رغم اقترابها من النصر.. ما أسباب هزيمة "المقاومة اليمنية" في البيضاء؟

سام أبو المجد | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

كلما أوشكت "المقاومة الشعبية" على الانتصار وحسم المعركة لصالحها، أتتها الضربات واحدة تلو الأخرى، إحداهما ضربة خيانة من قبل الحزام الأمني المدعوم إماراتيا، والثانية التي أضاعت معالم الانتصار فكان خذلان الحكومة الشرعية والذراع العسكري التابع لها، للمقاومة.

هذا جزء مما تعانيه المقاومة الشعبية في محافظة البيضاء اليمنية المتمثلة في "آل حميقان" التي كانت قد حققت انتصارات مهمة في مطلع يوليو/ تموز 2021.

إذ أنها كانت استعادت مناطق إستراتيجية من تحت سيطرة جماعة الحوثي لأكثر من سبع سنوات، من بينها مديرية الزاهر الإستراتيجية.

ذلك الانتصار الذي تمكنت فيه مقاومة آل حميقان، مسنودة بالقوات الحكومية، من تحرير عدد من المواقع الإستراتيجية، سرعان ما تحول إلى هزيمة بعد أيام فقط.

وذلك بسبب إعاقة وصول الإمداد والدعم من قبل الحزام الأمني.

خيانة الحلفاء

إعاقة أفواج الدعم والإسناد للمقاومة من قبل الحزام الأمني مثل شكلا من أشكال التخادم بين "الحزام الأمني" المدعوم إماراتيا، وجماعة الحوثي.

المجلس الانتقالي والذراع العسكري التابع له "الحزام الأمني" يزعم قتال جماعة الحوثي، لكن تلك الحوادث تكشف أن الحوثي أكبر المستفيدين من تصرفات الحزام الأمني.

تسجيل صوتي، تحتفظ "الاستقلال" بنسخة منه، يكشف فيه مسؤول "الدعم والإسناد اللوجستي" لعملية تحرير البيضاء، العقيد حسين فضل الصلاحي، أسباب ضعف المقاومة وانكسارها.

العقيد الصلاحي، يوضح في التسجيل الصوتي الأهم في سياق الحديث عن المعركة في البيضاء، أن سبب الضعف هو إعاقة وعرقلة إيصال الذخيرة إلى جبهات المقاومة.

إذ تم احتجاز الذخيرة في نقاط تفتيش تابعة للقيادي في الحزام الأمني مختار النوبي، لمدة ثلاثة أيام، وجرى اعتقال قيادات المقاومة التي تولت إيصال الإمداد للجبهات. 

ويضيف العقيد في لواء العمالقة، أنه تم احتجاز أكثر من دفعة أسلحة للمقاومة، تحت عدة مبررات، وجرى تأخير دفعتين من الدعم ثم إعاقة وصول التعزيزات بشكل كلي.

بالرغم من التنسيق مع قائد الحزام الأمني في يافع حسن صالح، لإيصال الذخيرة، وفق الصلاحي.

الذي يؤكد أنه الأمر الذي حول الحرب من نصر إلى هزيمة، ومكن الحوثي من إسقاط مديرية الزاهر بالكامل، حد قوله.

ويصف الوضع ويقول: "كنا نتقدم باتجاه مواقع الحوثيين في الزاهر، وقرب مركز البيضاء، رغم مدرعات وعربات الحوثيين".

ويبين أنه "حين انتهت الذخيرة، بدأ الحوثي يخرجنا من الزاهر وقرب البيضاء حتى وصلنا إلى يافع .. ".

وفي حين كان هناك أسباب لضعف المقاومة وتراجعها، فقد كان هناك سبب آخر للانكسار والانسحاب، بحسب العقيد حسين الصلاحي.

ويتابع: "احتجاز قوات الحزام الأمني، في يافع لمقاتلين من (قوات طارق) جلبهم لمساندة المقاومة العقيد فهمان الصبيحي؛ تسبب بانكسار المقاومة".

ويوضح الصلاحي، أن "المقاومة والقوات الحكومية مكثت في انتظار الدعم 4 أيام، بينما كانت ترد أفواج بالكامل من يافع، وتمنع دخول المقاومة إلى البيضاء".

"ما تسبب بالضغط على المقاومة وقوات العمالقة ودفعها للتراجع والانسحاب"

وإلى جانب الخسارة الإستراتيجية التي تكبدتها المقاومة، فإنها تلقت خسارة بشرية، باستشهاد نحو 30 من مقاومة "آل حميقان" وإصابة 70 آخرين.

وهو الأمر الذي أكده العقيد الصلاحي، في معرض إشادته بمقاومة "آل حميقان".

خيانات أخرى

القيادي في مقاومة آل حميقان، وعضو مجلس قيادة المقاومة محمد علي طاهر الحميقاني، علق على تصريحات العقيد حسين الصلاحي.

ويقول لـ"لاستقلال"، إن "ما صرح به الصلاحي دقيق ويتطابق مع حقيقة ما حصل، والخيانات التي تعرضنا لها من الحزام الأمني، سبقها خيانات أخرى".

