بعد هدنة 24 ساعة.. غضب سوداني واسع مع تسارع نزيف الدماء في الخرطوم والجنينة

12

طباعة

مشاركة

أعرب ناشطون عن استيائهم من تجدد الاشتباكات العنيفة بين الجيش السوداني بقيادة عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي" فجر 11 يونيو/حزيران 2023، في عدة مواقع بالعاصمة الخرطوم، بعد انتهاء هدنة دامت 24 ساعة.

وسائل إعلام محلية أفادت بأن "أصوات القصف والاشتباكات سُمعت بعد عشر دقائق من انتهاء الهدنة"، عند الساعة السادسة صباحا بالتوقيت المحلي (04:00 بتوقيت غرينتش)، وسُمع قصف عنيف بالمدفعية الثقيلة في الخرطوم وضاحية أم درمان شمال العاصمة.

وأشارت إلى وقوع اشتباكات "بمختلف أنواع الأسلحة" في شارع الهواء جنوب الخرطوم، بعدما شهدت البلاد "هدوء نادرا" بفضل الهدنة التي تمت بوساطة سعودية- أميركية.

وفي دارفور، مازال القتال مستمرا بين طرفي الحرب منذ نحو شهرين، مع انتهاك وخرق لكل الهدن المعلنة هناك، وأفادت نقابة أطباء السودان، بأن "المدينة محاصرة وهناك مئات القتلى وآلاف النازحين".

وأوضحت أن مدينة الجنينة "شهدت هجمات متتالية خلفت مئات القتلى والجرحى ونزوح الآلاف من منازلهم ومن الملاجئ التي لجأوا إليها".

وأعلنت النقابة رصدها العديد من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، منها "قتل المدنيين وتشريدهم ونهب ممتلكاتهم، والإخفاء القسري والتصفية الجسدية لنشطاء الإعلام والمدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين.

وأكدت انهيار المنظومة الصحية والخدمات المدنية وخروج المنظمات الإنسانية عن الخدمة، ومغادرتها للولاية لتتحول عاصمة الولاية إلى مدينة أشباح، ليس فيها سوى رائحة الموت في أكبر مأساة إنسانية تشهدها الكرة الأرضية، مؤكدة أن "هذا يحدث وسط صمت محلي وإقليمي ودولي مريب".

وأرجع ناشطون عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #الجنينة، #جرائم_الدعم_السريع وغيرها، تصاعد الأحداث في السودان إلى تكالب الجميع عليه سواء في الداخل من القوى السياسية أم بعض دول الجوار في الخارج، بالإضافة إلى ضعف موقف الأمم المتحدة.

واتهموا مليشيا "الجنجويد" (الدعم السريع) بارتكاب مجازر جماعية بحق مواطني الجنينة، مستنكرين صمت العالم العربي والإسلامي على جرائم ميليشيا الدعم السريع، بالإضافة إلى خذلان المجتمع الدولي وعلى رأسه الأمم المتحدة للسودانيين، وطالبوا بمحاسبة الجنجويد والتحقيق في جرائمها.

عودة الاشتباكات

وتفاعلا مع الأحداث، أوضح الباحث السياسي محمد هويدي، أن مناطق النزاع في السودان تشهد عودة سريعة للاشتباكات بالأسلحة الثقيلة بين الجيش والدعم السريع، بعد انتهاء الهدنة التي استمرت لمدة 24 ساعة. 

وأوضح أن التقارير تشير إلى أن الوضع الصحي في البلاد يعد "كارثيا" بسبب الصراع، حيث خرج ثلثا المستشفيات الرئيسة في مناطق النزاع عن الخدمة، مما يزيد من صعوبة تقديم الرعاية الصحية اللازمة للمصابين والجرحى.

وعد المغرد أبو سعد، تجدد الاشتباكات في السودان بعد انتهاء الهدنة "دليلا على أن الهدنة أو المفاوضات لن تنهي الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع".

وقال: "أعتقد أن الجيش السوداني عليه أن يقضي بشكل تام على قوات الدعم السريع ولو تطلب الأمر دخول قوات عربية مساندة!"، مضيفا" "لا يمكن أن تبقى قوتان مسلحتان في وطن واحد تحت قيادات مختلفة!".

