يصب الزيت على النار.. ماذا يريد بن غفير من قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين؟

12

طباعة

مشاركة

لم يمضِ الوقت طويلا على الحكومة الإسرائيلية المتطرفة بقيادة بنيامين نتنياهو، حتى ظهرت ملامح سياساتها تجاه الأسرى الفلسطينيين والعرب في سجونها من خلال الحديث عن إقرار قانون الإعدام بحقهم.

وينذر تمرير قانون إعدام الأسرى بمواجهة شاملة بين الفلسطينيين وإسرائيل، خاصة أن هذا الملف له خصوصية كبيرة لدى الشعب الفلسطيني.

ومع نهاية 2022، ذكر تقرير مؤسسات شؤون الأسرى الفلسطينية، أن عدد الأسرى الذين ما زالوا في السجون بلغ 4700، بينهم 29 أسيرة، و150 طفلا وطفلة، وقرابة 850 معتقلًا إداريًا، و15 صحفيا وخمسة نواب في المجلس التشريعي الفلسطيني.

قانون مقلق

وعقوبة الإعدام قانونية في الكيان الإسرائيلي، رغم أنها لم تنفذ إلا مرتين منذ احتلال أرض فلسطين، ولا يتم تنفيذها إلا على الجرائم التي ارتكبت خلال زمن الحرب، مثل الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وبعض الجرائم بموجب القانون العسكري.

ويتطلب تنفيذ عقوبة الإعدام أغلبية بإجماع هيئة القضاة في المحاكم العسكرية الإسرائيلية، وهو ما يسعى وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير لتغييره في مشروع القانون الجديد الذي يسعى لتمريره.

وطوال حملته الانتخابية، أعلن بن غفير مرارا أنه سيسعى للتضييق على الأسرى الفلسطينيين وإلى دفع تبني الكنيست لعقوبة الإعدام بحقهم.

وطرح مشروع قانون إعدام الأسرى الذين تتهمهم سلطات الاحتلال بقتل مستوطنين إسرائيليين، في عام 2015 على طاولة الكنيست، لكنه لم يلق تأييدا كافيا لإقراره آنذاك.

وأعيد طرح مشروع القانون في أكتوبر/تشرين الأول عام 2017، من جديد من قبل حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني، وتم وضعه في مسار سريع للتصويت عليه من قبل اللجنة الوزارية الخاصة بالتشريع في الكنيست الإسرائيلي.

وفي نهاية عام 2018، دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو، بمشروع القانون للتصويت عليه في الكنيست، وصادق عليه بالقراءة الأولى تحت ما يسمى "مشروع قانون منفذي العمليات"، ولكن لم يحصل على التصويت النهائي أو يتم تمريره.

ومع صعود اليمين المتطرف في إسرائيل وتوليه الحكم، أعلن حزب "القوة اليهودية" الذي يتزعمه بن غفير، في ديسمبر/ كانون الأول 2022، عن اتفاق مع نتنياهو لسن تشريع يسمح بفرض عقوبة الإعدام بحق منفذي عمليات المقاومة الفلسطينيين.

وينص مشروع القانون الذي سيقدمه بن غفير، أن يأمر وزير الدفاع الإسرائيلي قائد قوات الجيش في المنطقة بصلاحية هيئة المحكمة العسكرية في المنطقة بأن تحكم بالإعدام دون اشتراط إجماع الهيئة؛ بل تكتفي بالأغلبية العادية.

وأن ليس لأي محكمة تخفيف عقوبة من صدر عليه حكم إعدام نهائي من المحكمة العسكرية في المنطقة؛ وأن القانون يسري فقط على الفلسطينيين دون سواهم.

بدأ بن غفير التحرك على الأرض بهدف الترويج لمشروع قانون إعدام الأسرى، من خلال قيامه بإجراء زيارة إلى سجن نفحة الصحراوي الذي يقبع به المئات من الأسرى الفلسطينيين.

وقال بن غفير في بيان: "توجهت لسجن نفحة للتأكد من أن الأسرى لن يحصلوا على ظروف أفضل من السابق".

وأكد بن غفير أنه سيستمر في مساعيه لإقرار قانون لتنفيذ عقوبة الإعدام لمنفذي العمليات، مضيفا: "حان الوقت لوقف نزهة علاج الأسرى الفلسطينيين. لن أسمح بذلك خلال ولايتي".

وأفادت مصادر إسرائيلية بأن بن غفير جاء إلى سجن نفحة للتأكد من أن ظروف الأسرى الفلسطينيين لن تتحسن.

"لن يمر"

وتفاعلا مع هذه المناقشات، أكد ممثل لجنة الأسرى في القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية زكي دبابش، أن قانون إعدام الأسرى ليس جديدا على إسرائيل، حيث أُعدم 233 أسيرًا فلسطينيًا في السجون من قبل، سواء بسبب الإهمال الطبي المتعمد، أو بالرصاص، أو تحت التعذيب.

وأضاف لـ"الاستقلال": "قانون إعدام الأسرى لن يتم تمريره، حيث سبق تحريكه من قبل بن غفير، من خلال وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي السابق، جلعاد أردان ولكن فشل ولم ينجح، وكانت إرادة الأسرى قوية، وهم الآن موحدون".

وتابع دبايش: "سنطلق جبهة وطنية موحدة في الضفة الغربية وقطاع غزة وخارج فلسطين لمناصرة الأسرى خاصة مع وجود تحركات إسرائيلية ضدهم، وفي مقدمتها تحريك قانون إعدام الأسرى من قبل بن غفير".

