"للتطبيع أم لحل الأزمة؟".. هكذا تساءل ناشطون عن زيارة كوشنر للخليج

القاهرة- الاستقلال | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

أثارت الزيارة المرتقبة لجاريد كوشنر، كبير مستشاري البيت الأبيض وصهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، هذا الأسبوع إلى السعودية وقطر، لحل الأزمة الخليجية، غضب ناشطين على تويتر، مؤكدين أنها تهدف لـ"تمرير التطبيع مع الكيان الإسرائيلي".

وندد الناشطون عبر مشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #الأزمة_الخليجية، و#كوشنر، #جاريد_كوشتر، وغيرها، برئاسة كوشنر للوفد المكون من مبعوثي الولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط آفي بيركوفيتش وبرايان هوك، ورئيس مؤسسة تمويل التنمية الدولية الأميركية، آدم بوهلر.

وتحدث مغردون عن دور كوشنر في افتعال الأزمة الخليجية التي بدأت منذ 5 يونيو/ حزيران 2017، حيث تفرض السعودية والإمارات والبحرين ومصر حصارا بريا وجويا وبحريا على قطر، بزعم دعمها للإرهاب وعلاقتها مع إيران، وهو ما تنفيه الدوحة. 

مباحثات كوشنر المرتقبة بشان الأزمة الخليجية مهد لها قبل شهرين، حين أكد في تصريحات لقناة "الجزيرة"، عقب لقائه أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في 2 سبتمبر/أيلول الماضي، أن "قادة دول الخليج يرون أن الأزمة الخليجية طالت أكثر مما ينبغي ويريدون حلها".

وذهبت تقديرات المراقبين حينها إلى أن السعودية والإمارات "سيقدمان تنازلات دعما لترامب ليستخدم قدرته على إتمام المصالحة الخليجية كإنجاز يضاف إلى رصيده، رغم خسارته في الانتخابات الرئاسية التي جرت مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الجاري".

لذلك برزت تساؤلات عن أسباب إصرار إدارة ترامب الخاسر، على تمرير المصالحة الخليجية رغم أن الرئيس المنتخب جون بايدن، المقرر تسلمه الرئاسة رسميا في يناير/كانون الثاني 2021، هو المستفيد من استقرار المنطقة؟ وهل فعلا الأزمة الخليجية في طريقها للحل؟.

الأهداف الحقيقية

كتاب ومحللون وناشطون بارزون على "تويتر"، أجمعوا على أن ترامب يرغب في حل الأزمة الخليجية لحصد نجاحات سياسية وتحقيق انتصار يحسب له قبل رحيله، ويأبى أن يترك تحقيقه لبايدن.

وأشاروا إلى أن الأزمة الخليجية بدأت وبلغت أوجها إبان حكم ترامب، مؤكدين أن زيارة كوشنر للسعودية وقطر؛ "محاولة لتمرير التطبيع الإسرائيلي إلى كل دول الخليج لتحسب إلى إدارة ترامب". 

ورأى الكاتب القطري، ناصر بن راشد النعيمي أن زيارة كوشنر وسعيه لحل الأزمة الخليجية "هي لسبب واحد، دفع الخليج للتطبيع مع إسرائيل".

 وكتب مدير مركز "مينا" للأبحاث، خالد الجابر: "إذا لم تحل الأزمة كالعادة يكفي استمرار الضغوط لفرض التطبيع على الخليج قبل رحيل ترامب من البيت الأبيض!".

الحل خليجي

إلى جانب الإجماع على أن الهدف من الزيارة هو "تمرير التطبيع"، حث ناشطون على ضرورة حل الأزمة الخليجية عبر القنوات الخليجية، والقبول بالوساطة الكويتية، أو تراجع السعودية عن شروطها ومبادرتها بالحل، وعدم منح إنجاز لكوشنر أو أي من إدارتي ترامب أو بايدن.

صحيفة "الفايننشال تايمز" الأميركية كشفت قبل أيام، أن السعودية صعدت من جهودها مؤخرا لحل أزمتها المستمرة منذ أكثر من 3 سنوات مع قطر، بعد هزيمة ترامب، مشيرة أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يحاول كسب ود إدارة بايدن وتقديم هدية وداع إلى ترامب.

فيما أفاد موقع "أكسيوس" الأميركي بأن إصلاح الخلاف بين السعودية وقطر سيحقق إنجازا في اللحظة الأخيرة لكوشنر وإدارة ترامب قبل 20 يناير.

وتقود الكويت وساطة لإنهاء الأزمة الخليجية التي خلخت المنظومة الخليجية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا، بدأها الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد منذ ساعاتها الأولى، ويواصلها الأمير الحالي الشيخ نواف الأحمد، إلا أنها ما زالت متعثرة. 

