تتفوق على بنادق قنص نمساوية وروسية.. تعرف على أسرار "الغول" القسامية

منذ شهر واحد

12

طباعة

مشاركة

في أتون الدفاع المستميت للمقاومة الفلسطينية المرابطة في قطاع غزة، أمام عدوان جيش الاحتلال الإسرائيلي، تتجلى تكتيكات وتجهيزات حضرتها الوحدات المسلحة للمقاومة على مدار سنوات طويلة. 

تلك الإعدادات أسهمت في الصمود الأسطوري للمقاومة، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وكبدت العدوان الإسرائيلي خسائر فادحة غير مسبوقة في العتاد والأرواح.

ومما صنعته المقاومة وتحديدا كتائب "عزالدين القسام" الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، بندقية القنص "الغول" التي ابتلعت نخبة ضباط ومقاتلي جيش الاحتلال. 

مصرع هوفمان 

وفي 17 مارس/ آذار 2024، نشرت كتائب القسام فيديوهات عبر وحدة "الإعلام العسكري"، خاصة بتتبع تحركات ضابط إسرائيلي كان مسؤولا عن حصار واقتحام مستشفى "الشفاء" غربي مدينة غزة قبل قنصه وقتله.

تلك الفيديوهات كشفت فيها "القسام" للمرة الأولى عن صور التقطها جهاز الرصد والتتبع الخاص بها خلال معركة "طوفان الأقصى".

وأظهرت المشاهد، تتبع مقاتلي القسام تحركات الضابط البارز في وحدة شلداغ، يتسهار هوفمان، قبل مقتله برصاصة قناص يحمل بندقية "الغول" فلسطينية الصنع. 

وكان "هوفمان" يتجول في مركز قيادة ميداني بغزة رفقة عدد من الجنود، على بعد قرابة كيلومتر من مستشفى "الشفاء" الذي حوصر منذ منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني 2023.

وتعمدت القسام نشر فيديو قنص الضابط هوفمان بعد إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي مقتله نهاية يناير/كانون الثاني 2024.

وفي 22 فبراير/شباط 2024، أعلنت كتائب القسام، أن مقاتليها نفذوا منذ 7 أكتوبر، 57 مهمة قنص ناجحة، منها 34 ببندقية "الغول"، ما أدى إلى مقتل عشرات من جنود الاحتلال.

وكان للبندقية دور كبير في المعارك الضارية التي اشتدت بمحور شرق مدينة خانيونس، في مطلع يناير 2024، حيث قنصت بها 6 جنود في منطقة الزنة، وفي عملية أخرى شرق خانيونس أسقطت 9 جنود إسرائيليين.

رحلة الغول 

وفي 20 ديسمبر/ كانون الأول 2023، نشرت وحدة "الإعلام العسكري" لكتائب القسام، مقطع فيديو تظهر عمليات قنص ضباط إسرائيليين ببندقية "الغول"، خلال المواجهات شرق معسكر جباليا شمالي غزة.

وكان مقطع الفيديو بعنوان "صنعنا بأيدينا ما نحصد به رؤوسكم"، واستعرضت فيه الكتائب مشاهد من عملية تصنيع بندقية "الغول" المستخدمة في عمليات قنص جنود الاحتلال خلال الحرب.

كذلك استعرضت عمليات التدريب الشاقة التي يقوم بها قناصة "القسام" على بندقية "الغول" ذات العيار 14.5 مليمترا والتي يصل مداها القاتل إلى قرابة ألفي متر.

وتعد "الغول" من أطول بندقيات القنص حول العالم، ويجرى تصنيع كامل أجزائها محليا في غزة.

وبحسب تقرير شبكة "سي إن إن" الأميركية في 4 أغسطس/ آب 2024، يزيد طول بندقية الغول على 1.5 متر، وتتفوق على بنادق قنص متقدمة مثل "شتاير" النمساوية التي يبلغ طولها 1.37 متر، و"دراغونوف" الروسية بطول 1.2 متر.

ودخلت الغول إلى الخدمة الميدانية لأول مرة في حرب عام 2014 على القطاع، التي سميت بمعركة "العصف المأكول"، التي استمرت لـ51 يوما بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال في غزة.

وذلك بعد أن نفذ قناصو القسام عدة عمليات قنص دقيقة وناجحة لعدد من جنود الاحتلال من مسافات بعيدة، حيث أظهرت المقاطع المصورة حينها عمليات قنص الجنود ببندقية "الغول" خلال توغلهم البري في القطاع.

رجال "الغول" 

وحرصت وحدة التصنيع العسكري في كتائب القسام مع صناعة بندقية "الغول" على صناعة الذخائر الخاصة المناسبة لها، لتعزيز فاعلية السلاح وجدواه. 

