بن غفير يقتحم الأقصى مجددا.. دعوات لشد الرحال وتنديد بالخذلان العربي والإسلامي

12

طباعة

مشاركة

موجة غضب واسعة أثارها اقتحام وزير الأمن القومي للاحتلال الإسرائيلي إيتمار بن غفير، في ساعة مبكرة من صباح 27 يوليو/ تموز 2023، برفقة مجموعة من المستوطنين باحات المسجد الأقصى في القدس المحتلة، وسط حماية عسكرية.

وجاء ذلك بالتزامن مع اقتحام مستوطنين للأقصى لمناسبة ما يسمى "ذكرى خراب الهيكل" الذي تقول الجماعات الإسرائيلية المتشددة إنه كان قائما مكان المسجد وهو ما ينفيه المسلمون.

بن غفير اقتحم المسجد من باب المغاربة، في الجدار الغربي، وتجول في باحاته برفقة عدد من المستوطنين، فيما انتشرت قوات الاحتلال بكثافة داخله وقيدت حركة المصلين، ومنعت أعدادا من الشبان والمصلين الفلسطينيين من دخوله خلال عملية الاقتحام.

وهذه هي المرة الثالثة التي يقتحم فيها زعيم حزب "القوة اليهودية" اليميني المتطرف، المسجد الأقصى منذ تسلمه منصبه بداية العام 2023.

وتسبب الاقتحامن السابقان في يناير/كانون الثاني، ومايو/أيار 2023، بانتقادات دولية وعربية وإسلامية واسعة لحكومة الاحتلال.

وقال بن غفير في فيديو خلال اقتحامه: "هذا هو المكان الأكثر أهمية لشعب إسرائيل حيث يتعين علينا العودة وإظهار حكمنا"، وفق زعمه.

وبالتزامن مع اقتحام بن غفير، ومئات المستوطنين المسجد الأقصى، اقتحمت قوات كبيرة من شرطة الاحتلال مصلى قبة الصخرة، بشكل استفزازي، ووضعت عناصرها على مدخله واستولت على مفاتيحه بعد الاعتداء على الحراس بالضرب -بحسب دائر الأوقاف الإسلامية-.

ونفذ أعداد من المستوطنين رقصات وصلوات تلمودية في باحات الأقصى، عقب اقتحامه، إضافة جولات استفزازية بأزقة القدس القديمة، فيما احتشد المئات منهم قبالة باب المغاربة قبيل الاقتحام.

وعبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #الأٌقصى_يستغيث، #الأقصى #الأقصى_في_خطر #الاقصى_يقاوم وغيرها، صب ناشطون جام غضبهم على بن غفير، ونعتوه بأوصاف عدة أبرزها "الفاشي والعنصري والمتطرف"، مهاجمين الدول التي أعلنت تطبيعها مع الكيان المحتل بدعوى السلام.

وأعربوا عن استيائهم من أن قطعان المستوطنين أصبحت تصول وتجول وتدنس المسجد الأقصى في كل وقت وحين، دون ردة فعل عربية إسلامية قوية، داعين الأمة العربية والإسلامية للاستفاقة من سباتها وردع الاحتلال.

وحث ناشطون الفلسطينيين إلى شد الرحال للمسجد الأقصى والرباط فيه والتصدي للعدوان الإسرائيلي عليه، مستنكرين إمعان الاحتلال ورموز حكومته في انتهاك قدسيته والتبجح في تهويده.

وقال خطيب المسجد الأقصى عكرمة صبري، في تصريحات صحفية، إن ما يجرى جزء من حرب مفتوحة وغير مسبوقة تشنّها العصابات الإسرائيلية بدعم وتأييد من حكومة الاحتلال المتطرفة.

وبدورها، أكدت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" على لسان المتحدث باسمها حازم قاسم، أن الاقتحامات الواسعة والمستمرة للمسجد الأقصى، من قِبل المستوطنين ووزراء في حكومة الاحتلال، تصعيد خطير للحرب الدينية التي يشنّها الاحتلال على القدس.

وأضاف: "شعبنا سيدافع عن هوية المسجد الأقصى المبارك ويحافظ على إسلاميته وعروبته مهما بلغت التضحيات، ولن يسمح للاحتلال الإسرائيلي بتمرير مخطَّطاته".