واستنكر أبو سعد، "تدمير وطن وشعب مسالم منهك أصلا على مرأى ومشهد من العالم العربي".

واستهجن تيسير شومار، احتدام المعارك بعد دقائق من انتهاء "الهدنة الهزيلة"، مؤكدا استحالة إقامة "دولة برأسين".

وأكد الصحفي محمد ود الفول، أن "الهدنة الإنسانية ما هي إلا لمزيد من التقاط الأنفاس وتحشيد الجيوش وتجويد التكتيك الحربي".

ولفت إلى أنه "حسب مؤشرات الواقع فإن منبر جدة لن يحقق أهدافه، بل سيحقق أهداف بعض أطراف الصراع فى السودان المعروفين والمخفيين، لأن الوساطة لم تكن على قدر استيعاب المشكلة السودانية وإمكانية حلولها".

غرب دارفور

وبرز تعاطف الناشطين وتضامنهم مع أهالي مدينة الجنينة وكل مدن غرب دارفور، معربين عن استيائهم وغضبهم مما حل بالمدينة وأهلها وتجاهلها وتسليط الضوء على نجاح الهدنة في الخرطوم، دون النظر لما يحدث لباقي مدن السودان.

وأوضح عروة الصادق، أن "الهدنة الإنسانية نجحت في الخرطوم، ولكنها مخرّقة وممزّقة في إقليم دارفور، وراح ضحيتها أحد أعمدة العمل الطوعي والإنساني في غرب دارفور الجنينة خضر سليمان عبد المجيد ومازال الحصار مضروبا على السكان وعلى مدينة زالنجي ما يمنع رصد انتهاكات ترتكب هناك وفظاعات تشهدها تلك المناطق".

وأشار أحد المغردين، إلى أن "مليشيا الدعم السريع المتمردة تمارس التطهير العرقي في الجنينة ضد المدنيين"، مؤكدا أنها "مليشيات إرهابية لابد من نزع السلاح منها لأنها ترتكب جرائم ضد الإنسانية".

وأكد المغرد مصعب، أن الدعم السريع "يرتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية". وقال موي حسن، إن "الأخبار والأوضاع التي ترد من الجنينة أسوأ من سيئة، والمدينة اُستبيحت تماما، مطالبا بتدخل إقليمي ودولي ومنظمات الإنسانية لإنقاذ ما تبقى من المدينة والمواطنين". وأشار مبارك عبدالله، إلى أن "الجنينة غرب السودان ولاية فيها قوات نظامية من قوات مسلحة وشرطة وأمن وتقع على حدود ثلاث دول وثلاث ولايات سودانية"، متسائلا: "كيف يتم محاصرة المدينة من الدعم السريع المتمرد مع مجموعة من المليشيات التابع لها من قبائل عربية؟ أين الدعم العسكري من باقي المدن والحكومة المركزية؟". وتعجب جعفر متسيم، "من تركيز كل الإعلاميين والناشطين والسياسيين إن وجدوا ومنظمات المجتمع الدولي فقط على الخرطوم وتناسي ما يحدث في الجنينة، ولا أحد يتكلم عن الإبادة الجماعية التي تحدث لمواطنيها ولا عن التغييرات الديموغرافية في مقبل الأعوام". ودعا المغرد توما، الوسطاء بين الجيش ومليشيا الدعم السريع المتمثلين في السعودية وأميركا لأن يفهموا تماما أن الهدنة ليست في الخرطوم فقط، ويجب أن تشمل كل التراب السوداني، مؤكدا أنه لا يمكن القول إن الهدنة ناجحة وأصوات المدافع ودوي القذائف الصاروخية. ورفض أحد المغردين مزاعم البعض نجاح الهدنة، متسائلا: "أي هدنة وأي نجاح وحمام الدم على الهوية العرقية يتصاعد في الجنينة وكتم؟"، مؤكدا أن "الجنجويد لا يعرف سوى القتل حرفة والحريق عقيدة والعنصرية دينا والقبلية مذهبا".

وأضاف أن "الجنجويد سرطان دون إزالته لن ينعم الوطن بأمن أو سلام أو تعايش".