وأنتجت الرصاص الخاص بثلاث مواصفات، أولها طلقة عادية خاصة بالتدريب، وتستخدم لإعداد المقاتلين وإثقال حرفيتهم.

الثانية هي "طلقة حارقة"، تطلق على المواد القابلة للاشتعال والتفجير، أما الثالثة فتستخدم للتعامل مع الدروع والتحصينات التي يرتديها العدو الإسرائيلي. 

وهو ما ظهر في كثير من المقاطع التي رصدت استهداف الجنود والضباط الإسرائيليين، فكثيرا ما اخترقت طلقة "الغول" خوذاتهم الثقيلة، لتنفجر بعد الاختراق والإصابة.

وأيضا تستطيع رصاصة "الغول" اختراق السترة الواقية المدعمة بلوح معدني، بحيث تجعله يتشظى تماما عند الإصابة، كما يمكن لها أن تعطل أنظمة ومنظومات يستخدمها جيش الاحتلال. 

لكن تلك التقنيات لم تكن لتظهر لولا أن كتائب القسام دربت وحدة كاملة خاصة من المقاتلين لاستخدام بندقية "الغول". 

واختارت القسام لهذه الوحدة مقاتلين يتمتعون بصفات خاصة، قامت بتدريبهم على مدار سنوات. 

ومن مواصفاتهم والمهام التي تدربوا عليها، أن يكونوا يتحملون الانتظار في سكون لفترات طويلة، وذلك لالتقاط هدفهم المحتمل.

وكذلك قدرتهم على تحمل الضغط الشديد في المعارك، والتركيز حتى في ظل لحظات القصف المدمر والاشتباك.

إضافة إلى امتلاكهم مرونة في التخفي، والقدرة على استشعار الهدف وتحديد أهميته، ودقة اتخاذ قرار التنفيذ.

عدنان الغول 

لكن السؤال الذي يطرح نفسه عن سر إطلاق كتائب القسام اسم "الغول" على تلك البندقية.

التسمية جاءت تيمنا بالشهيد القسامي المعروف بـ"عدنان الغول"، واسمه يحيى جابر الغول، الذي ولد بمخيم الشاطئ غرب قطاع غزة عام 1958.

والغول هو أحد رواد التصنيع العسكري البارزين لدى "حماس".

فالرجل الملقب بـ"أبوبلال" كان كبير مهندسي وحدة التصنيع والتطوير العسكري بالحركة، واستطاع أن يقوم بنقلة نوعية في صفوف الكتائب في مجال تصنيع الأسلحة المتواضعة، لا سيما أن نقل الأسلحة من خارج فلسطين إلى داخلها كان صعبا.

وجاءت النقلة النوعية التي أحدثها "الغول" في مجال السلاح، عندما تمكن من في أول قنبلة يدوية، حيث اجتهد في تشكيل مادة الـ"TNT" التي كان يضعها في كأس حتى تأخذ شكل القنبلة، ورغم شح وضعف الإمكانات المتوافرة إلا أنه تمكن من تصنيع عدد من القنابل.

انطلق الغول بعد ذلك إلى تصنيع قذائف الهاون، ثم عمل على مشاريع القذائف المضادة للدروع، فصنع صاروخ البنا، ثم انتقل إلى محطة في غاية الأهمية من خلال تصنيع صواريخ القسام على مختلف أبعاد مداها، فاستحق لقب "أبوصواريخ القسام" بجدارة.

وواصل الغول عمله في مجال الصواريخ، ولكن في اتجاه القذائف المضادة للدروع، فتمكن من تصنيع "البتار" الذي استخدمه المقاتلون في التصدي للاجتياحات البرية، وحقق نتائج جيدة في مواجهة قوات الاحتلال، على مدى الحروب التي شهدتها غزة على مدار 15 عاما.

أما أهم المشاريع التي تمكن الغول من إنجازها قبل استشهاده، وظهرت بشكل متميز في التصدي للعدوان الإسرائيلي على شمال القطاع خلال معركة طوفان الأقصى.

هو سلاح "الياسين" المأخوذ عن فكرة "آر بي جي 2"، وكان هذا السلاح فعالا في المعركة، ومكن المقاومية من خوض اشتباكات ومعارك مع آليات الاحتلال أعطبت العديد منها.

واستشهد "الغول" في 21 أكتوبر 2004 في شارع "يافا" بغزة بعد استهداف سيارته بواسطة طائرة إسرائيلية.

لكنه ترك من خلفه سيرة ومسيرة عظيمة، وخلدت المقاومة اسمه بإطلاقه على أحد أهم وأقوى أسلحتها هي بندقية "الغول".