لؤي حسين.. علوي سوري كاره للثورة ادعى معارضة الأسد ورفض رحيله
.jpg)
"حذاء (رئيس النظام السوري) بشار الأسد وأي واحد في المخابرات أشرف من الثورة"، جملة قالها رئيس "تيار بناء الدولة"، لؤي حسين، عام 2015، والذي توفي في العاصمة الإسبانية مدريد في 10 مارس/آذار 2022، عن عمر ناهز 62 عاما، إثر مرض عضال.
وكان حسين "زئبقيا" يلبس جلباب المعارضة متى شاء، ويخلعه فجأة ليلبس سترة النظام، حيث لا يسمح لأحد بأن يصفه بـ"المعارض" وإن شتم الأسد وأركان حكمه.
لم ينكص حسين على عقبي الثورة السورية التي تفجرت في مارس/آذار 2011، لأنه منذ البداية لم يحبها، لا بل أقر بكرهه لها ولثوارها ومعارضتها.
لقد كان لحسين ثورته الخاصة التي يريدها على مقاس الأسد طالما تبقيه حاكما على رقاب السوريين، رغم كل الدماء التي أراقتها الأجهزة الأمنية واعتقال الآلاف وتشريد آلة الأسد العسكرية ملايين المدنيين.
النشأة والتكوين
ولد لؤي حسين في العاصمة دمشق عام 1960، لأسرة من الطائفة العلوية التي ينحدر منها رأس النظام، ودرس الفلسفة في جامعة دمشق ولم يكمل تعليمه بسبب نشاطه في العمل السياسي المبكر مما قاد لاعتقاله عام 1984، بسبب انضمامه لحزب العمل الشيوعي المعارض إبان فترة حكم حافظ الأسد.
وسجن حسين سبع سنوات من دون محاكمة قضى معظمها في سجن صيدنايا "سيء السمعة" حتى عام 1991.
وفي عام 1996، أسس "دار بترا" للنشر، إلا أن الأجهزة الأمنية قيدت أنشطتها.
ووثق حسين السنوات التي قضاها في السجن في كتاب مذكرات بعنوان "الفقد"، صدر في لبنان عام 2005.
واعتقل النظام حسين لفترة قصيرة بعد طرحه بيانا للتضامن مع أهالي درعا السورية إبان اندلاع الثورة في مارس/آذار 2011، وبسبب تنظيمه لتجمع لأكثر من 190 شخصية معارضة بدمشق في 27 يونيو/حزيران 2011، وكان أحد منظمي مؤتمر "سميراميس" للمعارضة في العاصمة.
وأسس حسين "تيار بناء الدولة السورية" في 10 سبتمبر/أيلول 2011، وبقي رئيسا له حتى وفاته.
و"بناء الدولة السورية"، هو تيار أكثر منه حزبا سياسيا تقليديا، وينادي التيار بـ"اللاعنف والوحدة الوطنية والتفاوض من أجل انتقال سلمي إلى الديمقراطية، ويرفض تسليح المعارضة والتدخل العسكري الخارجي، ولا يسعى إلى إطاحة نظام الأسد بشكل كامل".
واتهم حسين بدور مشبوه في السنوات الخمس من عمر الثورة، لكونه يقوم بنشاطات سياسية من العاصمة دمشق على مرأى ومسمع أجهزة المخابرات، بينما يواجه الكثير من الناشطين الاعتقال أو الموت من قبل تلك الأجهزة في حال إظهار أي نفس معارض للأسد.
وخرج من سوريا عام 2015 إلى تركيا وأجرى مؤتمرا صحفيا في مايو/أيار من العام المذكور مع رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض آنذاك، خالد خوجة، لكن حسين رفض الحديث قبل إزاحة علم الثورة "علم الاستقلال"، الذي يتبناه الائتلاف وداعمو الثورة، تمييزا عن علم النظام، مما أثار غضبا كبيرا لدى الجماهير، ودفع لاحقا خوجة إلى تقديم اعتذار رسمي.
معاداة الثورة
كانت هناك لحظة فارقة أظهر فيها حسين وجهه الحقيقي وموقفه الصريح من الثورة السورية التي أرادها أن "تبتسم للجلاد أكثر، وتنتظر تغيير الأسد سلوكه متى شاء وفي أي وقت يشاء".
فكانت "حادثة العلم" مع خوجة في مدينة إسطنبول التركية، في 12 مايو/أيار 2015 أول إزميل في هدم صورة حسين، حينما نشر له تسجيل صوتي مسرب في اليوم التالي هاجم فيه الثورة وقال إنه يكرهها ولا يشرفه الانتماء لها وأن "صرماية بشار أو أي عنصر مخابرات أشرف من هذه الثورة".
لكن حسين رغم ذلك، استطاع العودة إلى صفوف المعارضة، التي كانت تريد طيفا جامعا لكل السوريين، فانضم حسين إلى الهيئة العليا للمفاوضات التابعة للمعارضة عام 2016، ثم انسحب منها.
وفي فبراير/شباط 2017، دعمت روسيا تأسيس "الكتلة الوطنية السورية" في العاصمة بيروت، مؤلفة من 40 شخصية مؤيدة لنظام الأسد، وكان لؤي حسين من المتحدثين باسمها.
واللافت أن الكتلة أصدرت حينها 18 مبدأ للعمل عليها، أبرزها أن "مقام رئاسة الجمهورية السورية لا يجوز البت فيه في المحافل الدولية، سواء حاليا أو في أي وقت لاحق، بل يبقى محكوما دوما بإرادة السوريين المتجسدة بانتخابات حرة ونزيهة ومراقبة دوليا".
