أوزغور أوزيل.. سياسي تركي يعادي أردوغان واللاجئين ويطمح لخلافة كليتشدار أوغلو

يوسف العلي | منذ ٧ أشهر

12

طباعة

مشاركة

"عدو لدود لأردوغان، معاد للاجئين"، هذان أبرز صفتين تلازمان السياسي التركي أوزغور أوزيل، المرشح لرئاسة حزب "الشعب الجمهوري" أكبر أحزاب المعارضة، والذي فشل زعيمه الحالي كمال كليتشدار أوغلو، في الفوز بانتخابات الرئاسة في مايو/ أيار 2023.

على خلفية الفشل في انتخابات الرئاسة، وما رافقها من خسارة الحزب 39 مقعدا في البرلمان، انطلق سباق رئاسة حزب "الشعب الجمهوري"، بإعلان رئيس الكتلة البرلمانية فيه، أوزغور أوزيل ترشحه للمنصب، الذي يشغله كليتشدار أوغلو منذ عام 2010.

طامح للزعامة

وخلال مؤتمر صحفي في 15 سبتمبر/ أيلول 2023، قال أوزيل: "أعلن ترشحي لرئاسة حزب الشعب الجمهوري، ليس من أجل الحصول على السلطة داخله، ولكن من أجل جعل حزب أتاتورك، هو صاحب السلطة".

"الشعب الجمهوري"، اختصارا (CHP) الاشتراكي العلماني التوجه، يعد أقدم حزب سياسي في تاريخ تركيا، إذ تأسس عام 1919 خلال مؤتمر "سيفاس" كاتحاد لمجموعات الكفاح ضد الغزو اليوناني للأناضول، بزعامة مؤسس الجمهورية التركية الحديثة مصطفى كمال أتاتورك.

ومن المقرر أن تبدأ المنافسة على منصب رئيس "الشعب الجمهوري" بداية نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، مع انعقاد المؤتمر العادي الـ38 للحزب التركي العلماني.

وبخصوص أسباب قرار ترشحه، قال أوزيل إن "هذه هي قصة أولئك الذين لا يستطيعون وقف خسارة الانتخابات، الذين يعدون أنفسهم أبرياء، ولا يرون جريمة في أنفسهم ويعترضون على التصرف وكأن شيئا لم يحدث"، في إشارة منه إلى رئيس الحزب الحالي كليتشدار أوغلو.

وتابع: "إنها قصة الشباب والنساء الذين عقدوا العزم على عدم ارتكاب نفس الأخطاء مرة أخرى، إنها قصة الكوادر الذين يؤمنون بتغيير حزب الشعب الجمهوري من أجل تغيير تركيا".

"الترشح أبعد من مجرد تغيير الزعيم، إنه قصة حركة تأخذ السلطة من الكوادر وتعطي السلطة لكوادرها، هذه القصة هي قصة الأتاتوركيين والشرفاء"، حسب وصفه.

وانتقد أوزيل إدارة "حزب الشعب الجمهوري"، بعبارة: "خلافا للمطالب والاحتياجات الاجتماعية، لم تقم بالتحقيق في أسباب الهزيمة ورسم خريطة طريق جديدة".

وأردف: "لقد قدم أعذارا مختلفة ولم يتحمل المسؤولية السياسية، ناخبونا، فقدوا ثقتهم واندفعوا إلى تمزق عاطفي لدرجة أنهم هجروا السياسة، واختارت إدارة الحزب تجاهل هذا التمزق".

ووعد أوزيل بتصحيح مسار الحزب، قائلا: إنه "سيتم تنفيذ إصلاح شامل للعضوية وضمان مشاركة الأعضاء في جميع العمليات، بما في ذلك الانتخاب المباشر للرئيس".

أوزيل الذي من المقرر أن يجري جولة في البلاد، لقياس نبض فروع الحزب ويطلب دعمهم، أكد أنه سيتم اعتماد التمثيل المتساوي للمرأة، وأن جمعية الحزب لن تقدم استشارات في تحديد سياساته، بل سيكون لها الكلمة المطلقة.

"ابن الحزب"

وبعد المؤتمر الصحفي مباشرة، تمنى عمدة مدينة إسطنبول التابعة لحزب الشعب الجمهوري، أكرم إمام أوغلو، النجاح لأوزيل وفريقه، مؤكدا عبر منصة "إكس" (تويتر سابقا) أنه "إذا تغير الشعب الجمهوري فستتغير تركيا".

