انضمام فنلندا للناتو.. ما احتمالية نشوب صراع حقيقي بين موسكو وهلسنكي؟

منذ ٤ أشهر

12

طباعة

مشاركة

رغم مرور أشهر على انضمام فنلندا رسميا إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو"، إلا أن انزعاج روسيا من ذلك لازال متواصلا رغم العلاقات الجيدة التي كانت بين البلدين.

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن "الخلافات بين روسيا وفنلندا قد حُلت منذ فترة طويلة، ولم تكن هناك مشاكل في العلاقات بين البلدين حتى قررت هلسنكي الانضمام إلى الناتو (في 4 أبريل/ نيسان 2023)".

وألمح الرئيس الروسي إلى أن "المشاكل قد تنشأ حاليا"، مذكرا بإنشاء منطقة لينينغراد العسكرية.

مناطق جديدة

وقال بوتين في مقابلة صحفية إن "فنلندا جُرَّت إلى حلف شمال الأطلسي، ولذا سيتعين على روسيا جمع وحدات عسكرية في منطقة لينينغراد العسكرية".

وتابع: "مع فنلندا كانت لدينا أفضل العلاقات وأكثرها ودية، وكانت العلاقات الاقتصادية متطورة إلى حد كبير، ولم تكن هناك مشاكل بينية، لكن حاليا ستتولد المشاكل".

وتساءلت صحيفة "غازيتا رو" الروسية: "ما الذي يمكن أن ينتظر الفنلنديين؟ وما الذي يشير إليه ظهور منطقة عسكرية جديدة في روسيا؟".

وأشارت إلى أن وزارة الدفاع الروسية أوضحت أن منطقتي موسكو ولينينغراد العسكريتين ستشكلان قبل نهاية عام 2023.

وعن المناطق العسكرية الجديدة، قال المراقب العسكري الروسي ميخائيل خودارينوك: "في الواقع، لا يتعلق السؤال كثيرا بتشكيل منطقتي موسكو ولينينغراد من الصفر، بل يتعلق بإعادة إنشاء منطقتين عسكريتين كانتا موجودتين كجزء من القوات المسلحة لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية". 

وأوضح في حديث مع "غازيتا" أنه "تم تشكيل المنطقة العسكرية الغربية الحالية (WMD)، ومقرها الرئيس في سانت بطرسبورغ خلال الفترة 2008-2010، على أساس اثنتين من المناطق العسكرية، هما وسام لينين موسكو ووسام لينين لينينغراد".

وتابع: "لذلك، في الوقت الحاضر، ونظرا للوضع الجيوستراتيجي المتغير (بشكل أساسي مع انضمام فنلندا إلى الناتو)، سيتم تقسيم المنطقة العسكرية الغربية إلى منطقة موسكو العسكرية ومنطقة لينينغراد العسكرية".

وفي الوقت نفسه، أشار خودارينوك إلى أنه "من المخطط تعزيز القوة القتالية والعددية بشكل كبير في المنطقتين العسكريتين".

وأردف: "لتشكيل وحدات وتشكيلات جديدة، سيكون من الضروري إمداد المنطقتين الجديدتين بوحدات وتشكيلات جديدة، وقد تشمل هذه القوات المدفعية وخبراء المتفجرات الهندسية وألوية الجسور العائمة وألوية الحرب الإلكترونية وألوية الاتصالات، وما إلى ذلك".

وأشار خودارينوك إلى أن عدد أفراد القوات المسلحة الروسية، كما أُعلن في بداية عام 2023، يبلغ 2 مليون و93 ألفا و758 شخصا.

ولفت إلى أنه "من المخطط أن يكون هذا العدد من الأفراد العسكريين كافيا لإنشاء ألوية وفرق وجيوش جديدة".

تغير الوضع

وتساءلت صحيفة "غازيتا" عن كيفية تغير الوضع على الحدود.

وفي إجابته، قال خودارينوك: "لا ينبغي لنا أن نفترض أن سياجا من أفواج وفرق الجيش الروسي سينمو على طول الحدود مع فنلندا، الدولة العضو الجديدة في حلف شمال الأطلسي، وأن جميع الأراضي المتاخمة للجانب الروسي والتي يبلغ طولها 1300 كيلومتر ستعج بالهجمات المناهضة لروسيا".

وتابع: "ومع ذلك، هناك سبب للاعتقاد بأن جميع التدابير التنظيمية والتوظيفية من جانب القوات المسلحة الروسية ستُنفذ مع الأخذ في الحسبان قدرات المجمع الاقتصادي في البلاد".

