أيمن الظواهري.. طبيب مصري خلف بن لادن في قيادة "القاعدة" وأرعب أميركا لعقود

يوسف العلي | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

"منظر القاعدة، رجل فكر، جراح مثير للجدل" هكذا وصفت مواقع غربية زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، الذي أعلن رئيس الولايات المتحدة جو بايدن مقتله بغارة جوية نفذتها طائرة مسيرة أميركية على منزل كان يقطنه مع عائلته بالعاصمة الأفغانية كابل.

بايدن قال عبر خطاب تلفزيوني ألقاه من العاصمة واشنطن في 1 أغسطس/آب 2022، إن الظواهري مارس "القتل والعنف ضد الأميركيين، وأن "العدالة قد تحققت الآن"، مشيرا إلى أنه "هو من أعطى الموافقة النهائية على تنفيذ "ضربة دقيقة" استهدفت زعيم القاعدة.

فيما أفاد المتحدث باسم حركة طالبان التي تحكم أفانستان ذبيح الله مجاهد، بحدوث غارة في منطقة سكنية في كابل، ووصفها بأنها خرق واضح للمبادئ الدولية واتفافات الدوحة التي مهدت لانسحاب أميركا من أفغانستان.

وقال مجاهد خلال بيان في 2 أغسطس 2022، إن "مثل هذه التصرفات تكرار للتجارب الفاشلة خلال العشرين عاما الماضية، وتتعارض مع مصالح الولايات المتحدة الأميركية وأفغانستان والمنطقة"، دون ذكر اسم الظواهري، كما لم تعلق القاعدة على الفور بشأن الأمر.

نهاية الظواهري

وعن طريقة مقتل زعيم تنظيم القاعدة، قال مسؤول كبير في إدارة بايدن، إن الظواهري كان مختبئا منذ سنوات وأن عملية تحديد مكانه وقتله كانت نتيجة عمل "دقيق ودؤوب" لفرق مكافحة الإرهاب والمخابرات.

ونقلت وكالة "رويترز" في 2 أغسطس 2022 عن المسؤول الأميركي الذي لم تكشف هويته، قوله إن "المسؤولين حددوا أن عائلة الظواهري، زوجته وابنته وأطفالها، انتقلوا هذا العام إلى منزل آمن في كابل قبل أن يحددوا أن الظواهري في المكان نفسه".

وأكد المسؤول أنه "على مدى عدة أشهر، ازدادت ثقة مسؤولي المخابرات في أنهم حددوا هوية الظواهري بشكل صحيح في المنزل الآمن في كابل. وفي أوائل أبريل/ نيسان بدؤوا في إطلاع كبار مسؤولي الإدارة. وبعد ذلك أطلع مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، الرئيس بايدن".

وقال المسؤول: "تمكنا من تحديد نمط حياة الظواهري من خلال مصادر معلومات مستقلة متعددة لتوجيه العملية"، مؤكدا أنه "بمجرد وصول الظواهري إلى المنزل الآمن في كابل، لم يصل إلى علم المسؤولين أنه غادره، ورصدوه في شرفته في مناسبات عدة، وفيها استهدف في نهاية المطاف".

وادعى أن"المسؤولين حققوا في طريقة بناء المنزل الآمن وطبيعته ودققوا في قاطني المنزل للتأكد من أن الولايات المتحدة يمكن أن تنفذ بثقة عملية لقتل الظواهري دون تهديد سلامة المبنى وتقليل المخاطر على المدنيين وعائلة الظواهري".

وتابع: "في الأسابيع القليلة الماضية، عقد الرئيس بايدن اجتماعات مع كبار المستشارين وأعضاء الإدارة لفحص معلومات المخابرات وتقييم أفضل مسار للعمل. وفي أول يوليو أطلع أعضاء الإدارة، ومن بينهم مدير وكالة المخابرات المركزية بايدن على عملية مقترحة في غرفة العمليات بالبيت الأبيض".

وبحسب المسؤول، فإن بايدن طرح "أسئلة تفصيلية عما عرفناه وكيف عرفناه وفحص عن كثب نموذجا للمنزل الآمن الذي أعدته فرق المخابرات وأحضرته إلى الاجتماع".

وقال المسؤول إنه سأل عن الإضاءة والطقس ومواد البناء وعوامل أخرى قد تؤثر على نجاح العملية. كما طلب الرئيس تحليل التداعيات المحتملة لضربة في كابل.

