المجرم ما زال طليقا.. هكذا ربط لبنانيون بين غرق قارب هجرة وتفجير مرفأ بيروت

12

طباعة

مشاركة

انفجار "مرفأ بيروت" وتبعاته، وانقطاع الكهرباء والخدمات، وتفاقم الديون السيادية، والحرائق والهجرة غير النظامية وغيرها من الأحداث، ليست روايات قبل النوم، وإنما مآس حقيقية تصل حد الجرائم يعيشها الشعب اللبناني، اكتملت بغرق مركب يحمل مهاجرين قبالة سواحل طرابلس شمال البلاد.

وفي 23 أبريل/نيسان 2022، أعلنت منظمة الصليب الأحمر اللبناني، غرق مركب بحري للهجرة غير النظامية على متنه حوالي 60 شخصا عند ساحل طرابلس، كان قد انطلق من منطقة القلمون باتجاه قبرص وأوروبا.

وأفادت السلطات اللبنانية بأن نحو 14 راكبا لقوا حتفهم، غالبيتهم من الأطفال، وتم إنقاذ حوالي 48 شخصا وسحب 8 جثث، فيما يجري البحث عن مفقودين، وفق الحصيلة المؤقتة المعلنة. 

وفي اليوم التالي للحادث، أعلن رئيس مجلس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، الحداد الرسمي، على الضحايا، في 25 أبريل 2022، وتنكيس الأعلام المرفوعة على الإدارات والمؤسسات الرسمية والبلديات كافة، وتعديل برامج محطات الإذاعة والتلفزيون بما يتوافق مع المناسبة الأليمة.

التحركات الحكومية وطريقة التعامل مع الحادث، لم تلق قبولا لدى الناشطين على تويتر، ووجهوا أصابع الاتهام مباشرة للسلطة الحاكمة والجيش بالتسبب في الحادث، استنادا لرواية أحد الناجين من الغرق، الذي أفاد بأن قوات للجيش اللبناني تعمدت صدم الزورق مرتين.

وفي 24 أبريل 2022، شهدت العاصمة بيروت ومدينتا طرابلس وصيدا عدة تظاهرات تضامنية مع الضحايا، فيما احتج العشرات أمام منزل رئيس الحكومة، في ظل إجراءات أمنية مشددة.

الناشطون عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسمي #طرابلس_تنزف #قوارب_الموت، أكدوا أن من ماتوا غرقا خلال محاولة الهروب من جحيم البلد ضحايا قتلة معروفين، على رأسهم رئيس البلاد ورئيس حكومتها ورئيس مجلس النواب والوزراء، والنواب، والموظفون، والعسكر.

وتداولوا بعض صور الاحتجاج أمام منزل وزير الداخلية في طرابلس، بسام مولوي، وعدوها دليلا على غضب المدينة وتحميلها السياسيين مسؤولية إجبار الناس على المخاطرة بالموت هربا من لبنان، مذكرين بحادث انفجار مرفأ بيروت الذي وقع قبل عامين.

وتداول ناشطون شهادات الناجين بأن الجيش تعمد إغراق القارب، وصورا للجثث التي تم انتشالها من البحر، وأخرى تظهر عددا من أفراد ذوي الضحايا ينتظرون أمام مرفأ طرابلس، فيما انتقل آخرون إلى شاطئ الميناء مترقبين ظهور أي ناجين أو جثامين يلفظها البحر.

مسؤولية السلطة

وصب ناشطون غضبهم على ساسة لبنان والطبقة الحاكمة وأتباعهم، واتهموهم بدفع الشعب للفرار من الجحيم والأزمات المالية والاقتصادية التي تفشل السلطة في حلها ولا تقدم للشعب سوى الوعود الكاذبة، متحدثين عن الأسباب التي دفعت المهاجرين لذلك.

الإعلامية ندى اندراوس عزيز، أوضحت أنها "ليست القافلة الأولى التي تنطلق من طرابلس وتدفع بمواطنين يبحثون عن مستقبل وحياة كريمة إلى الموت، لكن المحزن أن زعماء طرابلس الأغنياء، وهم الأغنى في لبنان وبعضهم الأغنى في المنطقة، ينظرون إلى شعب يموت جوعا وقهرا يبتزونه بلقمة عيشه ولا يتذكرونه إلا في زمن الانتخابات لشراء صوته".

وأكدت سهيلة شكري، أن الهجرة غير النظامية "نتيجة الظلم والجوع والوجع وانعدام الأمن والأمان، واستمرار العصابة الحاكمة على كراسيها بكل فجور ووقاحة رغم كل شيء عملوه في الشعب". وكتبت الاقتصادية ليال منصور: "من الممكن أن بعض العائلات فضلت الموت المشترك بدلا من الفراق والموت الفردي.. فعلا البحر وغدره أرحم من الأرض وناسه". واستنكرت الناشطة آلاء مهاجر، أن "لبنان بها طرق عدة للموت ولا طريقة واحدة للحياة".

ثمن الفشل

واستنكر ناشطون إعلان السلطة الحداد على الضحايا دون تقديم الجناة الحقيقيين لمحاكمات عادلة تقتص للضحايا، مطالبين بإسقاط السلطة الحاكمة ثمنا لفشلهم في حل الأزمات التي تمر بها لبنان.

