اتفاق حفتر وإيطاليا.. كيف دفع المهاجرين غير النظاميين نحو سواحل اليونان؟

منذ شهر واحد

12

طباعة

مشاركة

ارتفعت أعداد المهاجرين غير النظامية الوافدين على سواحل الجزر اليونانية في بحر إيجه بنسبة 166 بالمئة منذ بداية عام 2024 مقارنة بنفس الفترة من عام 2023.

وفي سبتمبر/أيلول 2023، وصل 30 طالب لجوء إلى جزيرة جافذوس اليونانية الواقعة جنوب جزيرة كريت بعد أن قطعوا مسافة طولها 190 ميلا بحريا على متن قارب انطلق من سواحل طبرق شرق ليبيا. 

وارتفع عدد الوافدين بصفة غير نظامية على الجزر اليونانية انطلاقا من السواحل الليبية إلى 397 في ديسمبر/ كانون الأول 2023 وتخطى 1100 في الشهرين الأولين من عام 2024.

ومنذ أيام قليلة، رصدت الشرطة اليونانية حوالي مئة مهاجر في جزيرة جافذوس، وقال خفر السواحل اليوناني في بيان إنه "تم إبلاغ سلطات ميناء كريت فجر 13 مارس/آذار 2024، بوجود مجموعة من 91 مهاجرا في جافذوس". 

وبحسب البيان، تم نقل 28 شخصا إلى مركز استقبال في جزيرة كريت، فيما يتم إيواء 63 شخصا في مخيم بشكل مؤقت في هذه الجزيرة.

تحد جديد

وفسرت صحيفة "نيغريسيا" الإيطالية هذا النسق المرتفع في عمليات الهجرة نحو الجزر اليونانية مقارنة بالماضي بفرضية إسهام الزوارق التي سلمتها الحكومة لإيطالية "لأمراء الحرب في بنغازي"، في انخفاض تدفق المهاجرين غير النظاميين من طبرق نحو السواحل الإيطالية.

وتسببت في نفس الوقت في ارتفاع أعداد السالكين لمسارات بحرية أخرى منها طريق شرق البحر الأبيض المتوسط عبر اليونان.

وبينت "نيغريسيا" أن "الارتفاع الكبير في أعداد المهاجرين الوافدين من الدولة الواقعة في شمال إفريقيا التي مزقتها الحرب، يشكل تحديا جديدا للسلطات اليونانية".

وفي تفسيرها للأسباب، أرجعت في البداية سبب هذه الزيادة إلى فرضية أن مهربي المهاجرين يحاولون سلك مسارات جديدة، بعد تشديد عمليات المراقبة وانتشار الدوريات على الحدود البحرية اليونانية التركية في وقت سابق من عام 2024 بعد الاتفاق المبرم بين أثينا وأنقرة.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2023، أجرت أنقرة وأثينا مباحثات بشأن قضايا الهجرة واللجوء بعد أيام قليلة من استئناف المشاورات السياسية بينهما لحل الملفات العالقة والتي تسببت في توترات في الماضي.

وجمعت المباحاثات بين وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا ووزير الهجرة واللجوء اليوناني ديميتريس كيريديس في العاصمة أنقرة، واتفقا خلالها على "التعاون الوثيق" في مكافحة ظاهرة تهريب المهاجرين عبر الحدود بين البلدين.

إلا أن الصحيفة استبعدت الفرضية المذكورة، مبينة أن الأرقام المسجلة لا تدعمها، إذ تشير البيانات الرسمية إلى أن جزر شرق بحر إيجه استقبلت نحو 8 آلاف طالب لجوء منذ بداية العام 2024، مقارنة بنحو 3 آلاف في نفس الفترة من عام 2023، أي بارتفاع بنسبة 166 بالمئة.

وقالت إن هذه الأرقام "بمثابة دليل يؤكد أن طريق الهجرة عبر شرق البحر الأبيض المتوسط لازال نشطا للغاية".

إيطاليا وحفتر

تفسير آخر لارتفاع عدد مراكب الهجرة غير النظامية الوافدة على جزر جافذوس وكريت، تدعمه الصحيفة الإيطالية، يكمن في سلسلة الاتصالات التي جرت في الأشهر الأخيرة بين الحكومة الإيطالية والجنرال الليبي خليفة حفتر.