ونقلت قناة "سي أن أن" التركية في 15 سبتمبر 2023، عن مصادر في الحزب، أن أوزيل قرر الترشح في فترة حرجة للغاية، وبصرف النظر عن احتمال خسارته أمام كليتشدار أوغلو، إذا جرى انتخابه زعيما، فإنه سيقود الحزب إلى الانتخابات المحلية خلال أشهر عدة (في مارس/آذار 2024)، وفي حال فشله المحتمل فسيخلق لنفسه مشاكل سياسية.

من جهته، قال الكاتب عبد القادر سيلفي إن كليتشدار أوغلو يريد الذهاب إلى المؤتمر العام للحزب مع مرشحين عدة، وكلما زاد عددهم فإن احتمالية فوزه كبيرة عليهم.

ولفت سيلفي، في مقال نشرته صحيفة "حرييت" في 16 سبتمبر 2023، إلى أن "مزايا أزويل تكمن في أنه بعد الهزيمة في الانتخابات العامة (الرئاسية)، تعزز الشعور داخل حزب الشعب الجمهوري بأنه لم يعد من الممكن الفوز في انتخابات مقبلة مع كليتشدار أوغلو".

وتابع: "كما أن مطالب التغيير داخل حزب الشعب الجمهوري من أعلى الهرم إلى أسفله قوية للغاية، ناهيك عن أن أوزيل يحظى بدعم إمام أوغلو".

وأشار سيلفي إلى أن أوزيل حقق نجاحا خلال أدائه كنائب لرئيس المجموعة البرلمانية للشعب الجمهوري، ويعرف بأنه "ابن الحزب".

في المقابل، يرى الكاتب أن "العيوب التي يواجهها أوزيل، تتمثل في أن الناخب التركي لا يقبل الوصي، وهو قدم نفسه مثل الشخصية الواقعة ضمن وصاية إمام أوغلو".

كما أن ترشحه لزعامة الحزب، بحسب سلفي، "لم يثر ضجة داخل أروقة وقواعد الشعب الجمهوري، التي ترى أنه شريك لكليتشدار أوغلو في جميع قرارات الحزب عندما كان نائبا لرئيس الكتلة البرلمانية ومن ثم رئيسا لها".

من جانبه، يرى الكاتب إسماعيل سايماز، المقرب من الشعب الجمهوري، أن فريق أوزيل متفوق على فريق كليتشدار أوغلو بحوالي 5 نقاط على الأقل، خاصة في المدن الكبرى إلى جانب ولايتي أفيون كرا حصار وقسطامانو.

وأضاف سايماز خلال مقابلة تلفزيونية في 16 سبتمبر 2023، أن "خسائر كليتشدار أوغلو أمام رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان منذ توليه رئاسة الحزب عام 2010، وانفراط عقد الطاولة السداسية (أحزاب المعارضة)؛ كلها أخطاء تصب في صالح كفة أوزيل، في ظل دعمه من بعض قيادات الحزب".

صيدلاني سابق

وُلد أوزغور أوزيل، في 21 سبتمبر/أيلول 1974، في ولاية مانيسا شمالي تركيا، وبعد إكمال تعليمه الابتدائي في مسقط رأسه، واصل تعليمه لاحقا في مدرسة إزمير بورنوفا الأناضولية الثانوية.

بعد فترة انتقل إلى مدرسة مانيسا الثانوية، وعقب تخرجه في مدرسة مانيسا الثانوية، واصل أوزيل تعليمه في جامعة إيجي، وتخرج في كلية الصيدلة عام 1997، وعمل بعد تخرجه صيدليا، ويتحدث الألمانية والإنجليزية بطلاقة، وهو متزوج ولديه طفلة.

انضم إلى مجلس إدارة جمعية الصيادلة الأتراك في 2007، ورُشح عن حزب الشعب الجمهوري لمنصب رئيس بلدية مانيسا في الانتخابات المحلية عام 2009، لكنه لم يحصل على أغلبية الأصوات ولم يتمكن من الفوز.

دخل البرلمان لأول مرة كنائب لحزب الشعب الجمهوري عن مانيسا في الانتخابات العامة عام 2011، وخاض تجربة الانتخابات البلدية مرة ثانية بولاية مانيسا عام 2014 ولم يتم انتخابه.

أوزيل الذي حافظ على مقعده البرلماني في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2015، جرى انتخابه كعضو بمجلس إدارة الحزب في المؤتمر الاستثنائي الـ18، وفي العام ذاته أصبح نائبا لرئيس الكتلة البرلمانية للحزب، ثم رئيسا لها حاليا.

على المستوى الشعبي، لا يزال إعلان أوزيل عن تخصيص "جرار زراعي" لكل فلاح يصوت للحزب في انتخابات البلديات عام 2019 مثار سخرية من الجميع داخل الحزب وخارجه.

خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة عام 2023، وعد أوزيل كذلك بتوزيع ذهب البنك المركزي على الشعب الغني والفقير منه، وهو الأمر الذي واجه انتقادات كثيرة من قبل المواطنين.

لكن الموقف الأبرز لأوزيل كان مع وزير الدفاع السابق خلوصي أكار، الذي دخل في مناقشة حادة معه عام 2018، بسبب ادعاءات رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري، حول ممارسات مزعومة للجيش في مناطق جنوب وجنوب شرقي تركيا.

ومن المواقف الأخرى التي أثارت الجدل على مستوى تركيا، حينما هاجم أوزيل دورات حفظ القرآن الكريم، التي أطلقتها رئاسة الشؤون الدينية الرسمية للأطفال من عمر 4-6 أعوام عام 2021.

وعبر خطابه في البرلمان، وصف أوزيل دورات حفظ القرآن للأطفال، بأنها "عقلية القرون الوسطى"، و"بهذه العقلية، لن يحصل الطلاب على درجات مرتفعة في العلوم والفيزياء والرياضيات، حين يذهبون إلى الجامعة، ولا فائدة للجمهورية، كما أن هذه الدروس لا تتوافق مع الدستور".

عدو لأردوغان

في أكثر من مرة يهاجم أوزيل الرئيس أردوغان، موجها له اتهامات مختلفة، الأمر الذي يدفع الأخير إلى رفع دعاوى قضائية ضده، والتي تنتهي في نهاية المطاف بدفع أوزيل غرامات مالية عما أطلقه من ادعاءات.

في 22 يونيو 2023، ألزمت المحكمة زعيم كتلة "حزب الشعب الجمهوري" المعارض، بدفع أكثر من ألفي دولار تعويضا لأردوغان عن إهانة اسمه باتهامات باطلة.

وكتب محامي الرئيس التركي، حسين أيدن، في منشور على منصة "إكس" قائلا إن "المحكمة المدنية الخامسة عشرة في أنقرة، حكمت على أوزيل بدفع 50 ألف ليرة (2123 دولارا) تعويضا لموكلي".

وأكد أيدن أن أوزيل سيدفع التعويض عن "الاتهامات والإهانات التي لا أساس لها" للرئيس أردوغان في خطاب ألقاه بتاريخ 26 أبريل 2022.

وكان  أوزيل قد صرح في 26 أبريل/نيسان 2022، بعد الحكم على رجل الأعمال والمعارض التركي عثمان كافالا، بالسجن مدى الحياة أن "كافالا حر وسيحاسب رجب طيب أردوغان".

وحكمت هيئة المحكمة بالسجن المؤبد على كافالا، بتهمة محاولة الإطاحة بالحكومة أو عرقلة عملها بشكل جزئي أو كامل، بينما ينفي الأخير المحتجز منذ عام 2017 التهم الموجهة إليه.

وفي 21 ديسمبر/كانون الأول 2020، رفع أردوغان، دعوى قضائية ضد النائب أوزيل، لأضرار غير مالية تصل إلى 250 ألف ليرة تركية (9 آلاف دولار).

وتأتي هذه الدعوى على خلفية، بيان لأوزيل ألقاه داخل قبة البرلمان في ديسمبر 2020، اتهم فيه الرئيس التركي بـ"الفساد"، و"الديكتاتورية".

وفي ديسمبر/ كانون الأول 2019، رأى أوزيل أن "تصريحات أردوغان فيها ازدواجية، فما يدلي به داخل البلاد يتخلف عما يصرح به خارج تركيا، خصوصا ضد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون".

وقال أوزيل إن تصريحات أردوغان في أنقرة "ليست كتصريحاته في لندن خلف الأبواب المغلقة، لذلك نرى أن تصريحاته ليست لمصالح تركيا الخارجية بل لأهداف داخلية".

وكان أردوغان قد وجه انتقادا لماكرون قبيل انعقاد قمة زعماء حلف الشمال الأطلسي (الناتو) في لندن عام 2019، وقال له: "عليك أن تفحص موتك الدماغي".

وجاءت تصريحات أردوغان تعليقا على وصف ماكرون في حينها حالة حلف "الناتو" بأنه "يعاني من موت سريري".

وبخصوص موقفه من اللاجئين، فلم يخف أوزيل رغبته في إبعادهم من الأراضي التركية، إذ صرح خلال الانتخابات الرئاسية في 21 مايو 2023، موجها خطابه للناخبين قائلا: "إذا أردتم بقاء 10 ملايين لاجئ في البلاد فانتخبوا أردوغان".