الكاتب الفلسطيني ياسر الزعاترة نصح بقبول الوساطة الكويتية، مشيرا إلى أن "ترامب سيد كوشنر راحل".

ورأى أن من السذاجة القول: إن "صبي نتنياهو (كوشنر) قادم إلى السعودية وقطر لحل الأزمة الخليجية حتى لو شملتها محادثاته"، مؤكدا أن لا شيء يتقدم على مصالح دولته الأم "إسرائيل" وسيكون التطبيع معها هو الهدف وما تبقى مجرد وسائل. 

من جهته، لفت الباحث السعودي في العلوم السياسية، سلطان العامر، إلى أن "كوشنر سيتوجه للسعودية وقطر في محاولة أخيرة من إدارة ترامب لإنهاء الخلاف"، قائلا: "إذا الحكومتان بيتجاوزون الأزمة، وهذا مشكوك فيه، فالأفضل يتجاوزونها بينهم وضمن إطار مجلس التعاون وبدون رعاية أميركية، خصوصا أنها إدارة منتهية ولا منفعة من منحها إنجازا لا تستحقه". الإعلامي الأردني ياسر أبو هلالة، أشار إلى أن حل الأزمة الخليجية في الرياض، الطرف المعتدي الذي أغلق الحدود والأجواء وقطّع الأرحام، وتستطيع أن تحلها في أي وقت".

وتساءل: "هل ستقدم السعودية حل الأزمة الخليجية هدية لبايدن حسب ما قال مسؤولوها للفايننشال تايمز، أم تكرم به كوشنر في أيامه الأخيرة حسب بلومبيرغ وأكسيوس؟"

 وعلق الصحفي والكاتب المصري، صلاح بديوي على زيارة كوشنر قائلا: "لايوجد إنسان شريف لا يتمنى أن تكون العلاقات جيدة بين الأشقاء، وكنت أتمنى أن يستجيب أهل الحكم بالسعودية  لوساطة الكويت أفضل، ستظل دولة قطر دوما حرة وقرارها مستقل".  فيما أكد الإعلامي والمحلل السياسي، عبد المجيد الجلال، أن "الأزمة الخليجية لن تحل إلا بمبادرات خليجية صرفة"، قائلا: إن "كوشنر وهو يودع منصبه مع صهره ليس مؤهلا لتحقيق ذلك".

غضب شعبي

وفي السياق، أشار ناشطون إلى أنه في ظل الأزمة الخليجية "حدثت أمور جسام غريبة على مجتمع الخليج وهي أخلاقية بالدرجة الأولى قبل أن تكون سياسية واقتصادية، منها الطعن في الأعراض والقذف والشتم وسب الأموات".

ولفتوا إلى قطع الأرحام للعوائل المشتركة ومنع معتمري وحجاج بيت الله وطردهم من الحرم وغيرها من الأزمات الأخرى التي لن ينسوها حتى لو انتهت الأزمة على المستوى السياسي، مؤكدين أن قطر ليست كما كانت قبل الأزمة الخليجية.

الأرقام الرسمية والتقارير الاقتصادية، أثبتت ذلك، وأفادت بأن القطريين اعتبروا الحصار فرصتهم لبناء اقتصادهم المحلي، موضحة أن قيمة الأصول الاحتياطية تتصاعد بوتيرة متسارعة بلغت حتى نهاية أبريل/نيسان الماضي، 202.8 مليار ريال (55.7 مليار دولار).

وأفادت بأن استثمارات قطر في السندات والأذونات الأميركية قفزت من 505 ملايين دولار في يونيو 2017، لتستقر عند 5.1 مليارات دولار في نهاية يناير/كانون ثاني 2020، وفق بيانات وزارة الخزانة الأميركية.

الشيخة القطرية مشاعل بنت حمد بن سحيم، قالت: إن "الوضع قبل الحصار ليس كما بعده"، مشيرة إلى أن "الأزمة الخليجية كشفت أمورا من جانب دول الحصار أعمق من مفهوم الأزمة".

 من جانبه، رأى مواطن قطري اسمه حمد بن سعيد، أن "زيارة كوشنر لن تجدي في رأب الصدع وسيعود بخفي حنين ولن يكون الحل إلا بعد مفاوضات مطولة بين طرفي الأزمة تسفر عن اتفاقية ترضي كل الأطراف". 

وأكد ابن سعيد أن "قطر تجاوزت الأزمة وليست على عجلة في الحل إلا إذا كان هناك ضمانات بعدم المساس بالسيادة وأن لا يتكرر الحصار".