أمريكيون معتقلون.. لماذا لا يتدخل ترامب لإنقاذ رعاياه بمصر؟

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، مقالا للكاتب عمر سليمان الباحث المساعد السابق لمركز "هيدويزر" للشؤون الدولية بجامعة هارفارد، أكد فيه أن أخاه واحد من 60 ألف معتقل سياسي في مصر، وأن ترامب سعيد لرؤيتهم يتعفنون داخل السجون المصرية.

وقال الكاتب في مقاله: إنه "عندما انتشرت أنباء وفاة مصطفى داخل أحد السجون المصرية يوم 13 يناير/ كانون الثاني الجاري، كٌسر قلبي لسماعي هذه الأنباء، فمصطفى قاسم، الحاصل على الجنسية الأمريكية، هو رابع معتقل يلقى حتفه داخل أحد مقرات الاحتجاز المصرية، على الرغم من كونه محل تفاوض مستمر بين الحكومتين المصرية والأمريكية خلال سنوات احتجازه في مصر منذ عام 2013".

وأوضح أن "نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس، تقدم بطلب للإفراج عن مصطفى قاسم إلى رئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي بالنيابة عن قاسم، إلا أن الحكومة المصرية تعنتت ورفضت الإفراج عنه حتى لقي حتفه في السجن".

وتابع الكاتب: "أخي أيضا هو واحد من عشرات الآلاف من المعتقلين السياسيين في مصر، إلا أن مثله مثل عشرات الآلاف من المعتقلين، ليس لديه أو لديهم، ترامب (الرئيس الأمريكي) أو إدارته للتفاوض حول إخلاء سبيلهم، مما يجعلني وكل أهالي المعتقلين مصابين بالرعب في كل ثانية يقضونها داخل السجون من مصيرهم المحتمل أن يلحقوا بمصطفى أو من ماتوا داخل السجون قبله".

ما هي جريمته؟

وأشار إلى أن الجريمة التي ارتكبها أخي محمد عبداللطيف، هو أنه أطلق حملة على موقع التواصل "تويتر" للمطالبة بتحسين الأجور وظروف العمل في مجال الرعاية الصحية في مصر لكونه طبيب أسنان وناشطا من المدافعين عن الرعاية الصحية.

وأكد أن حملته على "تويتر" نالت تغطية إعلامية واسعة النطاق، حيث كان يأمل أن تستجيب الحكومة، وبالفعل استجابت الحكومة المصرية للحملة، ولكن على عكس ما تمنى محمد، حين قامت باعتقاله وإيداعه السجن.

في الأول من سبتمبر/ أيلول، أغارت قوات الأمن في حملة مكونة من أكثر من 50 من رجال الأمن الملثمين على منزل العائلة، إذ صادروا الهواتف وجهاز "اللابتوب" وجوزات السفر لكل المقيمين بالمنزل، إضافة إلى سرقة ألف دولار من البيت، وقاموا بتغمية أخي محمد واقتياده إلى أحد الأماكن المجهولة التابعة لقوات الأمن المصرية، بحسب الكاتب.

وأوضح: بقي أخي مجهول المصير في هذا المكان لمدة عشرة أيام وهو مكبل اليدين ومغمض العينين، غير قادر على الكلام أو الحركة، ولم يظهر إلا بعد عشرة أيام حين تم عرضه على النيابة العامة للتحقيق معه، حيث ظهر بنفس الملابس التي اعتقل بها، فقد بدا شاحبا وفقد الكثير من وزنه.

وبيّن الكاتب أنه "قبل أيام قليلة من ظهور أخي في النيابة العامة، التقى الرئيسان الأمريكي والمصري في قمة مجموعة السبع في مدينة بياريتس الفرنسية، بينما كان ينتظر في إحدى الغرف الفخمة في فندق دو باليه، سأل ترامب: "أين ديكتاتوري المفضل؟" بعد دقائق، وصل السيسي.

