"طيّ الخلافات".. هل الإمارات جادة في التقارب مع قطر بعد زيارة طحنون؟

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

أثار لقاء مستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد آل نهيان، بأمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني، في الدوحة، تساؤلات بشأن انعكاس أول زيارة منذ عام 2017 على العلاقة بين البلدين، واحتمالات أن تنطوي صفحة الخلافات بينهما.

26 أغسطس/ آب 2021، قالت وكالة الأنباء القطرية إن المسؤول الإماراتي، أبلغ أمير قطر تحيات رئيس الإمارات خليفة بن زايد، ونائبه محمد بن راشد، وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد. واستعرض اللقاء العلاقات الثنائية، وسبل تنميتها.

طي الخلافات

عن أسباب الزيارة، قال المستشار السياسي لرئيس دولة الإمارات أنور قرقاش: "بناء جسور التعاون مع الأشقاء والأصدقاء عنوان المرحلة، وركيزة رئيسة للسياسة الإماراتية، نطوي صفحة خلاف وننظر إلى المستقبل بإيجابية".

وأوضح قرقاش خلال تغريدة بـ"تويتر" 26 أغسطس/ آب 2021، أن "زيارة طحنون بن زايد إلى قطر ولقاءه بأميرها تنطلق من واقع أن المصير واحد والنجاح مشترك".

زيارة طحنون، الأولى التي يجريها مسؤول إماراتي رفيع إلى الدوحة منذ أزمة المقاطعة الخليجية من الإمارات والسعودية والبحرين ومصر، للدوحة عام 2017، والتي انتهت في قمة "العلا" السعودية يناير/ كانون الثاني 2021.

وتأتي الزيارة في سياق جولة يقوم بها مستشار الأمن الوطني الإماراتي، شملت تركيا والأردن.

عقب ذلك اللقاء، جمع أمير دولة قطر، وحاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم لقاء ثان بالعاصمة العراقية بغداد، على هامش قمة الجوار العراقي 28 أغسطس/ آب 2021.

وقال الأخير عبر "تويتر": إن "تميم شقيق صديق، والشعب القطري قرابة وصهر، والمصير الخليجي واحد كان وسيبقى".

ومنذ إعلان اتفاق المصالحة التي رعتها السعودية، مطلع 2021، سادت حالة من الهدوء العلاقات القطرية الإماراتية، لكنها لم تعد كما كانت قبل اندلاع الأزمة.

إذ نص "اتفاق العلا" على إعادة مسار العلاقات بين الدول إلى ما كانت عليه قبل الأزمة، وبحث الأمور الخلافية وحلها بالطرق الدبلوماسية وبما يحفظ سيادة الدول.

فبراير/ شباط 2021، استضافت الكويت اجتماعا تنسيقيا بين قطر والإمارات لتفعيل مخرجات قمة العلا.

آنذاك قال وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن: إن علاقة بلاده مع الإمارات شهدت تطورا خلال الفترة الماضية، وشدد على أن الدوحة لن تبقى رهينة الماضي، حسب قوله.

وكان بيان "اتفاق العلا" الذي صدر عن القمة الخليجية الـ(41) يناير/ كانون الثاني 2021، أكد ضرورة تفعيل العمل العربي والخليجي المشترك، وتعزيز الروابط بين دول مجلس التعاون.

تنازل مؤقت

الخبير في الشؤون الأمنية والأكاديمي بجامعة "كينغز كوليدج" البريطانية، أندرياس كريغ، يعتبر زيارة طحنون المفاجئة للدوحة، "تنازلا مؤقتا للتغلب على الاختلافات الأيديولوجية الجوهرية المتبقية مع تركيا وقطر لتأمين المصالح الجيوستراتيجية".

الخبير وفي مقال بموقع "ميدل إيست آي" البريطاني، 27 أغسطس/ آب 2021، يقول: ربما "يكون من المبالغة تقديم زيارة طحنون لقطر على أنها اعتراف متأخر بالهزيمة، مؤكدا أنها الزيارة الأكثر أهمية إلى الدوحة من أي شخصية إماراتية".

