عثمان بن جلون.. هذه الاتهامات طالت ثالث أغنى رجل في المغرب

مهدي القاسمي | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

احتل الملياردير عثمان بن جلون لسنوات طويلة المركز الثاني بالمغرب في قائمة أغنى أغنياء العالم التي تصدرها مجلة "فوربس" الأمريكية سنويا، إلى أن بدأ رجل الأعمال الذي يشغل منصب وزير الفلاحة والصيد البحري، عزيز أخنوش، يزاحمه على هذا المركز.

تمكن الأخير من احتلال المركز الثاني في قائمة فوربس لعام 2020 والـ15 ضمن أغنى رجال أعمال إفريقيا، بثروة تصل إلى 1.7 مليار دولار، فيما تراجع بن جلون إلى الثالث مغربيا والمرتبة 17 إفريقيا، بثروة تصل إلى 1.4 مليار دولار، فمن هو ثالث أغنى أغنياء المغرب؟

البلاط الملكي

كان الخليع بن الطالب بن جلون، جد عثمان مقربا من السلطان في القرن الـ 17، الأمر ذاته تكرر في القرن العشرين عندما عين الحسن الثاني عثمان بن جلون مستشارا ماليا له.

وفي عام 1999 - وهو العام الأول لتربع الملك محمد السادس على العرش -  أصبح بن جلون المساهم الأكبر في مجموعة "أونا" القابضة، المملوكة للأسرة الملكية في المغرب والتي تتضمن مجموعة من الشركات في قطاعات مختلفة. 

حظي بن جلون بوسام العرش من درجة ضابط في عام 2010، والذي وشحه به الملك محمد السادس خلال الاحتفالات بذكرى جلوسه على كرسي الحكم.

يظهر عثمان بن جلون في أغلب الأنشطة الاقتصادية التي يحضرها الملك، إذ يكون ضمن الوفد المرافق له باستمرار، وعلى وجه الخصوص المشاريع التي يدشنها العاهل المغربي بالدول الإفريقية، حيث يمتد نشاط مجموعته الاقتصادية إلى هناك عبر وكالات بنكية ومشاريع اجتماعية. 

يُقل عثمان بن جلون في الظهور أو التواصل مع الصحافة، فطيلة هذه السنوات التي تصدر فيها مشهد عالم الأموال بالمغرب، لم يخرج الرجل في حوارات مع الصحافة المغربية، عدا تصريحات نادرة. 

في عام 2018، أكد أن مجموعته ليست للبيع، تعليقا على أخبار راجت عن سيطرة وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقم في حكومة بنكيران، وأحد رجال الأعمال البارزين في المغرب حفيظ العلمي، على البنك. 

البيزنس أولا

تصريح عثمان بن جلون لم يكن دافعه تصحيح المعلومة فقط، بل إن صراعا في الخفاء يدور بينه وبين العلمي، بعد أن اتهم الرئيس التنفيذي لـ"بنك إفريقيا"، الوزير ببيع إحدى شركاته لأخرى في جنوب إفريقيا لا تدعم مغربية الصحراء لدى الأمم المتحدة.

من جهتها اتهمت صحف مغربية بن جلون بالتعامل مع "أعداء المغرب" في 2018 عندما قرر فتح 5 فروع لبنكه في دول إفريقية منها جنوب إفريقيا وزمبابوي، اللتان تدعمان ملف جبهة البوليساريو (يعتبرها المغرب انفصالية).

ورصدت الصحافة لقاء آخر في عام 2007 جمع بن جلون بالوزير الأول الجزائري - آنذاك - عبد العزيز بلخادم، في الجزائر، بصفته رئيس اتحاد الأبناك المغاربيين، ليطالب بفتح فرع لبنكه في الجارة الشرقية التي تدعم جبهة البوليساريو في نزاعها على الصحراء مع المغرب، حتى اعتبرته الصحافة أنه "يعطي أولوية للبيزنس على حساب مصالح الرباط".

المغرب وإفريقيا

ولد عثمان غنيا سنة 1932 بمدينة فاس (التي عاشت فيها أرقى أسر المغرب)، حيث ملك والده مقاولة (مصنعا) للنسيج، فيما كان جده أكبر تجار فاس، وأبرز مستوردي الشاي من الصين إلى المغرب.

