4 سنوات على توليه الرئاسة.. هل نجح ولد الغزواني في الوفاء بوعوده الانتخابية؟

12

طباعة

مشاركة

مع دخول عهدة الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني عامها الأخير، انقسم الموريتانيون بشأن تقييم أربع سنوات من تقلده رئاسة البلاد، بين مثمن لإنجازاته ومنتقد لحصيلته.

وانتخب الغزواني رئيسا للبلاد في يوليو/ تموز 2019، وتسلم مهامه رسميا في 3 أغسطس/آب من العام نفسه. ومن المقرر أن تشهد البلاد انتخابات رئاسية عام 2024.

وتباينت آراء الساسة والخبراء الموريتانيين، بين من يرى أن الرئيس أنجز الكثير خلال السنوات الأربع من حكمه، ومن رأى أنه أخفق في تحقيق ما تعهد به خلال الحملة الانتخابية.

إنجازات وأخطاء

نائب مقاطعة اركيز عن حزب الإنصاف الحاكم محمد المصطفى، قال إن الوضع السابق بالبلاد "كان يتطلب بالفعل قائدا بحجم محمد ولد الشيخ الغزواني، وبقوته وصرامته وحكمته ومرونته، وبقيمه الأخلاقية والروحية".

وفي 15 أغسطس 2023، رأى محمد المصطفى في مقال رأي تحت عنوان: "عن 4 سنوات من حكم ولد الغزواني"، أن "الرئيس لم يخيب آمال شعبه، حيث حدد الأولويات مركزا في ذات الوقت على بناء دولة عصرية ذات اقتصاد قوي، وعلى إسعاف وإسعاد المواطن".

وتابع أن "الرؤية التنموية الشاملة والفعالة التي أرساها الرئيس مكنت من تدارك أوضاع مواطنينا خاصة أبناء الفئات والمناطق الهشة، ومن إسعاد من كان يشعر بالغبن والظلم، أو بالإحباط وانسداد الآفاق من أصحاب الرؤى والطاقات والمبادرات".

ولفت إلى أن "حدة التوتر السياسي في البلاد بدأت تخف حتى أصبحت الحياة السياسية طبيعية في ظل دولة قانون ومؤسسات يقودها رئيس مؤمن بالديمقراطية نهجا وبحماية حقوق المواطن ورعايتها واجبا".

وقال الكاتب ذاته، إنه "لما كان العدل أساس الملك وحصن الأمن، أولاه الرئيس عناية فائقة، ووضعه على رأس أولوياته"، مبينا أن وزير العدل (محمد محمود ولد الشيخ عبد الله بن بيَه) أشرف على مسار ثري من عمليات التشاور والتحليل والتشخيص والتقييم.

وأردف أن هذا المسار أفضى إلى إعداد خطة شاملة لتطوير قطاع العدل تضمنت 360 مقترحا وتوصية اعتمدتها المنتديات العامة لإصلاح وتطوير العدالة، ستمكن دون شك من تحقيق آمال المواطنين وطموحات الرئيس.

ورأى محمد المصطفى، أنه "ستبرز قريبا، مع البدء في تنفيذ هذا الإصلاح تجربة وطنية أخرى مميزة في مجال العدل إلى جانب تجربتنا السياسية والأمنية والتعليمية عبر إقامة المدرسة الجمهورية، وفي التأمين الصحي، وفي تطوير القطاعات الإنتاجية بالريف".

من جهته، قال محمد جميل منصور الرئيس الأسبق لحزب التجمع الوطني للإصلاح (إسلامي معارض)، إنه "في الذكرى الرابعة لتسلم رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني مهامه، سيجد المتحدث من الإنجازات والخطوات النوعية ما يذكره، كما سيجد من الأخطاء في التنفيذ واستمرار ممارسات الفساد في بعض قطاعات الدولة ما يذكره".

وأضاف منصور، في تدوينة عبر فيسبوك: "كنت من المتحدثين الأوائل عن الأمل، وها أنا أجدد الحديث عنه" مؤكدا أن العبور بالبلاد من وضعها الذي تراكم خلال أربعة عقود ليس بالأمر السهل، ولعل بعضا ممن يوجد في دوائر القرار والتدبير لا يساعد عليه.

وضع مفلس

ومقابل من يؤكد أن الرئيس الموريتاني أنجز الكثير خلال الأربع سنوات من حكمه، يرى طيف آخر من الموريتانيين أن ولد الغزواني أخفق في تحقيق ما تعهد به خلال الحملة الانتخابية.

المعارض السياسي البارز أحمد هارون الشيخ سيديا، قال إن أبرز المآخذ على هذا النظام، عزوفه عن العمل المنظم واتخاذ القرارات المناسبة.

وفي 22 أغسطس 2023، رأى الشيخ سيديا، في مقابلة مع موقع "فكر" المحلي، أن النظام الحالي ما زال، إلى حد الساعة، عالة على سابقه.

وأكد أن من المآخذ البارزة على الرئيس ولد الغزواني "تضييعه للفرص التاريخية، وعدم رغبته في إحداث التغيير ومحاربة الفساد".

 وأشار إلى أن نظام ولد الغزواني "لم يحاول حتى الآن تقييم أدائه وتقييم الحالة العامة للبلد ومصارحة الشعب بالحقيقة والاعتراف له بالواقع".

وفي تقييمه لأربع سنوات من حكم ولد الغزواني، خلص الشيخ سيديا، إلى أنها "عانت في المجمل من الميوعة والجمود والفساد، وإذا كانت هناك بعض الإيجابيات فإن (السلبيات) المذكورة طمستها".