مخططات إسرائيلية

وتفاعلا مع الأحداث، وصف مسؤول الإعلام والعلاقات العامة السابق بالمسجد الأقصى المبارك عبدالله معروف، اليوم بأنه "يوم عصيب" على مديينة القدس.

وأشار في تغريدة أخرى، إلى أن قوات الاحتلال حرصت على تأمين خروج بعض المستوطنين من باب الأسباط، قائلا إن هذا يؤكد أنها تعمل على إضافة باب الأسباط للبوابات التي ترتبط بالاقتحامات (بابا المغاربة والسلسلة).

وأوضح معروف أن هذا يعني أن الاحتلال يعمل جادا الآن على تحويل الزاوية الشمالية الشرقية للأقصى (المدخل الأقرب إلى باب الرحمة) لمدخل له، أي أنه يريد محاصرة المسجد الأقصى من الزاويتين المتقابلتين: الجنوبية الغربية، والشمالية الشرقية.

وحذر من أن هناك تحضيرا حقيقيا هذه المرة للاقتحامات الكبرى في هذا الصباح؛ حيث جرى فتح مدخل النساء والأطفال من حائط البراق، والمجموعات المقتحمة تتكون كل واحدة منها من حوالي 100 شخص، وفي نفس الوقت فإن قوات الأمن تنتشر على طول الطريق لتسهيل دخول الجميع دون الوقوف في صفوف انتظار. 

وقال الناشط في المجال الخيري محمد نشوان، إن "الأقصى مازال يتألم، مازالت قلوبنا تنزف ألما وحزنا"، مستنكرا الغناء والرقص في رحابه، ومواصلة المغتصبين منذ الصباح اقتحامهم في ذكرى "خراب الهيكل"، بينما يمنع الاحتلال دخول أي مسلم له.

وعرض في تغريدة أخرى مقطع فيديو يظهر مسيرات الأعلام الاستيطانية وهي تجوب حول سور القدس عشية ذكرى ما يسمى "خراب الهيكل" تحت حماية الآلاف من جنود الاحتلال، مقدما الفيديو لمن يهمه الامر.

وأوضح الباحث في شؤون القدس زياد ابحيص، أن قوات الاحتلال تحاول بالشراكة مع جماعات الهيكل المتطرفة إدخال باب الأسباط إلى نطاق حركة المقتحمين إلى جانب بابي المغاربة والسلسلة، لعلها تعزز بذلك الحضور الصهيوني داخل الأقصى وتكسر تركزه في الزاوية الجنوبية الغربية للمسجد.

وأشار الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة، إلى أن جيش بن غفير كان يقتحم قلقيلية واستشهد برصاصه الفتى فارس أبو سمرة (14 عاما)؛ بينما كان هو يدنّس المسجد الأقصى فيما يسمى ذكرى خراب الهيكل، قائلا: "هنا أهم مكان لليهود ويجب أن نعود إليه".

وعقب قائلا: بالدّم الزكي وبجنون القتلة؛ يتأكّد استمرار الصراع ويُفتضَح رموز "التنسيق الأمني" والمطبّعون.

خذلان عربي

واستنكر ناشطون صمت الدول العربية والإسلامية على تصعيد الاحتلال الإسرائيلي من اقتحاماته للمسجد الأقصى وتقييد حرية المصليين ومنعهم من أداء صلواتهم، معربين عن استيائهم من التفريط في المقدسات.

وعد الإعلامي القطري جابر الحرمي، أن الاقتحامات الواسعة والمكثفة من المستوطنين ووزراء في حكومة الكيان الصهيوني وبحماية أمنية يمثّل أكبر تصعيد للحرب الدينية التي يشنها الاحتلال على القدس والمسجد الأقصى، واستفزازا لمشاعر ملياري مسلم دون أن يُحرّك ذلك أدنى رد فعلي وخطوات عملية من النظام الرسمي العربي والإسلامي.

وحذر من أن هذا الوضع جعل الصهاينة يتمادون في عدوانهم على المقدسات والحرمات في فلسطين.

وكتب جمعة بن علي الناصري: "أمة الإسلام تهان والقرآن يحرق شبه يومي وأقصانا يدنس وما حول الأقصى يحتل بشكل متسارع وهناك نكبات ما بعدهُ من نكبات في القدس وما حولها، ومع ذلك ترفعون شعار السلام مع هؤلاء المرتزقة ولا تدعمون أصحاب الأرض بمقاومتهم المشروعة".