وكشف أن "الرئيس دعا في 25 يوليو أعضاء إدارته الرئيسين ومستشاريه لتلقي إحاطة أخيرة ومناقشة كيف سيؤثر قتل الظواهري على علاقة أميركا مع طالبان، من بين أمور أخرى. وبعد التماس آراء الآخرين في الغرفة أذن بايدن بضربة جوية دقيقة بشرط أن تقلل من خطر وقوع إصابات في صفوف المدنيين".

وأوضح المسؤول أن "طائرة مسيرة نفذت الضربة في النهاية الساعة 9:48 مساء بتوقيت شرق الولايات المتحدة (01:48 بتوقيت غرينتش) في 30 يوليو باستخدام صواريخ هيلفاير".

ونشرت عدد من المواقع الإخبارية وصفحات التواصل الاجتماعي صورا للمنزل الذي كان يقطنه الظواهري بعد العملية الأميركية.

طبيب جراح

وينحدر الظواهري من عائلة مصرية من الطبقة الوسطى تمتعت بسمعة كبيرة في مجالات عدة، وكان والده محمد ربيع الظواهري طبيبا بارزا وأستاذا في جامعة القاهرة، كما كان أحد أجداده الشيخ محمد الأحمدي الظواهري الإمام الأكبر الرابع والثلاثين للأزهر.

ووالدة أيمن الظواهري هي أميمة عزام التي تتحدر من عائلة نشطة سياسيا في مصر، وهي ابنة عبد الوهاب عزام الذي شغل منصب رئيس جامعة القاهرة، وشقيقه هو عزام باشا الأمين العام الأول لجامعة الدول العربية (1945- 1952).

وولد الظواهري في عام 1951 في القاهرة، وله أخت توأم هي هبة محمد الظواهري وأخ أصغر هو محمد الظواهري، وتعمل شقيقته أستاذة لطب الأورام في المعهد القومي للسرطان بجامعة القاهرة.

أما شقيقه فقد عمل في منظمة "الإغاثة الإسلامية الدولية" في البوسنة وكرواتيا وألبانيا وتم اعتقاله عام 2000 في الإمارات وتم تسليمه لمصر حيث حكم عليه بالإعدام بتهمة العمل لجماعة "الجهاد" في مصر.

لكن بعد ثورة يناير 2011 التي أطاحت بحكم الرئيس المصري الراحل حسني مبارك، جرى إطلاق سراح الظواهري ليعاد اعتقاله في أغسطس/ آب 2013 بعد الانقلاب العسكري على الرئيس الراحل محمد مرسي.

وعاش الظواهري طفولته وشبابه في مصر، فبحسب المعلومات المتوافرة عنه، كان "هادئا" ومجتهدا في دراسته ومحبا للقراءة والشعر، ودرس الطب في جامعة القاهرة وتخرج عام 1974 بدرجة جيد جدا، كما حصل على درجة الماجستير في الجراحة.

وتزوج الظواهري أربع مرات، انجبت الأولى (عزة) منه خمس بنات وابنا، لكن زوجته واثنين من أبنائه قتلوا جراء غارة جوية على أفغانستان شنتها القوات الأميركية في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001، فيما لا تتوفر معلومات عن بقية زوجاته.

قيادة "القاعدة"

في عهد الرئيس المصري جمال عبد الناصر عام 1966، ساعد الظواهري مع أربعة طلاب في تشكيل خلية مسلحة، وفي أعقاب اغتيال الرئيس أنور السادات عام 1981 اعتقل الظواهري مع المئات.

وخلال فترة اعتقاله تعرض الظواهري، كما يقول محاميه منتصر الزيات، للتعذيب في السجون المصرية، وارتبط اسمه أيضا بتفجير انتحاري لمحاولة اغتيال وزير الداخلية حسن الألفي. كما اتهم بالتخطيط لمحاولة اغتيال رئيس الوزراء عاطف صدقي.

وبعد الإفراج عنه انتقل الظواهري إلى السعودية عام 1985 للعمل طبيبا في جدة، ثم التقى بالسعودي أسامة بن لادن عام 1986، حيث أصبح مستشارا له مع بدايات تأسيس تنظيم القاعدة.

وفي عام 1993 سافر الظواهري إلى الولايات المتحدة، حيث ألقى الكثير من الخطب الدينية في مساجد بولاية كاليفورنيا تحت اسم مستعار هو "عبد المعز".