وبنى حسين لنفسه "حالة خاصة" تجلت في أطروحاته لمعادات النظام، دون أن ينتمي للثورة السورية أو يذود عنها.
ركز حسين منذ اندلاع الثورة على العمل المدني وإحداث جسم ما في هذا الإطار، وبقي يدعو لأفكار هذا العمل في كثير من الندوات والورشات التي دعي إليها.
لذا شارك حسين في ندوات نظمها المعهد "الإسكندنافي لحقوق الإنسان" حول الانتقال السياسي في سوريا، وفي مؤتمر "من أجل سوريا ديمقراطية ودولة مدنية" بمدينة جنيف السويسرية خلال العقد الأخير.
وشهد معارضون سوريون من الذين خبروا أقبية مخابرات الأسد أن حسين كان مخبرا ويعمل لصالح أجهزة أمن النظام.
متذبذب الآراء
لقد كان حسين على مدى سنوات الثورة السورية الـ11، متقلب المزاج والآراء، فهو دائما ما يبدأ كلامه في نقد الأسد بمخاطبته في منشوراته بـ"الرئيس الأسد".
فكانت منشوراته تحمل توسلا للأسد بأن "يغير سلوكه"، وهذا كان نابعا كما يرى الكثيرون من "انتمائه الطائفي" الذي يضعه في موقف الرافض للتغيير وإسقاط النظام وإنهاء الطغيان والاستبداد في سوريا.
ولهذا قيل إنه "لا يسمح لك بأن تقف معه على أرضية مشتركة، رغم زعمه في تدويناته بأنه ينشد دولة لكل السوريين".
كان نفس حسين طائفيا ويتجلى ذلك في وقوفه إلى جانب جرائم النظام بصمته عنها، رغم أنه كان ينتقد الأسد شخصيا، لكنه كان رجلا متذبذبا في مواقفه تجاه ما يجري في سوريا.
وكتب في 8 مايو/أيار 2021 قائلا: "أنا لا أدعو النخبة الثقافية العلوية أن تتبع ما تم اصطلاح تسميته ثورة، ولا أن تتبنى قيم وطروحات هذه الثورة".
وأضاف قائلا: "فهذه الثورة هي ثورة جهادية بامتياز، وبالتالي لا أناصرها ولا أتبنى قيمها، بل إني على النقيض من ذلك تماما فأنا أرى طغيانيتها أسوأ بكثير من طغيانية النظام".
يأخذ عليه معارضون تأييده لـ"الاحتلال الروسي وجرائمه وقصفه باعتباره يكافح الإرهاب (أي الثورة)، كما لم يشر يوما إلى جرائم الأسد من قتل وتدمير المدن فوق رؤوس ساكنيها، لا، بل كان يحيي جيش النظام الذي يسميه الجيش العربي السوري، ويصف فصائل المعارضة التي أطلقت معركة فك الحصار عن مدينة حلب بـ(عصابة قتلة من حثالات السنة)".
كما أنه عاش "آمنا في كنف النظام السوري لفترة من زمن الثورة باعتباره ممن يصنفهم نظام الأسد بالمعارضة الوطنية أي المرضي عنها مخابراتيا".
ومن أكثر النقاط جدلا في حياته، أن نائبته في التيار هي منى غانم ابنة فيصل غانم الملقب بـ"جزار سجن تدمر السياسي" في ثمانينيات القرن العشرين، والذي أعدم فيه نظام حافظ الأسد مئات المعتقلين السياسيين، بينما كان فيصل المتهم بقتل السجناء يتقاضى "الذهب" حصرا حتى يعطي معلومة للعائلة عن وجود ابنها في السجن.
قالوا عنه
وكتب المعارض السوري محمد الفقير معلقا على وفاة حسين: "لؤي مثل نموذج للمعارض العلوي الذي ربما كان يرى في آخر أيامه أن ثمة مشكلة حقيقية في بيت الأسد، لكن لا مشكلة البتة في العلوية السياسية ولا الجيش والأمن المبنية نواتهما الأساسية والمؤثرة على المكون العلوي".
وأضاف في منشور له على "فيسبوك" في 10 مارس 2022: "طبعا وحدهم السذج والمنافقون من لا يعرفون لماذا يكرهنا حسين، سيرة حسين وتصريحاته ومواقفه وتوجهاته، دليل إرشادي لكل من يريد أن يعرف أكثر عن المشكل الطائفي في سوريا ويفكك مشهده المعقد".
أما المعارض وائل عبد العزيز فغرد قائلا: "كان لؤي حسين أقلويا طائفيا كارها للثورة وحاقدا على أهلها، محبا لأعدائها، مدافعا شرسا عن علوية الجيش العربي السوري والمخابرات السورية، لطالما تمنى سحق الثورة وأهلها، حراكه كان لحصر المعارضة ضد الدولة السورية في شخصه أملا بتوافق على توليه منصب رئاسة الجمهورية".
كان لؤي حسين أقلوياًً طائفياً كارهاً للثورة وحاقداً على أهلها، محباً لأعدائها، مدافعاً شرساً عن علوية "الجيش العربي السوري" و"المخابرات السورية". لطالما تمنى سحق الثورة وأهلها، حراكه كان لحصر المعارضة ضد " الدولة السورية" في شخصه أملاً بتوافق على توليه منصب رئاسة الجمهورية.
— وائل عبد العزيز | Wael Abdulaziz (@waelwanne) March 10, 2022