار المواجهة

ولاحظت صحيفة "إيل بوست" في توضيحها لاستبعاد سيناريو المواجهة المباشرة بين البلدين، أن "واشنطن تستخدم أداة غير مباشرة في مواجهة طهران، لجأت لاستخدامها بشكل متكرر للغاية في السنوات الأخيرة"، في إشارة إلى فرض العقوبات. 

وفي هذا السياق، يُذكر بأن إدارة بايدن فرضت قبل وقت قصير من مهاجمة القواعد في سوريا والعراق، عقوبات على بعض الشركات المرتبطة بإيران والمشاركة في برامج إنتاج الطائرات بدون طيار والصواريخ.

كما فرضت عقوبات على ستة مسؤولين في القيادة الإلكترونية التابعة للحرس الثوري الإيراني.

علاوة على ذلك، اتهمت الحكومة الأميركية إيران منذ فترة طويلة بـ"استغلال الأرباح التي تجنيها من بيع النفط لتمويل الإرهاب".

وأعلنت وزارة العدل الأميركية قائمة "مصادرات واتهامات بالإرهاب والتهرب من العقوبات"، استهدفت ما وصفتها بـ"شبكة غير مشروعة لتهريب النفط" تبلغ قيمتها نحو مليار دولار، وتمول الحرس الثوري الإيراني.

وقالت إنها قامت بمصادر أكثر من 500 ألف برميل من النفط الإيراني للاشتباه في وجود عمليات غير مشروعة تهدف إلى تمويل جماعات شبه عسكرية.

ووصفت صحيفة "إيل بوست" السيناريو الحالي بـ"المعقد"، خصوصا وأنه يتعلق بمصالح العديد من البلدان في منطقة الشرق الأوسط "غير المستقرة".

وافترضت الصحيفة أن "تقرر المليشيات الموالية لإيران، عقب الضربات الأخيرة، الحد من عملياتها ضد القواعد الأميركية في الشرق الأوسط دون إيقافها بشكل تام".