هذه الملفات عالقة بين أميركا والسعودية.. ما مصيرها مع إدارة بايدن؟

سام أبو المجد | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

عدة ملفات يبدو أنها ستظل عالقة لفترة ما بين إدارة الرئيس الأميركي الجديد، الديمقراطي جو بايدن، والمملكة العربية السعودية، أبرزها صفقات السلاح بين البلدين.

بايدن عارض قرار سلفه دونالد ترامب ببيع السلاح للسعودية التي تستخدمه في حرب اليمن، وفور تولي إدارته الرئاسة في 20 يناير/كانون الثاني 2021، جمدت مبيعات الأسلحة للرياض، إضافة إلى تجميد صفقة مقاتلات "إف 35" للإمارات، في مسعى منه لمراجعات قرارات ترامب.

وفي الوقت الذي رأى البعض أن قرار تجميد مبيعات السلاح للسعودية يأتي إيفاء من بايدن بالتعهدات التي قطعها على نفسه أثناء حملته الانتخابية، قال آخرون إن ذلك إجراء روتينيا تتخذه الإدارات الأميركية المنتخبة حديثا.

ونقلت فرانس برس، عن مسؤول في الخارجية الأميركية (لم تذكر اسمه)، قوله إن "تجميد مبيعات الأسلحة الأميركية، إجراء روتيني إداري تتخذه غالبية الإدارات الجديدة، وأن الغاية منه هو ضمان أن تلبي عمليات بيع الأسلحة التي تقوم بها الولايات المتحدة أهدافها الإستراتيجية".

لكن المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، أضافت أن "قرار التجميد لا يتعلق فقط بمراجعة قرارات الإدارة الأميركية السابقة، بل أيضا ببحث طرق إنهاء الصراع في اليمن".

وقالت ساكي، خلال مؤتمر صحفي في 28 فبراير/شباط 2021: "تجميد صفقات للأسلحة قد أتى للتأكد من تلبيتها الأهداف الإستراتيجية للولايات المتحدة، بما في ذلك البحث عن طريقة لإنهاء الصراع في اليمن".

وتابعت ساكي: "ستكون هناك أيضا مراجعة مستمرة لمجموعة من السياسات، بما فيها تلك المرتبطة بالتزامات الولايات المتحدة ضمن اتفاقات أبراهام".

واتفاق "أبراهام" وقعته الإمارات والبحرين والسودان مع إسرائيل مؤخرا برعاية الولايات المتحدة، وهو الاتفاق الثالث من نوعه بين إسرائيل والدول العربية منذ إعلان دولة الاحتلال عام 1948.

وافتتحت مصر طريق التطبيع بتوقيع معاهدة السلام منفردة مع إسرائيل عام 1979، دون ربط السلام بحل القضية الفلسطينية أساس الصراع مع الصهيونية، كما وقّعت منظمة التحرير الفلسطينية اتفاق أوسلو عام 1993، ووقع الأردن اتفاق سلام عام 1994.

مبيعات الأسلحة

معارك قانونية دارت أكثر من مرة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري حول مبيعات الأسلحة الأميركية للسعودية، كان آخرها في ديسمبر/كانون الأول 2020.

ورفض مجلس الشيوخ محاولات لعرقلة الصفقة التي يقول معارضون من الحزب الديمقراطي إنه يجري استعجالها من دون ضمانات كافية بألا تقع المعدات في الأيدي الخطأ، أو تسهم في إذكاء الاضطرابات بمنطقة الشرق الأوسط.

كان ترامب قد مارس صلاحيته في استخدام الفيتو لإبطال قانون من الكونغرس تقدم به نواب ديمقراطيون وعدد من الجمهوريين ينصّ على إنهاء الدعم الأميركي للسعودية في حربها ضد الحوثيين في اليمن، رفضا لمزيد من التورط الأميركي في مستنقع الحرب اليمنية.

وفق مراقبين فإن ملف السلاح لن يبقى عالقا لفترة طويلة ضمن معارك قانونية، ومن المحتمل أن يستخدم بايدن صلاحيته في إيقاف مبيعات السلاح للسعودية أو على الأقل وضع شروط لعدم استخدامه في حرب اليمن.

ويرى المراقبون أن حسم هذا الملف سينهي الهجمات السعودية على اليمن، أو يقللها لأدنى حد، ويجعلها في مستوى الدفاع عن الأراضي السعودية من الهجمات الحوثية، في حال استمرت الحرب ولم يتم التوصل لحل سياسي ينهي الأزمة.