وتساءل: "لماذا لا تكون هناك مواقف جادة وحازمة نحن أمة المليار لما هذا الهوان"، قائلا: "صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال (يوشك الأمم أن تداعى عليكم، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها. فقال قائل: ومِن قلَّةٍ نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السَّيل..)".

ووجه سيف الدرعي، رسالة إلى المطبعين، أخبرهم فيها أن الصهاينة يقتحمون الآن المسجد الأقصى من جديد، متسائلا: "أين السلام المزعوم الذي تعهدتم بجلبه من خلال علاقاتكم المحرمة مع إسرائيل؟"

وقال أحد المغردين: "ليسوا ندا ليكونوا أعداءنا، ليسوا ندا نهائيا، هي فقط خيانة الأعراب، وتكالب العرب وتقهقرهم ووجه الأمة الإسلامية التي تعاني الأمرين، فقد تكالبت علينا الأمم، حسبنا الله ونعم الوكيل".

وكتب المغرد محمد: "منعرف قديش وضع المسجد الأقصى صعب ووضعنا نحن كمسلمين بشكل عام لما تمرق اقتحامات المستوطنين وتدنيسهم للأقصى بشكل يومي تقريبا بدون أي رد فعل وكأنه شيء عادي".

شد الرحال

ورصد ناشطون الاعتداءات التي تعرض لها المسجد الأقصى، داعين الفلسطينيين ليكونوا أكثر حزما وحراكا في التصدي للعدوان الإسرائيلي عليه.

ورأى ياسين عز الدين، أن التعامل مع انتهاكات الاحتلال في المسجد الأقصى وآخرها الاقتحام الواسع اليوم بمشاركة وزراء صهاينة، لا يكون من خلال ردود الأفعال اللحظية، بل يجب أن يكون هناك نشاط شعبي منظم ومتواصل وعلى المستويات والمجالات كافة، لأن ردود الأفعال اللحظية في غالب الأحيان تكون أقل من المطلوب.

وقال علي سمير المدهون: " لم تستطع الوصول لـ #القدس انزل واغضب واجعل من الطرق الالتفافية كمائن موت لقطعان المستوطنين، المقدسات تنتهك لذا اغضب نصرة لدين الله".

وأضاف أن كل ما يحدث بالمسجد الأقصى يتحمله كل من يستطيع الوصول للرباط فيه ولم ينهض من مكانه.

ودعا محمد ذورب، إلى شد الرحال للأقصى، قائلا: "أنتم درعه المتين".

تصدير أزمة

ورأى ناشطون أن تصعيد الاحتلال هجماته على المسجد الأقصى هذه المرة، يأتي هروبا من الأزمة الداخلية التي يعيشها الكيان المحتل في خضم التعديلات القضائية التي جرى تمريرها نهاية يوليو 2023، وأثارت موجة غضب واسعة في الشارع الإسرائيلي.

وتحدث نائب رئيس جامعة حجة للشؤون اﻷكاديمية حسن ناصر سرار، عن خبث ودهاء حكومة الكيان الصهيوني، لافتا إلى أن عملية الرد على اقتحام بن غفير للمسجد الأقصى ستسهم إلى حد كبير في تخفيف أجواء التوتر والسخط الشعبي للمستوطنين على حكومتهم التي وصلت الذروة خلال الأيام الماضية.

وأكدت خولة ناصر، أن الكيان مفكك، ويعيش أكبر أزمة سياسية في تاريخه، الجيش منقسم، والأمن مهدد، ويحاول متطرفون الصهيونية الدينية أتباع كاهنا وبن غفير و(وزير المالية المتطرف بتسلئيل) سموريتش ومن خلفهم الحكومة الفاشية استعراض قوتهم بأنهم متماسكون وأن لهم اليد العليا.

وبينت أن هؤلاء يسعون لتصدير أزمتهم للمسجد الأقصى لتنديسه وفرض أهدافهم الخبيثة.

وقال يوسف قيشاوي، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحاول تصدير الأزمة تجاه الأقصى، محذرا: "إياكم أن يتخلى أحد منكم عن دوره بنصرة المسجد".