بعيدا عن مجال التجارة، قرر بن جلون تحقيق رغبته بأن يصبح مهندسا معماريا، بعد أن حصل على شهادة الثانوية العامة من "المدرسة الثانوية ليوطي" - مدرسة للبعثة الفرنسية في مدينة الدار البيضاء تحمل اسم المقيم العام الفرنسي السابق في المغرب - ليسافر إلى لوزان بسويسرا. 

طموح عثمان كان عكس شقيقه عمر، الذي قاده حسه التجاري إلى أن يصبح مثل جده الأكبر، الخليع بن الطالب بن جلون، الذي كان مقربا من سلاطين المملكة، حتى أنه اعتبر "الصندوق الأسود" لملوك الدولة العلوية في القرن الثامن عشر ميلادي.

عاد الشاب إلى المغرب وبدأ يكون ثروته من نشاطه في مجال البنوك والتأمينات، وفي عام 1989، اشترى بن جلون حصص الورثة في الشركة الملكية للتأمين، ورغم أنها لم تكن إحدى شركات التأمين الكبيرة إلا أنها تمتلك أهمية رمزية وتاريخية بالنسبة للقطاع المالي في المغرب، حيث تم تأسيسها في عام 1949.

شكل إطلاق اسم الملكية على الشركة في ذلك الوقت تحديا للسلطات الاستعمارية وتكريما لدور الملك محمد الخامس في قيادته لمعركة تحرير البلاد.

أصبح بن جلون اليوم، هو الرئيس التنفيذي للبنك المغربي للتجارة الخارجية الذي لديه حضور في أزيد من 20 دولة إفريقية، ليحمل في عام 2015 اسم "البنك المغربي للتجارة الخارجية لإفريقيا"، ثم بداية عام 2020 "بنك أوف أفريكا".

ويطمح الرجل إلى جعل بنكه إفريقيا بامتياز من خلال توسيع شبكته على المستوى البنكي والتأميني، لتشمل جميع الدول الإفريقية، بعد أن أصبح من أهم 3 بنوك مغربية.

التأسيس والانطلاق

تأسس البنك المغربي للتجارة الخارجية عام 1959، وكان أول بنك ينفتح على الخارج من خلال افتتاح مكتب بباريس عام 1973، وأدرج ببورصة الدار البيضاء في عام 1975، قبل تفويته إلى "فينانس" القابضة - المملوكة لبن جلون- عام 1995، عندما تمكن بن جلون من الفوز بصفقة تخصيص البنك، وبدأ تحويله من مؤسسة مالية عامة متخصصة في تمويل التجارة الخارجية إلى مصرف متعدد الأنشطة والمهن البنكية والشبه بنكية.

لتحقيق ذلك قام بن جلون بعملية مالية غير مسبوقة في المغرب عام 1996، إذ كان البنك أول مؤسسة مغربية خاصة تصدر سندات إيداع دولية مسعرة في بورصة لندن بهدف زيادة تمويل رأسمال البنك بقيمة 60 مليون دولار.

يعتبر الملياردير من أهم رجال الأعمال في المغرب، إذ يرأس المجموعة الاقتصادية "فينانس" التي تراقب نحو 25% من سوق التأمين بالمغرب عبر "الشركة الوطنية للتأمين"، و"الشركة الملكية للتأمين" المندمجتان فيما بعد تحت اسم "الملكية الوطنية للتأمين"، بالإضافة إلى كونه يرأس "المجموعة المهنية لبنوك المغرب" منذ عام 1995.

زادت ثروة بن جلون في عام 1999 عندما ضم إلى إمبراطوريته "الشركة الوطنية للتأمين"، و"شركة الرابطة الإفريقية للتأمين"، المملوكتين لمجموعة "التأمين الوطنية الفرنسية"، ومُولت الصفقة بقرض دولي قيمته 160 مليون دولار شاركت في تمويله حوالي 25 مؤسسة مصرفية أوروبية ودولية.

لم تقتصر أعمال الملياردير على مجال الأبناك والتأمين، بل امتدت إلى حد قطاع الاتصالات والسياحة والفلاحة والنقل الجوي والبري ومجال الإعلام أيضا.