متسلحة بدعم غربي.. هكذا وجهت اليونان ضربة مؤلمة لروسيا في البلقان

قسم الترجمة | منذ ٨ أشهر

12

طباعة

مشاركة

في نهاية أغسطس/ آب 2023، وقع قادة 11 دولة من البلقان وشرق أوروبا، على إعلان مشترك يدعم وحدة الأراضي الأوكرانية، خلال اجتماع عُقد في العاصمة اليونانية أثينا.

وأفاد مكتب رئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتسوتاكيس، بأن الاجتماع يأتي بمناسبة مرور 20 عاماً على قمة سالونيكي للتأكيد على الرؤية الأوروبية لدول البلقان.

وأعرب القادة في الإعلان، الذي تم التوقيع عليه بحضور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن "دعمهم الثابت لاستقلال أوكرانيا وسيادتها ووحدة الأراضي، ضمن حدودها المعترف بها دولياً" بمواجهة روسيا.

وإلى جانب أوكرانيا، وقّع على الوثيقة قادة صربيا ومولدافيا ومونتينيغرو ورومانيا وكوسوفو والبوسنة والهرسك ومقدونيا الشمالية وبلغاريا وكرواتيا واليونان، وكان غياب ألبانيا لافتا.

تطور لافت

وتعليقا على القمة، ذكر مركز أنقرة لدراسة الأزمات والسياسات "أنكاسام"، بأنه كان قد تم تحديد مستقبل غرب البلقان في الاتحاد الأوروبي كهدف في قمة سالونيكي عام 2003. 

وفي الاجتماع الجديد لم يطرأ أي تغيير على موقف بلدان غرب البلقان في السنوات الـ20 الماضية، باستثناء عضوية كرواتيا في الاتحاد الأوروبي. 

ومع ذلك، كانت النقطة اللافتة للنظر في هذا الاجتماع هي أن رئيس الوزراء الألباني إدي راما لم تتم دعوته، وذلك بعد توتر علاقاته مع اليونان عقب اعتقال زعيم الأقلية اليونانية العرقية فريدي بيليري بزعم شراء الأصوات في الانتخابات المحلية التي أجريت في مايو/ أيار 2023. 

علاوةً على ذلك وفي ظل غياب ألبانيا الواقعة في غرب البلقان حضر الاجتماع بلدان أوروبا الشرقية مولدوفا وأوكرانيا. 

وقد حول هذا الوضع الاجتماع إلى قمة لتوسيع الاتحاد الأوروبي بدلاً من أن تكون قمة غرب البلقان.

وأشار المركز إلى أن مولدوفا وأوكرانيا دولتان توليان أهمية لتطوير العلاقات مع الغرب ضد التهديد الروسي. 

وقد أصبحت كلتا الدولتين من الدول المرشحة للدخول في الاتحاد الأوروبي خصوصاً بعد الحرب الروسية الأوكرانية 

وعلى الرغم من اعتراضات روسيا، فقد كانت اليونان واحدة من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي المؤيّدة لتوسيع الاتحاد الأوروبي بضم مولدوفا وأوكرانيا. 

سياسة ميتسوتاكيس

ومع وصول رئيس الوزراء ميتسوتاكيس إلى السلطة، بدأت اليونان في تنفيذ سياسة خارجية تميل نحو الولايات المتحدة. 

وعلى إثر ذلك عززت اليونان علاقاتها مع حلفائها الغربيين عقب اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا. 

وقد أدى هذا التقارب إلى تمزق كامل في العلاقات بين اليونان وروسيا؛ لأنه ومنذ اليوم الأول للحرب الروسية الأوكرانية انحازت اليونان إلى أوكرانيا مع الكتلة الغربية. 

فقد دعمت اليونان أوكرانيا ضد روسيا في كل من المجالين الدبلوماسي والعسكري، بل وأوضحت في كل اجتماع وقمة تم عقدها تبنّيها موقفاً مناهضاً لروسيا.  

وبالإضافة إلى ذلك فقد كانت قضية الحرب الروسية القضية الأكثر نقاشاً ضمن فعاليات القمة التي عقدتها اليونان.

ففي المادة الأولى من البيان الختامي للاجتماع، ذكر أن الحرب الروسية الأوكرانية تعد نقطة تحولٍ مهمة للغاية حيث إنها خلقت وعيا جديدا بالمبادئ المشتركة والوحدة والمستقبل المشترك للاتحاد الأوروبي.