وأردف: "بالطبع، من الممكن تعزيز مجموعات القوات فورا على الحدود الشمالية الغربية، ونشر أنظمة صواريخ إسكندر العملياتية التكتيكية وأنظمة الصواريخ المضادة للطائرات S-400 هناك، وإعادة نشر وحدات الطيران العملياتية التكتيكية، وهو ما يعني تعزيز القوة القتالية والعددية لمنطقة لينينغراد العسكرية المعاد إنشاؤها إلى أقصى حد".

وأكمل خودارينوك مستدركا: "ومع ذلك، هناك أيضا صعوبات كبيرة في هذا المسار"، موضحا: "على الحدود مع فنلندا، سيكون من الضروري البدء في إنشاء أنظمة من الصفر تقريبا لقواعد قوات الصواريخ والطيران والبحرية، وأنظمة القواعد والمستودعات لتخزين إمدادات المواد، وشبكة من شركات الصيانة". 

وأضاف: "سيكون من الضروري إجراء التحضير الجيوديسي (نظام مرجعي كامل لتحديد موقع نقطة على الأرض) ورسم الخرائط الطبوغرافية لهذه المنطقة، وأيضا سيكون من الضروري بناء مراكز قيادة، ونشر شبكة أساسية للاتصالات العسكرية وربطها بنظام الاتصالات الوطني، وتطوير شبكة اتصالات النقل العسكري على نطاق واسع".

وأشار خودارينوك إلى أن "كل هذه الترتيبات يجب تنفيذها بشكل رئيس في منطقة ذات كثافة سكانية منخفضة نسبيا وذات ظروف مناخية صعبة". 

ولفت إلى عدم وجود فرص لـ"استحداث زيادة حادة في بنود الميزانية العسكرية المتعلقة بنشر مجموعات عسكرية جديدة على الحدود مع فنلندا، لا سيما في ظل الظروف التي تواجهها المنطقة العسكرية الشمالية، وكذلك في ظل ضغط العقوبات".

وأكد على ضرورة النظر إلى المشهد بمنظور "الواقعية العسكرية".

رخيص لكن فعال

لكن الخبير العسكري خودارينوك استبعد في ذات الوقت "احتمالية نشوب صراع حقيقي في هذه المرحلة"، مقدرا أن هذا الاحتمال حاليا "في حده الأدنى".

ويرى الخبير الروسي عدم وجود حاجة ملحة للبدء الفوري بمعدات تحصين خطوط الدفاع مع فنلندا.

وأكمل قائلا: "لذلك، قد تبدو النسخة الفعالة وغير المكلفة نسبيا من الرد العسكري التقني المحتمل بهذه الطريقة. فكما تعلمون، فإن نظام العمل الإستراتيجي للقوات المسلحة الروسية يتضمن أيضا ما يسمى بـ(عملية القوات النووية الإستراتيجية)". 

وأوضح: "يتحقق هدف العملية من خلال توجيه ضربات نووية جماعية أو منفردة ضد أهم الأهداف الإستراتيجية ومجموعات الأسلحة الهجومية للعدو، وضد قواته ومنشآته الاقتصادية وأنظمة السيطرة الحكومية والعسكرية".

وأردف: "باستخدام جميع وسائل الاستطلاع، من الضروري تحديد الأهداف على أراضي فنلندا والسويد وإجراء التغييرات المناسبة على مهام جميع أنواع حاملات الأسلحة النووية المشاركة في هذه العملية، بوصفهما جزءا من الناتو".

وشدد على أن "مثل هذه التدابير ستكون أكثر فعالية ولن تتطلب أي تكاليف إضافية لإنشاء ونشر مجموعات جديدة من القوات والمعدات التشغيلية في إقليم مسرح العمليات العسكرية في شمال غرب روسيا".

وأكد على أن ذلك "يجب أن يُنفذ بشكل علني"، مضيفا أن هذا الخيار "رخيص، لكنه فعال".

وتابع: "تحتاج موسكو إلى نقل تصميمها على تنفيذ خطة العمل هذه إلى قيادة فنلندا والسويد، لكي تمنع الدولتان، رغم عضويتيهما في الناتو، نشر قوات إضافية تابعة للحلف على أراضيها".

واختتم خودارينوك حديثه بالقول: "بهذه الطريقة ستُكسب المعركة حتى قبل أن تبدأ".