ونشر المغرد برهان نعوشي، صورة تجمع ساسة لبنان، قائلا: "يقتلوننا ثم ينعوننا ويكافئوننا بإعلانهم الحداد علينا.. لو كل واحد منهم قدم 2 بالمئة مما سمسره وسرقه ونهبه، كانت طرابلس بألف خير!!.. طرابلس دفعت ثمنا غاليا عندما صدقت وعودكم".

ونشر جو رعيدي صور جثث الضحايا، مؤكدا أن "أنفاسهم الأخيرة التي لفظوها في قوارب الموت هربا من جحيم الوطن ثمنها إسقاط العروش وكل الحصانات"، مضيفا أن "طرابلس تدفع ضريبة الموت في بلد تحكمه زمرة من القتلة". وأشار الصحفي، محمد مهدي العفي، إلى أن "الأطفال يموتون في عرض البحر هربا من الفقر والجوع، في حين يقيم كبار السياسيين ورجال الدين العزائم والولائم على شرف من لا شرف لهم".

فياض نموذجا

وبرز حديث ناشطين عن واقعة الاعتداء على وزير الطاقة اللبناني، وليد فياض، وقولهم إنه كان في حالة سكر حين كان يشتكي له أحد المواطنين من معاناة الشعب.

وردت المغردة لوسي على الصحفي ألين درغام، الذي رأى أن الاعتداء على الوزير فياض غير مقبول بتاتا، ووصف هذه التصرفات بأنها غير أخلاقية، قائلة إن "سرقة جنى عمر اللبنانيين وقعدتهم على العتمة، هذه تصرفات غير أخلاقية وخالية من الضمير، زعلتوا عليه كثير، الناس ماتت بطرابلس وأنتم حزينون على واحد رقاص!".

ورأى رونالد كوكجيان، أن "ما حصل مع وزير الطاقة حق مشروع، لأنه مارس قلة أدب واحتقار لمشاعر اللبنانيين بدلا من الحداد"، مشيرا إلى أن "السياسيين يسكرون على وجع وآلام الشعب المسكين".

مسؤولية الجيش

وهاجم ناشطون وإعلاميون الجيش اللبناني، واتهموه بـ"الطائفية" وتمكن العصابات منه والوقوف وراء حادث قارب طرابلس، معددين الأزمات التي ورط فيها البلاد وكان حاميا للمتورطين.

الصحفية اللبنانية، كارولينا غازار، قالت إن "مهمة الجيش إحراق خيم اللاجئين السوريين، واقتحام طرابلس والاشتباك مع فقرائها، وإغراق زوارق أهل طرابلس، وتصوير أغاني كليبات، وقتلة ومسبات من عناصر حزب الله وحركة أمل، وإعارة السلاح لكادر مسلسل الهيبة".

وأكدت الإعلامية غادة عويس، أن "على قيادة الجيش مسؤولية والمسؤولية الأكبر على من أفقر الشعب ودفعه إلى البحر". وأكد الكاتب بسام جعارة، أن "مركب الموت في طرابلس لم يغرق، بل أغرق بزورق الجيش اللبناني". وساخرا، وجه المغرد أمير يمان، "تحية إلى الجيش على مجهوده في إغراق مركب طرابلس، وحماية الفاسدين واللصوص وقمع الشعب السلمي، وغيابه عن السمع حين يختص الأمر بمليشيا إيران".  وذكر ناشطون بحادث مرفأ بيروت الذي وقع في أغسطس/آب 2020 وأودى بحياة أكثر من 200 شخص، ورأوا أن غرق قارب طرابلس يأتي استكمالا للأزمات التي تشهدها لبنان نتيجة عدم تعميم المحاسبة للمسؤولين.

وأكد الصحفي إياد أبو شقرا، أن "المرتكب الحقيقي لجريمتي مرفأ بيروت وبحر طرابلس مرتاح تماما لمسيرة مشروعه التهجيري-الاستيطاني العميل، ويتابع بإصرار تنفيذه وبناء دولته البديلة".

وأعرب عن رفضه لـ"إضاعة البوصلة"، مؤكدا أن "لا خيار وطنيا إلا بفضح هذا المشروع، ومكافحة الضالعين فيه من أدوات الخارج ومطاياهم".

وأوضحت جاسيكا مشيلاني، أن "زورق الموت أعاد لأذهان اللبنانيين ذكرى انفجار مرفأ بيروت، كما العديد من المآسي التي رافقت الشعب وأهالي طرابلس تحديدا"، مستنكرة "غياب الدولة وعدم اكتراثها والشعب هو دوما الضحية". وحمل الأكاديمي نصر الدين الحاج، مسؤولية جريمة غرق زورق طرابلس "لمن شارك في تفكيك الدولة ونهب أموالها طوال أكثر من 3 عقود، واستأثر بمنع إنقاذ لبنان حين رفض، بعد جريمة مرفأ بيروت، عرضا دوليا لمساعدة اللبنانيين شرط تشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين، ودعا للهجرة كل لبناني يعترض على ظلم وظلمة عهده". وكتب المغرد أمير داوا: "من مرفأ بيروت إلى مرفأ طرابلس المجرم واحد: دولة فاسدة قتلت أهانت وجوعت مواطنيها ودفعت أفقرهم إلى ركوب زوارق الموت هربا من موت آخر محتم".