ثم قال ترامب بعد الاجتماع: "لقد فهمنا بعضنا البعض جيدا"، "إنه رجل قوي للغاية، وسأخبرك بذلك، لكنه رجل جيد، وقد قام بعمل رائع في مصر، لم يكن سهلا"، وبالطبع لم يشر ترامب إلى سجل حقوق الإنسان في مصر، وفقا للكاتب.

اعتقال أقرب للقتل

ونقل الكاتب عن تقرير لـ"هيومن رايتس ووتش" قالت فيه: "منذ تولي السيسي منصبه في أعقاب انقلاب عام 2013، قام نظامه بسجن أكثر من 60 ألف شخص لأسباب سياسية، غالبا ما تبقي الحكومة الأشخاص رهن الاحتجاز قبل المحاكمة فيما يسمي الحبس الاحتياطي لمدة تصل إلى 150 يوما قبل أي إجراءات قضائية؛ يمكن للقضاة بعد ذلك تجديد احتجازهم لمدة تصل إلى عامين، في بعض الأحيان، يتم إطلاق سراح المحتجزين بعد عامين، لكن في بعض الأحيان يختفون أو يعاد سجنهم".

ولفت عمر سليمان إلى أن لكل من هؤلاء السجناء السياسيين البالغ عددهم 60 ألف محتجز في مصر، عائلة، لذلك ليس من الصعب تخيل الخسائر التي يتعرض لها نظام السيسي على المجتمع، لقد فقدت ابنتا أخي الصغير والدهما، وأيضا من المرجح أن تلد زوجته، التي كانت حاملا عند القبض عليه".

وتابع: "كان أخي أيضا هو من يرعى أبانا المسن، الذي يواجه مشكلة الآن في مواكبة زيارات الطبيب، ثم هناك المرضى الذين كان يقوم أخي برعايتهم، محرومون من رعايته، وطلابه محرومون من إشرافه".

ونوه الكاتب إلى أن النظام المصري يبرر قمعه للحريات و سجنه لعشرات الألاف من المصريين بزعم أنه يحارب المتطرفين، لكن أخي ليس متطرفا، ولا ينتمي لأي حزب سياسي، فهو طبيب أسنان كل همه تحسين ظروف العمل لزملائه في مصر، وفي عام 2012، تم انتخابه في الجمعية المصرية لطب الأسنان.

ولفت إلى أن أخاه المعتقل "حارب في المحاكم لزيادة بدل العدوى الذي تدفعه الحكومة للعاملين الطبيين الذين يصابون بالعدوى من خلال عملهم، ورفض مرارا وتكرارا الدعوات إلى الإضراب والاحتجاجات في الشوارع، وبدلا من ذلك أبقى حملته على وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الأخرى".

وبحسب الكاتب، فإن الولايات المتحدة لها النفوذ لوقف انتهاكات حقوق الإنسان هذه، إذ تعد مصر ثاني أكبر متلق للمساعدات العسكرية الأمريكية بعد إسرائيل، حيث تتلقى 1.3 مليار دولار سنويا، يمكن أن تكون هذه المساعدات مشروطة بإطلاق سراح السجناء السياسيين، لقد ضحى ترامب ببعض هذا التأثير من خلال التفاوض على إطلاق سراح قاسم - ولكن لا يزال أمامه مجال للعمل".

وبيّن: يمكن للولايات المتحدة، على سبيل المثال، فرض عقوبات على مصر - وهو أمر كانت مستعدة للقيام به عندما أعلنت القاهرة أنها تخطط لشراء طائرات مقاتلة من روسيا-، مشيرا إلى أنه عندما تكون المصالح المالية على المحك، أظهرت إدارة ترامب استعدادها للعمل، فلا بد لها من تجسيد مبادئ الحرية والديمقراطية التي تنادي بها وتضغط على النظام المصري نيابة عن الأسرى السياسيين البالغ عددهم 60 ألفا.