ويلفت إلى أن "الربيع العربي وضع الجارتين في مواجهة بعضهما البعض في صدام بعيد المدى حول الرؤى والسرديات الأيديولوجية".

ومع ذلك، يرى الخبير أنه "على الرغم من أهمية هذه الزيارة للأمن والاستقرار الإقليميين، يجب أن ينظر إليها في سياق بيئة أمنية إقليمية أكثر ديناميكية من أي وقت مضى بفضل انسحاب القيادة الأميركية".

ويشير إلى التطورات الأخيرة في أفغانستان وتفكك النظام العميل لواشنطن في غضون أيام من انسحاب أميركا تحت وطأة حركة طالبان، وأن ذلك أعاد إلى أبوظبي هشاشة وضعف النظام الإقليمي الأوسع.

الكاتب يلمح إلى أن صور قوة عظمى مهزومة تحاول يائسة الحفاظ على سيطرتها على رأس جسرها الأخير في كابول، عززت لدى ابن زايد أن السعي لتحقيق الأمن القومي لم يعد يعتمد فقط على دعم واشنطن.

كريغ، يضيف: "بدلا من ذلك، يتطلب الأمر من الإمارات أن تصبح أكثر براغماتية في إقامة شبكات وعلاقات عبر المنطقة، إذا لزم الأمر مع الخصوم الأيديولوجيين في الدوحة وأنقرة".

تراجع التوتر

وفي المقابل، ذكرت صحيفة "العرب" اللندنية، المدعومة من الإمارات أن زيارة طحنون للدوحة "كانت خطوة منتظرة كتتويج لمسار المصالحة الخليجية"، مشيرة إلى أن "الوضع الإقليمي أصبح ملائما الآن لتعزيز هذا المسار على مستوى رسمي إماراتي".

تقرير للصحيفة 27 أغسطس/ آب 2021، أوضح أن "عناصر التوتر التي عرفتها المنطقة السنوات الماضية تراجعت بشكل لافت، ما أثر على موقف الدوحة وجعلها توفر مناخا ملائما ساهم في قيام طحنون بزيارة قطر".

وزعم التقرير أنه "من بين هذه العناصر تفكك مشروع الإسلام السياسي في المنطقة، وآخر فصوله ما تشهده تونس"، مدعيا أنه "أمر بدأ القطريون يقتنعون به ويتخذون مسافة من ممثلي هذا التيار في ظل تغير المزاج الإقليمي والدولي.. ".

"أدى هذا التطور إلى تراجع نفوذ الحرس القديم في الدوحة، وهو الذي كان يقف وراء تغذية الخلافات مع دول الخليج، ويقوي نفوذ الإسلاميين في الإعلام القطري ويفسح أمامهم المجال لمهاجمة الأنظمة الإقليمية ويعيق دعوات التهدئة.. "، وفق ادعاء الصحيفة.

وزعمت الصحيفة أنه "الآن تغير الأمر، وأظهرت الدوحة قدرتها على تحييد ورقة الإسلاميين الهاربين من بلدانهم الأصلية ومنعها من أن تكون عنصر توتير أو عائقا أمام تقاربها مع دول مثل مصر".

وقالت: "كما أظهرت حيادا واضحا في الموضوع التونسي، ومكنها ذلك من أن تحد من رهان حركة النهضة على الدعم القطري في صراعها مع الرئيس قيس سعيد، ولم تبادر الدوحة إلى إنقاذ حكومة هشام المشيشي بالدعم المالي.. ".

ووفقا للصحيفة فإن تطورات "الشرق الأوسط تدفع نحو إدراك إقليمي وإماراتي لمخاطر الوضع الحالي بعد تخلي أميركا عن دورها في تقديم ضمانات لأمن المنطقة، ما يستدعي بناء علاقات جديدة.. ".

"العرب" اللندنية، خلصت إلى أن "الخليجيين يشعرون بأن المنطقة مهددة، وأن الخلافات إنما تصب في صالح دولة بمشاريع خطرة ألا وهي إيران، وهذا أحد أسرار توجه قمة العلا نحو مصالحة خليجية شاملة تتغاضى عن الخلافات.. ".