الديوك تثير ضجة بجنوب القوقاز.. ما سبب فتور العلاقات بين باكو وباريس؟

منذ ٤ أشهر

12

طباعة

مشاركة

في 26 ديسمبر/ كانون الأول 2023، أعلنت أذربيجان طرد دبلوماسيين فرنسيين اثنين بسبب أنشطة "تتعارض مع وضعهما"، في سياق التوتر بين البلدين حول دعم باريس لأرمينيا.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، اتهم الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف فرنسا بالتحريض على الصراعات في القوقاز من خلال تسليح أرمينيا.

وفي هذا الإطار، تسرد صحيفة "إزفيستيا" الروسية أسباب فتور العلاقات بين باكو وباريس، لا سيما ​​على خلفية ما وصفته بأنه "تدخل فرنسي نشط في شؤون جنوب القوقاز".

دعم فرنسي

وفي 26 ديسمبر/ كانون الأول 2023، أعلنت وزارة الخارجية الأذربيجانية أن اثنين من موظفي السفارة الفرنسية في باكو شخصان غير مرغوب فيهما. 

وتلقت رئيسة البعثة الدبلوماسية آن بويون "احتجاجا شديدا فيما يتعلق بتصرفات اثنين من الموظفين تتعارض مع وضعهما الدبلوماسي وتتعارض مع اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961".

وإثر ذلك، طالبتهم السلطات الأذربيجانية بمغادرة البلاد خلال يومين.

وتشير الصحيفة الروسية إلى أن العلاقات بين الدولتين باتت متوترة بشكل متزايد في الآونة الأخيرة. 

ففي نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، اتهم الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف باريس بـ"انتهاك الاستقرار في جنوب القوقاز وتمهيد الطريق لحرب جديدة في المنطقة". 

ووفقا له، كما تقول الصحيفة الروسية، "تنتهج باريس سياسة عسكرية وتشجع القوى الانتقامية في أرمينيا وتمهد الطريق لإطلاق حروب جديدة في المنطقة". 

وعزت الصحيفة رأيها ذلك إلى قرار فرنسا بـ "المشاركة في تحديث القوات المسلحة لأرمينيا". 

وبالعودة إلى سبتمبر/ أيلول 2023، وأثناء زيارة وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا إلى يريفان، وعدت الوزيرة بتقديم مساعدات مجانية وعقود عسكرية طويلة الأجل. وبعد شهر، وقعت أرمينيا وفرنسا على اتفاقية مماثلة، وفق الصحيفة.

حيث أعلن قائد الجيش الفرنسي، سيباستيان ليكورنو، أن "باريس يجب أن تزود يريفان بثلاثة رادارات من طراز جي إم 200 وصواريخ ميسترال".

وبالإضافة إلى ذلك، أُنشئت مهمة دفاعية جديدة في السفارة الفرنسية في أرمينيا، والتي "ستساعد القوات المسلحة الأرمينية في شؤون الدفاع والحماية"، بحسب ليكورنو.

وكما أوضحت وزارة الخارجية الفرنسية أنه "سيُرسل ملحق عسكري إلى السفارة الفرنسية في يريفان، كما ستُفتتح قنصلية في منطقة سيونيك الأرمينية".

وعلى هذه الخلفية، تذكر الصحيفة الروسية ما قاله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حول أن باريس "تراقب عن كثب مسألة الحفاظ على سلامة أراضي أرمينيا". 

ونتيجة لذلك، طلبت وزيرة الخارجية الفرنسية كولونا من الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل، إضافة أرمينيا إلى عدد "المستفيدين من آلية السلام الأوروبية". أي في نظام تمويل النفقات الخارجية، بما في ذلك النفقات العسكرية والدفاعية.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، تؤكد "إزفيستيا" الروسية أنه أصبح من المعروف أن "يريفان تلقت عشرين مركبة مدرعة هجومية خفيفة متعددة الأغراض من طراز باستيون". 

وكما كتبت وسائل الإعلام الفرنسية، كانت هذه الصواريخ موجهة في الأصل إلى كييف، لكن السلطات عدتها غير محمية بشكل جيد من الصواريخ المضادة للدبابات ونيران المدفعية.

عسكرة مقلقة

بعد انتقاد تصرفات باريس في باكو، دعا السكرتير الصحفي لوزارة الخارجية الأذربيجانية، أيخان حاجي زاده، أرمينيا وفرنسا إلى "وضع حد لسياسة التسلح والعسكرة في المنطقة، وكذلك إدراك أنه لا يوجد بديل للسلام والتعاون في المنطقة".