وحول معاملة المقاومة مع الأسرى المتواجدين لديها في حالة تم إقرار القانون، قال دبابش: "ذلك سيعلن في حينه، والسيناريوهات كلها ستكون مفتوحة لدى المقاومة، والأسرى خط أحمر".

وشدد على أن الاعتداء على الأسرى يعد اعتداء على الشعب الفلسطيني، ولن يتم السماح لسلطات الاحتلال التمادي ضدهم أو الاستفراد بهم.

وأسرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في غزة خلال حرب صيف 2014، جنديين إسرائيليين هما أورون شاؤول وهدار غولدين، فيما تقول إسرائيل إنهما قُتلا وإن الحركة تحتفظ برفاتهما.

كما تحتفظ "حماس" بإسرائيليَين تقول تل أبيب إنهما "مريضان نفسيا"، وهما هشام السيد وأبرا منغيستو، بعدما دخلا غزة في ظروف غامضة في سبتمبر/ أيلول وديسمبر/كانون أول 2014.

وقبل أيام، نشرت حماس مقطع فيديو، للإسرائيلي أبرا منغستو، وهو يطلب من حكومته إبرام صفقة لتبادل الأسرى، للإفراج عنه، هو وزملائه، وهو ما يماطل في تنفيذه الاحتلال.

عنصرية إسرائيلية

من جانبها، أكدت مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، في قراءة قانونية منتصف يناير، أن مشروع القانون، استمرار لسياسة الاحتلال العنصرية ضد الشعب الفلسطيني.

وأضافت أن هذا يأتي في وقت تقوم فيه قوات الاحتلال بحرمان الفلسطينيين من حقهم في الاستقلال وتقرير المصير، وتعمل على تجريد الفلسطيني وحرمانه من حقوقه المكفولة بشكل فطري وأساسي كالحق في الحياة وعدم التعرض للتعذيب.

وأكدت أن مشروع القانون الجديد القاضي بإعدام الأسرى الفلسطينيين، ما هو إلا استمرار لسياسة الاحتلال العنصرية ضد الشعب الفلسطيني.

ورأت أن إعادة إثارة طرح هذا القانون مرة أخري في الكنيست ينذر بكارثة كبيرة تلحق بحق الأسرى الفلسطينيين الذين يعانون الكثير من الانتهاكات خلال فترة اعتقالهم.

ومضت تقول إن "القانون يندرج ضمن موجة القوانين والتعديلات التي تحمل في طياتها صفات تمييزية وعنصرية (الأبارتهايد) والتي تنتهك القانون الدولي بصورة واضحة، ويشكل انتهاكا خطيرا لمعايير حقوق الإنسان كافة التي تحظر التمييز والتفرقة على أي أساس".

من جانبه، أوضح الناطق الإعلامي لمؤسسة مهجة القدس للشهداء والأسرى والجرحى، محمد الشقاقي، أن بن غفير يحاول من خلال تمريره لقانون إعدام الأسرى إرهاب الشعب الفلسطيني، ووقف أي عمليات جديدة.

وقال الشقاقي لـ"الاستقلال" إن "الأسرى في السجون الإسرائيلية قادرون على مواجهة القانون الذي يحاول بن غفير تمريره، خاصة أنهم تتوفر لديهم إرادة وعزيمة قوية".

ورأى أن الحديث عن القانون خلق حالة من الإرباك والتوتر لدى عائلات الأسرى داخل السجون، ولكن الأسرى يتمتعون بمعنويات عالية وقوية رغم تأثيره على الأسرى المرضى وأصحاب المحكوميات العالية.

وبين أن بن غفير بدأ بالفعل خطواته التصعيدية ضد الأسرى من خلال الزيارة التي قام بها إلى سجن نفحة، والتي أعقبها قيام إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية بإجراء تنقلات بين قيادات الأسرى ونقلهم إلى العزل الانفرادي.

وأشار الشقاقي إلى أن سياسة الإهمال الطبي التي تمارسها سلطات الاحتلال داخل السجون بحق الأسرى تسببت في استشهاد عدد منهم كان آخرهم الأسير ناصر أبو حميد الذي عانى لسنوات طويلة داخل السجون من مرض السرطان وعدم تلقيه العلاج المناسب.

وإلى جانب الأسرى الفلسطينيين، سلم أهالي الأسرى الأردنيين في السجون الإسرائيلية، رسالة لوزارة الخارجية الأردنية، نقلوها عن أبنائهم الأسرى، دعت "الحكومة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع الاحتلال من المصادقة على قانون إعدام الأسرى الذي قدمه بن غفير.

وجاء في الرسالة التي سلمها أهالي الأسرى الأردنيين في 25 يناير، إنه "في حالة إقرار القانون فسيهدد حياة تسعة أسرى أردنيين، والمئات من الأسرى الفلسطينيين من المحكومين بالسجن المؤبد".

وطالب الأسرى الأردنيون في سجون الاحتلال بوضع ملفهم "على رأس أولويات الحكومة، ومتابعة أوضاعنا داخل السجون قانونياً وإنسانياً وصحياً".  

وتعتقل "إسرائيل" 18 أسيراً أردنياً، تطالب منظمات حقوقية بالعمل على الإفراج عنهم، وإعادتهم إلى الأردن.

ويمضي 8 أسرى منهم أحكاماً بالسَّجن المؤبد، وسبعة آخرون تتراوح أحكامهم بين عشرة أعوام و36 عاماً، بالإضافة إلى ثلاثة أسرى يُمضون أحكاماً بين 5 و8 أعوام.