سعد الجبري

إحدى الملفات العالقة بين إدارة بايدن والمملكة، هو ملف مسؤول الاستخبارات السعودية السابق المقيم في كندا حاليا سعد الجبري، حيث رفع الجبري في أغسطس/آب 2020 دعوى قضائية  أمام محكمة أميركية اتهم فيها ولي العهد محمد بن سلمان بإرسال فريق لقتله في كندا، على غرار مقتل جمال خاشقجي.

وحسب شبكة "سي إن إن" الأميركية، استدعت محكمة أميركية ولي العهد السعودي و9 سعوديين آخرين، من بينهم بدر العساكر وسعود القحطاني وأحمد عسيري، بالإضافة لمؤسسة "مسك" الخيرية، وأن وثيقة الاستدعاء حررتها محكمة واشنطن باللغتين العربية والإنجليزية وأرسلتها في 22 سبتمبر/أيلول 2020.

ووفق صحيفة "واشنطن بوست"، فإن إدارة بايدن "منزعجة بشدة من هذه القضية"، خصوصا أن سعد الجبري "كان شريكًا رئيسا لوكالة المخابرات المركزية في جهودها لمكافحة الإرهاب ضد القاعدة".

وفي رسالة وجهها 4 من أعضاء مجلس الشيوخ، لترامب في يوليو/تموز 2020، فإن الفضل يعود للجبري في إنقاذ الأرواح الأميركية من خلال اكتشاف المؤامرات الإرهابية ومنعها.

كانت السلطات السعودية قد ألقت القبض على ابني سعد الجبري المقيمين في السعودية عمر وسارة، في مطار الرياض في مارس/آذار 2020، وقامت بمحاكمتهما سرا وأدانتهما بتهمة الأموال والتآمر ومحاولة الهروب من المملكة.

الخارجية الأميركية التابعة لإدارة ترامب رفضت هذا التصرف وقالت في أغسطس/آب 2020، إن الضغط على أبناء الجبري "غير مقبول" وحثت على إطلاق سراحهم فورا.

وقالت صحيفة "واشنطن بوست" نقلا عن النجل الأكبر لسعد الجبري، خالد إن كلا من عمر (22 عاما) وسارة (20 عاما) أدينا في محاكمة سرية في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 وحُكم عليهما بالسجن 9 سنوات و6 أعوام ونصف العام على التوالي.

وقال خالد الجبري: "من غير أن يقدم المدعي العام السعودي أي أدلة مباشرة تدل على ارتكاب الجرائم المنسوبة لهما، أو حتى السماح للمحامي بمقابلة موكليه في أماكن احتجازهما غير المعلنة"، حسب "واشنطن بوست".

وأضافت الصحيفة أن ولي العهد محمد بن سلمان يستخدم اعتقال ابني الجبري للضغط على والدهما للعودة إلى السعودية، في ظل مخاوف يعيشها ابن سلمان من إدارة بايدن، ما دفع الأول أن يطلب من واشنطن منحه الحصانة من أي ملاحقات قانونية من قبل المحاكم الأميركية. 

خالد الجبري صرح لواشنطن بوست بالقول: "تأمين حرية إخوته سيكون الاختبار الأكثر دقة للولايات المتحدة"، ونقلت الصحيفة عن مسؤول رفيع في الخارجية الأميركية (لم تسمه)، قوله إن واشنطن "ستواصل التأكيد للسلطات السعودية على أن أي مقاضاة لعائلة الجبري غير مقبولة".

وأضاف المسؤول الأميركي أنّ الخارجية الأميركية "قلقة" أيضا من الظروف التي أدت إلى انتقال سعد الجبري إلى كندا، مشددا على أن كبار المسؤولين الأميركيين "سيواصلون إثارة هذه المخاوف مع نظرائهم السعوديين".

وحسب الصحيفة الأميركية: "تقع القضية الحساسة الآن على عاتق إدارة بايدن، التي تريد في المقابل الحفاظ على الشراكة الأمنية الأميركية مع السعودية، لكنها تسعى أيضا إلى إعادة تقييم للعلاقة بين واشنطن والرياض بحيث تركز بشكل أكبر على قضايا حقوق الإنسان".

مقتل خاشقجي

ويبقى ملف اغتيال الصحفي السعودي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018، هو الملف الأكثر حضورا وقلقا في ذات الوقت لولي العهد محمد بن سلمان في ظل حقبة بايدن.