من جانبه، يرى المدير الناشر لصحيفة "النهار" المحلية، محمد المختار ولد محمد فال، أنه قبل تقييم الأربع سنوات من حكم الرئيس ولد الغزواني فإنه ينبغي فهم الحالة الموضوعية التي استلم فيها الحكم.

وأضاف ولد محمد فال، في حديث لـ"الاستقلال"، أن ولد الغزواني "وجد بلادا محطمة حكمها رجل لم يراع في البلاد إلا ولا ذمة، سرق ودمّر كل شيء ورسّخ مستوى من النهب والسرقة غير مسبوق بالبلاد، وهو اليوم يتابع أمام القضاء الموريتاني".

ويحاكم الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، الذي قاد موريتانيا من 2008 إلى 2019، بتهم الفساد وغسل الأموال والإثراء غير المشروع وغيرها من التهم التي ترى النيابة أنه ارتكبها أثناء توليه رئاسة البلاد.

وأكد ولد محمد فال أن ولد الغزواني "وجد البلاد شبه مفلسة مدمرة معنويا، أخلاقيا وسياسيا، وبالتالي كان أمام وضع صعب".

ولفت إلى أن كورونا "لم تمهل ولد الغزواني فترة طويلة، فبعد أشهر قليلة من توليه الحكم ضربت الجائحة البلاد والعالم أجمع وبالتالي أصبحت موريتانيا مشلولة تصارع من أجل البقاء لا أكثر ولا أقل".

ورأى أن هذه عوامل موضوعية تشفع لولد الغزواني في عدم وصوله للأهداف التي أعلن عنها إبان ترشحه، مستدركا: لكن قطعا ليست هذه هي الأسباب الوحيدة التي تقف خلف عدم تحقيقه وعوده الانتخابية.

خيبة أمل

وشدد ولد محمد فال، أن من بين العوامل التي حالت دون تنفيذ الرئيس ولد الغزواني لوعوده الانتخابية، "احتفاظه بشلة ورموز النظام السابق الفاسدين المفسدين".

وأضاف أن ولد الغزواني "احتفظ بالغالبية المطلقة من رموز النظام السابق في حكوماته ومراكز القرار مما أدى إلى شلل في قدرات التغيير". 

وأوضح أن هذا النظام يوصف بأنه وُلد سياميا مع النظام السابق ولم ينفصل عنه، مبينا أنه "كان مطلوبا منه أن يكون له رجال من صنعه غير أنه لم يهتم بهذا الأمر".

ورغم المطالب الملحة من قبل الشعب بضرورة إجراء إصلاح شامل ومحاربة الفساد، فإن الرئيس لم يرفع شعار التغيير رغم حاجة البلاد الشديدة له حيث ترك الأمور على ما كانت عليه دون تدخل منه إلا في حالات نادرة، بحسب تقديره. 

وتابع أن البعض وصف ولد الغزواني بأنه "الرئيس الغائب" والبعض وصفه بأنه "المُغيّب"، فيما قال آخرون إنه "وجد ظروفا غير عادية وأنه تعامل معها بحكمة لتجاوز وضع غير مسبوق". 

ونبه ولد محمد فال، إلى ندرة مواجهة النظام للفساد وضعف الابتكارات وأساليب الحكامة، قائلا: "نحن أمام وضعية غير مريحة للشعب الموريتاني ويتخوف من إفرازاتها المستقبلية".  

وأكد أن الدولة منهكة نتيجة للفساد وتحكم المفسدين، مضيفا أن "الشعب يعيش خيبة أمل كبيرة جدا نتيجة لعدم مواجهة هذا الواقع ليبقى الضحية في الأخير هو المواطن الموريتاني الضعيف والفقير".

ورغم أن هذا النظام ضاعف ميزانية الدولة منذ مجيئه حيث أصبحت أكثر من الضعف، فإن هذا الأمر، لم ينعكس على مشاريع التنمية وفعالية إنجازها، يوضح ولد محمد فال.

وأشار إلى ردود الفعل السلبية تجاه نتائج الانتخابات البلدية والجهوية والنيابية التي جرت في 13 مايو/أيار 2023، حيث اشتكى كل طرف من عدم شفافيتها وبأنها مزورة، مسجلا أن هذا الأمر أساء للنظام وللمسار السياسي في البلاد. 

وكشف أن هذه الوضعية غير المريحة أدت إلى تدهور ثقة المواطنين في منظومتهم السياسية، مبينا أن من مظاهر فقدان الثقة "سيل هجرة الشباب المتدفقين باتجاه الولايات المتحدة الأميركية، بحثا عن فرص لحياة كريمة، فقدوها في وطنهم".

ولفت إلى أن الرئيس ولد الغزواني حقق مستوى من الاستقرار والانفتاح على المعارضة وأضفى مسحة أخلاقية إلى حد ما على النظام عبر اهتمامه برموز البلد حيث تتكفل الدولة بعلاجهم ويرسل مستشاريه للاطمئنان عليهم، مضيفا أن "هذا مستوى جديد لم يكن معروفا من قبل".

وخلص ولد محمد فال، إلى أن ولد الغزواني لم يستطع الوفاء بوعوده الانتخابية وحصيلة سنوات حكمه الأربع لم تكن في مستوى توقعات وانتظارات الشارع الموريتاني، بل إن الكثيرين يعبرون عن خيبة أملهم في فترة حكمه في حين هناك من يجد مبررات موضوعية، وهناك من يحمله مسؤولية هذا الواقع.