إستراتيجية تسويق الخطر.. كيف يستفيد النظام الأردني من العدوان على غزة؟

4 months ago

12

طباعة

مشاركة

تتصاعد الاضطرابات والصراعات في محيط الأردن وداخلها، ما يشكل ظاهريا خطرا على استقرار المملكة، لكن في الحقيقة فإن النظام الهاشمي يستفيد من “الحرب في قطاع غزة بشكل كبير”.

كما تزيد حالة المواجهة بين تل أبيب وطهران، والتدخلات الإيرانية في شأنه الداخلي، من قوته، وفق ما يقول موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، بنسخته الفرنسية.

وأوضح أنه "من الهجوم الإسرائيلي على غزة، إلى الاضطرابات داخل البلاد، إلى التهديد الإيراني، يواجه الهاشميون أزمات متعددة، لكن هذه الأحداث لا تؤدي إلا إلى تقوية الناجين الأبديين"، في إشارة إلى العائلة الملكية الأردنية.

ووفقا للموقع، فإن الأردن "تصور نفسها أنها دولة على حافة الانهيار، لتستجدي المزيد من الدعم المالي والسياسي من الدول الحليفة".

ويستعرض تفاصيل الوضع الداخلي الأردني والحالة الإقليمية المحيطة به، خاصة منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ويذكّر بتحديات أكثر خطورة نجى منها الأردن سابقا.

كما يوضح موقف عمّان من الصراع الإسرائيلي الإيراني، وكيفية دعم الدول الحليفة للأردن في مواجهة تلك التوترات المتلاحقة، ليوضح في النهاية كيف تصب كل تلك الظروف في صالح الملك عبد الله الثاني.

مخاطر متعددة

ويوضح الموقع أن "الحكومة الأردنية، المحصورة بين دول شهدت حروبا مروعة وثورات واضطرابات في العقود الأخيرة، تبدو مرنة إلى حد ملحوظ، ومستقرة وفقا للمعايير الإقليمية، لكن الزمن يمكن أن يتغير".

ويشير إلى أن "الحرب المستمرة في غزة أدت إلى تفاقم الوضع الداخلي المتوتر بالفعل، مما أدى إلى إثارة الاحتجاجات بشكل مستمر، في مقابل حملات قمع حكومية".

واتخذت الأمور منحى أكثر خطورة، حيث “تتزايد مخاطر رؤية الأردن ينجر إلى الصراع بين إيران وإسرائيل”.

ففي أبريل/ نيسان 2024، تحالفت القوات الأردنية مع الجيوش الغربية لمواجهة الهجوم الإيراني بطائرات بدون طيار على إسرائيل.

وحاولت إيران العبث بأمن الأردن الداخلي، حيث أحبطت السلطات في مايو/أيار 2024، مؤامرة قادتها طهران لتهريب أسلحة إلى عمان لتسليح المعارضة.

وبناء على ما سبق، يتساءل الموقع: "هل ينبغي على واشنطن وحلفائها أن يشعروا بالقلق على مستقبل الأردن؟".

وأشار إلى أن "عمان بالأساس لم تكن في أفضل حال قبل الحرب، إذ بلغت نسبة البطالة 22 بالمئة، وهي أعلى بين الشباب، في حين أن 27 بالمئة من الأردنيين يعيشون في فقر".

“وبالرغم من أن الأردن يتمتع بدكتاتورية أقل شراسة من بعض جيرانه، إلا أن السلطة تظل مركزة في أيدي الملك عبد الله الثاني، وليس البرلمان المنتخب الذي لا حول له ولا قوة”.

وتابع الموقع: “فشلت الحكومات مرارا وتكرارا في تلبية المطالب بتحسين الوضع الاقتصادي والتوجه نحو حكم أفضل”.

ويلفت إلى أن الأردن يمتلك تاريخا طويلا من الاحتجاجات، وقد واجه بالفعل سلسلة من الإضرابات والمظاهرات قبل 7 أكتوبر 2023.

وأردف: "في حين يُعتقد أن أكثر من نصف السكان هم من أصل فلسطيني، مع وجود أكثر من مليوني لاجئ مسجل، فقد أثارت الحرب الإسرائيلية ضد غزة موجة جديدة من الاحتجاجات".

حرب صامتة

ويرصد الموقع "تغير بوصلة الاحتجاجات، من الاكتفاء بانتقاد جرائم إسرائيل في مظاهرات أغلبها نُظمت أمام السفارة الإسرائيلية في عمان، إلى استهداف النظام الأردني في الآونة الأخيرة".

وينقل مطالب المتظاهرين، التي كان أبرزها؛ إنهاء عمّان اتفاقية السلام التي وقعتها مع تل أبيب عام 1994، وتعليق العلاقات التجارية، ووقف كل أشكال التعاون في مجالي المياه والطاقة.

وجاء تصدي عمان للطائرات بدون طيار الإيرانية التي استهدفت إسرائيل، ليزيد من توتر الوضع الداخلي، فوفقا للموقع، "الأردن هي الدولة العربية الوحيدة التي فعلت ذلك علانية".

ويضيف: "أدى ذلك إلى زيادة الاتهامات بأن عمان (متواطئة) مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، رغم ادعائها أنها أسقطت الطائرات لحماية سيادتها وليس إسرائيل".

وأردف: "أدت التطورات الإقليمية إلى تفاقم هذه التوترات الداخلية، ويخشى الأردن أن يجد نفسه في مرمى النيران مع تصاعد الصراع الإسرائيلي الإيراني".