وتسيطر مليشيا حفتر على شرق ليبيا والميناء الذي يشكل نقطة الانطلاق الرئيسة لمراكب المهاجرين التي تصل إلى جنوب بحر إيجه.

وللإشارة التقت رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني ووزير الخارجية في حكومتها أنطونيو تاياني بحفتر في روما عام 2023 لمناقشة تدفقات الهجرة من ليبيا إلى إيطاليا، في ظل ارتفاع عدد الوافدين بين يناير/ كانون الثاني ومايو/ أيار 2023 إلى ما يقرب من 16 ألفا و600 مهاجر غير نظامي.

وفي 12 مارس 2024، استقبل حفتر بمقره العسكري في بنغازي وفدا إيطاليا يقوده وزير الخارجية ماتيو بيانتيدوزي للتباحث حول جملة من الملفات المشتركة، وفق ما أفاد به المكتب الإعلامي للانقلابي الليبي.

والأمر اللافت في اللقاء، كان الإشادة التي نقلها بيان مليشيا حفتر عن الوزير الإيطالي بما وصفه "الدور المحوري للقيادة العامة (حفتر) في مكافحة الإرهاب والتطرف، وجهودها للحد من الهجرة غير النظامية".

وبذلك تستنتج الصحيفة الإيطالية أن الاتصالات التي أجرتها روما مع أمراء الحرب في شرق ليبيا، أسفرت عن نتائج. 

وذكرت قيام قوة من الزوارق البحرية الجديدة تابعة لكتيبة طارق بن زياد، مليشيا إجرامية يقودها صدام، نجل حفتر، بعمليات مطاردة لقوارب المهاجرين التي تغادر ليبيا إلى إيطاليا.

وبحسب بعض التقارير، يتم حجز هذه القوارب وسجن الأشخاص على متنها وكذلك تعذيبهم.

روابط بحفتر

وأفادت وكالة "فرونتكس"، الوكالة الأوروبية لمراقبة حدود الاتحاد الأوروبي، عن تسجيل انخفاض بنسبة 70 بالمئة في عمليات العبور غير النظامية على طول طريق وسط البحر الأبيض المتوسط، تحديدا من ليبيا إلى إيطاليا، مقابل زيادة بنسبة 117 بالمئة في التدفقات عبر شرق البحر الأبيض المتوسط.

وكشف العديد من التحقيقات التي أجرتها "منظمة لايت هاوس ريبورت" وصحف ومنظمات أوروبية أخرى، أن أحد أقوى مهربي المهاجرين في طبرق يتلقى أوامر من حفتر ويرتبط ارتباطا وثيقا به.

 كما كشفت أن العصابة التي يقودها تتحمل مسؤولية غرق مركب صيد محمل بالمهاجرين قبالة ساحل بيلوس جنوبي اليونان في يونيو/ حزيران 2023.

ولقي مئات الأشخاص مصرعهم كانوا على متن مركب صيد انطلق من شرق ليبيا وعلى متنه 750 شخصا متوجها إلى إيطاليا قبل أن يغرق على مسافة 57 ميلا بحريا من بيلوس.

وتحدثت وسائل الإعلام الدولية إلى العديد من الناجين الذين ذكر بعضهم أسماء مهربين رئيسين منظمين لرحلة مركب الصيد ومن بينهم ليبيون من الشرق ولهم روابط بحفتر. 

وأوضح الناجون والمحللون أن العملية تم تنظيمها بدعم كبير من أشخاص أصحاب نفوذ يتبعون حفتر.

وذكرت الصحيفة أن معظم المهاجرين الذين تم إنقاذهم قبالة سواحل يافدوس وكريت يتم إيواؤهم داخل مراكز استقبال مؤقتة، قبل نقلهم إلى مخيم مالاكاسا شمال أثينا. 

وبحسب خفر السواحل، معظمهم من المصريين والباكستانيين والفلسطينيين والأفغان والإيرانيين والعراقيين.