وعد المغرد خليفة، الحصار الذي ضربه الجنجويد على مدينتي زالنجي والجنينة وفي ظل الصمت الذي يمارسه الشعب والحكومة على أرض الواقع وفي وسائط التواصل أمر  مخزي.

وقال: "كأنما الجنينة وزالنجي ليستا مدينتين سودانيتين، وهذا تقريبا يشبه ما حدث سابقا عندما تحدث أهل دارفور عن الجنجويد ولم يصدقهم أحد"، مؤكدا موت أعداد هائلة جراء الحصار والقتل المتعمد.

وتابع: "هذه ليس مشكلة قبلية كما يريد البعض تسميته، بل هي نفس الأعمال الإجرامية التي يحصل الآن في الخرطوم لكن في الجنينة بالتحديد وصل مراحل خطرة، لذلك أدركوا الجنينة يا أهل السودان قبل يقتل الجميع".

خذلان أممي

وصب ناشطون جام غضبهم على الأمم المتحدة وهيئاتها ومبعوثها، مطالبين بإجراء تحقيق دولي عن جرائم المليشيا في السودان عموما ومدن غرب دارفور خصوصا.

وعرض جمال خميس، مقطع فيديو للجنجويد أثناء استباحتهم حي الثورة في الجنينة، وتنفيذهم إبادة جماعية لمكونات القبائل الأخرى، مستنكرا رؤية الأمم المتحدة للدعم السريع قوات نظامية ويرفض تجريمها.

وقال خميس: "في هذه الحالة يتضح للجميع أن الأمم المتحدة لديها مكاسب وراء الدعم السريع، وبهذه الحالة تفقد سيادتها ونحن لا نثق بها ولا نعترف بالمحكمة الدولية، ولا بمبعوثها".

وطالب محمد عمر خاطر، الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والإفريقي بالتدخل العاجل والفوري في ولاية غرب دارفور الجنينة، لـ"إنقاذ المواطنين العزل وما تبقى من مؤسسات الدولة". ورأى عبدالعزيز جعمان، أن "الساسة السودانيين تنبهوا لما تحيكه هذه المنظمة الصهيونية المسماة الأمم المتحدة وأعطوا مبعوثها كارت أحمر". وكتب القارئ الشيخ صالح العلي: "أفيقوا يا عرب، أفيقوا أيها المسلمون، ما يحدث داخل مدينة الجنينة الآن لابد له من تحقيق دولي لتقف تلك المجازر، قتل ونهب وهجمات على مساجد بيوت الله والمدارس والمراكز الطبية، ما تبقى من غرب دارفور سوى التراب".

ابتزاز الجنجويد

وأعرب ناشطون عن استيائهم من ابتزاز المليشيا لمنظمات الدعم الإنساني والطبي وموظفيها لتلميع صورتها وتبيض جرائمها أمام المجتمع الدولي.

وأشاروا إلى فضح منظمة أطباء بلاد حدود للدعم السريع بالكشف عن طلبهم من قافلتها الإدلاء ببيان أمام الكاميرا مما اضطرهم لفعل ذلك لتتمكن قافلتهم من مواصلة رحلتها. 

وكتب الكاتب والحقوقي فادي القاضي: "فلننصت جيدا للمحاولات العبثية من قبل مليشيا الدعم السريع لإجبار أطباء بلا حدود على قول شهادة زور بحق ممارسات هذه المليشيات ضد المرافق الطبية. إجبار فريق المنظمة تسجيل فيديو هو مثل انتزاع اعترافات تحت التعذيب".

وأكدت الكاتبة سوسن سيندا، "أن ابتزاز الدعم السريع لمنظمة حقوقية كأطباء بلا حدود ليس الأول ولن يكون الأخير"، قائلة إنهم "لا يعترفون بنظم دولية وحقوق إنسان لأن تربيتهم الإجرامية لابد أن تغلب عليهم".

وأضافت: "الجنجويد لا دين لهم ولا أخلاق"، داعية لاتخاذ إجراءات قانونية ضدهم.

ووصف الأكاديمي ميشيل أميري، قوات الدعم السريع بـ"جنجويد دراويش رباطة!".