ويعود الموقع إلى أوائل يناير/كانون الثاني 2024، حين "استهدفت المليشيات المتحالفة مع إيران قاعدة أميركية في البرج 22 بالأردن، مما أثار انتقام واشنطن".

وقبل الهجوم الإيراني على إسرائيل، وتحديدا في أبريل 2024، "هددت كتائب حزب الله، وهي جماعة مسلحة عراقية مدعومة من إيران، بإرسال صواريخ وأسلحة إلى 12 ألف مقاتل أردني لاستخدامها ضد إسرائيل".

ويزعم أنه "كان من المقرر أن تصل هذه الشحنات إلى أعضاء من الجماعات الإسلامية المعارضة، التي يتعاطف أعضاؤها مع (حركة المقاومة الإسلامية) حماس".

وفي هذا السياق، يرى أن "محاولة طهران الفاشلة، في مايو 2024، لإرسال أسلحة عبر حلفائها في الأردن، تؤكد مخاوف عمّان من أن تصبح ساحة معركة جديدة في الحرب الصامتة بين إيران وإسرائيل".

دعم الحلفاء

واستدعى دخول إيران على خط الأزمة مع الأردن، قلق حلفاء المملكة، مما دفع الولايات المتحدة والسعودية، من بين دول أخرى، إلى تقديم المساعدة، حسبما أفاد الموقع.

وفيما يخص السعودية، أوضح أن “ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عرض دعم حملة القمع التي يشنها الأردن على المتظاهرين”.

وانتقدت وسائل الإعلام الإقليمية المتحالفة مع السعودية المتظاهرين المناهضين للحكومة في الأردن، ووصفتهم بأنهم "إسلاميون يفتحون الباب أمام النفوذ الإيراني".

وتابع الموقع: "وعلى نحو مماثل، أكدت الولايات المتحدة التزامها تجاه الأردن طوال أزمة غزة، فضمنت إيصال المساعدات المنقذة للحياة إلى عمّان وعقدت اجتماعات منتظمة مع الملك عبد الله".

ومع ذلك، يؤكد أن "هناك حاجة إلى قدر معين من الحذر". وشدد في ذات الوقت على أنه "بالرغم من أن هذه التطورات مثيرة للقلق بالنسبة للعائلة الهاشمية، إلا أنها تبدو في الوقت الحالي بعيدة عن أن تكون قاتلة".

ويضيف: "الحركة الاحتجاجية صاخبة، لكنها تبدو حتى الآن بعيدة جدا عن التأثير الفعلي، وقد تكون هذه مجرد محاولة انتهازية لزرع الفتنة، وليس خطة إستراتيجية طويلة المدى".

وأردف: "علاوة على ذلك، حتى لو أرادت إيران بجدية تعطيل الأردن، فليس لديها حاليا شبكة مماثلة لتلك الموجودة في العراق وسوريا ولبنان". 

ويشير إلى خصوصية الحالة الأردنية، حيث أوضح أن "بناء أي نفوذ في المملكة سيستغرق سنوات، وعلى عكس الدول التي لديها حلفاء حاليا، فإن إيران ستواجه معارضة جدية في كل خطوة من الأجهزة الأمنية القوية نسبيا في الأردن".

تحديات ومكاسب 

علاوة على ذلك، يفيد الموقع أن "الأزمات ليست غريبة على الأردن، وقد نجا من تحديات أكثر خطورة في الماضي من تلك التي يواجهها الآن".

بل رأى أن بقاء الأردن حتى الآن مخالف لتوقعات البريطانيين حين أنشأوها في 1921، "فقد توقع المراقبون زوالها بسبب موقعها الإقليمي غير المستقر، ونقص الموارد الطبيعية والانقسامات بين السكان".

ومع ذلك، “نجا الهاشميون من حربين مع إسرائيل، والثورات المناهضة للملكية في الخمسينيات من القرن العشرين”".

كما نجوا من "حرب أيلول الأسود الأهلية مع المسلحين الفلسطينيين، والقطيعة الدبلوماسية الكبيرة مع الولايات المتحدة ودول الخليج في أعقاب أزمة الكويت في الفترة من 1990 إلى 1991، وانتفاضات الربيع العربي عام 2011، والعديد من الاضطرابات".

وأشار الموقع إلى أن "القناعة تترسخ لدى الملك عبد الله بأن النظام الأردني، كما كان الحال في الماضي، سيكون قادرا على اتباع خط حذر في الموازنة بين الأصدقاء والأعداء الداخليين والخارجيين للبقاء، بالرغم من أن الاضطرابات الحالية قد تشتد وتشكل تهديدا وجوديا".

كما لفت إلى أن "الحكومة الأردنية لديها منذ فترة طويلة مصلحة في تسليط الضوء على التهديدات التي تواجهها من أجل تعظيم الدعم من حلفائها".

وأفاد بأن "الأردن دولة فقيرة تعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية، خاصة من أكبر مانح لها، الولايات المتحدة، التي تقدم ما يصل إلى 1.65 مليار دولار سنويا".

ونقل عن كتاب "احتجاج الأردن" لمؤلفته جيليان شويدلر، قولها: نظرا لأهميته الإستراتيجية لكل من الغرب والخليج، فإن الأردن عندما يكون "على حافة الهاوية" فهو في وضع أفضل للحصول على المساعدة من حلفائه.

ويختتم الموقع تقريره بالتأكيد أنه "حتى لو كانت المظاهرات، واهتمام إيران بالأردن تسبب بالتأكيد صداعا لعمان، يبقى أن نرى مدى التهديد الذي يشكله ذلك على النظام الأردني الحاكم".