"قبل عامين قدم التحالف لنا دعما بالمعدات والسلاح، غير أن الحزام الأمني في يافع قطع ذلك الدعم وقام بنهبه والاستيلاء عليه"، يضيف القيادي الحميقاني.

ويتابع: "وذلك في الوقت الذي كانت المقاومة بأشد ما يكون من احتياج للسلاح في معركتها مع جماعة الحوثي".

يذكر أن محللين سياسيين يمنيين، رأوا أن تنسيقا بين أبوظبي وحلفاءها في اليمن من جهة وطهران وأتباعها في اليمن يجري في أعلى مستوياته.

وأوضحوا أن ذلك تجلى في البيضاء، بالتزامن مع إجراء مماثل في مأرب.

رئيس مركز "أبعاد للدراسات الإستراتيجية" يقول بـ"فيسبوك": "لن يستقر قرار للإمارات حتى ترى مأرب تحت سيطرة الحوثي وشبوة مع الانتقالي".

ويؤكد أن "حلفاء أبوظبي وطهران رفعوا التنسيق إلى أعلى مستوياته بدأ في البيضاء ويعدون لعمل تكاملي في مأرب".

وجزم بأن الحوثيون أدخلوا عبر الانتقالي تكنولوجيا إيرانية تستخدم في الدرونز والصواريخ والمناظير الليلية وتعقب الأهداف.

خذلان من الشرعية

تجاهل مطالب المقاومة بالدعم والإسناد، من قبل وزارة الدفاع في الحكومة الشرعية، أحد أسباب هزيمة مقاومة آل حميقان في مديرية الزاهر ومديريات مجاورة، بحسب القيادي الحميقاني.

الذي يقول: "تحركاتنا الأخيرة كمقاومة أتت بطلب من وزارة الدفاع في الحكومة الشرعية، وأوكلت العملية لقيادات من لواء العمالقة في الجنوب".

ويضيف: "طُلب منا الامتثال لقادة لواء العمالقة، بالرغم من أن قيادة المقاومة هي من تحارب منذ سبع سنوات".

"تجاهلت وزارة دفاع الشرعية جهودنا وأتت بقيادات جديدة من لواء العمالقة لقيادة المعركة"، يؤكد القيادي الميداني في مقاومة آل حميقان.

ويتابع: "ومع هذا سلمنا القيادة لهم من أجل توحيد الجهود وتحاشي أي إشكالات تحول دون توحيد الصف".

ويجزم بأنه "كان من ضمن الاتفاقات مع وزارة الدفاع تحريك بعض الجبهات التابعة للشرعية في بعض المناطق لقطع الإمداد عن الحوثيين".

"لكن ذلك لم يحصل بالتزامن مع تحريك محور البيضاء"، يستدرك بقوله.

ويضيف: "علاوة على ذلك فإن الألوية الموجودة في مأرب لم تتحرك وتساند المقاومة في البيضاء، وهو السبب الذي قصم ظهر المقاومة".

ويفيد بأن "المقاومة عانت من قلة المقاتلين، فالأفراد الذين حرروا بعض المناطق هم الأشخاص الذي يتوجب عليهم أن يرابطوا لتأمين المناطق المحررة، وهم قلة".

ويشدد على أنه "كان يفترض أن يتم دعمنا بمقاتلين لتأمين المناطق المحررة".

مفاجأت قادمة

ويضيف محمد الحميقاني: "هذا الوضع الحرج من قلة المقاتلين وعدم الدعم أتى بالتزامن مع تحشيد الحوثيين والدفع بقوات هائلة وبشكل مكثف".

ويلمح إلى أن "الحوثيين سحبوا قوات من كل الجبهات، وقاموا بتعليق القتال في كل الجبهات في مأرب والجوف والضالع وتعز، وتوجه بكتائبه لقتال المقاومة".

ويذكر أن من بينها ما يسمونها "كتائب الموت"، "كتائب القدس"، "كتائب الحسين"، "كتائب التدخل السريع"، إذ توافدت قوات تصل عشرات الآلالف، كـ"أنساق وأفواج متتالية".

يتابع الحميقاني: "المقاومة قادرة على الانتصار لكن انعدام السلاح النوعي والسلاح الثقيل يحول دون تقدمها، رغم تقدمها أخيرا".

وبشان دور التحالف العربي وجه الحميقاني له الشكر لتنفيذ طلعات جوية، رغم أن الطقس والغمام أعاق فاعلية تلك الهجمات ولم يتمكن من حسم المعركة.

ويختم بقوله: "كانت هناك بدائل مثل الصواريخ الحرارية والأسلحة النوعية كالمدرعات والدبابات لكنها لم تصل، ما ترك الجبهات بدون إسناد أو دعم".

"وبالرغم من كل هذا فإن المقاومة ماضية بطريقها في ترتيب أوراقها وستكون هناك الكثير من المفاجآت الأيام القادمة".