في الذكرى الثانية لمقتل خاشقجي، توعد بايدن قائلا: "سأعيد تقييم علاقة الولايات المتحدة بالسعودية"، في إشارة لطريقة تعامل إدارة سلفه ترامب مع قضية اغتيال خاشقجي.

وحسب مجلة ذا هيل الأميركية، فإن بايدن وصف السعودية بأنها "منبوذة"، ووعد بأن تكون له يد قوية في العلاقات الأميركية مع هذا البلد، خاصة في مواجهة الرياض بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان".

وتضيف المجلة بأن "السعودية تستعد لعلاقة أكثر صرامة مع إدارة بايدن بعد 4 سنوات منحها فيها الرئيس دونالد ترامب خطا مباشرا إلى المكتب البيضاوي وعرض الدعم، حتى في الوقت الذي أثارت فيه بعض سياساتها وإجراءاتها الجدل وازدراء الحزبين الجمهوري والديمقراطي".

وأكدت المجلة أن "العلاقة بين ترامب والسعودية كانت مصدر توتر دائم بين البيت الأبيض والعديد من الجمهوريين في الكونغرس، الذين انزعجوا من تورط الرياض في مقتل خاشقجي ودعم البيت الأبيض الجامح للحرب السعودية في اليمن، كما أثارت هذه الإجراءات انتقادات شديدة من الديمقراطيين".

ووعدت رئيسة جهاز الاستخبارات الوطنية الأميركية، أفريل هاينس أثناء جلسة استماع تحضيرية للتصويت على الموافقة على ترشيحها للمنصب في 19 يناير/كانون الثاني 2021، بتقديم ملف التحقيق في قتل الصحفي السعودي إلى الكونغرس ورفع السرية عنه.

ومن المتوقع وفقا لتصريحات مسؤولين بإدارة بايدن أن يتهم التقرير ابن سلمان بالمسؤولية عن قتل خاشقجي،. حيث غرد السيناتور الأميركي رون وايدن بالقول "هذا أمر كبير"، مشيرا إلى أن تعهد هاينز جاء بعد "سنتين من القتال" من أجل الشفافية ومحاسبة المسؤولين" عن الجريمة، مضيفا: "أصبحنا أقرب ما يمكن إلى تحقيق العدالة لجمال".


كانت معلومات من تقرير الاستخبارات المركزية الأميركية قد سربت وأفادت أن ابن سلمان مسؤول عن قتل خاشقجي، ووفق تحليل نشر في موقع مجلة فورين بوليسي للكاتبين مايكل إزنر وجاك ستيل، فإن "نشر تقرير وكالة الاستخبارات المركزية من شأنه أن يفي بوعد بايدن بالمساءلة عن اغتيال أحد المقيمين في الولايات المتحدة".

الملف الحقوقي

ويمثل الملف الحقوقي أحد أهم الملفات العالقة بين إدارة بايدن والسعودية، حيث انتقد بايدن في حملاته الانتخابية الانتهاكات التي تمارسها سلطات المملكة بحق ناشطين حقوقيين ومعتقلين بسبب الرأي.

وتعهد بايدن بدعم كل الناشطين الحقوقيين قائلا: "التزام أميركا تجاه القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان سيكون أولوية، حتى مع أقرب شركائنا على الصعيد الأمني"، وتعهد بالقول: "سأدافع عن حقوق الناشطين، والمنشقين السياسيين، والصحفيين حول العالم، ليقولوا ما يفكرون به دون خوف من المحاسبة والعنف".

وتحتجز السلطات السعودية المئات من معتقلي الرأي والناشطين الحقوقيين، من بينهن 13 ناشطة سعودية، لأسباب تتعلق بحرية الرأي والعمل الحقوقي وتعرضهن للتعذيب والإهمال الصحي، في سلوك "يمثل كارثة للقيادة السعودية في مجال العلاقات الدولية"، بحسب وصف محرر الشؤون الأمنية في إذاعة "بي بي سي" فرانك جارنر.

فضلا عن شن المملكة حملة اعتقالات متكررة للدعاة ورجال الدين والنخب المثقفة بسبب التعبير عن الرأي والمطالبة بالإصلاح، وتعذيبهم وتعريض حياتهم للخطر، من خلال الإهمال الصحي المؤدي للوفاة.

وينتظر الكثيرون من بايدن الإيفاء بتعهداته في دعم الناشطين الحقوقيين ومعتقلي الرأي والضغط على السعودية للإفراج عنهم وإيقاف حملات الاعتقالات التي تطال كثيرين والتي بلغت رقما قياسيا منذ تولي محمد بن سلمان ولاية العهد في 2017.


المصادر