وفي مادتها الثانية، أعرب قادة الدول المشارِكة في القمة عن دعمهم لاستقلال أوكرانيا وسيادتها وسلامة أراضيها داخل حدودها المعترف بها دولياً على أساس قيم الديمقراطية وسيادة القانون في مواجهة العدوان الروسي. 

أما في المادة الثالث، فتم التأكيد على أن نهج السلام الذي يتبعه الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي مدعومة ومقدرة.

ولفت المركز إلى أن حقيقة كون صربيا من بين الدول التي وافقت على النص المناهض لروسيا كانت جانباً آخر جديراً بالملاحظة في القمة. 

حيث لم تشارك صربيا في عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد روسيا بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، بل على العكس من ذلك تعززت العلاقات التجارية بالإضافة إلى العلاقات القائمة على مجال الطاقة بين روسيا وصربيا. 

وفي هذا السياق، كانت صربيا الفاعل الرئيس في تشكيل سياسة روسيا في البلقان اليوم كما كانت في الماضي. 

ومع ذلك، فإن إدراج صربيا بين الدول التي وافقت على نص مناهض لروسيا بالإضافة إلى عقد اجتماع مسؤولي أوكرانيا وصربيا في أثينا يعد شرخا من وجهة النظر الروسية. ويمكن عد هذا الانطباع نجاحا لرئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس.

فرصة لليونان

وبغض النظر عن المشاركة الصربية في قمة أثينا، من الواضح أنّ رئيس الوزراء اليوناني قد نفّذ سياسة خارجية نشطة على صعيدٍ آخر من خلال استغلال حدث الحرب الروسية الأوكرانية وتحويلها إلى فرصة لليونان. 

على سبيل المثال، أصبح ميناء ألكسندروبولي الذي تم إيقاف تشغيله في شمال شرق اليونان القاعدة المركزية لنقل المعدات العسكرية إلى أوروبا الشرقية. وبالمثل، يتم بناء محطة للغاز الطبيعي المسال في نفس الميناء لتلبية احتياجات أوروبا من الطاقة. 

وبالمقارنة مع منافسيها الإقليميين، فإن اليونان قادرة على تنفيذ مثل هذه السياسات بسبب حقيقة أنها عضو في كل من الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي "ناتو"، بالإضافة إلى أنَّ الدول الأوروبية والولايات المتحدة تقدم لها الدعم في تنفيذ هذه السياسات.

فمع هذا الدعم المقدم من القوى العالمية، سيصبح من الأسهل على ميتسوتاكيس إنشاء صورة قوية لليونان في الجغرافيا التي يقع فيها. 

ورغبة منه في الاستفادة من هذا الوضع، دعا ميتسوتاكيس مولدوفا وأوكرانيا إلى جانب دول غرب البلقان ونظم اجتماعاً غير رسمي في أثينا بمشاركة البلدان المدعوة أيضاً في الاجتماع. 

ومع الاجتماع الذي عقد في أثينا، اتخذت اليونان خطوة نحو القيادة التي تريد توليها في غرب البلقان. 

وبالمثل، صرح ميتسوتاكيس أن اليونان تهدف إلى أن تكون بمثابة جسر بين الاتحاد الأوروبي والبلقان وحتى دول أوروبا الشرقية. 

وتظهر مشاركة مفوضية الاتحاد الأوروبي ورئيس المجلس في قمة أثينا أن الاتحاد الأوروبي يدعم محاولة اليونان لتصبح رائدة في غرب البلقان. 

ومن المحتم إذا ازداد مجال نفوذ الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في البلقان،  أن يتناقص وجود روسيا والقوى الإقليمية الأخرى.

وتريد اليونان، التي بدأت في تعزيز موقعها في التحالف الغربي ضد الحرب الروسية الأوكرانية، أن تصبح طرفا فاعلاً مهماً في السياق الجيوستراتيجي من خلال زيادة فعاليتها في البلقان أيضاً. 

وبالنظر إلى أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يدعمان هذه المبادرة، يمكن عد تقارب اليونان مع دول غرب البلقان تطوراً سيحد من القدرة السياسية على المناورة للقوى الإقليمية الأخرى التي لها علاقات تاريخية وثقافية واقتصادية وثيقة مع دول البلقان.