وفي عام 1995 اتهم الظواهري بالتخطيط لهجوم على السفارة المصرية في إسلام آباد في باكستان، ثم أدرج اسم الظواهري على لائحة الاتهام في الولايات المتحدة عام 1998، لدوره في تفجير السفارتين الأميركيتين في دار السلام بتنزانيا ونيروبي بكينيا.

ورصد مكتب التحقيقات الاتحادي (إف.بي.آي) 25 مليون دولار مكافأة لمن يدلي بمعلومات تقود إلى الظواهري.

وفي عام 2001، بعد تفجيرات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة، ظهر اسم الظواهري على القائمة الأميركية لأخطر 22 إرهابيا مطلوبا لمكتب التحقيقات الفيدرالي في عهد الرئيس الأسبق جورج بوش الابن.

كما ورد اسمه بين المتهمين في اغتيال رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بينظير بوتو عام 2007.

وتولى الظواهري، قيادة القاعدة في أعقاب مقتل زعيمها أسامة بن لادن، في 2 مايو/ أيار 2011، بمدينة أبوت آباد الباكستانية في عملية اقتحام أشرفت عليها وكالة الاستخبارات الأميركية ونفذتها قوة من الجيش الأميركي.

وبعد ذلك خفت نجم التنظيم، فيما بقي الظواهري يطل بين الحين والآخر بتسجيلات مصورة ينتقد فيها الغرب والأنظمة العربية وكذلك جماعة الإخوان المسلمين التي تولت الحكم في عدد من البلدان بعد ثورات الربيع العربي التي اندلعت عام 2011.

ثم ظهر تنظيم الدولة الذي انشق عن "القاعدة" ورفض الانصياع لقيادة الظواهري، وبدأ ينافس على التجنيد واستقطاب المقاتلين من مختلف دول العالم، ما دفع الظواهري لتوجيه انتقادات لتنظيم الدولة وزعيمه السابق أبو بكر البغدادي.

"أيديولوجي القاعدة"

ووصفت مجلة "فوربس" الأميركية الظواهري خلال تقرير لها في 2016، بأنه "يتمتع بقوة رمزية كبيرة على الرغم من العلاقة المثيرة للجدل مع قادة الإرهاب الآخرين"، وبشكل كبير تنبع تلك القوة الرمزية من العلاقة الطويلة التي جمعت الظواهري بأسامة بن لادن.

وأشارت المجلة إلى أن "الظواهري صاحب تاريخ أسود في صناعة الإرهاب العالمي، إذ يرتبط اسمه بالتخطيط لتفجيرات سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا في أغسطس 1998".

وبقي الظواهري، رغم قلة ظهوره، مرتبطا بالأحداث، حيث دعا عام 2017 السنة الذين يعيشون في العراق إلى شن حرب عصابات طويلة ضد القوات الشيعية العراقية عقب استعادتها الأراضي التي كان يسيطر عليها تنظيم الدولة، وفق فوربس.

وفي السياق ذاته، تقول صحيفة واشنطن بوست" خلال تقرير في 1 أغسطس 2022، إن الظواهري صاحب فكرة هزيمة "العدو البعيد" أي الولايات المتحدة قبل هزيمة "العدو القريب" المتمثل في الأنظمة والحكومات في الدول العربية والإسلامية.

وتضيف الصحيفة الأميركية إن "دماغ الظواهري ويديه هما من وجها تنظيم القاعدة طوال السنوات الماضية".

وتنقل "واشنطن بوست" عن الخبير السابق في مكافحة الإرهاب في وكالة المخابرات المركزية الأميركية بروس ريدل قوله، إن الظواهري هو "أيديولوجي القاعدة، رجل فكر وليس رجل عمل".

وبحسب ريدل فإنه بعد نهاية العقد الثاني بعد هجمات سبتمبر، "بدت قدرة الظواهري على تشكيل الأحداث أو ممارسة القيادة داخل الحركة الجهادية المنتشرة على نطاق واسع موضع شك متزايد".

وكان غالبا يشار إلى الظواهري بأنه الساعد الأيمن لابن لادن، والمنظر الرئيس لتنظيم القاعدة، حيث سيطر تنظيم "الجهاد" المصري على تنظيم "القاعدة" حين تحالفا نهاية التسعينيات من القرن العشرين، حسبما يشير بعض الخبراء.