وأضاف: "على خلفية حملة التشهير التي تشنها باريس ضد باكو، فإن هذه التصرفات تشير إلى أن فرنسا تنطلق من مصالح خاطئة".

وتابع: "إن هذه الخطوات التي اتخذتها باريس، التي تقدم نفسها كمروج للقانون الدولي وداعم للسلام والاستقرار في المنطقة، تشكك بشكل جدي في جهود تطبيع العلاقات على أساس الاعتراف المتبادل بالسيادة والسلامة الإقليمية والحدود الدولية للدول".

وفي ذات السياق، أكد عضو البرلمان الأذربيجاني، جافانشير فيزييف، أن "كندا، إلى جانب فرنسا والهند، وعدوا بالمساعدة في تعزيز أرمينيا من الناحية العسكرية التقنية". 

ويرى فيزييف أن هذه الدول "تسعى جاهدة إلى تعزيز نفسها في المنطقة، وليس إلى استعادة السلام والاستقرار على الإطلاق". 

وخلص السياسي إلى أن "الهدف هو ضمان مصالحهم المهيمنة في المنطقة".

وفي مقابلة مع "إزفيستيا"، قال الخبير السياسي ناير علييف: "في هذه الحالة، مع إعلان موظفي السفارة الفرنسية كأشخاص غير مرغوب فيهم، يبدو أننا نتحدث عن ما يسمى بشبكة التجسس، التي كانت وسائل الإعلام المحلية قد كشفت عنها بنشاط خلال الأسابيع القليلة الماضية".

وكما ذكرت الصحيفة الروسية، كانت الأنباء قد أفادت بأن "هذه الشبكة تعمل تحت إشراف دبلوماسيين فرنسيين". 

كما أشار الخبير إلى أن "السلطات الفرنسية أعلنت منذ فترة أن اثنين من الصحفيين الأذربيجانيين جاسوسان".

علاقات معقدة

وفي هذا الإطار، وصف الخبير العلاقات بين باكو وباريس بأنها "معقدة للغاية في الوقت الحالي". 

وفي رأيه، يرجع ذلك إلى موقف فرنسا من التسوية الأرمنية الأذربيجانية، حيث اتخذت باريس موقفا واضحا يتمحور حول الأرمن. ويعتقد علييف أنه "مهما حاولت باريس التأثير على باكو، فمن غير المرجح أن تنجح".

وأوضح ذلك قائلا: "لقد كان لفرنسا بالفعل تأثير سلبي على التسوية السلمية. لكن أذربيجان تظهر إصرارها على الرد بقوة على كافة الجبهات، وبالتالي فإن باريس غير قادرة على تغيير موقف باكو".

قضية صارخة

وبشأن وضع الدبلوماسيين، قال دكتور العلوم الاقتصادية إيلغار فيليزادي، في حديث له مع "إزفيستيا"، إنهم "على الأرجح أشخاص مدانون بارتكاب أعمال غير قانونية ضد الدولة الأذربيجانية".

ويتوقع فيليزادي أن "هؤلاء الأشخاص ليسوا في الواقع دبلوماسيين، لكنهم تصرفوا تحت غطاء دبلوماسي".

وهنا تلفت الصحيفة إلى "التغييرات الأخيرة التي أجراها الرئيس الفرنسي بشأن الموظفين في جهاز المخابرات الفرنسي". 

وبهذا الشأن، يقول الخبير إن "ضباط الخدمة السرية غالبا ما يختبئون تحت ستار موظفي البعثات الدبلوماسية، ويقومون بأنشطة استخباراتية على أراضي البلد المضيف، ويشكلون أيضا شبكات استخباراتية".

وفي النهاية، كما تنقل الصحيفة الروسية، أكد الخبير أن "الأحداث تتفاقم على خلفية تدهور العلاقات الفرنسية الأذربيجانية".

وفي رأيه، تتدخل باريس بلا خجل في شؤون أذربيجان، وتحاول أن تقول لباكو "ماذا تفعل وكيف في المسائل المتعلقة باستعادة أراضيها والحفاظ على أمنها".

علاوة على ذلك، يستنكر فيليزادي "إعلان إيمانويل ماكرون الصريح مرارا وتكرارا بأنه سيمارس الضغط على باكو".

وخلص إلى أن "هذا يسبب السخط ليس فقط بين قيادة البلاد، ولكن أيضا في المجتمع الأذربيجاني". حيث يُنظر إلى موقف القيادة الحالية لفرنسا بشكل "سلبي للغاية".